اشكالية وطننا العربي من خليجه الى محيطه هي قلة المثقفين وزيادة عدد الجهلة المتطرفين ولا أعلم شخصيا بأمة أضر بها مثقف ولا أعرف بلدا لم يدمره التطرف، لذا أسعد كلما شاءت الصدف ان ألتقي أحد مثقفي الأمة، ولا شك في ان سفير مملكة البحرين الجديد الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة هو أحد هؤلاء المثقفين من اصحاب الفكر المتقدم والحكيم.
والسفير محب للكويت التي درس بها في إحدى مراحل حياته الأولى ومؤمن بشدة بالدور الريادي للكويت بحكم اسبقيتها في مجال الديموقراطية وحرية الرأي، ويرى الشيخ خليفة ان التنوع بالرأي نعمة فلو تحدثنا جميعا برأي واحد لما تم اثراء موضوع البحث كحال حدوث التنوع الا ان هذا التباين الجميل في الرأي يجب ألا يجعلنا – حسب قوله – نفقد «احترام» بعضنا البعض، فالتباين المصاحب بالاحترام يرطب النفوس ويقرب القلوب، اما قلة الاحترام فتنسي عادة الأطراف المعنية أصل الموضوع وتجعلهم يركزون على المفردات الخارجة.
ويرى السفير الفاضل ان البحرين والكويت ودول الخليج بلدان خير ونعمة، لا فرق بين حاكم ومحكوم فيها ولا يوجد هناك مصطلح «نحن وهم» بل اسرة واحدة متراصة، وتلك النعم – حسب قوله – تحتاج منا جميعا الى تقديرها والشكر للحفاظ عليها، حيث يلحظ ان البعض منا يتصرف وكأنه يريد زوال النعمة ثم البكاء عليها بعد زوالها.
ويعجب السفير البحريني من تفرقنا واختلافنا كمسلمين في وقت توجد فيه أربعة ثوابت تجمعنا وهي الايمان بالله جل جلاله، وبالقرآن المنزل، والنبي المرسل، والقبلة الواحدة، فلم التشرذم والتطاحن والتفرق والتقاتل فيما بيننا؟!
وفي المحكومية وعلاقة الحاكم بالمحكوم يضرب السفير المثل بكيفية تعامل رب العباد مع فرعون الذي ادعى الربوبية كذبا وزورا.
وقال «انا ربكم الأعلى»، ومع ذلك ارسل اليه الرحمن جلت قدرته نبيين اثنين هما موسى واخوه هارون عليهما السلام، وطلب منهما ان يحدثاه بالرفق واللين فهل هناك على الأرض هذه الأيام من هو أشر من فرعون ودعاويه؟ وهل يجوز لأحد ان يزايد على رب العباد في التعامل مع عبيده؟
وقد رأس السفير الفاضل ابان عمله السابق بعثة الحج البحرينية لمدة جاوزت العشرين عاما، وهو متبحر في أمور الدين، وله كتيب عبارة عن «رسالة الى المصطفى ( صلى الله عليه وسلم )»، ويرى انه رغم ان الانس والجن لم يخلقا الا لعبادة الرحمن فإن أول كلمة نزلت في القرآن لم تكن «اعبد» بل «اقرأ» مما يعني ان الطريق للعبادة الصحيحة يمر عبر التعلم والتثقف لا الركون للجهل والأمية.
آخر محطة:
سفراء دول مجلس التعاون في بلدنا ومثلهم سفراء دولة الكويت في بلدانهم هم أقرب لأهل الدار من كونهم ضيوفا عليها ولا نحتاج الا الى المزيد من الخطوات التوحيدية توازيا مع استنباط وابتكار نظام جديد للادارة يكسبنا جميعا مزايا الوحدة ويحافظ في الوقت ذاته لكل دولة على خصوصيتها.