احمد الصراف

اللقيط في الفقه الشيعي

اللقيط في الفقه الشيعي
السيد علي حسن غلوم، المشرف على الصفحة الدينية في جريدة الوطن، المخصصة للفقه الشيعي، نشر بتاريخ 2/9 بحثا مقتضبا عن حكم اللقيط.، وورد فيه تعريف اللقيط، وأسباب الحالة وحكم التقاطه من الشارع، أو من المكان الذي وجد فيه، وضرورة العناية به خوفا من موته جوعا أو بردا.
كما تطرق الموضوع لأهمية البحث عن أسرة اللقيط وإعادته إليهم!! وأن على من وجده رعايته حتى بلوغه سن الرشد!
وقال السيد غلوم ان الإسلام يرفض تحول اللقيط إلى ابن للمتبني أو أخذ اسمه، بل يبقى في رعايته بغير اسم، ولكن «يجوز» أن يوصى له بجزء من ثلث التركة فقط!! ثم تطرق السيد الباحث لحقوق اللقيط فقال ان أهمها عدم جواز تحويله لعبد مملوك يشرى ويباع! ولا أدري عن أي مجتمع يتكلم الباحث؟
وقال ان من حق المنبوذ، وهي من صفات اللقيط في الفقه الشيعي، حسب ما ورد في البحث، تحديد مسار حياته بعد بلوغه الرشد! ولا أدري كيف يمكن التصرف بعكس ذلك؟ وقال ان حقوقه عدم قذفه بأنه ولد غير شرعي!!
ومن حقوقه ما تعلق بحقه في الحياة الكريمة!! وهذا ما دفعنا لكتابة مقالنا هذا.
فمن المعروف أن الحياة الكريمة لا تعني فقط لقمة في البطن ولباسا على الكتف وسقفا فوق الرأس، بل تعني الاحترام في المجتمع من خلال الانتماء له بطريقة سليمة وصحيحة، وهذا لا يمكن أن يتم دون منح مجهول الأبوين، أو أحدهما، اسما كاملا وواضحا، ويفضل كثيرا أن يكون اسم من قبل تبنيه ومن قبل أن يحمل اسمه. وأن يمنح، بصورة تلقائية، ودون عائق، فور بلوغه سن الرشد، جنسية الدولة التي وجد أو ولد فيها، إن كان يعيش في كنف الدولة وتحت رعايتها.
ولكن من المؤسف، وهذا ما لم يتطرق له البحث، أو يقترب منه ولو تلميحا، لا يمكن لهذه الأمور أن تتحقق في ظل القوانين الوضعية الحالية لمعظم دول العالم الإسلامية، ومنها الكويت، التي تحرم حمل اسم المتبني وتحرم مشاركته في تركة من تبناه. كما يتعسف مسؤولو دور الرعاية في منح الجنسية لمجهول الابوين بالرغم من ان القانون الكويتي يعطيهم هذا الحق، كما يستوجب المنطق، وكما تنص قوانين حقوق الإنسان في جميع دول العالم…المتحضر والمتقدم والراقي؟ وكان حريا بمحرر الصفحة الدينية التطرق لهذه الجزئية المهمة ومحاولة مساعدة الكثير من نزلاء دور الرعاية الذين تمنع الأنظمة تبنيهم من قبل الأسر الراغبة في ذلك، كما تمنع منحهم جنسيتها بصورة تلقائية!!
والأغرب من ذلك أن أي طلب تبن يقدم لدور رعاية مجهولي الأبوين ينظر فيه على أساس ديانة ومذهب المتقدم، وهذا ما لم يتطرق له محرر الصفحة في بحثه غير المكتمل.
يعتقد البعض ان ليس لأحد الحق في انتقاد معتقداتنا ولا النيل من عقائدنا، وأن من حقنا التصرف إزاء الغير بما تمليه مصالحنا وضمائرنا علينا ولا رقيب علينا في ذلك، وهذا مقبول، ولكن ما ليس من حقنا هو القول إننا الأحسن في الاعتقاد والأكمل في التصرف والأكثر رشدا ورشادا في التشريع!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

