سامي النصف

جعلها الله آخر الأزمات

أكتب من بيروت حيث تواترت الانباء عن انتهاء ازمة الاستجواب في الكويت، واشتداد ازمة الحكم في لبنان حيث تم تأجيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية للمرة 13 (رقم الحظ) وبقي القصر الجمهوري والبرلمان مغلقين بالضبة والمفتاح امام شاغليهما وكأنهما ديكور زائد في العملية السياسية ومعروف ان الديموقراطيتين اللبنانية والكويتية هما الاقدم والاكثر عراقة في الوطن العربي ويعتبران المثل والقدوة للشعوب العربية الاخرى.

شاركت بالامس في حلقة من برنامج «حوار العرب» الذي سيبث الخميس بعد القادم الساعة التاسعة مساء على قناة «العربية»، والبرنامج شهري وقد تم الحديث فيه عن اشكالات الديموقراطية العربية وهل هي في النهاية نعمة ام نقمة لشعوبنا، وقد ضمت الحلقة نخبة من مفكري الوطن العربي كان منهم الوزير السابق ورئيس الديوان الملكي ودكاترة مختصون اضافة الى ضيوف في الاستديو من طلاب ومخضرمين ينتمون الى مختلف التوجهات السياسية والتخصصات العلمية.

وبالنسبة للسؤال المفصلي الذي دارت حوله الحلقة حول فيما إذا كانت الديموقراطية العربية «نعمة او نقمة» وجدت ان الامر متعلق تماما بالدول والشعوب المستقبلة لها وكيفية استخدامها للأدوات المصاحبة لها فقد تصبح «نعمة» متى ما استخدمت الادوات لتعزيز الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي ودعم عمليات التنمية ومنع الحروب والفقر والمجاعات، وستصبح بالمقابل «نقمة» متى ما استخدمت الادوات الدستورية لخلق عمليات تأزيم سياسية مستمرة ولضرب السلام الاجتماعي بين فئات المجتمع وتفتيت الوحدة الوطنية وعرقلة عمليات التنمية وافشاء عمليات الحروب والقتل والمجاعات، ولنا عبر النظر للتجارب الديموقراطية القائمة في بلداننا العربية كالعراق والصومال ولبنان والسودان وحتى الكويت الحكم عما إذا كانت نعمة او نقمة او شيئا من هذا وشيئا من ذاك…!

ومما ذكرته في اللقاء ان رفع شعار «الديموقراطية هي الحل» هو تماما كحال رفع شعار «الاسلام هو الحل» او «الماركسية هي الحل» الخ ودون الدخول بتفاصيل هذا الحل امر لا نرى صحته خاصة بعد ان استمعت لدكتور علوم سياسية مشارك ادعى – دون بينة – ان جميع ما طبق في العالم العربي منذ بداية القرن الماضي حتى اليوم ليس تجارب ديموقراطية (!) وهو طرح يجعل العالم العربي لا يستفيد من اخطاء تطبيق الديموقراطية في العالم العربي الحالية والسابقة لتصحيحها ومنع تكرارها مستقبلا.

وقد رأيت ان على شعوبنا العربية ان تتعلم من الاخطاء الفادحة في الماضي القريب فإبان حكم الديموقراطيات الليبرالية العربية قيل بعد نكسة 48 ان الحل يكمن في التحول لنهج الحكومات العسكرية التي ستحقق الانتصارات الباهرة على اسرائيل وتطبق اشتراكية الرفاه على الشعوب، وبعد ان ثبت خطأ ذلك التصور بعد تطبيقه في مصر والعراق وسورية وليبيا الخ قيل بعد نكسة 67 ان الحل يكمن في الماركسية العلمية وجربت في اليمن الجنوبي والصومال فانتهت بالكوارث وعندما ثبت فشلها قيل «ان الاسلام هو الحل» دون الدخول بالتفاصيل فطبق ذلك الخيار في افغانستان ابان حكم المجاهدين والطالبان وايران والسودان فانتهى الامر بالمجاعات والحروب وتعطل عمليات التنمية.

