يكمل حديثه بحرقة: وأثناء جلوسي في المقهى، شعرت بأن هناك قلقا واضطرابا في الطاولة المقابلة التي يشغلها عاشقان، كما يوحي منظرهما. كانت الفتاة تستجديه، يبدو أنها تعتذر عن أمر ما، بينما هو يشيح بوجهه عنها وينظر إلى «اللا اتجاه»… هي لم تتجاوز الثانية والعشرين من عمرها بالتأكيد، وهو يكبرها بقليل. كانت تتحدث بمشاعر حارقة. أراهن بأنه حبها الأول.
كانت منفعلة، تتكلم بشفتيها ويديها وعينيها وقلبها، صدقني كانت تتكلم بقلبها ومن قلبها، أقسم بالله على ذلك. ليتك رأيت طريقة حديثها التي توحي بأن حرارة قلبها تخجل البراكين، بينما طريقة استماعه إليها تهدد الجليد بالبرد. كان قاسيا عليها. يستمتع بعذاباتها. متابعة قراءة «صبيّة شعرا طاير وملبّكي»
الشهر: فبراير 2008
حين مسخرة!
الا فيما ندر، ليست هناك مهنة طاهرة ومهنة غير ذلك، هناك ممارسون سيئون يقابلهم ممارسون شرفاء لكل المهن، فقد طالت السمعة غير الطيبة في وقت من الاوقات القضاة والمحامين والاطباء والطيارين والممثلين والاعلاميين والمطربين ..الخ، وقد اثبتت الايام كذب ذلك المنحى التعميمي وتحررت جميع تلك المهن من السمعة السالبة التي احاطت بها في وقت من الاوقات.
لذا لا صحة على الاطلاق للاعتقاد بأن السينما او المسرح يتسببان في فساد اخلاق الشباب، وعليه نرجو ان نلحظ نهضة مسرحية قريبة واقبالا متزايدا على دور السينما، كي تقضي العائلات «مجتمعة» اوقاتا سعيدة بدلا من انصراف الرجال للدواوين (القابلة للإزالة) والنساء للأسواق والزيارات النسائية بعيدا عن الازواج والابناء.
وقد اضر المتشددون من ناحية بالسينما وبمعارض الكتاب عبر الرقابة الصارمة عليها، كما اضر الليبراليون بدورهم بها عبر اشاعتهم انه لا جدوى من زيارة معارض الكتاب ودور السينما بسبب تلك الرقابة، ما تسبب في هجرة الجمهور لها في وقت يفترض ان يحببوا الناس في زيارة تلك الانشطة.
ويمكن لشركة السينما ان تطالب بأن تكون الرقابة على الافلام لاحقة لا سابقة، كحال الصحف التي لا يمنعها احد من نشر ما تريد إلا ان معرفتها بالمحاسبة اللاحقة تجعلها تلتزم بالقوانين المرعية، او بالمقابل ان تقوم شركة السينما بعملية الرقابة والتقطيع المحترف للأفلام، ثم ترسلها اجرائيا للرقابة للتصديق عليها، ويمكن للشركة كذلك ان تراسل اتحاد السينمائيين في هوليوود لشرح طبيعة ومستلزمات الرقابة في الدول الاسلامية وغيرها، وضرورة ألا تدور احاديث مؤثرة في احداث الفيلم ابان اللحظات الحميمة التي ستُقطع على الارجح في بعض تلك الدول.
كما أعتقد ان على شركة السينما، كي تشجع حضور مزيد من الجمهور للأفلام، ان تقوم بعمل تخفيضات للعروض النهارية ابان ايام العمل، كما هو الحال في الدول الاخرى، والامر كذلك في بعض دور السينما التي لا تلقى عادة اقبالا عليها، فخير للشركة – ماليا – ان تمتلئ صالة العرض بنصف السعر من ان يبدأ العرض والصالة شبه خالية.
آخر محطة:
حضرت في القاهرة فيلم «حين ميسرة» وقد كانت دار العرض ممتلئة بالاطفال الصغار رغم ان الفيلم للكبار فقط، وقد سمعت احدهم يقول لوالده بعد انتهاء العرض «الفيلم ده مش حين ميسرة، ده لازم يسموه حين مسخرة»!
اتركوا الوزراء… استجوبوا المواطنين!
