هناك حقائق جلية هي كالشمس الساطعة لا يجوز ان يغطيها منخال «نظرية المؤامرة» المعتادة واقاويل «كراهية الديموقراطية» المزعومة و«محاربة الدستور» الساقطة، وضمن تلك الشمس تظهر حقيقتان مؤثرتان، الاولى التوقف المتكرر للمسيرة الديموقراطية في الكويت مما يظهر وجود اشكالات مؤسسية يجب التعامل معها لمنع ذلك التوقف مستقبلا، وثانية الحقائق «الشمسية» هي تأثير الطريقة الخاطئة التي نتعامل بها مع الديموقراطية مع مسيرة التنمية في البلاد حتى سبقتنا بمراحل الدول المجاورة التي بدأت مسيرتها بعدنا بما يقارب عقدين او ثلاثة عقود من الزمن.
لقد اخطأنا كناخبين في السابق في اختيار من يمثلنا، فقد اعتمدنا في كثير من الاحيان على اختيار الخطاب الغاضب المتأزم الذي يوعدنا بشكل مسبق بانه سيعادي الحكومة – التي لم تشكل بعد – ويعرقل كل مشاريعها التي تستهدف في النهاية خدمة الوطن والمواطن، والغريب في هذا الطرح ان من يقوم بالعرقلة المستدامة هو من يقوم في الوقت ذاته بلوم الدولة على قلة الانجاز.
ان علينا في شهر مايو المقبل ان نقرر هذه المرة ما نريد حقا، فاذا ما وددنا ان تستمر عمليات التأزيم والحل والاستجوابات وتعطيل عمليات التنمية وان نصبح فرجة للقريب والغريب كما هو الحال في السابق فلنا ان نختار من يقدم لنا هذا الخيار «المتأزم» على طبق من ذهب في ندواته الانتخابية.
اما اذا اردنا كناخبين لقطار التنمية والعمل والانجاز ان يتجه سريعا للمستقبل المشرق بعد طول توقف، وان نشهد للمرة الاولى منذ بدء العملية الديموقراطية في اوائل الستينيات لعبة سياسية هادئة منجزة لا عراك ولا شجار ولا خناق ولا الفاظ نابية فيها يتفرغ من خلالها رجال السلطتين وخلفهم الشعب كافة للعمل الجاد في محاولة للحاق بقطار الدول المجاورة، فعلينا ان نمزق الخارطة الزرقاء السابقة وان نختار هذه المرة خارطة طريق جديدة نقوم من خلالها بانتخاب الحكماء والعقلاء والاكفاء والامناء والكاظمين الغيظ، فلن يتغير حال البلد الى الاحسن ما لم نغير نحن الناخبين اختياراتنا.
ولا يعني هذا الامر على الاطلاق ان نختار الفاسدين والمتجاوزين كما لا يعني في الوقت ذاته الا نختار اكفاء وامناء اخطأوا السبيل فيما مضى متى ما اشعرونا عبر ندواتهم الانتخابية بأنهم تغيروا ولا يرومون التأزيم هذه المرة كما لا يودون الاضرار ببلدهم عبر استهدافهم المسؤولين وصرفهم عن التفرغ لمسؤولياتهم الجسام عن طريق التدخل في صلاحياتهم الدستورية وتقصدهم بالاسئلة والاستجوابات الكيدية.
آخر محطة:
للمعلومة، لا يوجد بلد في العالم يرضى ويقبل بفرعيات تقوم على معطى عصـــبيات الدم او القرابة او العنصر او الطائفـــة، وامر كــــهذا لا يمنع على الاطــــلاق «التصفيات» الســــياســـية بين المرشحين القائـــمة على الكفاءة والامانـــة والقدرة على الاقــــناع التي يتساوى امامها الجمـــيع دون النظر الى اصلهم وفصلهم، لذا نرجو ان نبتــــعد جميعا عـــن ممارســـات يجرمها القانــــون وتضر بوحدتنا الوطنــــية وتقمع الشرائح الصغيرة الجميلة.