احمد الصراف

التواضع وشلل الأطفال

من الأمور الغريبة المتعلقة بالجنس البشري تلك الحقيقة، التي تتطلب بعض التفكير العميق من المتشددين دينيا، والمتعلقة بمرض «شلل الأطفال»!! فبغير إعطاء جميع الأطفال المولودين حديثا هذا المصل المضاد للشلل، فإن من المحقق إصابة نسبة كبيرة منهم بهذا المرض الذي يؤدي حتما ليس فقط الى إصابتهم بإعاقات خطيرة بل وفي زيادة نسبة الوفيات بينهم بصورة كبيرة.
كما ان انواعه الخطيرة يمكن ان تتحول الى وباء سريع الانتشار، وهذا الكلام يعني ان مصير الطفل المولود حديثا لا يجب ان يترك للصدف لتأخذ دورها!! تعتمد نسبة الاصابة بهذا المرض من مجتمع لآخر، وتتزايد النسبة مع تخلف الدولة صحيا. وعلى الرغم من جهود مختلف حكومات دول العالم، فإن غالبيتها لا تستطيع العمل منفردة للقضاء على هذا المرض، فمرض شلل الأطفال لا يزال يعامل، رسميا، كوباء في نيجيريا والهند وباكستان، وافغانستان بالتحديد، وجميعها، عدا الهند، دول إسلامية ذات كثافة سكانية عالية!.
وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية اخيرا ان اكثر انواع هذا المرض الخبيث خطورة على حياة الأطفال، والذي يمكن ان يتحول بسهولة الى وباء، والذي كان سببا في القضاء على حياة الملايين من أطفال العالم، سيتم القضاء عليه خلال عام 2008، وذلك توافقا مع أهداف الأمم المتحدة، وهي الأهداف نفسها التي نجحت من قبل في القضاء على النوعين الآخرين، الأقل تعقيدا وخطورة، من هذا المرض. وهذا يعني ان مرض شلل الأطفال سيختفي من العالم مع نهاية هذا العام، وهذا انجاز انساني عظيم يضاف لانجازات منظمة الصحة العالمية الأخرى التي نجحت في القضاء على أوبئة وأمراض كثيرة اخرى أصبحنا نسمع بها ولا نعرفها كالجذام والجدري والسل الرئوي وغيرها الكثير.
لا نود الحديث هنا عن دورنا، كدول عربية وإسلامية، في محاربة الأوبئة الخطيرة والأمراض الفتاكة والقضاء عليها وتجنيب البشرية ويلاتها ومصائبها، فهذا، كما يبدو أمر لم نوجد له أصلا ولسنا مهيئين، أو معنيين، بالتالي للقيام به. ولكن ألا يفترض ان نكون اكثر احتراما لكل اولئك العلماء والأطباء والمتطوعين الذين سخروا أرواحهم وانفسهم وأموالهم لخدمة البشرية؟ الا يستحق كل هؤلاء منا بعض التقدير، ولا نقول الامتنان، فهذا كما يبدو ليس من تراثنا «الأصيل» ولا من عاداتنا ولا تقاليدنا؟
إن هذه الإنجازات، وغيرها الآلاف التي تخرج من مختبرات ومصانع وجامعات دول العالم المتقدم، وحتى نصف المتقدم، تثبت يوما بعد يوم اننا نشترك معهم في العيش على كوكب واحد ومصيرنا مشترك وآمالنا وأحلامنا مشتركة، وبالتالي من الغريب حقا، بل من المستنكر، ان نلمس من الكثيرين بيننا كل هذه الكراهية للغير والعداء له وتمني الفناء لنسله، لا لشيء إلا لأن نصوص معتقداتنا تقول كذلك، أو هذا ما يحاول الكثير من رجال الدين الايحاء به! فمن الواضح ان اي تقدم علمي او حضاري يعني بصورة تلقائية تراجع دور الفقيه الديني ومكانته، والذي كان إلى وقت قريب، ولا يزال في الكثير من مجتمعاتنا، المهيمن على كل فهم لأمور الحياة الدنيا، والآخرة أيضا! وبالتالي فإن العلم، الذي يخالف ما يؤمن به ويعرفه، هو ألد أعدائه، وبالتالي أصبح الأمر يتطلب من هؤلاء تكفير وتحريم كل اتصال بالآخر أو ملاقاته، أو حتى تهنئته بعيده، دع عنك العيش المشترك معه! ولا نود هنا التطرق الى كل تلك المحاولات البائسة من البعض للتوفيق بين منجزات العلم الحديث والنصوص الدينية وكأن الأديان جاءت لفتح المختبرات وليس لهداية الناس الى سوء السبيل.
ما نحتاج اليه حقا هو الكثير من التواضع والبعض من الاحترام والتقدير للآخر.. صاحب الفضل الكبير على أمننا ورفاهيتنا وصحتنا وحتى بقائنا!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