ان الحل الحقيقي للاشكال العربي يكمن بالتوقف عن التسويق الاعمى للديموقراطية دون الدخول في التفاصيل الدقيقة الهامة حتى لا يخيب امل الشعوب فيها فترتد عليها لذا فالواجب ان تحدد كل دولة عربية «حاجياتها» من الديموقراطية القائمة او القادمة و«مخاوفها ومحاذيرها» من التطبيق فحاجة دول خليجية وافرة الانجاز في الشق التنموي كالإمارات وقطر تختلف تماما عن حاجة دول كالعراق والسودان التي هي في امس الحاجة الى دعم الشق التنموي كما ان لها حقا مشروعا في التخوف من ان يتسبب التطبيق الديموقراطي السريع والمباشر في انشطارها او قيام حروب وعمليات قتل وارهاب فيها، ان على كل دولة عربية ان «تفصل» ديموقراطية مباشرة او متدرجة ودساتير على مقاسها بما يعزز ما تريده منها ويمنع بالمقابل تلك المخاوف فلن توجد قط ديموقراطية «Free Size» تناسب الجميع.

محمد الوشيحي

القبليّون الأحرار

أشعر بقوة العاصفة التي هبت وستهب على النائب الفاضل حسين الحريتي منذ إعلانه تأييده للوزيرة نورية الصبيح في الاستجواب الذي تقدم به ضدها «ابن عمه» الدكتور سعد الشريع. سبق لي وأن مررت بمثل هذا الموقف المكلف للغاية الذي جعلني عرضة لهجمات من جبهات عدة، هجمة تلو هجمة شنها الصغار إلى أن حصلت على جائزة نوبل في المناعة. قوانين القبيلة أحيانا تفرض عليك البقاء أعمى أصم أبكم، لا ترى إلا ما يرى رئيس القبيلة أو الفخذ الأكبر فيها. صحيح أن محاسن القبيلة تفوق وبمراحل مساوئها، إلا أن هذا لا يعني أن تبيع حريتك في المزاد العلني ليقتادوك بالحبال مطاطئ الرأس، أو أن تستأصل لسانك كي لا تصرخ محتجا على خطأ هنا وخطيئة هناك، أو أن تقطع سبابتك كي لا تشير إلى موطن خلل… لا لشيء سوى «الحمية الجاهلية». متابعة قراءة القبليّون الأحرار

سامي النصف

من الشرق والغرب

يتجول امين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى منذ اشهر من وإلى لبنان للتوسط في حل اشكال الانتخابات الرئاسية اللبنانية، تساؤل بسيط: هل توسط قط السيد عمرو موسى في مشكلة ما وحلت؟! واضح ان نهج السيد موسى الحاد والمتخندق دائما لاحد الاطراف لا يحل المشاكل بل يزيدها اشتعالا وتعقيدا.

وصلنا من «المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات» وبالتعاون بينه وبين العديد من المؤسسات الاهلية والفعاليات الشعبية في غزة والضفة الغربية طلب للمساهمة منا في جهد شعبي للقيام بمصالحة وطنية بين «فتح» و«حماس» ويروم المركز من دعوته كما اتى في رسالة واتصال مديره العام السيد سعيد المقادمة الحصول على دعم وتبني العديد من الشخصيات العربية والاسلامية لتلك المبادرة، من جانبنا نرى ان اي عمل يهدف لدعم السلام على ارض السلام بين جميع الاطراف المتنازعة، سواء كانت على المحور الفلسطيني – الفلسطيني او الفلسطيني – الاسرائيلي هو جهد يستحق الدعم والمثابرة، فقد شبعت الارض هناك من دماء الابرياء.

ورسالة موقعة من «ابناء وسكان منطقة اليرموك» تطلب منا كأحد سكان المنطقة السعي لدى المسؤولين المعنيين للاهتمام بها كونها منطقة مهملة مقارنة بالضواحي الاخرى، حيث لا اهتمام بالمساحات الجرداء ولا زهور ولا ورود كالموجودة في المناطق الاخرى، بل اشجار قليلة زرعت ونسيت، وتمتد المطالبة للسعي لدى اللجنة العليا لازالة التعديات على املاك الدولة لازالة التعديات التي استفحلت في المنطقة بشكل عام والتعديات الموجودة على شارع عبدالعزيز بن باز بشكل خاص، القضية مهمة وقد قمنا ببعض الاتصالات مع مسؤولين حال وصول الرسالة ووعدونا خيرا وسنتابع الموضوع حال عودتنا من سفرنا الحالي.

