مرت ذكرى الاستقلال وذكرى التحرير والكويت تواجه تحديات مرتبطة بمعانٍ وتجارب هذين اليومين، إذ تمر هذه الذكرى في ظل حدة النقاش في الكويت في قضايا عدة، منها الاختلاط في التعليم، وزيادة الرواتب، ودور مجلس الأمة والحكومة، وصلاحيات كل منهما في ظل العملية السياسية في البلاد. هكذا تأتي هذه الذكرى، ونحن نتساءل عن أي كويت نريد اليوم وغداً، هل نريد الكويت تعيش تجربة التعددية والاحترام المتبادل بين القوى؟ وهل نريد الكويت مركزاً تجارياً واستثمارياً وتعليمياً؟ أم أنه من جهة أخرى يبقى هذا كله في مجال الشعار الذي يفتقد للتطبيق؟ متابعة قراءة الكويت وإعادة قراءة ذكرى الاستقلال وذكرى التحرير
اليوم: 27 فبراير، 2008
لماذا على الإسلاميين دعم الحكومات الليبرالية؟
السبب الأول هو ان الحكومات العلمانية العربية والاسلامية هي السبب الاول في ظاهرة تحول شعوبنا الى التوجه الاسلامي والعكس بالطبع صحيح فأكبر سبب لعلمنة الشعوب هو اسلمة الحكومات ومن يلقي نظرة على شعوب الدول العلمانية العربية سيجد انها وصلت الى درجة من الالتزام الديني، مما كان من الاستحالة ان يتم لو تعاقبت خلال نصف القرن الماضي حكومات اسلامية على تلك الدول.
السبب الآخر هو ان دولنا العربية والاسلامية مهددة بخطر حقيقي هو انشطار وانفصال الاقليات الدينية والطائفية ولا شك في ان وصول حكومات ذات صبغة دينية محددة سيثير اصحاب الديانات والمذاهب الأخرى ممن سيصبح من الاستحالة قمعهم في ظل النظام العالمي الجديد وقد يكون من مصلحتهم وجود حكومات ليبرالية او علمانية ذات مسافة واحدة من الجميع تمنح الطمأنينة لتلك الأقليات.
إن الحكومات العلمانية المتعاقبة هي من يحتمل لوم الشعوب على معاناتها المعيشية ولو وصلت التيارات الاسلامية عبر الديموقراطية لمواقع المسؤولية فستبقى المعاناة التي هي في كثير من الاحيان من صنع شعوبنا التي لا تهتم كثيرا بالتعليم او التدريب او اتقان العمل بل تضيف الى هذا كله تزايدا سكانيا رهيبا على الموارد نفسها وقد تزداد الامور سوءا بسبب هجرة السائحين والمستثمرين من بعض تلك الدول وهل شاهد احد سياحة في افغانستان ابان حكم طالبان او ايران او السودان؟! وبالطبع سيتحول اللوم التاريخي من الحكومات العلمانية الى الاسلامية.
وفي ظل الحكومات العلمانية يتوجه الاسلاميون عادة وبسبب القمع الى القطاع الخاص كحال اليهود في اوروبا بالسابق واصحاب الاصول الصينية في اندونيسيا وماليزيا ومن ثم يصبحون قوة ذات فاعلية غير محدودة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الدول وقد لاحظت شخصيا ان احد اسباب نجاح التوجه الاسلامي في مصر هو سيطرة الاسلاميين على المنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ما جعل الشباب والعاملين بها يتبعون ذلك النهج ولو تحولت الحكومات الى الاسلامية لأصبح الاقتصاد في يد العلمانيين والليبراليين.
أخيرا يقال ان الشعب الايراني كان في ايام الشاه يصوم بالسر ويدعي جهرا افطاره اما في الحكم الاسلامي اللاحق فقد اصبح يفطر بالسر ويدعي علنا صيامه ولا شك في ان رمزية تلك القصة تشير الى ان من الافضل من الناحية الدينية البحتة ان يصوم الشعب حتى لو ادعى كذبا افطاره من العكس.
آخر محطة:
هل ستعمل احدى الدول لإعادة حقبة الثمانينيات عبر تفعيل عناصر مخابراتها في الداخل والخارج لإيذاء الكويت؟! نرجو الحذر الشديد خلال الفترة المقبلة والعمل على تعزيز الروح الوطنية لدى الشباب، فالكويت أولا وأخيرا!