للسعدون… حشد

الكيميائيون، دائما ما يختبرون منتجاتهم عبر تعريضها للحرارة قبل طرحها في الأسواق، فإن تماسكت خصائص عناصرها وجزيئاتها فـ«بها وأكرم»، أما إن تغيرت الخصائص فيعاد المنتج للمختبرات والمصانع لمعالجة مواطن الضعف، وهذا هو تماما ما حصل ويحصل مع الحركة السياسية «حشد» التي لم تولد بعد ولا أظنها ستولد قبل تغيير مفاهيم القواعد الشعبية لكتلة العمل الشعبي.
وهنا، أعتقد بضرورة فك الخلط والالتباس المتمكن من أذهان غالبية الناس حول «التكتل الشعبي» و«حشد»، المنفصلين عن بعضهما البعض، وهو ما لم تدركه غالبية الناس، بما فيها قواعد الشعبي ذاتها. فـ«التكتل الشعبي» هو تكتل نواب (نواب فقط) تساموا على اختلاف شرائحهم ومذاهبهم واتفقوا على مبادئ لا يحيدون عنها، منها: «حماية الدستور ومكتسبات الشعب». واستطاع «الشعبي» منذ اللحظة الأولى لتشكيله أن يثبت للجميع أمورا عدة، أبرزها: صلابته في أحلك المواقف وأصعبها، وعدم قابليته للمساومة، وعدم سعيه للحصول على مشاريع أو مناصب لأعضائه أو لقواعده الشعبية، وغيرها من الأمور التي عززت مصداقيته وأهلته لقيادة الحراك السياسي في الكويت. متابعة قراءة للسعدون… حشد

د. شفيق ناظم الغبرا

هل بدأ التغيير في الكويت؟

كيفما فكرنا في الوضع الراهن في الكويت، فهو بالتأكيد لن يبقى على هذه الصورة التي عرفناها على مدى زمن طويل. ومن الواضح أن الصورة ازدادت تراجعاً في الأعوام القليلة الماضية أولاً بفضل الصدام الدائم بين المجلس والحكومة، وبسبب غياب التصورات الحكومية القادرة على الدفع بأجندتها الوطنية في المجلس والإطار الوطني العام. ورغم التوقع بأن الوضع قد يزداد سوءاً قبل أن يتحسن، إلا أن بوادر التطور الإيجابي وقعت من خلال إقرار القوانين الجديدة ومن خلال مقدرة الوزيرة الصبيح على مواجهة الاستجواب بوضوح وجرأة. ومع ذلك تعيش الكويت بين أكثر من احتمال وسيناريو.
السيناريو الأول: أن يستمر التدهور وتزداد الدولة فقداناً للقدرة على التأثير، بينما تزداد الفوضى السياسية في البلاد. في هذا المجال ستكون حالة من الشلل والتأخر هي المسيطرة على البلاد. في أجواء كهذه يسيطر الضعف على المؤسسات، وتتأخر الإصلاحات وتتزايد المشكلات، وسط غضب لا حدود له في الشارع السياسي وفي مجلس الأمة. في ظل هذا السيناريو تستمر البلاد في الاختلاف على أبسط القضايا وأقلها أهمية، وتستمر حالة الصراع بين القوى المختلفة وسط الاتهامات المتبادلة. في أجواء كهذه يتضاعف التسيب الحكومي وتزداد المشكلة الاقتصادية لدى صغار الموظفين ولدى الخريجين الباحثين عن العمل. خطورة هذا السيناريو أنه يدمر البلاد على مراحل. في هذا السيناريو تتأخر الكويت ويزداد الوضع توتراً وتفشل البلاد في المجالات كافة. ولكن تفادي هذا السيناريو ممكن، ولكنه يتطلب وعياً خاصاً على الصعيد العام والحكومي والسياسي. متابعة قراءة هل بدأ التغيير في الكويت؟

سامي النصف

أمير الحسم

نتحمّد للأمير المفدى على السلامة بعد الفحوصات المطمئنة التي أجراها ونشكر لسموه وللأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله ولولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد ولسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ولنــائب الرئيــس الشيخ د. محمد الصباح ومعالي نائب الرئيس فيصل الحجي والشيخ مشعل الأحمد ولأسرة آل الصباح الكرام والوزراء وأعضاء السلك الديبلوماسي وللزملاء في الديوان الأميري وفي جريدة «الأنباء» وللإعلاميين وللعاملين في حقل الطيران ولكافة أفراد شعبنا الطيب والواصل على مشاركتهم جميعا لنا العزاء في فقيدتنا الغالية وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا أراكم الله مكروها.