دهان الجرب وأبو الهول

يصف علي دشتي، الباحث والدكتور في كلية العلوم الطبية المساعدة بجامعة الكويت، والحاصل على جائزة افضل باحث شباب في 2007/2006، البحث العلمي بأنه الوسيلة التي يمكن بواسطتها الوصول الى حل لمشكلة محددة او اكتشاف حقائق جديدة عن طريق المعلومة والشواهد والادلة في اطار قوانين عامة لها مناهجها، وانه دعامة اساسية للاقتصاد والتطور(!!).
وحيث اننا، حكومة وشعبا، لا نزال، ومنذ نصف قرن على الاقل، نجتر ونبحث ونناقش القضايا والمشاكل البيئية والاجتماعية والاقتصادية والصحية نفسها من دون ان ننتهي من اي منها بنجاح، او حتى بغير ذلك، فهذا يعني ان كلام الدكتور دشتي لا معنى له في قاموسنا السياسي والإداري، فمن الذين قال له إننا بحاجة الى بحث يدعم اقتصادنا ويدفعنا للتطور، الم يسمع ان برميل النفط قد بلغ أخيراً مائة دولار؟ ومن منا بحاجة الى معرفة ان البحث العلمي دعامة للتطور، ووسيلة لحل مشاكلنا وقضايانا الشائكة، وماذا سنفعل بعدها بجيوش موظفي الدولة ان تم حل مشاكل المرور والجنسية والبدون وفساد البلدية وبيع الاقامات والمتاجرة بتأشيرات الزيارة وخراب التعليم وتخلف المناهج وشراء الاصوات الانتخابية ورشاوى اجازات القيادة والدفع لاداري فحص العمالة؟
ينهي الباحث دشتي كلامه بالقول ان الروتين الحكومي، في ما يتعلق بتمويل مشاريع البحث العلمي، قاتل للطموح!! ولا ادري لماذا توقع العكس، هل ربما لانه لا يزال في مقتبل العمر ولم يصب بعد بالاحباط؟ اذا كان كذلك فإننا نتمنى مشاركته احلامه، ونتمنى ألا نسمع قريبا باستقالته من الوظيفة الحكومية للعمل في القطاع الخاص.
وفي هذا السياق وصلتني رسالة طريفة من الباحث الآخر الاخ احمد بهبهاني، المغترب في انكلترا في مهمة تتعلق بتطوير مدركاته العلمية، في ما يتعلق بتقنية جديدة قام بتطويرها في مجال تعليم اللغتين العربية والانكليزية بطريقة مبتكرة، حيث ذكر انه استمع لمحاضرة عن قيام احدى الجامعات بتمويل سفر باحث بريطاني الى منطقة نائية في سيبيريا بغرض دراسة لغة شعب الـ «اينتس» Enets، الذي لا يتجاوز تعداده اربعين شخصا!! وكان عددهم اكثر من ذلك، ولكن عدم التطور والاوبئة قضت على الكثيرين منهم.
وقال ان الباحث سيقضي في تلك المنطقة اشهراً عدة لجمع كل المعلومات عن لغتهم، وسيعود ليقضي سنوات عدة بعدها في دراسة تلك اللغة وتحليلها ومعرفة سبب عدم اندثارها وجذورها واصلها الى آخر ذلك.
وتساءل الباحث احمد بهبهاني عما اذا كان بيننا من يود زيارة ذلك الشعب، دع عنك دراسة لغتهم!! وقال ان هذه الرغبة العارمة في البحث وتعلم الجديد والدراسة الأكثر عن اي شيء واي فرد وفي اي مكان وبأي وسيلة ولاي سبب كان، كانت ولا تزال السبب الذي جعل الغرب على ما هو عليه من تقدم علمي، فشعوبه لم تتوقف ابدا عن تعلم الجديد والاستزادة من المعرفة عن اي شيء، وهذا لا يمكن ان يتحقق بغير الصرف على البحث بكرم ومن دون انقطاع..
ونضيف القول هنا ان آثار الفراعنة كانت تحت اقدام المصريين لآلاف السنين من دون ان يعلموا عن ماهيتها شيئاً، وكان البترول تحت اقدامنا لفترة اطول بكثير، ولم نعلم شيئاً عن فائدته غير استخدامه في معالجة جرب الجمال!!
وخير دليل على عدم اهتمامنا بالتخطيط ولا البحث ولا التنمية الحقيقية ما ورد في «القبس» عن مذكرة صادرة عن المجلس الاعلى للتنمية والتخطيط، بأن المجلس لم يجتمع غير 10 مرات فقط خلال 4 سنوات، ومن دون جدوى!!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