لم استغرب مما جاء في لقاء «الأنباء» المؤثر مع ارملة البطل الشهيد سيد هادي العلوي من انه بلغ ابان حياته من الرقة والحنان لدرجة قيامه بتقشير حتى الطماط كي لا يؤذيها عند الاكل، من يملك تلك الرقة للاحبة هو من يحيلها الى قسوة وقوة ومقاومة عنيدة لاعداء الوطن كما قام بذلك الشهيد البطل، تبقى الدعوة لأن يتجاوب مكتب الشهيد مع طلبات عوائل الشهداء ممن قدموا اغلى ما يملكون فداء للكويت.

دائما ما نبتعد في بلدنا عن القضايا الرئيسية ونتوجه للفروع غير ذات الاهمية، في قضية التعدي على المكتبات الاسلامية لا يهم حقا اصل او لون او مذهب او جواز سفر الفاعل، فتلك قضايا قشرية لذلك الفعل الشائن الضار الذي يمكن ان يقوم به كويتي او خليجي او عربي او اجنبي لا فرق، المهم ان ينال الفاعل عقابه المستحق وان يكافأ المواطن الفطن الذي تسبب تسجيله لرقم السيارة في القبض على الجاني الذي يدل فعله لا على مرض نفسي بسيط بل الجنون بعينه.

هل يمكن لنا ونحن في بداية العام ان نختار بعض القضايا التي يجب ان نتفق كشعب وحكومة ومجلس امة على تحقيقها مثل التوقف عن الاستجوابات الساخنة والمطالبات المالية المدغدغة التي يستفيد منها بعض المواطنين وتحرج كثيرا من النواب، كذلك نحتاج هذا العام لحسم قضية حقول الشمال فاما انه مشروع مفيد للبلد كما اسمعنا ذلك بعض المختصين الكويتيين في المجال النفطي ومن ثم يتم اقراره عبر الشفافية التامة والسرعة الممكنة واما انه غير ذلك ومن ثم اغلاق ذلك الموضوع الى الابد.

آخر محطة:
 اكد رئيس نادي كاظمة السيد اسعد البنوان على انه بصدد احضار فريق عالمي للعب في الكويت بهدف كسب الخبرة لفرقنا واعادة الجماهير لملاعبنا، الشكر على المبادرة الطيبة، واتعاظا من تجارب الماضي نرجو من الاخ اسعد التأكد من دفء الطقس حتى لا يهجر جمهورنا «المدلل» والحساس الملاعب فننفضح امام الفريق الزائر.

سامي النصف

حار وبارد

قبل الدخول في البرودة لندخل في موضوع الحرارة المأسوف على فقدانها هذه الايام لنضيف دفئا الى موضوع اليوم، بقليل من الجهد يمكن لنا ان ندخل الكويت بموسوعة «غينيز» العالمية الشهيرة من باب تحطيم ارقام قياسية في الحرارة القصوى خلال الاشهر الممتدة من يونيو حتى سبتمبر.

فيمكن لنا ان نسجل اعلى درجة «مفردة» لمدينة سكنية مأهولة في العالم، واعلى معدل درجة حرارة «ليوم كامل» خلال شهر يوليو حين تصل الحرارة لما فوق الخمسين نهارا وما يقارب 45 ليلا، واعلى معدل درجة حرارة «لشهر» خلال شهر يوليو، كما يمكن لنا ان ندخل في شهر اغسطس لاعلى درجة حرارة «بحر» في العالم عندما يتراكم تأثير حرارة اشهر يونيو ويوليو واغسطس فيصبح البحر عند الشواطئ اقرب للشوربة الساخنة.

في دول الشمال على خط 50 شمالا وما فوق وبسبب الابتعاد عن الشمس نجد ان البرودة تحدث محليا ودون الحاجة لرياح الشمال، تقع الكويت على خط 29 شمالا لذا لا يقع البرد محليا بل يأتي قادما من رياح الشمال المنطلقة من سيبيريا وروسيا وغيرهما، وعليه يجب ان يضاف لدرجة الحرارة ابان البرد في الكويت عامل تأثير الرياح «Chill Factor» المعروف حتى يعلم الناس ان درجة حرارة «ثابتة» تبلغ 5 درجات على سبيل المثال يمكن لتأثير تحرك الهواء ان يجعلنا نشعر وكأنها 2 تحت الصفر او اكثر طبقا لنشاط الرياح وسرعتها وهو ما يجعل برد الكويت «غير» كما يروي كثير من المواطنين والمقيمين دون ان يعرفوا السبب.

