نعيش في الكويت سيطرة غريبة للموروث، كما نفسره بصورته الشكلية، بعيداً عن الواقع بصورته الحقيقية. الحقيقة التي نعيشها في الكويت توشك أن تتحول إلى انفصام. فواقعنا مليء بمتناقضات كثيرة، ففي الشكل نتحدث عن فصل التعليم بين الأولاد والبنات في الجامعة، ومحاولة فصل التعليم في المدارس ذات المنهج الأجنبي، ولكن في الحقيقة نخلق تراجعاً في التعليم المشترك لصالح استمرار الاختلاط. الشاب والشابة في المجتمع الكويتي يتحدثون في كل موقع خارج قاعات الفصل، عبر الإنترنت والهاتف النقال وليس في القاعات الدراسية. إنهم عملياً يتحدثون سوياً في الكثير من المواقع إلا في التعليم الحقيقي الهادف والمسؤول. هكذا بسبب هذا القانون الضعيف وغير الإسلامي نساهم في تراجع التعليم. بمعنى آخر إن عملية الفصل في الجامعات والتي تهدف إلى خلق فصل كامل في المجتمع بين الرجال والنساء قد فشلت، وهي في طريقها إلى التراجع، هي لا تتناسب مع العصر، كما أنها ليست من الإسلام في شيء. حتى في جامعة الكويت التي يقال إنها منفصلة، هناك حالة من التعليم المشترك، بعيداً عن أعين المجلس والحكومة والقانون، وذلك لضمان تخرج الطلبة الذين كثيرا ما يتأخر تخرجهم بسبب قلة الشعب المخصصة للشباب. المشكلة التي خلقها القانون ستزداد تعبيرا عن ذاتها وذلك بسبب عدم منطقية وعقلانية قانون الفصل. وهذا يعني حتمية سقوط القانون آجلاً أم عاجلاً بسبب عدم منطقيته وضعفه. متابعة قراءة عقدة التعليم المشترك وقانون الفصل في الكويت
اليوم: 20 فبراير، 2008
السفير المثقف
اشكالية وطننا العربي من خليجه الى محيطه هي قلة المثقفين وزيادة عدد الجهلة المتطرفين ولا أعلم شخصيا بأمة أضر بها مثقف ولا أعرف بلدا لم يدمره التطرف، لذا أسعد كلما شاءت الصدف ان ألتقي أحد مثقفي الأمة، ولا شك في ان سفير مملكة البحرين الجديد الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة هو أحد هؤلاء المثقفين من اصحاب الفكر المتقدم والحكيم.
والسفير محب للكويت التي درس بها في إحدى مراحل حياته الأولى ومؤمن بشدة بالدور الريادي للكويت بحكم اسبقيتها في مجال الديموقراطية وحرية الرأي، ويرى الشيخ خليفة ان التنوع بالرأي نعمة فلو تحدثنا جميعا برأي واحد لما تم اثراء موضوع البحث كحال حدوث التنوع الا ان هذا التباين الجميل في الرأي يجب ألا يجعلنا – حسب قوله – نفقد «احترام» بعضنا البعض، فالتباين المصاحب بالاحترام يرطب النفوس ويقرب القلوب، اما قلة الاحترام فتنسي عادة الأطراف المعنية أصل الموضوع وتجعلهم يركزون على المفردات الخارجة.
ويرى السفير الفاضل ان البحرين والكويت ودول الخليج بلدان خير ونعمة، لا فرق بين حاكم ومحكوم فيها ولا يوجد هناك مصطلح «نحن وهم» بل اسرة واحدة متراصة، وتلك النعم – حسب قوله – تحتاج منا جميعا الى تقديرها والشكر للحفاظ عليها، حيث يلحظ ان البعض منا يتصرف وكأنه يريد زوال النعمة ثم البكاء عليها بعد زوالها.
ويعجب السفير البحريني من تفرقنا واختلافنا كمسلمين في وقت توجد فيه أربعة ثوابت تجمعنا وهي الايمان بالله جل جلاله، وبالقرآن المنزل، والنبي المرسل، والقبلة الواحدة، فلم التشرذم والتطاحن والتفرق والتقاتل فيما بيننا؟!
وفي المحكومية وعلاقة الحاكم بالمحكوم يضرب السفير المثل بكيفية تعامل رب العباد مع فرعون الذي ادعى الربوبية كذبا وزورا.