وفقا للائحة الداخلية لمجلس النواب، وطبقا لعنوان الشراكة السياسية والحقوق والواجبات للناس، فإنني أقترح إلغاء استجواب الوزراء المسئولين أمام الله والحكم والقانون والناس، وإغلاق أية محاولات «للدندرة» ووجع القلب والدماغ في الديرة، والتصدي للمفردة الشهيرة التي أصبحت كالأنشودة الحزينة «ستحرقون البلد»… نعم، أقترح إلغاء كل ذلك، والتوجه إلى استجواب المواطنين واحدا تلو الآخر عن كل مصيبة تحدث في البلد!
ماذا سيحدث لو غيرنا اللائحة؟ وبدلا من أن يقف المسئول، الذي يحمل مسئولية ثقيلة على عاتقه، في لحظة تاريخية، على منصة الاستجواب، نضيف نصا إلى اللائحة مع تغيير بسيط في الصوغ باستخدام مفردة جديدة أو مصطلح يمكن تقنينه ليركب في النص (غصب طيب)… نطلق عليه مثلا… «استجواب كبش فداء»!
بمعنى أنه يمكن غض النظر عن أي وزير لا يملك الشجاعة للوقوف على منصة الاستجواب والسماح له باختيار «كبش فداء» من بين (529.446)… (الرقم مطروح منه السادة الوزراء وأعضاء مجلسي الشورى والنواب وكبار المسئولين والوجهاء والشخصيات والسياسيون والمنتمون الى الطبقات الراقية، ومطروح منه أيضا المنافقون والمطبلون والكذابون ووعاظ السلاطين، والذين يعملون على خداع الحكومة، وباعة الولاء المزيف، وتجار الطائفية)… أي أننا في النهاية، سنتفق على أن «كبش الفداء» باختصار يعني: مواطن مسحوق والسلام! وخله يروح فيها!
استجواب «كبش الفداء»، مقترحي الذي أرجو أن أنال عليه حقوق ملكية فكرية… ليس مقترحا لتقدير السخرية، بل هو لسخرية القدر! أستغفر الله العظيم…
في ظني، أن السادة الوزراء، كلهم بلا استثناء، لن يمانعوا الوقوف على منصة الاستجواب، لكن أن تصبح هيئة المكتب بمجلس النواب، متعددة الأهواء والأجواء… تتلاقفها الأمزجة فتارة تقر بدستورية استجواب وتارة تنكر، وتقع في شرك المحاذير التي تشعل الجلسات الحساسة… هنا يصبح القلق أكبر! لأننا كلنا، ربما نصبح «كبش فداء» دفعة واحدة! لا لأمر يستحق، بل لفوضى تكشف عدم استعدادنا الذاتي لممارسة الديمقراطية.
في ظني أن السادة الوزراء، ومنهم وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة، شجاع بما يكفي للوقوف أمام الاستجواب القادم من «الوفاق» أو غيرها… ووزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب، شجاع بما يكفي للوقوف أمام الاستجواب القادم من النائب عبدالله الدوسري والكتل المساندة… وأعتقد أيضا أن كل وزير يعتز بشرف حمل المسئولية والأمانة الوطنية الكبيرة، سيقف باعتزاز أمام أي استجواب لأنه سيكون قادرا على دحر كيد الكائدين.
بيت القصيد، أن السادة الوزراء، وهذا ما نظنه فيهم، يمتلكون الشجاعة لأن يقفوا أمام الاتهامات… ويقفوا بلا خوف أو محاولات هروب لإثبات أن الأمانة التي يحملونها مقدسة… وأنهم أبرياء.
لو كنت وزيرا «الله لا يقول»، وتقدم نواب بطلب لاستجوابي، فإنني سأوافق على الفور حتى وإن كنت مذنبا! وسأصنع لي بطولة تاريخية فريدة من نوعها… إذ سأعلن في أول جلسة استجواب… نعم أول جلسة: «إنني مخطئ… والخطأ راكبني من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي… ومع السلامة، أنا مستقيل»!