قبل ايام ذهبت الى نادي القادسية للمرة الاولى منذ ما يقارب 30 عاما مع بعض الاصدقاء لمشاهدة مباراة المنتخب ضد منتخب ساحل العاج، الذي قام مشكورا فواز الحساوي باستضافته، المليء بنجوم عالميين لا يحلم احد بمشاهدتهم عن قرب الا بأغلى الاسعار، وبجهد جهيد وصلنا الملعب وكانت المدرجات فاضية على الآخر رغم ان اسعار التذاكر متهاودة جدا، وقد قيل ان سبب العزوف هو «البرد»، وهو امر لا اكاد اصدقه حيث تتكفل الملابس الصوفية والقطنية بمقاومته وقد يكون السبب هو الكسل الشديد الذي بات يخيم على حياتنا والذي امتد لرياضيينا من جمهور ولاعبين باتوا يتساقطون بعد الشوط الاول.

هناك من مواطنينا من لا يتوقف عن الشكوى والتذمر من كل شيء، ففي الصيف شكوى من الحرارة وفي الشتاء من البرودة ومعروف ان ظواهرنا المناخية لا تهدم البنيان ولا تقتل الانسان كحال الظواهر المناخية القاسية للدول الاخرى، امثال الفيضانات والثلوج والاعاصير والبراكين والحمد لله على الحر والبرد.

تثبت الحقائق العلمية المطلقة عدم قدرة الانسان على التنبؤ بالانواء الجوية قبل اسابيع او اشهر او سنين من حدوثها، التنبؤ المناخي القصير والدقيق يقوم على مراقبة خطوط الضغط وحساب سرعة الريح واتجاهها، فاذا ما كانت شمالية وتعرضت بغداد على سبيل المثال لبرد شديد فيمكن من معرفة المسافة وسرعة الرياح حساب الوقت اللازم لوصول الهواء البارد الى بلدنا.

ومثل ذلك عندما تتحول الرياح الى جنوبية شرقية وتمر سحب ممطرة على البحرين او ميناء بوشهر الايراني فيمكن التنبؤ بوصول الغيوم وسقوط الامطار علينا بعد كذا ساعة، ويعتمد المتنبئون طويلو المدد على الدورات المتكررة المعتادة للانواء كل عام ومعها ضعف ذاكرة الناس، فعندما يصدق المتنبئ يذكره الجميع وعندما يخطئ لا يذكره احد كحال المنجمين في توقعاتهم قبل نهاية كل عام التي يتذكر الناس القلة التي تصيب منها وينسون العشرات من التنبؤات الخاطئة.