وقال «انا ربكم الأعلى»، ومع ذلك ارسل اليه الرحمن جلت قدرته نبيين اثنين هما موسى واخوه هارون عليهما السلام، وطلب منهما ان يحدثاه بالرفق واللين فهل هناك على الأرض هذه الأيام من هو أشر من فرعون ودعاويه؟ وهل يجوز لأحد ان يزايد على رب العباد في التعامل مع عبيده؟
وقد رأس السفير الفاضل ابان عمله السابق بعثة الحج البحرينية لمدة جاوزت العشرين عاما، وهو متبحر في أمور الدين، وله كتيب عبارة عن «رسالة الى المصطفى ( صلى الله عليه وسلم )»، ويرى انه رغم ان الانس والجن لم يخلقا الا لعبادة الرحمن فإن أول كلمة نزلت في القرآن لم تكن «اعبد» بل «اقرأ» مما يعني ان الطريق للعبادة الصحيحة يمر عبر التعلم والتثقف لا الركون للجهل والأمية.
آخر محطة:
سفراء دول مجلس التعاون في بلدنا ومثلهم سفراء دولة الكويت في بلدانهم هم أقرب لأهل الدار من كونهم ضيوفا عليها ولا نحتاج الا الى المزيد من الخطوات التوحيدية توازيا مع استنباط وابتكار نظام جديد للادارة يكسبنا جميعا مزايا الوحدة ويحافظ في الوقت ذاته لكل دولة على خصوصيتها.
طالب الرفاعي والبغدادي
أشاد الزميل أحمد البغدادي في زاويته في «السياسة»، بالمهندس والأديب طالب الرفاعي ودافع عن موقفه في ما يتعلق، او بما اشيع، عن طلبه ترقيته وظيفيا، تقديرا لجهوده وكفاءته وسجله الوظيفي، او اعادته الى عمله في ادارة الهندسة بالجهة نفسها، واعفائه بالتالي من مسؤولياته الثقافية.
اطلق الزميل أحمد على طالب الرفاعي صفة مثقف، وزاد على ذلك بالقول، أو بالجزم، بان هذه الصفة لا تتمثل في احد في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، إلا في طالب الرفاعي، ليس فقط لأنشطته الثقافية المتعددة، بل لانه، حسب قول الزميل، يعد من المثقفين الروائيين المعترف بهم!
لا نود هنا مشاركة الزميل رأيه، لا لشيء الا لجهلنا بخلفيات بقية العاملين في المجلس الوطني من جهة، ولاننا، من جهة أخرى، نعتقد ان طالب الرفاعي يستحق تقديرا أكبر، ولكن منذ متى التقدير من نصيب المبدعين في بلادنا اصلا؟ ويستطرد الزميل أحمد في القول ان مشكلة الروائي والاداري طالب الرفاعي، انه بلا سند اجتماعي قوي! وهنا لم يكن زميلنا منصفا في قوله، على الرغم من حقيقة ما ذكره بشكل مطلق من ان العدل غائب تماما في العمل الحكومي، وان من لا سند له لا يحصل على ما يستحق من ترقية.
فالروائي طالب الرفاعي، عائليا على الاقل، قريب للسيد بدر الرفاعي، أمين عام المجلس، ورئيسه المباشر. والروائي طالب الرفاعي ينتمي الى عائلة عريضة لها نفوذ اجتماعي وسياسي معروف وبامكانه، إن أراد، الاستفادة من ذلك! ولكن هذا التصرف، اي استخدام الغير لتحقيق مصلحة شخصية، يتنافى اصلا مع صفة المثقف التي سبق ان اطلقت عليه. فكيف يكون المرء مثقفا ويقبل ان يتوسط له طرف آخر، خاصة اذا كان اقل قيمة ومكانة منه؟! وبالتالي، فإما ان طالب الرفاعي مثقف حقيقي، وبالتالي فهو ليس بحاجة الى سند، وإما انه موظف قدير، ولكنه منسي، وبالتالي يحتاج للدعم وللتوسط لترقيته!
معرفتنا المتواضعة والكافية، بطالب الرفاعي تسمح لنا بالقول ان ما لدى هذا الانسان من أنفة وعزة نفس منعتاه وستمنعانه مستقبلا من استخدام الغير للوصول الى ما يستحقه من منصب قيادي.
قولنا هذا لا يعني اختلافنا في ما ذهب اليه الزميل البغدادي من قول الحق، بل كان لا بد من توضيح ما بحق الاديب طالب الرفاعي، وهذا لا يقلل مما ذهب اليه الزميل أحمد من قول جميل في حق أديب قدير.
• ملاحظة:
قامت المؤسسة العربية للبحوث والدراسات الاستشارية بإجراء دراسة عن الانفاق الاعلاني في دول مجلس التعاون، وبعض الدول الأخرى. تبين من الدراسة ان الكويت تنفق 644 مليون دولار على الاعلان، وان أكثر المعلنين «ماكدونالدز، البنك الوطني، الوطنية للاتصالات، بنك الخليج، زين، وبيت التمويل و.. برقيات التعازي» وهذا يعني ان النفاق الاجتماعي، المتمثل في اعلانات التعزية، التي ليست من عاداتنا ولا تقاليدنا، تكلف الشركات والافراد أكثر مما تنفقه مصارف كبيرة وشركات تجارية ضخمة!
أحمد الصراف