وأنا متأكد كيف ستكون حياتي بعد ذلك… بطلا من أبطال الأمة، تحلف الأجيال برأسي وربما تصبح صورتي أفضل من صور السيد حسن نصر الله وأسامة بن لادن وتشي جيفارا ورونالدينهو… وكلما أدرجت في محرك بحث «غوغل» اسم البحرين… ستراني في أول صفحات الفهرست
الكويت وإعادة قراءة ذكرى الاستقلال وذكرى التحرير
مرت ذكرى الاستقلال وذكرى التحرير والكويت تواجه تحديات مرتبطة بمعانٍ وتجارب هذين اليومين، إذ تمر هذه الذكرى في ظل حدة النقاش في الكويت في قضايا عدة، منها الاختلاط في التعليم، وزيادة الرواتب، ودور مجلس الأمة والحكومة، وصلاحيات كل منهما في ظل العملية السياسية في البلاد. هكذا تأتي هذه الذكرى، ونحن نتساءل عن أي كويت نريد اليوم وغداً، هل نريد الكويت تعيش تجربة التعددية والاحترام المتبادل بين القوى؟ وهل نريد الكويت مركزاً تجارياً واستثمارياً وتعليمياً؟ أم أنه من جهة أخرى يبقى هذا كله في مجال الشعار الذي يفتقد للتطبيق؟ متابعة قراءة الكويت وإعادة قراءة ذكرى الاستقلال وذكرى التحرير
لماذا على الإسلاميين دعم الحكومات الليبرالية؟
السبب الأول هو ان الحكومات العلمانية العربية والاسلامية هي السبب الاول في ظاهرة تحول شعوبنا الى التوجه الاسلامي والعكس بالطبع صحيح فأكبر سبب لعلمنة الشعوب هو اسلمة الحكومات ومن يلقي نظرة على شعوب الدول العلمانية العربية سيجد انها وصلت الى درجة من الالتزام الديني، مما كان من الاستحالة ان يتم لو تعاقبت خلال نصف القرن الماضي حكومات اسلامية على تلك الدول.
السبب الآخر هو ان دولنا العربية والاسلامية مهددة بخطر حقيقي هو انشطار وانفصال الاقليات الدينية والطائفية ولا شك في ان وصول حكومات ذات صبغة دينية محددة سيثير اصحاب الديانات والمذاهب الأخرى ممن سيصبح من الاستحالة قمعهم في ظل النظام العالمي الجديد وقد يكون من مصلحتهم وجود حكومات ليبرالية او علمانية ذات مسافة واحدة من الجميع تمنح الطمأنينة لتلك الأقليات.
إن الحكومات العلمانية المتعاقبة هي من يحتمل لوم الشعوب على معاناتها المعيشية ولو وصلت التيارات الاسلامية عبر الديموقراطية لمواقع المسؤولية فستبقى المعاناة التي هي في كثير من الاحيان من صنع شعوبنا التي لا تهتم كثيرا بالتعليم او التدريب او اتقان العمل بل تضيف الى هذا كله تزايدا سكانيا رهيبا على الموارد نفسها وقد تزداد الامور سوءا بسبب هجرة السائحين والمستثمرين من بعض تلك الدول وهل شاهد احد سياحة في افغانستان ابان حكم طالبان او ايران او السودان؟! وبالطبع سيتحول اللوم التاريخي من الحكومات العلمانية الى الاسلامية.
وفي ظل الحكومات العلمانية يتوجه الاسلاميون عادة وبسبب القمع الى القطاع الخاص كحال اليهود في اوروبا بالسابق واصحاب الاصول الصينية في اندونيسيا وماليزيا ومن ثم يصبحون قوة ذات فاعلية غير محدودة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الدول وقد لاحظت شخصيا ان احد اسباب نجاح التوجه الاسلامي في مصر هو سيطرة الاسلاميين على المنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ما جعل الشباب والعاملين بها يتبعون ذلك النهج ولو تحولت الحكومات الى الاسلامية لأصبح الاقتصاد في يد العلمانيين والليبراليين.
أخيرا يقال ان الشعب الايراني كان في ايام الشاه يصوم بالسر ويدعي جهرا افطاره اما في الحكم الاسلامي اللاحق فقد اصبح يفطر بالسر ويدعي علنا صيامه ولا شك في ان رمزية تلك القصة تشير الى ان من الافضل من الناحية الدينية البحتة ان يصوم الشعب حتى لو ادعى كذبا افطاره من العكس.
آخر محطة:
هل ستعمل احدى الدول لإعادة حقبة الثمانينيات عبر تفعيل عناصر مخابراتها في الداخل والخارج لإيذاء الكويت؟! نرجو الحذر الشديد خلال الفترة المقبلة والعمل على تعزيز الروح الوطنية لدى الشباب، فالكويت أولا وأخيرا!