إن صحت تسمية الأمير الراحل المغفور له جابر الأحمد بـ «أمير القلوب» فإن لأميرنا الحالي الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، من السمات الطيبة ما يؤهله لحمل لقب «أمير التواضع» لابتعاده وكراهيته للمظاهر والزخارف واعتماده على البساطة والسهولة في التعامل، كما يستحق سموه لقب «أمير الحسم» لسرعته في حسم الأمور واتخاذ القرارات الصحيحة في أوقاتها مما أطفأ كثيرا من النيران التي اشتعلت في الآونة الأخيرة.

«عام جديد، بداية جديدة» للعمل السياسي، علينا ونحن نطوي صحيفة الاستجواب الراقي الذي شهدناه ان نجعله آخر الاستجوابات المعرقلة لعمليات التنمية وان نعزز مما جرى في اليوم التالي من انجازات ضخمة كان ينتظرها ويستحق أمثالها هذا البلد وشعبه الطيب، لقد أدى النائب الفاضل د.سعد الشريع ما عليه وارتفع بالاستجواب عن التجريح بالقول أو بالصورة وكانت وزيرة التربية نورية الصبيح مبدعة وخطفت الأنظار بردودها المقنعة وحان الوقت لأن تصفو القلوب «فلا غالب ولا مغلوب» بل شعب واحد متماسك ومترابط يدفع بوزرائه ونوابه لتحريك عجلة الكويت سريعا الى الأمام بدلا من تعطيلها بكثرة الخلاف ووفرة الاختلاف.

وضمن عملية الانفراج السياسي الواجبة ضرورة الصفح ونسيان ما حدث في الماضي القريب والبعيد، فالعمل السياسي الراقي لا يمكن ان تتم تأديته بالشكل الصحيح دون كم كبير من المغفرة والتجاوز عن الهفوات والبعد عن منهاجية الحروب السياسية التي لا تنتهي وعليه فنرجو ان تشمل عملية الانفراج القائمة، والتي تقودها القيادة السياسية الحكيمة، التقاء كافة الأطراف «دون استثناء» للاتفاق على خارطة طريق تنموية واحدة تلم شمل الكويتيين وتجعل جهودهم تسير في اتجاه واحد.

وليس في هذا المطلب استحالة في بلد «الأسرة الواحدة» بل هي وصفة النجاح التي يطبقها ويعمل بها أشقاؤنا في الخليج ممن يستقر مسؤولوهم في مناصبهم طويلا فينتجون ويبدعون، وتتظافر جهود شعوبهم وممثليهم على دعم عمليات التنمية والانفتاح، لا عرقلتها فنشهد سرعة تحرك مراكبهم وبطء محملنا رغم اننا لا نقل عنهم – فيما لو وحدنا جهودنا – إبداعا وقدرة على العطاء والسبق، فهل سيشهد عامانا الهجري والميلادي الجديدان «كويتا جديدة» تبهر الأنظار بإنجازاتها، لا خلافاتها، وعلو عمرانها، لا علو أصوات تبايناتها؟!

آخر محطة:
أبت أسرة المرحوم عباس الحاج إلا أن تشاركنا العزاء بالحضور ثم بقصيدة مؤثرة تحرك الأفئدة والمآقي في راحلتنا الكبيرة، فلهم الشكر والعرفان على ما قدموا.

سعيد محمد سعيد

نقاش بشأن «الداخلية»!

 

في البدء، أعتذر أولا للإخوة القراء الذين بعثوا برسائلهم وتعقيباتهم على موضوع: «الضباط ليسوا فوق القانون» الذي نشر الخميس 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولابد من التنويه إلى أن هذه الردود لا تهمل أبدا من باب سياسة صحيفتكم في فتح المجال لطرح الآراء بحرية، لكن الحوادث تفرض نفسها أحيانا في اختيار الموضوع المراد طرحه.

