فقدت الكويت برحيل الزميل والصديق د.أحمد الربعي جزءا من حكمتها فقد كان أبوقتيبة – رحمه الله – براغماتيا من الطراز الأول لا يكل ولا يمل من الدعوة للحوار والقبول بالرأي الآخر واخذ الأمور بمأخذ حسن، كما كان دائم الترويج للتفاؤل والإيمان بالمستقبل المشرق للكويت.
ويحسب لأبوقتيبة – رحمه الله – عدم تردده في الاعتراف بالخطأ متى ما حدث ومن ذلك تكراره القول إنه سعيد لعدم نجاح الثورة الماركسية التي انضم لها في ظفار في مقتبل حياته ومعروف ان الاعتراف بالخطأ هو إحدى خصال الرجال الكبار وقد كان الربعي واحدا منهم.
كما تميز د.الربعي بتواصله مع الناس جميعا وعدم مبادلة الإساءة بالإساءة، لذا لم يعرف عنه الرد قط على من يتعرض له بالقول أو المقال ولذا أحبه الأعداء قبل الأصدقاء والتقى على وده جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي وتلك نعمة – لمن يعلم – ما بعدها نعمة.
وقد كانت أروع ساعات أبوقتيبة وأجلها قاطبة عندما تصدى في حقبة ما بعد 91 لفيالق الإعلام الصدامي التي تروّج الوهم وتسوّق العدم فهزمها في كل أرض معركة فضائية أو صحافية التقاها مستغلا عقله وفكره وثقافته العالية مما جعله يحصد ثناء وحب الكويت قاطبة من حكام ومحكومين.
وقد امتلك الراحل الكبير شبكة علاقات واتصالات واسعة تمتد من الخليج الى المحيط وقد زاملته في أكثر من سفرة كما شاركته في أكثر من لقاء إعلامي وكانت ملاحظاتي له – رحمه الله – انه بحاجة لتقليل تلك الاتصالات التي كانت تجعل هاتفه النقال دائما في يده وكنت أذكره بأن الأخبار التي يلاحقها بشكل شخصي عبر الهاتف ستعلن بعد وقت قصير للجميع فليوفر على ذهنه وعقله تلك الملاحقات المرهقة.
كما كان – رحمه الله – شديد الحركة لا يمنح نفسه أو عقله الراحة اللازمة خاصة قبل اللقاءات الإعلامية بل يبدأ يومه منذ الصباح الباكر ويظل مستمرا في العمل دون انقطاع حتي موعد تلك اللقاءات الإعلامية الليلية التي يتجلى بها، ولا يعلم أحد من مشاهديه ومحبيه مقدار الإرهاق والتعب والضغط الذهني الذي يقاسيه لأجل إتمام تلك اللقاءات، رحم الله فارس الكويت وساحرها د.أحمد الربعي وغفر له وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا لله راجعون.
آخر محطة:
حال سفري منذ مدة دون اطلاعي وتأبيني لفارس آخر من فرسان الكويت هو العم المرحوم عبدالمحسن الزبن، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولآله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.