نجوم الدعوة
كما أن هناك نجوم غناء وتمثيل فإن هناك أيضا نجوم دعوة إسلامية!
لأسباب خاصة، هي أعلم بها، تمنع إدارة التحرير بين الفترة والأخرى نشر أحد مقالاتنا. لا اعتراض لنا على ذلك، ولا حرج في الموضوع.. فعدد زياراتنا ورئاسة التحرير للنيابة في السنوات الماضية كاف لجعلنا والجريدة أكثر حذرا فيما نكتب، واكثر تقبلا لقضية المنع. ولكن مرارة منع نشر مقال تعلق موضوعه بالداعية عمرو خالد، لا تزال ساكنة في الحلق والنفس على الرغم من مرور سنوات أربع أو خمس على القصة.
انتقدنا في ذلك المقال الطريقة التي كان، ولا يزال، يتبعها هذا الرجل في خطبه وأحاديثه. فتلك اللزوجة في الحديث والطراوة في الوصف والجرأة في اختراع الغريب من القصص عن أحداث يوم القيامة وغيرها من الأمور الغيبية بينت لنا من أول خطاب سمعناه له، أن الرجل تاجر كلام يتخذ من الحديث في الدين سلعة يبيعها على السذج، وخاصة النساء والفتيات المراهقات اللاتي تمتلئ أعينهن بالدموع كلما سمعن خطبه وأحاديثه، لاهتمامهن من جانب بملبسه وشكله وطريقة حديثه، وعدم ادراكهن حقيقة او مدى صحة ما يرد على لسانه من كلام، ومن جهة اخرى لجهل غالبيتهن بما يقول وعدم قدرتهن على التفريق بين الحقيقة والخيال في كلامه المؤلف والآني الصادر عن خيال جامح!
لم يتأخر الوقت كثيرا لتظهر صحة موقفنا من تجار الدين هؤلاء، فقد ورد في «القبس» (2/25)، نقلا عن وكالات الأنباء ملخص للتقرير الصحفي الذي نشرته مجلة فوربس الاميركية الرصينة عن ثروات عدد من «نجوم الدعوة» المسلمين هؤلاء، والذي تبين منه ان النجم الساطع عمرو خالد أكثرهم غنى، بدخل سنوي يزيد على 2،5 مليون دولار. كما جاء بعده في الثراء الداعية الكويتي طارق سويدان صاحب المشاريع التجارية المتعددة والبرامج التلفزيونية والخطب الدينية الاكثر تعددا.
عندما تضع «فوربس» عنوان مقالها: «أعلى دعاة الدين الإسلامي دخلا خلال 2007» بجانب صورهم على الغلاف الخارجي لطبعتها العربية، وبموافقة هؤلاء، فهذا يعني بصريح العبارة ان عمل هؤلاء الدعاة ليس لله ولا للحصول على مرضاته ونيل أقصى الثواب وأعلى الأجر الأخروي، ولا علاقة لعملهم بالصلاح ونيل رضا الرحمن والنجاح في إبلاغ الرسالة الصالحة والصادقة، بل المسألة برمتها لا تعدو ان تكون تربحا على حساب البسطاء وتلاعبا على الألفاظ ليقين هؤلاء الدعاة والنجوم الشباب ان الغالبية المستمعة لهم والمدمنة على برامجهم لا تفهم ما يقولون، وان فهموا فإنهم لا يعرفون كيف يفرقون بين الغث وعكسه. وبالتالي فهي تجارة في تجارة فمن يبع الأمل يجد دائما من يشتري منه. ولكن على من نقرأ مزاميرنا يا ترى؟
وبهذه المناسبة انشأ دعاة إصلاح آخرون موقعا الكترونيا باسم: «قرآن فلاش»، وقاموا بتنزيل كامل القرآن على الموقع لمن يريد الاطلاع عليه.
ووصف هؤلاء أنفسهم بمجموعة من الشباب المتطوع، ولكنهم لم يمانعوا في قبول اي تبرع مالي. كما جعلوا من ذلك الموقع «القرآني» مصدر دخل مباشر لهم عن طريق استغلاله للدعاية لخصومات شركات طيران ولتقديم دروس تحسين اللغة الانكليزية «الكافرة»، كما ان المشرفين عليه بإمكانهم مساعدة من يرغب في الحصول على الـ«غرين كارد»، الذي يمكن عن طريقه السفر والعمل في بلاد الشيطان الأكبر (أميركا)!!