زنكلة… نيو كولّيكشن

الفرق بين الدول، أو الحكومات، كالفرق بين الرجال. منهم الشجاع ومنهم الرعديد، الذكي والغبي، الأبوي والأناني، الكريم والبخيل. ولو كانت حكومتنا رجلا لما حصل على الصفات الأوَل المذكورة أعلاه. ولو اصطفت الحكومات العربية بجانب بعضها البعض وقيل لي: من هي الحكومة الجبانة بين هؤلاء؟ فلن أتعب في البحث، بل سأشير بأصابع يدي وقدمي وبسرعة إلى أحد الاتجاهات: أهيه. بنت الذين. متابعة قراءة زنكلة… نيو كولّيكشن

سامي النصف

النازيون العرب يا حليلهم

كلما مررت على المكتبات أو معارض الكتب في القاهرة وبيروت وحتى الكويت وجدت كتاب «كفاحي» لزعيم النازية هتلر يعرض على الواجهات، ما يعني ان الكتاب وصاحبه يلقيان القبول عند بعض العرب خاصة، وقد سبق ان لجأ الزعيمان الفلسطيني والعراقي الحسيني والكيلاني لحمى النازية فهل كان النازيون وحلفاؤهم أصدقاء للعرب ومن ثم سيحققوا احلامهم بالرفعة والاستقلال حال انتصارهم؟

ولنبدأ بالأمور الواضحة والمعلنة وهي حقيقة انه لا الايطاليون الفاشست ولا الألمان النازيون ولا حلفاؤهم في حكومة فيشي الفرنسية اعطوا ليبيا ودول شمال افريقيا وبلدان الشام استقلالها، بل استمروا في احتلالهم البغيض لتلك الأوطان العربية وحتى دون وعود شفوية بمنح الاستقلال للعرب كحال وعد وزير الخارجية البريطاني «ايدن» في مجلس العموم البريطاني عام 43، ومن ثم فقد كانت مشكلة فلسطين ستبقى بشكل أكثر مأساوية وقتلا وقمعا حال انتصار هتلر وستنتقل آلة الابادة النازية منها الى باقي الدول العربية لخلق «هولوكوست عربي» كحال أبناء عمومتهم اليهود.

وتظهر الحقيقة الغائبة الكثير من الاضطهاد الذي عانى منه العرب في ألمانيا والنمسا قبل الحرب الكونية الثانية، والذي تظهره كتب لا نقرأها ونكتفي بقراءة كتاب «كفاحي» القميء، ومن ذلك ان رابطة الطلبة المصريين في ڤيينا ابلغت عام 32 قنصلية بلادها بالاهانات والمضايقات التي يختصهم بها النازيون في النمسا، وفي 34 اشتكت المفوضية المصرية في برلين الى وزارة داخلية الرايخ من الاهانات التي يتعرض لها المصريون الدارسون والعاملون في ألمانيا، كما صدر في 1935 قرار تعقيم من يسمون بـ «الهجناء المغاربة» أي أبناء الألمانيات المولودين من آباء مغاربة.

ومع بداية الحرب مباشرة أي في سبتمبر 1939 صدر الأمر النازي باعتقال العرب من مصريين وعراقيين وفلسطينيين ومغاربة في ألمانيا والنمسا وبولندا المحتلة، وارسالهم الى معسكرات الاعتقال الرهيبة في فورتسبورغ، وكان بين هؤلاء رئيس غرفة التجارة الألمانية المصرية الزائر (!) كما أصدر وزير الدولة روتبتروب تعليماته باعتقال المزيد من المصريين «حتى يكون هناك مصريان مقابل كل ألماني يعيش في مصر»، حسب التعميم، فامتدت الاعتقالات حتى للديبلوماسيين والقباطنة والبحارة المصريين في السفن الراسية على الشواطئ الألمانية كالسفينة «زمزم»، ومن ناحية اخرى كان هناك 67400 عسكري من الشمال الافريقي معتقلين في معسكرات الابادة النازية اثر استسلام الجيش الفرنسي.

ان ذلك الولع العربي بهتلر وبعده ستالين وماو وسونغ وكاسترو وغيرهم من الطغاة الاباديين هو ما زرع البذرة وتسبب في خلق وتوقير وتبجيل شعوبنا لظاهرة الاباديين العرب أمثال صدام وباقي جوقة الديكتاتورات الاحياء منهم والأموات ولن يصلح قط حال امة تعتبر هتلر وصدام وأبناءه شهداء ابرارا تزدان بهم الجنة.