وسنبدأ بالرسالة الواردة من القارئ الذي رمز لنفسه باسم «بحريني وبس»، الذي أشار فيها إلى أن تصرفات بعض المسئولين الأمنيين، يجب ألا تستخدم أداة للإساءة إلى كل الضباط ورجال الأمن! حرام أن نظلم الجميع بسبب تصرفات بعض قليل… في مواقف كثيرة حدثت معي وجدت من الضباط البحرينيين – وبعضهم ضباط جدد من الشباب الخريجين حديثا – تعاملا لم نكن نحلم به في يوم من الأيام على عهد قانون «أمن الدولة» المقبور، وإذا كان البعض يوجه النقد اللاذع إلى وزارة الداخلية ووزيرها، فيجب ألا ينسى هذا (البعض) أن على عاتق الوزير تقع مسئولية (جبارة) إن جاز لنا التعبير، ولابد، كما كتبت في مقالك، أن نعترف بأن وزارة الداخلية اليوم، ليست هي وزارة الأمس! وإذا اختلطت ممارسات بعض المجموعات الأمنية، فلابد من أن نكشف أولا إلى أية جهة تنتمي…

مع تقديري للجميع، واحترامي لكل النواب المخلصين والناشطين السياسيين المعتدلين.

أما القراء: علي الديري، أم نوف، عارف الملا، وجعفر معتوق، فإن المحور الذي اشتركت فيه تعقيباتهم يدور حول مسئولية أفراد المجتمع في الحفاظ على الأمن وتوجيه الشباب، لكن في الوقت ذاته، الاعتماد على الضباط والمسئولين الأمنيين البحرينيين الأكفاء ذوي الخبرة في التعامل مع أية أزمة أو موقف أو ظرف محتقن، لأن هذا الصنف من المسئولين هو وحده القادر على استخدام لغة البلد وفهم ظروف البلد والتعامل وفقا لتبعات المرحلة.

أما رسالة القارئ الدائم «بو أحمد» الذي يرسل تعليقاته من خلال الموقع الإلكتروني «قضايا»، فقد كتب تعليقا قال فيه: «نريد معك أن نوصل إلى سعادة الوزير أنه كما يوجد من الضباط الأكفاء من البحرينيين بلباقتهم وحسن تصرفهم… (وبعضهم على درجة عالية من التعليم، وهؤلاء هم المعول عليهم في إدارة الأزمات، حتى وإن كان الشارع محتقنا)، هناك أيضا ممن هم على شاكلة من ضرب شقيقك (على بطنه)، وهم أيضا كثر! بل حتى الذين أنزل منهم درجة يقومون بممارسة الفعل نفسه وهم يخلطون بين تأدية واجبهم في حفظ النظام ونزعاتهم الشخصية من عدم رضاهم بهذه الأعمال… وهنا المشكلة والمدخل لخرق القانون! لأنه يجب على أفراد الأمن تطبيق القانون بعيدا عن النزعات الشخصية… أكره هذا الشخص أو أحب ذاك.. لو طبق هذا، لن ترى إنسانا يركل ويطرح أرضا من غير جرم ارتكبه سوى أنه مر بالطريق (الذي فيه مشاكل)… ولن ترى إنسانا ينزل من سيارته ويشبع ضربا لمجرد شك الضابط أو رجل الأمن العادي فيه».

محمد الوشيحي

آمين

لا جديد في استجواب السيدة نورية الصبيح، كان حلقة مسجلة أو مباراة أعيدَ بثها، ولا جديد في «مانشيتات» بعض الصحف لليوم التالي (الأربعاء) التي أجزم بأنها كُتبت قبل بدء الاستجواب… الجديد فقط سيكون في يوم التصويت على طرح الثقة، وتحديدا في موقفي نائبين اثنين، أحمد السعدون وفيصل المسلم، فإن وافق الأول على طرح الثقة في الوزيرة وعارض الثاني فسأكافئ نفسي بعصير برتقال احتفالا بتفويت الفرصة على من يقود حملة التفرقة الوطنية ويسعى لتفجير موكب المجتمع. ولا تحدثوني عن مواقف النواب محمد المطير ومزعل النمران وخلف دميثير وغيرهم، فأنا أتحدث، مع التقدير لهؤلاء الثلاثة، عن أقطاب المجلس وقادته الفاعلين الذين يملكون حرياتهم المعترف بها دوليا. متابعة قراءة آمين