أحمد الصراف
بحسب «الخلاّط»
برتقالة «عماد مغنية» تم عصرها على آخرها، وانتهت. لم يتبق سوى «القشر». ومع ذلك تحاول بعض الصحف الزميلة إعادة تصدير هذا القشر وبيعه لنا مستعملا، لتشتريه منا من جديد، وتعيد تصديره لنا مرة أخرى، وهكذا… ولمَ لا وهي البرتقالة التي تبيض «ثارات»؟
الموضوع الآن أغلق بعد إحالته للقضاء، أو هكذا يجب، فنحن دولة مؤسسات تقوم على فصل السلطات، ومن يستمر في التأجيج بعد هذا فهو «يخوّن» القضاء، أي يطعن في نزاهته. وهنا لا تفوتني الإشادة بالنائب مبارك الخرينج الذي «ختمها بمسك» وتعامل بمسؤولية وحصافة عندما صرّح بأن «القضية أمام القضاء، وهو المختص، ونرفض إقامة جلسة خاصة»… أحسنت أبا فيصل. نقطة على السطر. متابعة قراءة بحسب «الخلاّط»
الغزاة العرب والإسلاميون
ابتلي الوطن العربي منذ عام 1952 بظاهرة «الغزاة العرب» أي الحكام الثوريين ممن يعاملون الدول التي تبتلى بحكمهم معاملة الغازي للدولة المحتلة، فيتم قطع رقاب الابرياء من الشعوب ونصب المشانق وفتح السجون وبث الجواسيس واذلال الاحرار ونهب الثروات، ولا شك في ان صدام حسين قد غزا واحتل ارض الرافدين قبل أن يغزو ويحتل الكويت.
وقد أصدر قبل مدة الكاتب المصري المخضرم جميل عارف كتابا عنوانه «من سرق مجوهرات أسرة محمد علي؟» أظهر فيه بالوقائع والوثائق والشهود كيف سرق رجال الانقلاب العسكري قصور أسرة محمد علي حال سقوط الملكية وتراوح النهب ما بين الاستيلاء على قصور وأطيان بأكملها وسرقة 11247 قطعة ذهب وألماس وأحجار كريمة لا تقدر بثمن، تنافس على استباحتها بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة ومعهم من ائتمنوا على حصرها وتدوينها والحفاظ عليها، فقام البعض منهم بوضعها في الجيوب والبعض الآخر قام حتى بابتلاعها.
ولم يبرئ الشهود الذين قابلهم الكاتب، ومنهم مسؤولو الديوان الملكي وفيما بعد الجمهوري كصلاح الشاهد، الرئيس عبدالناصر من تلك الجريمة التاريخية الشنعاء، فالبعض من تلك الثروات اعتاد الرئيس الراحل اهداءه للزائرين الرسميين وغير الرسميين والبعض الآخر بيع بأبخس الاثمان لشراء المعدات العسكرية التي ضربت في حرب 1967، ويذكر جميل عارف ما حدث لقصور ومجوهرات الملوك في الدول الاخرى الممتدة من الصين حتى تركيا وأوروبا، والتي تحولت الى متاحف تجلب ملايين السائحين ومليارات الدولارات للدول المعنية.
وتمر علينا هذه الايام الذكرى الخمسون لقيام الوحدة بين مصر وسورية (22/2/1958) وقد قام النظام الثوري في مصر آنذاك بنقل ثقافة الغزو والنهب الى سورية التي وافق 99.99% من شعبها على الوحدة – حسب الاستفتاءات المزيفة – ففتح ابواب السجون للاحرار وسلط وزير الداخلية عبدالحميد السراج (السلطان الاحمر) على رقاب السوريين فإذا بخصومه وكل من وقف في طريقه من شيوعيين وقوميين واخوان في أحواض الاحماض الحارقة، وقد انتفض الشعب السوري على الغزاة الثوريين ففصم عرى الضم في سبتمبر 1961.
