مع وجود العدد الكبير من الناخبين في كل دائرة سوف يكون من الصعب ممارسة شراء الأصوات. الفائزون في الانتخابات المقبلة سيحتاجون إلى الكثير من التحالفات الجوهرية، وإلى كتل سكانية تساند طرحهم وتوجهاتهم. في الوقت نفسه سوف يكون هناك من التناقض والاختلاف بين كل فئة وأخرى في كل دائرة بحيث لا يستطيع المرشح إلا أن يطرح قضايا يجمع عليها الناس ويقبل بها الكثيرون من الناخبين والناخبات. هكذا يجب أن تكون الأطروحات أكثر وضوحاً وبساطة من السابق في تعبيرها عن مطالب جوهرية، ويجب أن تكون شعاراتها أكثر تلخيصاً لما تريده الدائرة وسكانها. متابعة قراءة حملة انتخابية جديدة وكويت المرحلة المقبلة!
اليوم: 26 مارس، 2008
الخارطة الزرقاء الجديدة للمجلس القادم
هناك حقائق جلية هي كالشمس الساطعة لا يجوز ان يغطيها منخال «نظرية المؤامرة» المعتادة واقاويل «كراهية الديموقراطية» المزعومة و«محاربة الدستور» الساقطة، وضمن تلك الشمس تظهر حقيقتان مؤثرتان، الاولى التوقف المتكرر للمسيرة الديموقراطية في الكويت مما يظهر وجود اشكالات مؤسسية يجب التعامل معها لمنع ذلك التوقف مستقبلا، وثانية الحقائق «الشمسية» هي تأثير الطريقة الخاطئة التي نتعامل بها مع الديموقراطية مع مسيرة التنمية في البلاد حتى سبقتنا بمراحل الدول المجاورة التي بدأت مسيرتها بعدنا بما يقارب عقدين او ثلاثة عقود من الزمن.
لقد اخطأنا كناخبين في السابق في اختيار من يمثلنا، فقد اعتمدنا في كثير من الاحيان على اختيار الخطاب الغاضب المتأزم الذي يوعدنا بشكل مسبق بانه سيعادي الحكومة – التي لم تشكل بعد – ويعرقل كل مشاريعها التي تستهدف في النهاية خدمة الوطن والمواطن، والغريب في هذا الطرح ان من يقوم بالعرقلة المستدامة هو من يقوم في الوقت ذاته بلوم الدولة على قلة الانجاز.
ان علينا في شهر مايو المقبل ان نقرر هذه المرة ما نريد حقا، فاذا ما وددنا ان تستمر عمليات التأزيم والحل والاستجوابات وتعطيل عمليات التنمية وان نصبح فرجة للقريب والغريب كما هو الحال في السابق فلنا ان نختار من يقدم لنا هذا الخيار «المتأزم» على طبق من ذهب في ندواته الانتخابية.
اما اذا اردنا كناخبين لقطار التنمية والعمل والانجاز ان يتجه سريعا للمستقبل المشرق بعد طول توقف، وان نشهد للمرة الاولى منذ بدء العملية الديموقراطية في اوائل الستينيات لعبة سياسية هادئة منجزة لا عراك ولا شجار ولا خناق ولا الفاظ نابية فيها يتفرغ من خلالها رجال السلطتين وخلفهم الشعب كافة للعمل الجاد في محاولة للحاق بقطار الدول المجاورة، فعلينا ان نمزق الخارطة الزرقاء السابقة وان نختار هذه المرة خارطة طريق جديدة نقوم من خلالها بانتخاب الحكماء والعقلاء والاكفاء والامناء والكاظمين الغيظ، فلن يتغير حال البلد الى الاحسن ما لم نغير نحن الناخبين اختياراتنا.
ولا يعني هذا الامر على الاطلاق ان نختار الفاسدين والمتجاوزين كما لا يعني في الوقت ذاته الا نختار اكفاء وامناء اخطأوا السبيل فيما مضى متى ما اشعرونا عبر ندواتهم الانتخابية بأنهم تغيروا ولا يرومون التأزيم هذه المرة كما لا يودون الاضرار ببلدهم عبر استهدافهم المسؤولين وصرفهم عن التفرغ لمسؤولياتهم الجسام عن طريق التدخل في صلاحياتهم الدستورية وتقصدهم بالاسئلة والاستجوابات الكيدية.