احمد الصراف

من وحي زيارة «هامبورغ

أحمد الصراف

لا أخاطب هنا الليبرالي أو العلماني ، ما بينهما، إن وجدا في مجتمعاتنا الضيقة الأفق، ولكني معني بدرجة أكبر بمخاطبة المسلم الكلاسيكي والمتشدد الديني والمتطرف بمعتقداته وكل أولئك الذين يعتقدون أنهم على حق والعالم أجمع على باطل، وينقسم الآن الى دار سلام ودار حرب، وأن لا تعايش لا مهادنة مع الآخرين من غير إقرارهم بصواب آرائنا وصلاح معتقداتنا، وأن أمامهم خيارين: إما دخول الإسلام وإما دفع الجزية وهم أذلاء، ودون ذلك الموت. فنشر العقيدة والتبشير بها واجب ولو بحد السيف، والنصر آت لا ريب في ذلك! ولكن أين ذهب واجب الإعداد «لهم» ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل؟
***
يعتبر الألمان من أشد وأقوى شعوب أوروبا بأسا وأكثرهم إخلاصا لأعمالهم وواجباتهم الوظيفية وإتقانا لها وتفانيا في أدائها. كما عزز من مكانة الألمان عالميا كبر مساحة بلادهم وحجم مواردهم الطبيعية الهائل وتعدادهم البشري الضخم، والأهم من كل ذلك تراثهم الحضاري والثقافي والتقني الذي قل نظيره. كل هذا أثر إيجابا على مستوى المنتجات الألمانية وقوة اقتصاد الدولة واحترام العالم لها وللقدرات الهائلة للشعب الألماني وتميزه الرفيع، الذي كان سببا في دفع البعض من فلاسفة الألمان ومفكريهم، و بعد ذلك قادتهم وعسكرييهم، للاعتقاد بأن «ألمانيا فوق الجميع»، وهي المقولة التي كانت جزءا من نشيد الرايخ الوطني، وأنهم الجنس الأكثر رقيا، وأن على الآخرين الخضوع لهم، حربا أم سلما!!
قفز «هتلر» للحكم في أواخر ثلاثينات القرن العشرين، وتعهد منذ اليوم الأول لزعامته أن يجعل ألمانيا فوق الجميع، وكانت نتيجة ذلك، خلال عشر سنوات، تضامن العالم المتحضر أجمع ضد ألمانيا، مما أدى في النهاية إلى مقتل أكثر من 20 مليونا منهم، وانهيار اقتصادهم وتحطم مدنهم ومصانعهم وتقسيم عاصمتهم ووضعها تحت وصاية الحلفاء وتقييدها بالمهين من الاتفاقيات التي قضت إلى الأبد على حلم «ألمانيا فوق الجميع»، وبعده فقط اقتنع الألمان أنهم جزء من هذا العالم وأن عليهم التعايش معه بسلام وتقبل حقيقة أن ألمانيا مع الجميع، وليس فوقهم!
والآن، وبصراحة فجة، أين نحن، كعرب، أو حتى كمسلمين، من ألمانيا وتراثها الفكري و الحضاري وبأس جنودها ودهاء سياسييها وعظمة منتجاتها وكم المعلومات الهائل الذي تراكم لديها، وتقدمها الصناعي والطبي والتقني في كل مجال، مقارنة ببحر الأمية الأبجدية، دع عنك باقي أنواع الأمية، الذي نسبح فيه، ونحن غافلون؟! فإذا كان هذا مصير ألمانيا، الشعب والدولة، الغنية بكل شيء والمتعلمة والمثقفة والمنيعة، عندما حاولت معاداة العالم وإخضاعه لإرادتها، وفرض رأيها وأسلوب حياتها على العالم، كما يحاول البعض منا القيام به، فما المصير الذي ينتظرنا إن قرر العالم يوما التضامن ضدنا بسبب تصرف السفهاء والحمقى من المتعصبين منا؟ هل يكفي أن يكون لدينا ألف أو عشرة آلاف، أو حتى عشرة ملايين انتحاري على استعداد للموت وملاقاة الحور العين في سبيل الأمة والعقيدة لكي ننتصر حتى على دولة بحجم اسبانيا أو إيطاليا، لكي لا نقول حلف الناتو؟ وهل بإمكاننا حقا معاداة العالم وضمان عدم فنائنا، أو تخلفنا لقرون أخرى فوق ما نحن فيه من تخلف؟ أليس من الأفضل والأجدى، والأكثر خيرا وبركة، الاهتمام بتعليم أنفسنا وأولادنا والحصول على أفضل الثقافات والتسلح بأفضل العلوم قبل أن نطلب من العالم بلع معتقداتنا أو أن تفرض عليهم، برضاهم أو بغير ذلك؟
ألم يحن الوقت لكي يتعظ «الجماعة» ويتعلموا من تجارب ومحن ومآسي الآخرين؟. ان من الصعب، لا بل من المستحيل، فرض آرائنا على الآخرين، ولو كان من واجبنا ذلك دينيا، في عالم اليوم الذي ليس فقط لا نملكفيه حتى أدنى متطلبات البقاء أحياء من غير مساعدة الآخر، بل لا نستطيع فيه حتى التغلب على أضعف أعدائنا من غير قبول المجتمع الدولي بذلك(!!).
أسئلة «غريبة» ستبقى من دون إجابة إلى أن تحل الكارثة، وهي قادمة لا محالة.

محمد الوشيحي

كلنا دعيج

احتراما للاتفاق غير المكتوب بيننا، لا يجوز لبعض الكتّاب الأصدقاء التعليق على تصريحات النائب الفاضل دعيج الشمري، باعتباري حاصلا على الوكالة الحصرية في الكويت والشرق الأوسط للتعليق على تصريحاته ومواقفه ومبادراته، وفي المقابل لا يجوز لي التعليق على تصريحات بعض النواب، باعتبارها ملكاً لزملاء كتّاب آخرين… «واللي أوله شرط آخره نور». متابعة قراءة كلنا دعيج

