أول ما نلحظه في الصحف الصفراء المصرية انها لا تخدم مصر ولا تراعي، على الإطلاق، المصلحة العامة، بل تتعمد كل صباح إحباط الشعب المصري كافة، فكل شيء خراب وكل المسؤولين فاسدون وكل المشاريع مسروقة رغم ان الواقع والحقائق الجلية يظهران الامور على العكس من ذلك تماما، فمصر في عهد مبارك تحولت الى ورشة عمل ضخمة وبات قطاع كبير من المصريين يمتلك ليس فقط سكنه بل سكنا آخر على الساحل الشمالي او على سواحل البحر الاحمر، كما تظهر ارقام عمليات شراء غير مسبوقة للسيارات والكماليات ووجود 30 مليون مواطن مصري يمتلك هواتف نقالة، ما يعني تكوين طبقة متوسطة واسعة لها مصلحة باستقرار مصر.
المؤسف ان تلك الصحف الرصيفية لا تقول الحقيقة، بل تعتمد كثيرا في عملية «صناعة الإحباط» على العنوان الكاذب الذي يقرؤه المارة ويتأثرون به وينسون انه دون فحوى او مضمون، والا فكيف نفسر على سبيل المثال «مانشيتا» على شاكلة «بالوثائق نظهر فساد بطانة الرئيس» وعندما تذهب القلة التي اشترت الجريدة للصفحات الداخلية تجد انها تتحدث عن كتاب اصدره البرغوثي، احد مرافقي «الرئيس» عرفات، ويتحدث فيه عن بطانة ابوعمار!
وما ان ينته نهار الإحباط لدى المواطن المصري حتى يبدأ ليل الإحباط الكبير، وذلك عبر البرامج الحوارية واسعة الانتشار على القنوات الخاصة والتي يعمل بها، حالها كحال الصحف المثيرة، كبار العاملين في الصحف القومية والتلفزيون الرسمي! وتعمد تلك البرامج الحوارية الى استضافة وجوه حانقة مؤججة متكررة الظهور، لها أنياب زرقاء مليئة بالسموم، وسحنة صفراء لا تبشر بالخير.
ويشرح الدكتور المختص علي هلال لمجلة روزاليوسف التأثير الخطير لعملية «الإحباط» المتكرر، تلك التي يروج لها الإعلام الخاص كل صباح ومساء، فيرى انها تولد شعوبا «عاجزة» لا تحقق شيئا ويرى ان الهدف مما تقوم به الفضائيات المدغدغة والصحف المدمرة خلق حالة يأس في النفوس يتولد عنها الفوضى والانفجار اللذان سيصيبان – لا سمح الله – القلب العربي الذي تمثله مصر في مقتل.
والأفلام المصرية كما راقبنا وشاهدنا هي عامل ثالث في نشر ثقافة اليأس والإحباط، حيث تروج أفلام الموجة الجديدة التي ابتدأت بـ «عمارة يعقوبيان» وانتهت بـ «طباخ الريّس»، الذي يعرض هذه الايام، ومرت على افلام كان لها انتشار شعبي كبير مثل «هي فوضى» و«حين ميسرة» لنفس ثقافة الانهيار والنهاية السوداوية، وكان الله في عون مصر من اعمال بعض ابنائها!
آخر محطة:
للمعلومة، عندما كانت اميركا وبريطانيا لا تمتلكان الا سلسلة او سلسلتين من المحلات الكبرى امثال هارودز وميسيس كانت مصر في الثلاثينيات والاربعينيات تمتلك العشرات من تلك المحلات امثال عمر افندي وشكوريل والصالون الاخضر.. الخ، وغفر الله لمن أممها في الستينيات وحولها الى خرائب.