آخر محطة:
أثناء عودتي قبل أيام من حفل غداء في الجهراء بصحبة بعض الاعلاميين وجدنا أثناء دخولنا شارع الصحافة سيارة يقودها شاب صغير وقد لصق على الدعامية الخلفية علما نازيا كبيرا يتوسطه شعار الصليب المعقوف ولا يعلم ذلك الجاهل الغر انه يسوّق لمن يريد استعباده واذلاله.

سعيد محمد سعيد

من الذي «يشتم» الحكومة؟

 

من باب الحرص على سلامة القلوب والنفوس والعقول، ومن باب صد الفتنة والخروج على ولاة الأمر، ومن باب أيضا حرص الراعي على الرعية والتفاف الرعية حول الراعي، فإننا لو سألنا هذا السؤال: «هل تريد أن تشتم الحكومة؟»، ووجهناه إلى كل شعوب الدول العربية والإسلامية تحديدا على أن يظهر المجيب صوته وصورته (نقل حي مباشر يعني)… ترى، كم هي نسبة الذين سيقفون بكل رباطة جأش وقوة وإصرار لينتقدوا حكومتهم ويشتموها؟

في نظري، لن تزيد نسبة من يريد شتم حكومته هكذا شاهرا ظاهرا على نسبة 10 في المئة…

لكن، لو سألنا السؤال بصيغة أخرى، وعبر استمارة لا وجه لها ولا يد… يعني، من دون اسم ومن دون أية معلومات بشأن المشاركين في العينة… هل تستحق حكومتك الاحترام؟ ووضعنا موقعا إلكترونيا ليصوت فيه الناس من كل شعوب العالم العربي، من الخليج إلى المحيط، فيبدو أن النسبة ستكون، في ظني، 99.9 في المئة: «لا تستحق الاحترام!».

سؤال آخر افتراضي، يمكن توجيهه إلى العينة المشاركة، اختياريا أيضا، وهو: كم نسبة المواطنين العرب الذين يشتمون حكوماتهم في ضمائرهم… (سرا يعني)، وفي دورات المياه أعزكم الله، وفي الأماكن المهجورة، وأثناء النوم… وكذلك في السيارات، وهم يتلفتون يمينا ويسارا؟… وكم في نظركم ستبلغ نسبة المواطنين العرب، من المحيط إلى الخليج هذه المرة، من يجلسون في بيوتهم أو في المقاهي أو في أماكن العمل وهم يشاهدون خطابا رئاسيا… العيون «مفققة» في شاشة التلفزيون، لكن، كم منهم «يشتم» في هذه اللحظة؟

يمكن 100 بالمئة؟

والآن سؤال آخر: ألا تدرك الحكومة/ الحكومات، أن هناك من يشتمها من مواطنيها؟… بلى، تدرك ذلك، بل وتدرك أيضا لماذا يشتمونها، وتبارك الله في المستشارين الذين حبا الله بهم الدول العربية والإسلامية وكل الدول النامية… خبراء وعلى مستويات رفيعة من التأهيل الأكاديمي والخبرة، لكنهم دائما سباقون لتشويه العلاقات بين الموطن العربي وحكومته، وفوق المستشارين، هناك المطبلون والمنافقون ووعاظ السلاطين والمصيبة الكبرى، أن هناك من الحكومات، من يصدق كلام أولئك المتمصلحين، الذين لن يصدق الكثير منهم القول: إنهم يريدون مصلحة البلد…

أما بالنسبة إلينا في البحرين، فلا أعتقد أن الحكومة ستصدق أن هناك من يكرهها، أو تستجيب لكلام المطبلين والمنافقين ووعاظ السلاطين إن قالوا: الكثير من الشعب لا يحبك يا حكومة؟ لأن الجواب هو: «98.4 في المئة»، هي نسبة التصويت على ميثاق العمل الوطني، في شهر فبراير/ شباط من العام 2001… هل يمكن أن تصدق الحكومة أن الغالبية لا تحبها؟

واذا كان هناك من «لا يحب» و»لا يوالي» و»لا يتأدب» ويشتم الحكومة، فيبدو أن هناك الكثير من السعة لنسأل: «لماذا يشتم أولا، ولماذا يفعل ما يفعل؟»… ثم، يكون القانون هو الفيصل…

كتبت ذات مرة، ليس عدلا أن يقال دائما ذلك الشعب لا يحب حكومته، فمن الإنصاف أن نسأل أيضا: «هل تحب الحكومة شعبها؟»…