د. شفيق ناظم الغبرا

هل هناك تسوية للصراع العربي – الإسرائيلي؟

يبدو مما هو قائم، ورغم الاهتمام الأميركي الجديد، أن تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي لن تصنع بسهولة وقبل مرور مزيد من الصعوبات والمواجهات والتعثرات. ما وقع في غزة من مجزرة وما سيقع في المستقبل من ردود فعل يشير إلى بُعد التسوية، وما يقع من اعتقالات واغتيالات في الضفة الغربية يؤكد أن الصراع لن ينتهي في المدى القريب. فهناك في الساحة الفلسطينية ضعف واضح: حركة «فتح» تتراجع نسبة لما كانت عليه من حركة وطنية جامعة لا تقل في حجمها للفلسطينيين عن حجم جبهة التحرير الجزائرية في زمن الثورة. أما حركة «حماس» فهي الأخرى تتراجع في قوتها وزخمها وشعبيتها بالطريقة نفسها: انتشار الفساد، سياسات القمع بحق المعارضين تأجيج للصراع الداخلي، خطف شخصيات وطنية وتخوين شخصيات مناضلة. في أجواء كهذه لن يستطيع الرئيس الفلسطيني أبو مازن أخذ قرارات كبرى تقرر مصير السلام. ففي فلسطين لا توجد حتى الآن شخصية جامعة تستطيع أخذ قرارات تاريخية كشخصية ياسر عرفات. فبغيابه يزداد تفكك الحركة التي أسسها، بل ربما علم الإسرائيليون وعلم شارون أن التخلص منه كان سيؤدي إلى هذه النتيجة. متابعة قراءة هل هناك تسوية للصراع العربي – الإسرائيلي؟

سامي النصف

إعلام وعلوم طيران

التهنئة لدارنا «الأنباء» في عيدها الـ 32 وللزميلة «الوطن» في عيدها الـ 34 وللاخوة يوسف الجلاهمة وماجد العلي على تسلم قيادة «الراي» وللأخ شريدة المعوشرجي على قرب صدور «الرؤية».

والتهنئة موصولة للأخ حمد الفلاح على رئاسة «الكويتية» متمنين ان يسخر الجهود «لتوحيد الصفوف» للارتقاء بالمؤسسة ومواجهة التحديات الضخمة القادمة فأعين المسؤولين والنواب والإعلاميين والعاملين في المؤسسة والمواطنين مسلطة على ما يجري في «الكويتية» خلال الفترة المقبلة.

في لندن هبطت قبل يومين ما توصف بأنها أأمن طائرة في العالم ونعني البوينغ 777 التابعة للخطوط البريطانية والقادمة من بكين على الحقل الأخضر الواقع قبل ممر الهبوط بعد أن توقفت محركاتها وأجهزتها الإلكترونية والكهربائية على ارتفاع 500 قدم، وقد أتى الثناء سريعا من الصحافة والمختصين لكابتن الطائرة بيتر بريكل الذي قيل انه يستحق ميدالية كفاءة ذهبية بحجم مقلى الزيت كونه أنقذ الطائرة وركابها من موت محقق عبر الطيران الشراعي GLIDE بالطائرة للأرض متفاديا المنازل والطرق السريعة تحته.

إلا أن الكابتن أشار وبتواضع الى ان من أنزل الطائرة هو مساعده جون كوارد كما أثنى على رئيسة طاقم الضيافة شارون اثيون لكفاءتها في قيادة عمليات اخلاء الطائرة، وفي مثل هذه الحوادث يبقى الطيار هو البطل – حتى يثبت عكس ذلك – وقد كان أمامه هو ومساعده 25 ثانية للتصرف قبل الارتطام بالأرض مع ملاحظة انهم قادمون من رحلة ليلية طويلة مرهقة وهو ما يسبب عادة الأخطاء البشرية.

والحقيقة ان الطيار هو من يتحمل أخطاء الآخرين من مصنعين للطائرات وفنيين ولا يوجد خلفه من يصحح خطأه، كما انه الأول في التضحية بنفسه كونه يجلس في مقدمة الطائرة حيث تشير بعض الدراسات المختصة الى ان خلف الطائرة يزيد من فرصة نجاة الراكب بمقدار 40% عن المقدمة نظرا لكون الجزء الأمامي هو ما يرتطم بالأرض ويمتص الصدمة أولا، ولو استخدمنا لغة الألوان لقلنا ان الجزء الأمامي هو الأحمر أي الأكثر خطورة والأوسط هو الأصفر والأخير أي «السياحية» هو الأخضر.