احمد الصراف

قضايا للنقاش

تعتبر الكويت، كصديقاتها وشقيقاتها، الخليجيات على الاقل، دولة متخلفة في أكثر من مجال وميدان. ومن العبث الادعاء عكس ذلك والقول إنها جيدة هنا وحسنة هناك، او ان اوضاعها في تطور للافضل. فواقع الحال يشي بتخلفنا حضاريا بمراحل، ليس مقارنة بالغير فقط، ولكن مقارنة بما كانت عليه اوضاعنا قبل عقود اربعة او اقل! فروح التسامح مع الآخر التي كانت اكثر وضوحا، اصبحت شيئا من الماضي. كما اختفت عادة مودة الغريب وتسهيل امره من المجتمع، واصبح قانون «إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب» هو الساري! كما كانت هناك دور لهو وسمر وسهر مجاورة لأماكن الزهد والعبادة، وكان هناك شاعر يشعر وشاد يشدو بجانبه، وقد يكون اخوه من امه وابيه قارئاً سمحاً يرتل ويفتي لمن شاء!
ثم جاء جراد التخلف قبل ثلاثين عاما وغطت جموعه اشعة شمس المودة والتسامح والحرية، وبخلاف ما يحدث مع ظاهرة الجراد، فقد قررت اسرابه، ولاول مرة، عدم المغادرة، بل الاستيطان بيننا بعد ان خرب بلاد غيرنا مع بدايات انهمار اموال البترودولار على دول المنطقة!
يعتقد الكثيرون أن اخلاقياتنا، الاسرية بالذات، هي افضل من اخلاقيات غيرنا، واننا اكثر رحمة ومودة بعضنا لبعض، مقارنة بالآخرين، وخصوصاً الغرب «الكافر المنحل»! كما يعتقد هؤلاء بأن عامل الردع عن الاتيان بما يسيء لنا ولأقاربنا في نفوسنا واخلاقياتنا اكبر منه لدى الآخرين. ويستشهد هؤلاء بانتشار اخبار الجرائم الاخلاقية في مجتمعات «الغير»، الفقيرة والغنية على السواء، مقارنة بمجتمعاتنا «الفاضلة والمتعففة والعفيفة»، وغياب ما يماثلها او ندرته في مجتمعاتنا، والخليجية بالذات!
ولكن الواقع المعاش والمخفي عن الانظار غير ذلك تماما. فمجتمعاتنا ليست الاكثر فضيلة، بل هي الاكثر محافظة على الكتمان، كتمان فضائح الغير والايمان بستر العرض، وإن تطلب الامر اراقة الدم على جوانب القضية لغسل العار فلا بأس في ذلك!
وقد بين عدد من الدراسات والابحاث الخاصة، التي شاركت فيها فرق بحث واستقصاء اوروبية، ان قضايا الاعتداء على المحارم هي الاكثر انتشارا في الدول، او المجتمعات، ذات الانظمة المحافظة مقارنة بالاقل تحفظا! ففي تجمع انثوي خاص عقد في احدى دول المنطقة تبين ان 40 من 50 من الفتيات الحاضرات اعترفن بتعرضهن لاعتداءات «جنسية» من نوع ما من اقاربهن! وقد دفعت نتائج هذه الدراسات، وما اسفرت عنه من وقائع مخيفة، بعض اهم دول المنطقة لانشاء مراكز تدخل متحركة في الكثير من المناطق، وخصوصاً الفقيرة والاقل تعليما، لاستقبال المعلومات والشكاوى المقدمة عن العنف الاسري، وبلاغات التحرش الجنسي بين المحارم، فيما تعمل جمعيات حقوق الانسان على حصر قضايا التحرش الجنسي لتضمينها ملفا يرصد هذا النوع من العنف. وقد لاحظت هذه الجهات غياب اية لوائح تنفيذية واضحة تحدد كيفية التعامل مع اصحاب الحالات المعتدى عليها او مع المعتدين. هذا على الرغم من مطالبتها بتطبيق عقوبات رادعة بحق الأخيرين، وهذه المطالبات تعني غياب العقوبات، او الاستمرار في محاباة الرجل في قضايا تطبيق الحدود، هذا على الرغم من ان نسبة كبيرة من المتضررات من الاعتداءات الجنسية هن من القصر وفتيات من امهات مطلقات، فالمشكلة تبدأ عادة عند حصول الاب على حضانة البنات ويكون هو اول المتحرشين، ثم الاشقاء، ومن بعدهم المحارم الآخرون! وليس غريبا ان في الكثير من حالات الحمل والاغتصاب تحاكم الفتاة وتسجن، ولكن قلما يحاسب المتحرش او المعتدي الذكر. وتذكر بعض اختصاصيات العلاج في المنطقة ان إلحاق الطفلة او الطفل المعتدى عليه بوالده، المعتدي، بعد فترة عقاب قصيرة، امر خطير، حيث ثبت ان المعتدي في مثل هذه الحالات يعود لارتكاب جريمته المرة تلو الاخرى، وهذا ما لا تسمح به، مثلا، قوانين المجتمعات الغربية. نعود ونقول ان درجة «اخلاقية» اي مجتمع لا تعرف بالتخمين وبظاهر الامور، بل بالدراسة المعمقة والجادة، وهذه لا يمكن ان تتم بغير توافر درجة عالية من الشفافية والصدق في هذه المجتمعات في مجالات البحث والاستقصاء والقول، وهنا نجد انفسنا في الدرك قبل الاخير بقليل، بين بقية امم الارض.