عموما، كل عام والبحرين، قيادة وحكومة وشعبا في أمن وسلام…

وكل عام وأنتم بخير… لأنكم جميعا تحبون البحرين؟

احمد الصراف

الدولة الدينية

بعد ما يقارب الأربعين عاما من المد الطائفي والديني المتخلف على كل أنشطة الحياة في الكويت، بدا وكأن هذا المد والهيجان في طريقهما الى الانحسار!
كانت البداية في المطالبة الشجاعة التي أقدم عليها النواب علي الراشد، محمد الصقر وفيصل الشايع، بالرغم من كل مآخذنا على سكوتهم الطويل عن استفحال الأمور ووصول الأوضاع الخربة الى ما هي عليه الآن، بمطالبتهم باعادة النظر في قانون منع الاختلاط والغائه.
قد لا ينجح هؤلاء النواب في مسعاهم، ان لم تقف الحكومة ونوابها معهم، ولكن تصديهم للأمر في هذه المرحلة كاف بعد ان نشفت عواطفنا وجفت انفاسنا وتيبست مشاعرنا واصبحنا أكثر جلافة وقبحا مما كنا عليه قبل نصف قرن من فرط ما أصابنا من سوء الجراد ومصائبه.
لقد حاولت القوى الدينية، المتمثلة بالاخوان المسلمين، ومن بعدهم السلف، بكل انفاره واطيافه، طوال العقود الثلاثة الأخيرة، العبث بالدستور وتغيير مادته الثانية، ولكن عندما يئسوا من ذلك، وبعد ان اصبحوا اكثر ذكاء وقوة وتغلغلا في مراكز اتخاذ القرار، واقرب للسلطة منهم في أي وقت مضى، قرروا التصدي لتغيير المادة الثانية من الدستور بطريقة غير مباشرة، وعلى ارض الواقع، وترك الحال كما هي عليه على الورق.
وهكذا بدأت حركة تغيير المادة الثانية على الارض بسكوت وهدوء ومن دون جلبة، بحيث نجحت هذه القوى الدينية في تحويل الكويت المنفتحة والمدنية وشبه العلمانية الى دولة دينية حتى النخاع في كل مظاهرها ومخابئها بحيث اصبحت شوارعها وجدرانها وجسورها واعلاناتها ومؤتمراتها تنبئ بذلك دون ان تصرح به!
وكان نجاح هذه القوى المتخلفة في التغلغل لمراكز اتخاذ القرار في وزارتي التربية والتعليم العالي من اكبر منجزاتها في سبيل تغيير المادة الثانية، حيث اتاح هذا تغيير كامل مناهج وزارة التربية بشكل جذري. ثم نجحت هذه القوى نفسها وبمباركة السلطة في احيان كثيرة، وعلى حسابها، في تغيير الكثير من القوانين واصدار اخرى جديدة تتلاءم والتفكير السياسي الديني لهذه الاحزاب، وبالتالي انتشرت مدارس ومراكز التحفيظ، وتزايد كالفطر البري عدد الجمعيات السياسية الدينية وانتشرت فروعها غير القانونية وتمكنت في غفلة من الزمن من جمع المليارات وصرفتها دون رقيب او حسيب، واحيانا كثيرة دون وازع من ضمير. كما نجحت هذه القوى في «فرض» الحجاب في العديد من المواقع والانشطة، بحيث اصبح هو الطبيعي وغيره هو الشاذ والقبيح والمحرم. ونجحت القوى نفسها تاليا في نشر النقاب وخنق اي مطالبة حكومية امنية، ولو خافتة، لمنع ارتدائه حتى اثناء قيادة المركبة او السفر، بحيث اصبحت الكويت الوحيدة في العالم اجمع التي تسمح للمرأة، او الرجل، بقيادة مركبة والسفر خارج البلاد متى كانت، او كان، منقبا!
وطال التغيير البرامج التلفزيونية، والاعلانات، اصبح حتى اعلان لمشروب في جريدة او صحيفة اجنبية مدعاة للاثارة والشطب باللون الاسود واحياناً تمزيق الصفحة بالكامل. كما طال الأمر أنظمة الجيش والشرطة، ووصل الأمر للقطاع الخاص، وفرض الفصل الجنسي على المدارس والجامعات الخاصة، وطالب نواب، ونجحوا، في منع تواجد الجنسين في محل واحد، ومنع الذكور من البيع في محال النساء والنساء من البيع في محال الرجال. ووصل الأمر الى درجة فرضت فيها ادارة التعليم الخاص تعميما منعت فيه الاختلاط حتى في رحلات المدارس الخارجية، وهذا يعني انهذه القوى ستتبعنا حتى غرف نومنا.
كما اصبحت جهات معروفة تحرك مركباتها وفراشي دهانها فور الانتهاء من بناء جسر لتقوم بتزيينه بما تشاء من عبارات دينية لا يجسر احد على ازالتها. لقد انشغلت الدولة برمتها بالكثير من الأمور الخلافية، التي بالرغم من اهميتها، لا يمكن مقارنة خطورة السكوت عنها بخطورة هذا الاحتلال الديني لحياتنا ونفوسنا وحرياتنا وأبسط مسببات وجودنا في هذا الكون.
عندما بدأنا قبل 15 عاما بالضرب على وتر التنبيه من خطر المد الديني، كان الآخرون منشغلين تماما بقضايا المال العام وتعديل مواد الدستور ومعركة رئاسة المجلس وحرية الصحافة والدوائر الانتخابيةوقوانين البورصة والحقوق السياسية للمرأة وغير ذلك الكثير! وكنا، المرة تلو الاخرى، وبين كل مقال وآخر، نعود لطرق حديد هذا الموضوع دون كلل أو ملل لاقتناعنا منذ ذلك الوقت وحتى الآن بأن مصدر الخطر الأول على الدولة وعلى الشعب يكمن في الأحزاب الدينية وفي التطرف الديني والمذهبي. فما نشكو منه الآن من تشرذم سياسي مذهبي حضري بدوي يعود سببه الى سكوتنا عن تحول الدولة المدنية الى دولة دينية دون ان تنبس الغاليبة منا ببنت شفة، هذا اذا كانت تعرف اصلا ما كان يجري أمامها، دع عنك ما كان يجري تحت السطح!
أحمد الصراف

