في البدء مع الزملاء الاعزاء، والعزاء الحار للزميل والصديق فيصل عبدالعزيز الزامل على وفاة المرحومة عمته، فللفقيدة الرحمة والمغفرة ولأهلها وذويها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعودة سالمة غانمة للزميل عادل القصار من رحلة المرض الذي ألمّ به وأجر وعافية ان شاء الله، وعدت أخي عادل والعود أحمد.
حضرت لقاء في احد الدواوين التي يغلب عليها الطابع الليبرالي وبعد العشاء طرح احد الحضور المميزين قضية مهمة وهي كيف لأحد ان يدعي الليبرالية وهو يرفض تزويج ابنته من شيعي اذا ما كان سنيا ومن سني اذا ما كان شيعيا، وقد ابتدأ النقاش حول هذا الموضوع لحظة مغادرتي المكان، وقد وجدت ان القضية تستحق الكتابة حولها، فكان هذا المقال.
وسأرجئ رأيي الشخصي الى الختام، وأبدأ بالقول ان هذا المنطق شبيه بمن يقول للاسلاميين الكويتيين ان كنتم صادقين في انتمائكم الاسلامي فعليكم الا تمانعوا في تزويج بناتكم لأي مسلم آسيويا كان أم افريقيا كما يوجب هذا المنطق الا يمانع الاسلاميون في منح الجنسية الكويتية لأي مسلم لحظة وصوله البلاد لكون الهوية الاسلامية واحدة وتجبّ ما غيرها.
وإشكالية مثل هذا الطرح انه لا ينظر للثقافة المجتمعية السائدة، كما أنه يساهم في اخراج الناس من الليبرالية بدلا من ادخالهم فيها على طريقة «احرجوا فاخرجوا» حاله كحال المتطرفين المؤدلجين ممن يسارعون في اخراج الناس من الدين بدلا من ان يتسابقوا في ادخال الناس له.
ثم أين يقف مثل ذلك الطرح فيما يخص الليبراليين؟! أي لو وصلنا الى مرحلة قبل بها الجميع بإلغاء الحواجز المجتمعية المفرقة بين الطوائف والاعراق، وهو أمر ممتاز ونأمل ان يتم سريعا، فهل سيتوقف الأمر عند ذلك الحد، أم سيأتي من يضع محكا وشرطا جديدا للانضواء تحت الليبرالية وهو القبول بالزواج المثلي للابناء أو التفسخ الخلقي للبنات، ومن لا يقبل بمثل تلك الاشتراطات مستقبلا فلن يحق له الادعاء بالليبرالية!
إن «الليبرالية» ومثلها الديموقراطية، وحتى الانتماءات الدينية لها ألف وجه ووجه عند التطبيق، والذي يختلف باختلاف قيم وثقافات المجتمعات المعنية، فالليبرالية اليابانية تختلف عن الاميركية تختلف عن الاسكندنافية تختلف عن العربية، بل ان الليبرالية في صميم فهمها هي الايمان بحق كل ليبرالي بأن يكون له تفكيره ومجموعة القيم الخاصة به دون ان يتسبب ذلك بإخراجه منها، بعكس بعض التوجهات السياسية الاخرى التي تصنع قوالب جامدة يتم الالتزام الاعمى بها أو… الطرد!
يتبقى اننا وضعنا في مقالات سابقة حلا واقعيا ومتقدما لبعض الاشكالات المجتمعية التي تفرق وتميز بين الناس في الزواج وغيره، وهو ما يتعارض مع القيم الانسانية والدينية والليبرالية التي تطالب بالعدل والمساواة بين الجميع، وقد كان المقترح هو الغاء ما بعد الاسم الثاني أو الثالث للانسان كي تسقط الفوارق بجميع أنواعها، ويصبح المحك الحقيقي هو الكفاءة وحسن الخلق وطيب التعامل مع الآخرين ولا شيء غير ذلك.
آخر محطة:
آلمنا الحكم الذي صدر بحق السيد جميل السلطان دون ان يعلم به، في الدول الاخرى يفرش السجاد الاحمر لرجال الاعمال، ويتم سؤالهم عن العراقيل التي تواجههم لازالتها، لدينا يتسابق كثيرون لرمي الاشواك امام رجال الاعمال عن طريق افشاء الحسد وتعزيز البيروقراطية وفسخ العقود الحكومية، وآخر الابتكارات رفع الدعاوى القضائية عليهم دون علمهم، كويت المركز المالي تعني دورا أكبر للقطاع الخاص، وهو دور لن يستطيع القيام به رجاله من خلف قضبان السجون!