آخر محطة:
للمعلومة، لا يوجد بلد في العالم يرضى ويقبل بفرعيات تقوم على معطى عصـــبيات الدم او القرابة او العنصر او الطائفـــة، وامر كــــهذا لا يمنع على الاطــــلاق «التصفيات» الســــياســـية بين المرشحين القائـــمة على الكفاءة والامانـــة والقدرة على الاقــــناع التي يتساوى امامها الجمـــيع دون النظر الى اصلهم وفصلهم، لذا نرجو ان نبتــــعد جميعا عـــن ممارســـات يجرمها القانــــون وتضر بوحدتنا الوطنــــية وتقمع الشرائح الصغيرة الجميلة.
الانقلاب عند التسعين
سبق ان اصدر السيد يوسف القرضاوي، مفتي تلفزيون «الجزيرة» المصري المولد القطري الجنسية المنتمي للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين وأحد أكثر قادته تشددا، عدة فتاوى أجاز فيها قيام الشباب المسلمين بالعمليات الانتحارية!، ولكن اصيب السيد القرضاوي بالمرض أخيرا ونصحه الاطباء بتلقي العلاج، اما في اميركا التي رفضت مجرد مناقشة منحه الفيزا، او في بريطانيا، ولكن هذه منعته من دخولها لانه سبق وان افتى بجواز القيام بهذا النوع من العمليات الانتحارية التي تسبب الكثير منها في قتل ابرياء لاذنب لهم!!
قامت قناتا «الجزيرة» و«حوار» ببث كلمتين للسيد القرضاوي بتاريخ 28-2 فيما يتعلق بخلفية رفض دخوله بريطانيا على ضوء فتاواه العديدة السابقة التي كانت تبيح، لا بل وتحبذ القيام بالعمليات الانتحارية، فقال في الاولى: انا معروف في العالم الاسلامي بأنني داعية للوسطية، فهم (البريطانيون) امسكوابقضية معينة عن العمليات الاستشهادية، ولست وحدي من افتى، بل اكثر من 300 عالم، وانا لا اجيز العمليات باطلاقها بل احبذها للضرورة، وفي وجوه معينة مثل اخواننا الفلسطينيين للدفاع عن انفسهم بأن «يقنبلوا» أنفسهم، وربنا أعطاهم هذا كنوع من التعويض الإلهي العادل (!!)، لأن لا سلاح عندهم يدافعون به عن أنفسهم. اما في العراق فعندهم اسلحة شتى يستطيعون ان يستخدموها ضد اعدائهم!! (وهذا يعني عدم جواز قيام العراقيين بالعمليات الانتحارية)!!
وفي المقابلة الثانية التي حاول فيها التخفيف من حدة مواقفه السابقة والمخالفة لكل ما عرفه ودرسه وخبره المسلمون على مدى اكثر من 14 قرنا قال: انا انكرت على بعض اهل الخطاب الديني الذين يدعون لاهلاك اليهود والنصارى والقول اللهم اهلك اليهود والنصارى هذا لا يجوز، لان لدينا يهودا ونصارى في بلادنا (!!) كيف ندعو عليهم ونقول اللهم يتم اولادهم اللهم واحرق زرعهم وخرب ديارهم، من قال هذا؟ هذا ليس في القرآن ولا من الحديث.
انا انكرت على البعض الذين يقولون ان اليهود نسل القردة والخنازير (!) عندما ربنا مسخ بعض البشر قردة وخنازير، انتهى نسلهم خلاص (!!)
لا يسعنا الا تقديم الشكر للسيد القرضاوي على هذا الانقلاب الكبير على السابق من آرائه ومواقفه، ولو جاءت هذه الآراء قبل نصف قرن مثلا لغيرت الكثير ولما قتل الكثير!!
المحير في الامر ان يأتي شخص في مثل عمره وقد قارب التسعين ليقول مثل هذا الكلام الآن، فما الذي غير من فكر هذا الاخونجي العتيق الآن؟ هل هو المرض أم تأنيب الضمير؟
أحمد الصراف
habibi [email protected]