د. شفيق ناظم الغبرا

لماذا يجب معارضة محاولات منع التعليم المشترك والمختلط في التعليم المدرسي الكويتي؟

تؤكد التجارب أن التعليم المشترك والمختلط في التعليم الابتدائي حتى الثانوي مفيد كما أن التعليم غير المشترك وغير المختلط في المدارس هو الآخر مفيد. فهناك إيجابيات لكلا النظامين. ولكن غير المفيد على الإطلاق أن يصدر قانون في البلاد يمنع التعليم المشترك والمختلط لدواعٍ لا علاقة لها بالتعليم. فقرار الفصل بين الطالبات والطلاب في التعليم يجب أن يبقى قراراً خاصاً بيد الأهل الذين لهم الحق في تقرير الأنسب لأبنائهم ولبناتهم. أما أن تتدخل الدولة بقرار يقره مجلس الأمة(وهو ما يتم السعي إليه الآن) في فرض الفصل على المدارس الخاصة بعد أن صار لها عقود تمارس التدريس المختلط في الكويت، فهذا مدعاة إلى تدمير التعليم الخاص، وزيادة لتكاليفه. إن ما يقع هو تدخل في الحريات وحقوق الطلبة والأهالي في الاختيار. إن تجارب مدارس اميركية وانكليزية وثنائية اللغة في الكويت تؤكد نجاح التعليم المشترك المختلط، فلماذا تدميره الآن بقرارات عشوائية غير مدروسة وغير قائمة على أسس تربوية، بل قائمة على انحيازات اجتماعية ومواقف سياسية فكرية موجهة؟ لماذا تدمير هذه المدارس وتصغير تجاربها وفرض حالة، مفادها الخوف من تحدث الشاب إلى الشابة، عوضاً عن أن يكون السؤال الأساسي: ما هي العناصر التعليمية والتربوية المرجوة من عملية التدريس؟ فهل نقيّم بعقلانية مصلحة الطلبة أم أن التقييم مرتبط بالمصلحة الانتخابية والمنافسة بين التيارات والصراع بين إرادة الحكومة وإرادة النواب؟  متابعة قراءة لماذا يجب معارضة محاولات منع التعليم المشترك والمختلط في التعليم المدرسي الكويتي؟

سامي النصف

حتى لا نطفئ شمس النهار

الديموقراطية ليست صناديق انتخاب بل هي ممارسة ترسخ في الوجدان ومن استحقاقاتها الرئيسية التسامح والقبول بالرأي والرأي الآخر وغض النظر والترفع عن اشياء كثيرة خاصة الصغيرة منها، ومعها الايمان بأن التصويت على القضايا ينهي كل خلاف ونزاع ويفرض البدء بالنظر في قضايا جديدة بدلا من تكرار طرح نفس القضايا، والديموقراطية هي الايمان بالفروسية والروح الرياضية في التعامل مع بعضنا البعض وتجذير مبدأ «عفى الله عما سلف».