أحمد الصراف

 

سعيد محمد سعيد

لا خير في «حياة»… ليس فيها اسم حسين!

 

سيدي أبا عبدالله…

أشهد الله جل وعلا وأنا أقف بين يديه، أنني لا أعبدك ولا أعبد قبرك أو تربتك، ولكنني أعشقك عشقا لا حد له، وأهيم في رياضك بجنون لا مثيل له… لا أعبدك سيدي، فأنا عبد الله وحده، فأنت الذي سفكت دماك الطاهرة ودماء كواكب الأرض كلها في يوم العاشر من المحرم العام 61 للهجرة من أجل إعلاء كلمة لا إله الا الله محمدا رسول الله…

وقدمت الدماء الطاهرة قربانا قدسيا، لكي يعبد الناس الله وحده لا شريك له.

سيدي أبا عبدالله…

لا خير في حياة ليس فيها اسمك… ولا خير في دين لا يعرفك، ولا خير في عبادة لا تمتثل لأوامر الله ورسوله: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى»… وأنت سيدي «قربى».. وأنت سيدي الذي يحبك الله… شهادة على لسان الحبيب المصطفى: «حسين مني وأنا من حسين… أحب الله من أحب حسينا».

سيدي أبا عبدالله…

وقفت الدنيا كلها، وستقف في هذه الأيام وكلها شوق وأمل ورغبة في أن تنحني!

يقف أهل الدنيا كلهم… ممن عرفك حق معرفتك، في شرق الأرض وغربها، شمالها وجنوبها… يقفون من أجل أن ينحنوا لك إكبارا وإجلالا وتقديسا… ينحنون بين يديك، لأنك من علمهم ألا ينحنوا لسلطان جائر مستحل لحرم الله… وألا يكونوا… إن لم يكونوا يخافون الميعاد، وليس لهم دين… إلا أحرارا في دنياهم.

سيدي أبا عبدالله… إنك لم تخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا، بل خرجت تريد الإصلاح في أمة جدك… تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر… وها أنت سيدي في ضمير الإنسانية منذ ذلك اليوم الذي قلت فيه هذه العبارة وأنت تشد الرحال من مكة المكرمة إلى كربلاء رمز الإصلاح وأسد الإنسانية ومثال كل شيء جميل رائع.

أكتب هذه الرسالة سيدي والعالم يستقبل العام الهجري الجديد كما هو في كل عام… مستبسلا ببسالتك، كريما بكرمك… طاهرا بطهارتك… شجاعا بشجاعتك… مجيدا بمجدك… لكنه لن يكون أبدا وحيدا كوحدتك… غريبا كغربتك… مظلوما كظلامتك… لقد أنرت يا سيدي بدماك الطريق للسائرين على دين جدك محمد بن عبدالله (ص)، ورفعت رأس الأمة عاليا، وعلمتها أن ترفض الظلم والجور… كما هو رأسك مرفوع على رمح رفيع… وهو يتلو القرآن… لأنك يا سيدي، نور الكتاب الرافض للظلم والجور والكفر…