وحول النظام الثوري في القاهرة آنذاك عسكره وطغاته الى اليمن بعد انقلاب سبتمبر 1962 على الامير المثقف البدر حيث تمت سرقة ثروات مصر واليمن معا، وتم سجن رئيس الجمهورية اليمنية في الاسكندرية، كما صدرت الاوامر بسفر كامل اعضاء مجلس قيادة الثورة (أو الثروة) اليمني الى القاهرة، حيث احيلوا من المطار الى السجن ومنعوا من الذهاب الى المراحيض، فقال العمري آنذاك: كنا نطالب بحرية القول ابان الملكية فأصبحنا نطالب بحرية البول في عهد الجمهورية.
أخيرا، ان التهليل للطغاة الثوريين بالأمس هو من شجع صدام على قمع شعبه وغزو جيرانه، ولاشك في ان الاستمرار في التهليل والتطبيل لحكم الثوريات المجنونة في المنطقة هو ما سيشجعهم كما شجع من قبلهم على المزيد من قمع شعوبهم واستباحة واضاعة ثرواتهم، ثم شغلهم بحروب وغزوات الخارج، فهل يتعظ ابناء وطني من اخطاء الماضي؟ نرجو ذلك!
الاتجاه الخاطئ
القت الشرطة الدانمركية فجر يوم 2/12 القبض على خلية ارهابية مكونة من ثلاثة مسلمين قبل قيامهم بمحاولة قتل كورت ويستر غارد احد رسامي الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الاسلام، والتي دار حولها جدل كبير عند نشرها في سبتمبر 2005. وعند سؤال ويستر غارد عن تعليقه على الحادث قال إنه، وقد قارب الثمانين من العمر، ليس قلقا على حياته، وان الخوف لديه تحول الى غضب ورفض للارهاب! وقامت صحيفته في اليوم التالي بنشر بعض تلك الرسوم المسيئة مرة اخرى. كما جارتها صحف دانمركية منافسة اخرى ونشرت بعض الرسومات في تحد واضح للقتلة واظهار لنواياها في الدفاع عن حرية الصحافة، ورفضها للتهديد والارهاب.
ربما لا يشك البعض في نوايا الرجال الثلاثة المتهمين، وغير المدانين حتى الآن، في حبهم لنبي الاسلام وغيرتهم على صورته ورفضهم بالتالي الاساءة له. ولكن هل كان الاسلام سيصبح اكثر قوة لو نجحت محاولة هؤلاء؟ وهل فشلهم في تحقيق هدفهم قد قرب الاسلام كدين لبقية شعوب الارض؟ وما هي الصورة التي بدأت تترسخ اكثر واكثر في اذهان العالم عن المسلمين وفي اي دولة كانوا؟
لا نعرف الكثير عن هوية المتهمين، وقد يكونون من مسلمي الدانمرك او من غيرها، ولكن المرجح انهم انطلقوا في محاولتهم تلك من شعورهم بأن الاسلام قد اسيء له، وكان من الضروري بالتالي رد الاعتبار اليه، وعليه قام هؤلاء باختيار اكثر الوسائل دموية وكلفة واقلها فاعلية وسذاجة، وربما سهولة في الوقت نفسه، في الرد على من اساء للنبي، لان الوسائل الاخرى اكثر صعوبة حقا.
فالاسلام لا يمكن ان يرتفع شأنه بأعين الغير الا بحسن افعال المنتمين إليه وبكفاحهم وعملهم للتخفيف من معاناة الانسانية وبأعمالهم الطبية وبمنجزاتهم في ميادين المعرفة والطب، فطبيب واحد خير من الف ارهابي، وارهابي مسلم واحد كفيل بمحو عمل الف طبيب مسلم!
لا شك ان التخطيط اخذ من هؤلاء الكثير من المال والجهد والوقت، وبالرغم من ذلك فشلوا في تحقيق هدفهم، واعيد نشر الرسومات مرة اخرى، ووضع هؤلاء قيد الاعتقال وقد يقضون سنوات عمرهم خلف القضبان، وسيكون لذلك اوخم العواقب، ليس على اسرهم واهاليهم فقط بل وعلى عموم المسملين في الغرب أيضاً، وعلى نظرة الدول الغربية لفكرة منح اللجوء السياسي للمضطهدين من عالمنا، وبالذات العربي والمسلم منه!