ومنذ اليوم الاول لبدء الدعوة الاسلامية انقسم المسلمون الى معتدلين آمنوا بقضايا عصرهم وكيفوا مواقفهم على معطى متغيرات الحياة، فأوصلوا بذلك النهج المتسامح الاسلام الى أعلى مجده وانتشر تبعا لذلك في مشارق الارض ومغاربها، وبالمقابل كان هناك رهط متشدد كـ«الخوارج» ديدنه وعمله قتل المسلمين ومقاتلة جيوش الخلفاء ولم يكن هناك اضر منهم على الاسلام رغم حسن نواياهم بالطبع!

قامت الكويت منذ اليوم الاول لنشوئها حتى منتصف السبعينيات بدور تنويري وثقافي مهم في منطقة كان يغلب عليها التشدد والتخلف، فتسابقت دول العالم لحمايتها والتأكد من بقائها فبقيت ثرية زاهرة – رغم قلة الموارد الطبيعية – يهاجر لها الآخرون في وقت اختفت في دول اخرى اكبر واعظم شأنا منها كدول الادارسة والاشراف والمحمرة.

ومع تعاظم وتضاعف موارد النفط منتصف السبعينيات، شعر البعض ان الكويت لم تعد تحتاج لدول العالم والانفتاح عليها او حتى الاستمرار في لعب دورها التنويري المعتاد، فبدأت مرحلة الانغلاق لأسباب سياسية واجتماعية يطول ذكرها ودفعنا سريعا ثمن ذلك التوجه بنكبات امنية واقتصادية وسياسية غير مسبوقة، وتوقفت تماما عجلة التنمية حتى انتهينا بالاحتلال والاختفاء خلال سويعات قليلة من ليل دامس الظلام.

اتى التحرير وانتشرت آنذاك اغنية كتبها المبدع بدر بورسلي واسماها «وطن النهار» حتى ظننا من تكرارها في حينها انها اصبحت عنوانا للمرحلة المقبلة، واننا سنفتح مرة اخرى نوافذنا لأفكار الشرق والغرب دون خوف او وجل، بعد ان جربنا الانغلاق ودفعنا اثمانه الباهظة.

إلا اننا فوجئنا بردة شعبية قوية غير مفهومة تدعو للانغلاق مرة اخرى بشكل اشد واقوى تمثلت راياتها وممارستها في منع التعليم المشترك وفرض ضوابط الحفلات التي قضت على مهرجان «هلا فبراير» والتشدد في رقابة معرض الكتاب وافلام السينما حتى هجرها الجميع، والتوقف عن تجديد او بناء المسارح الجديدة وكليات الفنون الجميلة، توازيا مع الاستغناء عن حصص الموسيقى والرياضة والمكتبات والهوايات في المدارس العامة.

ويعلم الجميع ان البديل «الوحيد» للنفط هو العودة للدور التاريخي للكويت اي دور المركز المالي والخدماتي في المنطقة، وهو خيار لا يمكن ان يتحقق تحت ظلال الانغلاق والتزمت والتشدد.

آخر محطة:
(1) الحقيقة التي لا مجاملة فيها اننا كلما تشددنا في قضية كانت الحكمة تقتضي ان نعف او نغض النظر عنها، اطفأنا شمعة اخرى في مسار الكويت المستقبلي المحفوف بالمخاطر الخارجية والداخلية، والخوف كل الخوف ان نختفي مرة اخرى مع انطفاء آخر شمعة تنوير دون ان يشعر بنا احد.. من تاني!

(2) قد يكون مستغربا جدا اننا نتشدد في وقت يتجه فيه العالم اجمع الى مزيد من الانفتاح والقبول بالآخر، ودلالات على ذلك الامر ما يحدث في الانتخابات الاميركية والسعودية وتركيا وبريطانيا من متغيرات.

احمد الصراف

عطونا أميركا!

لو قال لك من لا يدري بأن على الكويت الاتجاه لصنع المركبات ذات الدفع الرباعي، لان صانعي السيارات في اميركا اكتشفوا من خلال الدراسات والابحاث وخبراء الطرق، ان هذا النوع من المركبات اكثر امانا واقل تعرضا للحوادث من غيرها، لما تمالكت نفسك من الضحك، لان الكويت لا تصنع اي مركبات اصلا، فكيف يكون لها ترف التحول نحو صناعة السيارات الدفع الرباعي.