سيدي أبا عبدالله…

لايزال أبناء بن ذي الجوشن وابن ربعي وابن الأشعث وحرامل الدنيا كلها، وآباء الحتوف بلا استثناء، ومعهم الآلاف من هوازن وكنده، وقبائل وأفخاذ وأحقاد… تبحث عمن يأتيك مجيبا: «هل من ناصر ينصرنا»! فيسفكون دماءهم وينحرون رؤوسهم… ولايزال الآلاف من أبناء بن مظاهر والقين والصائدي والبجلي، وأصحاب الكفوف العباسية والهامات الأكبرية والصدور القاسمية، ومعهم نساء العطاء الفاطمي والصمود الزينبي، يواجهون السيوف والخيول الأعوجية، لأنهم يعلمون أنك لم تمت، ولم يمت أولئك الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم…

سيدي حسين، مات السيف، ولم يمت نحرك… فعليك منا جميعا السلام

احمد الصراف

سؤالان صعبان (من الانترنت)

السؤال الأول: اذا عرفت امرأة حاملا واما لثمانية اطفال، ثلاثة منهم فاقدو حاسة السمع، واثنان كفيفان، والسادس متخلف عقليا،وهي مصابة في الوقت نفسه بمرض السفلس المعدي، فهل ستطلب، او توصي بضرورة تخلصها مما بأحشائها؟ حاول الاجابة، بعد قراءة بقية المقال.
السؤال الثاني: جرت انتخابات رئاسية وبدأت عملية التصويت، ووصل الوضع الى مرحلة حاسمة بحيث يقرر صوتك وحده من يفوز من المرشحين الثلاثة، فلأيهما ستعطي صوتك؟ هل ستعطيه لذلك السياسي المحتال الذي يؤمن باستشارة العرافين والمشعوذين قبل اتخاذ اي قرار، والذي يخون زوجته مع عشيقتين في وقت واحد، والذي يدخن بشراهة ويدمن على شرب الكحول يوميا؟ام ستختار سياسيا سبق ان طرد من وظيفته اكثر من مرة، الذي لا يقوم من نومه قبل الظهر، والذي عرف عنه تعاطي مخدر الافيون اثناء دراسته الجامعية، والذي اعتاد شرب ربع زجاجة وسكي ليليا؟ ام ان صوتك سيذهب للمرشح الثالث، بطل الحرب، حامل الميداليات، النباتي الذي لا يتناول اللحوم والذي لا يدخن ولا يشرب غير البيرة، وفي المناسبات فقط، ولم يعرف عنه قط خيانته لزوجته؟
لاتبدو الاجابة سهلة، كما كانت، الى حد ما، في السؤال الاول.
لعلمك، فان السياسي ومرشح الرئاسة الاول كان الرئيس الاميركي العظيم فرانكلين روزفلت.!
اما المرشح الثاني فقد كان رئيس وزراء بريطانيا السابق وبطلها القومي ونستون تشرشل!
اما الثالث، ذلك النباتي وبطل الحرب، فلم يكن غير ادولف هتلر، مجرم الحرب، الذي تسببت افعاله في قتل اكثر من 60 مليونا من البشر!! وهكذا نجد ان الاجابة لم تكن سهلة، كما ان التصرفات الشخصية الخاصة ليست مقياسا للحكم على اهلية شخص ما ينتمي الى مجتمع مختلف!
وبالعودة الى السؤال الاول فان كانت اجابتك بـ «نعم»، اي التوصية بالتخلص من الجنين، فقد قضيت لتوك على الموسيقار العالمي النابغة «بيتهوفن»،فتلك المرأة لم تكن غير والدته!
نكتب ذلك على ضوء قرار مجمع البحوث الاسلامية، برئاسة شيخ الازهر، الذي اكدوا فيه «ضرورة» تخلص المرأة المغتصبة من ثمرة الاغتصاب، ان هي حملت. وان هذا واجب شرعي على المغتصبة ،لا مجال فيه للاختيار لها ولا لاسرتها!!
لاتعليق.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