وقد أخر ذلك الحادث رحلة رئيس الوزراء البريطاني على البوينغ 747 المؤجرة والمتجهة الى بكين والمنتظرة قرب ممر الهبوط وقد كان بمعيته 25 رجل أعمال على رأسهم السير ريتشارد برونسون صاحب شركة «فيرجن» للطيران المنافس الرئيسي للبريطانية والمعروف بولعه الشديد المتكرر بالتحليق الخطر بالمنطاد الى ارتفاعات عالية في محاولة منه لكسر الأرقام القياسية للدوران حول العالم.

والسفر من برد الى برد اكثر، اتجه اليوم الى بيروت للمشاركة في برنامج على «العربية» مع الاستاذ غسان تويني واخرين للحديث عن الديموقراطية في الوطن العربي وبسبب ذلك اعتذرت عن التوجه للشقيقة قطر للمشاركة في برنامج «الاتجاه المعاكس» هذا الاسبوع حول زيارة الرئيس بوش الاخيرة للمنطقة، بعد متابعة درجة الحرارة في العاصمتين وجدت انني قد أكون اتخذت القرار الخطأ.. مناخيا!

آخر محطة:
بعد الاستجواب الراقي الذي قدمه، لو كنت من النائب الخلوق د.سعد الشريع لأعلنت «لأجل الكويت قدمت طلب الاستجواب ولأجل الكويت أطلب إلغاء مقترح سحب الثقة» ولن استغرب ان فعلها الدكتور الفاضل حفاظا على وحدة الصف ومنعا لانقسام الكتل النيابية واحراج بعض زملائه من جميع الكتل.

احمد الصراف

طيران الجزيرة مثالا

«نكثر من شكوى فقر الجيب وحري بنا الشكوى من قلة التدبير!!»

نشبت قبل أسابيع معركة «أخلاقية» بين نواب الاستحواذ من جهة، والغيورين على مستقبل الدولة ومصير الأجيال القادمة من جهة أخرى، كان ميدانها ثروات الأمة النقدية التي طالب هؤلاء النواب الحكومة بتسييلها وتوزيعها على «الشعب» في شكل زيادات كبيرة على رواتب موظفي الدولة، وإسقاط قروض البعض من المواطنين وإدخالهم الجميع كشركاء مؤسسين في بنوك وشركات جديدة عملاقة، دون تحميلهم شـــيئا من رؤوس أموالها، وأخيرا وليــــس آخـــرا، توزيع منح سنوية نقدا على كل فرد يحمل الجنسية الكويتية!
لا نود هنا التقليل من معاناة عدد كبير من المواطنين الذين تورطوا، بملء إرادتهم أو بغير ذلك، في الاقتراض لفرش بيت أو تكملة قيمته أو تمويل رحلة شهر عسل أو غير ذلك من الأمور الأكثر أهمية وحيوية، ولكن هذا لا يعني أن الأمة كلها مدينة للمصارف وشركات التمويل!
ولو نظرنا لعدد الشركات المساهمة التي قامت الحكومة بإلزام مؤسسيها بتخصيص نسب كبيرة من رؤوس أموالها للمواطنين، وذلك فقط في السنوات العشر الأخيرة على الأقل، وللزيادات شبه الخيالية التي طرأت على أسعار تلك الأسهم فور إدراجها في سوق الأوراق المالية بعد فترة، والتي بلغت ستة أضعاف سعر التأسيس في حالة «طيران الجزيرة»، وأكثر من سبعة أضعاف ذلك في بنك بوبيان كمثالين فقط، لوجدنا أن الكثيرين الذين لم يكترثوا بالمساهمة في أسهم الكثير من هذه الشركات المساهمة، سواء من مدخراتهم أو بالاقتراض، وكانت نتيجة ذلك خسارتهم للكثير، وبالتالي فحريّ بهؤلاء الشكوى من سوء التدبير أكثر من شكواهم من سوء الحال والمصير.
المسألة لا علاقة لها بالشماتة أو السخرية من أي كان، ولكن من قبل بأن يبقى فقير المال والحال في بلد معطاء، كالكويت فسيبقى كذلك بزيادة رواتب أو بغيرها، ولو أعفي من دفع أقساط قروضه، فإنه سيهرول في اليوم التالي للاقتراض من جديد!
إن من ولدوا وفي أفواههم ملاعق ذهب أو فضة، أو حتى «ستانلس ستيل»، لم يكونوا يمثلون شيئا قبل عقود ثلاثة فقط. ولكن لو نظرنا لعددهم الآن لوجدنا أن نسبتهم قد تضاعفت مرات عــــدة عما كانت عليه قبل ثلاثين عاما! وســــبب ذلك يعود للتدبير والتوفير والحرص في إدارة المال، وهذه جميعها تحتاج عادة إلى مستوى معقول من التربية والتعليم.
يقول المثل الشعبي العراقي: «عندك تاكل؟ قال: لا! قال: عندك تغرم؟ قال: بلي!».
وهكذا حال الكثيرين منا الذين هم على أتم الاستعداد لصرف آخر قرش في جيوبهم على اللذيذ والممتع، ولكن عندما تحين فرصة استثمارية جيدة كشراء سهم فإن التردد يكون عادة سيد الموقف.
إن الفرصة لم تضع أمام هؤلاء لتحقيق ثروات صغيرة تكون نواة لثروات أكبر، فالشركات المساهمة العملاقة قادمة قريبا ولكن مَنْ م.ن هؤلاء سيكترث بالمساهمة فيها، ومن منهم سيسمع بها أصلا، لولا الطلب على شراء «جنسياتهم»؟!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الحسين الذي لا يهزم!