•••
زميلنا عادل القصار، العائد مشافى ومعافى، من رحلة علاج في الولايات المتحدة الاميركية، كتب مقالا قبل ايام انتقد فيه «المغرمين بالغرب» بسبب اخذهم كل شيء منه، الا فيما يتعلق بـ «القيم والآداب والتقاليد والمحافظة»!، وحيث اننا من المغرمين بالغرب فاننا نشكر تحيته لنا فيما يتعلق بقيمنا وآدابنا!، اورد في مقاله ذلك جملة اقوال ومؤشرات ودلائل، خلص منها الى ان هناك اتجاها قويا في اميركا نحو فصل الذكور عن الاناث في مختلف المراحل الدراسية، وان الفصل اكثر جدوى نفسيا ودراسيا!
لا نود هنا الطعن والتشكيك في ما اورد الزميل من نتائج وتحليلات، فهناك تحليلات وآراء معارضة لها بالكم نفسه، ان لم تزد عليها، لكن لضيق المساحة، فاننا سنتجنب ذكرها.
لكن لو افترضنا صحة ودقة استنتاجات الزميل فيما يتعلق بمضار الاختلاط، فانها تبقى نتائج صالحة لمجتمع وبيئة محددة ضمن ظروف ومعطيات محددة ايضا، وبالتالي قد تصلح لمكان ومجتمع ولا تصلح لغيره! فالمجتمع الاميركي، اساسا، مجتمع منفتح وحر، ودستورهم رسخ القيم الديموقراطية منذ اكثر من قرنين، ومواده اقرب للعلمانية منها لأي شيء آخر، هو يعطي، ضمن حريات كثيرة اخرى، لولي الامر حرية اختيار نوعية التربية والتعليم التي يراها اكثر ملاءمة ومناسبة لابنائه من دون تدخل من الدولة، كما ان خيارات التعليم والتدريس في اميركا متوافرة للجميع من دون عوائق او تدخل حكومي، اضافة الى ان مستويات التعليم هناك هي الاعلى في كل مجال ونطاق، وعلى الرغم من كبواتها الاخيرة!
ما نود قوله هنا وباختصار، اننا على استعداد لمجاراة الزميل في ما ذكره من افضلية فصل الجنسين في الفصول الدراسية، وحتى خارجها، كما ذكرت الدراسات والمؤشرات والدلائل الاميركية الغربية التي اوردها، كما اننا على استعداد لمساعدته على تطبيق ذلك في الكويت!، ولكن قبل القيام بذلك، نحتاج الى توفير بيئة ديموقراطية دستورية حرة كالبيئة الاميركية العلمانية التي اجريت فيها تلك الدراسات! كما نحتاج الىالقدر نفسه من حرية الاختيار المتاحة لولي الامر والخيارات التعليمية نفسها، والتعدد الواسع لنوعيات المدارس نفسه، وبعد كل ذلك له ان يطلب ما شاء!
اضافة الى ذلك ليس من المقبول اخذ جانب واحد من «مثاليات» المجتمع الاميركي، التي تصادف انها تناسب اهواءنا الدينية في فترة زمنية محددة، ونترك المثاليات الاخرى، فقط لانها لا تتفق و«عاداتنا وتقاليدنا»!
فالغرب ليس صحن فاكهة في وليمة بحيث نختار منه نوعا محددا يتلاءم وذوقنا وندافع عنه ونصفه بالاحسن، ونترك انواع الفواكه الاخرى فقط لاننا لا نحبها.. لاسباب سياسدينية!!
أحمد الصراف

محمد الوشيحي

آمال المصاروة في عمود الوشيحي

«المصاروة» احتلوا قلب الوشيحي طالباً وضابطاً وكاتباً واليوم يحتل «المصاروة» آماله تحقيقاً للوعد الذي قطعه قبيل فوز مصر  بكأس أفريقيا.
الزميل الكاتب محمد الوشيحي يرتاح اليوم عن الكتابة تاركاً لأبناء النيل في «الراي» ان يكتبوا عنه ويوجهون التحية نيابة عنه الى كل ابناء الشعبين المصري والعربي للفوز الثمين  الذي حققه منتخب مصر أفريقيا. وفي الاتي التعليقات.

مبروك الفوز لرجالة مصر هذا الانجاز التاريخي الذي يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن: التخطيط + الالتزام + الحب + الثقة = نجاح لا مثيل له.
باسم عبداللطيف متابعة قراءة آمال المصاروة في عمود الوشيحي