شاي أم حسن

لو أن بعض أصحاب القرار فكروا في البناء والتنمية بمقدار رُبع تفكيرهم في محاربة «كتلة العمل الشعبي»، ولم يتعاملوا معها على أنها الزوجة الثانية أو «الشريكة»، لكنا الآن نرسم خارطة الطريق لدبي وأبو ظبي وقطر. لكن أهداف الصغار صغيرة بصغرهم. وها هو أحد أتباع الصغار يسعى للتصعيد كي يُحل البرلمان قبل أن ينجز «التكتل الشعبي» مقترحه الخاص بفوائد القروض، ولتجري الانتخابات و«التكتل الشعبي» في أسوأ وأضعف حالاته، وهو واهم بلا شك.
ما علينا… كلما سمعت مسؤولا حكوميا يتحدث عن «أموال الأجيال القادمة» قرأت الفاتحة direct (وبالعربية بالفصحى دايركت)، فثقتي في حكومتنا مفقودة لدواعي السفر. لدينا خمسون مليار دولار كمبالغ نقدية، من أموال الأجيال القادمة، مودعة في بنكين أميركيين، 22 بالمئة من المبلغ على شكل ودائع، وباقي المبلغ في حساب توفير. وطبعا لأن التنسيق بين مؤسساتنا «عيب وشق جيب»، فقد اتخذ البنك المركزي قراره بفك ارتباط الدينار بالدولار منفردا، فخسرنا ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار فقط في سبع دقائق. فاست ميل. وجبة سريعة. وقد كان من الممكن تفادي الخسارة، وهو ما لم يحصل، كالعادة. والأهم أن حكومتنا لم تغضب ولم تحاسب أحدا وإنما حاولت تغطية جثة القتيل بالبطاطين والكنابل مستغلة عتمة الليل، لكن أحد نمور ديوان المحاسبة أشعل الإضاءة وعلّق صافرة الإنذار.
البطل عادل العصيمي كبير مدققي ديوان المحاسبة في هيئة الاستثمار، والشامخ الذي كان قد رفض الترقية لمنصب مدير، معلقا: «خلقتُ مدققا في الميدان، لا أجد نفسي في المكاتب ولا الأعمال الإدارية»، يدفع اليوم ثمن عدم سكوته عن فضيحة الثلاثة مليارات والنصف مليار دولار، وبضغط شديد من هيئة الاستثمار تم نقله أو قل «إبعاده» عن الهيئة وملياراتها، بعدما طلبوا منه إحضار «شاي أم حسن» لينفردوا بـ «هياتم». ومن لا يعرف قصة هذا الشاي فليسأل عادل إمام وهياتم وزوجها (خال عادل إمام) في فيلم «المتسول»، أو فليشاهد هذا المقطع:
http://www.youtube.com/watch?v=n4jACNR6XNo
ديوان المحاسبة، أو «آخر الرجال المحترمين»، يتم الآن تطويعه وترويضه، وعمل «بادي كير» و«ماني كير» لأظافر يديه ورجليه، وجار قلع أسنانه، وسنصلي عليه قريبا صلاة العصر، كما صلينا في السابق على كل شيء جميل في بلد التطهير العرقي للجَمال، الذي قتل، أول ما قتل، الشهيدتين: «الكرامة» و«المرجلة»، لتكرّ بعدهما سبحة الشهداء.
*   *   *
أصدرت وزارة التربية ضوابط للأعمال الممتازة لهذه السنة ووزعتها على مديري ومديرات المدارس الذين رشحوا بدورهم المستحقين، فأمسكت الوزارة بالكشوفات التي بعثها المديرون والمديرات ووضعتها في إناء مليء بالماء والروبيان المتبل مع جزرة مقطعة بشرائح طولية وقليل من الثوم المدقوق، وبلّتها وسترسل ماءها ليشربه المديرون والمديرات، هنيئا مريئا، ووضعت الوزارة بنفسها أسماء مستحقي المكافأة، ولا ادري على أي أساس، أو على أي كريم أساس؟ وزارة التربية تمشي على أسس ونظريات إدارية معروفة ومجربة، ومنها هذه النظرية الأخيرة الشهيرة باسم «نظرية لعب البزران».
من ضمن الشروط والضوابط ألا يتم ترشيح من تجاوز غيابه الخمسة عشر يوما طوال العام، وهذا ما التزم به مديرو المدارس في ترشيحاتهم. لكن وزارة التربية، وهي تتبع القطاع الخاص، أو هكذا يبدو، قلبت الأمور وكافأت، على سبيل المثال، بعض المدرسات اللواتي لم يكملن شهرا واحدا طوال العام، وبقية العام قضينه في اجازة مرضية، في حين حُرمَ من المكافأة مدرسون ومدرسات أكفاء لم يتغيبوا يوما واحدا طوال العام، الأمر الذي قادهم إلى التذمر والإحباط وقرار عدم الالتزام. ثم يسألون بعد ذلك عن سبب تردي أداء الموظف الكويتي… يكسرون رجليه ويحاسبونه لعدم فوزه بالسباق.