نجوم الدعوة
كما أن هناك نجوم غناء وتمثيل فإن هناك أيضا نجوم دعوة إسلامية!
لأسباب خاصة، هي أعلم بها، تمنع إدارة التحرير بين الفترة والأخرى نشر أحد مقالاتنا. لا اعتراض لنا على ذلك، ولا حرج في الموضوع.. فعدد زياراتنا ورئاسة التحرير للنيابة في السنوات الماضية كاف لجعلنا والجريدة أكثر حذرا فيما نكتب، واكثر تقبلا لقضية المنع. ولكن مرارة منع نشر مقال تعلق موضوعه بالداعية عمرو خالد، لا تزال ساكنة في الحلق والنفس على الرغم من مرور سنوات أربع أو خمس على القصة.
انتقدنا في ذلك المقال الطريقة التي كان، ولا يزال، يتبعها هذا الرجل في خطبه وأحاديثه. فتلك اللزوجة في الحديث والطراوة في الوصف والجرأة في اختراع الغريب من القصص عن أحداث يوم القيامة وغيرها من الأمور الغيبية بينت لنا من أول خطاب سمعناه له، أن الرجل تاجر كلام يتخذ من الحديث في الدين سلعة يبيعها على السذج، وخاصة النساء والفتيات المراهقات اللاتي تمتلئ أعينهن بالدموع كلما سمعن خطبه وأحاديثه، لاهتمامهن من جانب بملبسه وشكله وطريقة حديثه، وعدم ادراكهن حقيقة او مدى صحة ما يرد على لسانه من كلام، ومن جهة اخرى لجهل غالبيتهن بما يقول وعدم قدرتهن على التفريق بين الحقيقة والخيال في كلامه المؤلف والآني الصادر عن خيال جامح!
لم يتأخر الوقت كثيرا لتظهر صحة موقفنا من تجار الدين هؤلاء، فقد ورد في «القبس» (2/25)، نقلا عن وكالات الأنباء ملخص للتقرير الصحفي الذي نشرته مجلة فوربس الاميركية الرصينة عن ثروات عدد من «نجوم الدعوة» المسلمين هؤلاء، والذي تبين منه ان النجم الساطع عمرو خالد أكثرهم غنى، بدخل سنوي يزيد على 2،5 مليون دولار. كما جاء بعده في الثراء الداعية الكويتي طارق سويدان صاحب المشاريع التجارية المتعددة والبرامج التلفزيونية والخطب الدينية الاكثر تعددا.
عندما تضع «فوربس» عنوان مقالها: «أعلى دعاة الدين الإسلامي دخلا خلال 2007» بجانب صورهم على الغلاف الخارجي لطبعتها العربية، وبموافقة هؤلاء، فهذا يعني بصريح العبارة ان عمل هؤلاء الدعاة ليس لله ولا للحصول على مرضاته ونيل أقصى الثواب وأعلى الأجر الأخروي، ولا علاقة لعملهم بالصلاح ونيل رضا الرحمن والنجاح في إبلاغ الرسالة الصالحة والصادقة، بل المسألة برمتها لا تعدو ان تكون تربحا على حساب البسطاء وتلاعبا على الألفاظ ليقين هؤلاء الدعاة والنجوم الشباب ان الغالبية المستمعة لهم والمدمنة على برامجهم لا تفهم ما يقولون، وان فهموا فإنهم لا يعرفون كيف يفرقون بين الغث وعكسه. وبالتالي فهي تجارة في تجارة فمن يبع الأمل يجد دائما من يشتري منه. ولكن على من نقرأ مزاميرنا يا ترى؟
وبهذه المناسبة انشأ دعاة إصلاح آخرون موقعا الكترونيا باسم: «قرآن فلاش»، وقاموا بتنزيل كامل القرآن على الموقع لمن يريد الاطلاع عليه.
ووصف هؤلاء أنفسهم بمجموعة من الشباب المتطوع، ولكنهم لم يمانعوا في قبول اي تبرع مالي. كما جعلوا من ذلك الموقع «القرآني» مصدر دخل مباشر لهم عن طريق استغلاله للدعاية لخصومات شركات طيران ولتقديم دروس تحسين اللغة الانكليزية «الكافرة»، كما ان المشرفين عليه بإمكانهم مساعدة من يرغب في الحصول على الـ«غرين كارد»، الذي يمكن عن طريقه السفر والعمل في بلاد الشيطان الأكبر (أميركا)!!
أحمد الصراف