ولو بحثنا عن الجهة الوحيدة التي استفادت من مجرد قيام هؤلاء بمحاولة قتل رسامي الكاريكاتير، لما وجدنا غير اعداء الاسلام والمسلمين. ولو نجح هؤلاء في محاولتهم وبحثنا عن الجهة التي كانت ستستفيد من ذلك، لما وجدنا غير اعداء الاسلام والمسلمين. فإلى متى نكون اداة اساءة لانفسنا واوطاننا ومعتقداتنا؟
ملاحظة: يقول الكاتب اللبناني مروان نجار انه كسب اعداءه بعرق جبينه!!
وأقول أنا إنني كسبت اعدائي بجدارة. فكلما نظرت الى القائمة التي تضم اسماءهم، وهي قائمة افتراضية بطبيعة الحال، شعرت بالفخر والاعتزاز!
أحمد الصراف
«الفسيخ والشربات» في قضية مغنية
تمتاز الامم الحية والشعوب المتقدمة بقدرتها على تحويل «الفسيخ» او الشيء السيئ الى «شربات» حلو المذاق، ومن ذلك كيف حولت اميركا انهيارها الاقتصادي الكبير عام 1929 الى مشروع «الاتفاق الجديد» الذي جعل منها ورشة عمل، والحال كذلك مع المانيا واليابان اللتين احالتا دمارهما الى نهضة اقتصادية علمية غير مسبوقة، بالمقابل استطاعت الانظمة الثورية العربية والاسلامية في مسارها المعاكس ان تحيل دولا يفترض فيها ان تكون الاكثر انجازا وثراء وقدرة الى دول فقر وهزائم وبطالة ومجاعات.
ان بامكاننا ان نحول «فسيخ» التأبين الى «شربات» نشربه هذه الايام ونحن نحتفل بأعيادنا القومية عبر إحياء الروح الوطنية لدى شعبنا الكويتي من سنة وشيعة بعد ان فرقتنا الخلافات المستدامة والازمات السياسية المتلاحقة، وهو ما سيوقف استقطاب قوى التطرف والارهاب وقيادات المخيمات القتالية للشباب الكويتي من مختلف المذاهب.
كما استطاعت تلك الازمة ان تذكرنا بان الكويت هي الوطن النهائي للجميع، وان علينا رفض ولفظ اي ولاء آخر غير الولاء للكويت المعطاء التي تمتد حدودها من العبدلي شمالا حتى النويصيب جنوبا والتي عاب علينا احد الكتاب ذات مرة، في مقال معلن ومنشور! ان ولاءنا لها لا يزيد على تلك المساحة في وقت كان يفاخر بان ولاءه يمتد من مقاتلي قاعدة طالبان شرقا حتى مفجري السعودية جنوبا وقاطعي الرقاب في العراق شمالا الى انتحاريي فلسطين غربا، اي ان ذلك الزميل قد احال «شرباتنا» (ولاءنا الوطني) الى «فسيخ»، و«فسيخه» (ولاءه البديل) الى «شربات»، وكم هانت الوطنية والكويت معها آنذاك.
ومن «شربات» ما حدث الدور الريادي والقيادي الفاعل للمسؤولين في الدولة، فلا مهادنة ولا مجاملة لمن يريد تهديد امن البلاد وغرس بذرة الخلاف بين الكويتيين، كما اختفت هذه الايام الانقسامات المناطقية السيئة التي شهدناها في الفترة الاخيرة والتي نرجو الا تستبدل بأنواع اخرى من الانقسامات بين ابناء الوطن الواحد.
واحدى كبرى فوائد ما حصل تنبه الجميع الى ان هناك قوى خارجية لديها اجندات خفية غير معلنة تقصد من خلالها تحويل الكويت الى ساحة صراع اخرى لها – كحال العراق ولبنان وفلسطين – مع القوى الدولية تحت الرايات المدغدغة المعتادة، اي تحرير القدس ومحاربة اميركا واسرائيل.. الخ، واتت الازمة لتكشف بصورة جلية تلك المخططات الموجهة نحو بلدنا والا فلماذا تفردت الكويت دون غيرها من الدول باقامة ذلك التأبين؟!
آخر محطة:
حان الوقت لأن يسدل الستار وتطفأ الاضواء على تلك القضية تاركين المجال لرجال السلطات الثلاث للتعامل الحكيم معها بعيدا عن اضواء الابهار الاعلامي.