 

الحسين (ع)، ليس مصدر إلهام نضال تاريخي للباحثين عن الحرية في هذا الزمان كما اعتقد ويعتقد البعض من المفكرين والخطباء والمشايخ – ومن بينهم مشايخ الفتنة – فقد تجاوزت نهضته هذه الأطر ليصبح وتصبح مبادئه منهجا عصريا متجددا مع كل أمة، تعيش في وجدان أية جماعة من البشر أينما كانوا.

الحسين (ع)… لم يهزم ولن يهزم… وليس الحديث هنا حديث تاريخ! فلست من أولئك الذين يميلون إلى التوغل في غياهب الكتب والكهوف المظلمة فيها ليعيشوا في زمان مضى، لا يثمر إلا عن مزيد من البعد عن العصر ومتطلباته، ولأنه ليس حديث تاريخ، فإن ثمة محاولات عصرية حديثة، على ألسنة أناس أطلقواعلى أنفسهم مشايخ أو باحثين إسلاميين، هم اليوم في الكثير من الدول الإسلامية، لا هم لهم إلا أن يقولوا للأمة : «الحسين خرج على دين جده فقتل بسيف جده»! لكن الأمة لم ولن تصغي لهم.

جاهدوا لنشر الفكرة سنين طويلة، حتى ألف بعضهم «كويتبا وكتيبا» صغير الوزن رخيص المضمون يدافع فيه عمن ظلموا الحسين (ع)، فلم يجد من أبناء الأمة الشرفاء إلا كل الاستنكار والرفض في زمن العلوم والتقنيات التي أصبحت فيه البشرية في حاجة إلى المد المعنوي والمضامين النفسية والأخلاقية والاجتماعية التي يحتضنها في حضن العدالة الاجتماعية المنبثقة عن الدين المحمدي وامتداده الحسيني الرسالي.

الحسين لم يهزم ولن يهزم… في ذلك الزمان، في يوم العاشر من العام 61 للهجرة، حتى قال من قال: «الحسين انهزم عسكريا لكنه انتصر دينيا وأخلاقيا»، لهذا، ذهب العتاد وذهب العسكر وذهبت ريحهم، وبقي عطاء الحسين يتجدد… يضرب كلام وترهات المتخلفين عرض الجدار. تعالوا نقرأ ما قالته الكاتبة الإنجليزية فريا ستارك التي كتبت فصلا صغيرا عن عاشوراء في كتابها المعروف باسم «صور بغدادية» في صفحة (145 – 150) المطبوعة في كيلد يوكس العام 1947:

«على مسافة غير بعيدة من كربلاء جعجع الحسين إلى جهة البادية، وظل يتجول حتى نزل في كربلاء وهناك نصب مخيمه… بينما أحاط به أعداؤه ومنعوا موارد الماء عنه. ولاتزال تفاصيل تلك الوقائع واضحة جلية في أفكار الناس في يومنا هذا كما كانت قبلا، وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيرا من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة، لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس، وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء».

انتهى الاقتباس… لكن تلك الكاتبة لم تبك في العام 1947 أو ما قبله أو ما بعده لأنها «جزعة» تلطم الخدود… بل لأن مأساة الحسين «تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس»… والأسس هذه كلها مجموعة في مبادئ عاشوراء الحسين (ع)، لذلك، لم ولن ينهزم.