ولدت غروترود بيل في 14/7/1868 لعائلة انجليزية شديدة الثراء وقريبة الصلة بالعائلة المالكة البريطانية كما كانت والدتها ابنة لاحدى العائلات التجارية الثرية في مدينة نيوكاسل الانجليزية، وقد توفيت والدتها عندما كانت في الثالثة من عمرها واعتنت بها زوجة ابيها ومربية المانية تدعى هولاغ احضرها والدها لتدريسها في المنزل كعادة الانجليز آنذاك، وفيما بعد التحقت بالمدارس الخاصة وتخرجت في جامعة اكسفورد بامتياز.
وقامت ابان دراستها الجامعية وبعد تخرجها بزيارة اغلب الدول الاوروبية، تلتها بالقيام برحلات عدة الى ايران، حيث وقعت في حب الملحق الديبلوماسي الانجليزي، الا انه توفي قبل عقد زواجهما، وتكررت بعد ذلك زياراتها لفلسطين وسورية حيث درست العربية، ثم قامت بعدة رحلات على الجمال في جزيرة العرب والتقت بابن رشيد واستقرت في العراق كسكرتيرة شرقية للمندوب السامي البريطاني، وبدأت بدراسة احواله، وقد ذكرت في احدى رسائلها للخارجية البريطانية ان احرار العرب واحرار العراق واقطاب الوحدة العربية ينظرون بعين الاعجاب الى قيادة طالب النقيب في البصرة ومبارك الصباح في الكويت وابن سعود في نجد.
وقد كان بامكان ساسة الولايات المتحدة وهم ينتوون احتلال العراق 2003 ان يتعلموا من دروس مس بيل وكيف ادارت العراق كملكة غير متوجة له وطوعته للانتداب (الاحتلال) البريطاني بعد ثورة العشرين الشهيرة، فقد رأت «خاتون» كما كان يسميها العراقيون ان مصطلح «احتلال» يثير حفيظة العرب والعراقيين، لذا غيرت مسمى الانتداب (الاحتلال) البريطاني الى معاهدة «التعاون» بين بريطانيا والعراق.
ورفضت مس بيل ان تفرض بنود معاهدة «التعاون» حاكما ما على العراق فيظهر وكأنه قادم على حراب الانجليز مما قد يثير غضب العرب والعراقيين، لذا قامت بحملة ذكية تشاورت خلالها مع القيادات العشائرية والدينية والسياسية والاعلامية حتى قرروا هم اختيار الامير فيصل ابن الشريف حسين ملكا على العراق، وقد كان في حقيقة الامر هو اختيارها الاول والوحيد، ولم ينس لها الملك فيصل هذا الفعل قط، لذا كانت الوحيدة التي تلتقيه دون موعد مسبق طوال الاوقات، كما قامت بنفي الزعيم الشعبي السيد طالب النقيب من البصرة الى سيلان حتى يستتب الامر للملك فيصل.
وطلبت مس بيل ان يكون تتويج الملك فيصل دستوريا عبر استفتاء عام حتى يحظى برضا الشعب العراقي، وقد رافقت الملك في جولاته لكسب الاتباع والمؤيدين وممن التقاهم الملك فيصل شيخ مشايخ الدليم علي السليمان وشيخ غزة فهد الهذال كما طلبت من الصحافة العراقية حشد الدعم لذلك الترشيح، وفي 23/10/1921 اكدت النتائج حصول الملك فيصل على 97% من الاصوات.
وقد زار بغداد والتقى مس بيل وفد يمثل اهالي البصرة ضم الحاج طه السلمان وعبدالرزاق النعمة وعلي الزهير واحمد باشا الصانع وعبداللطيف باشا المنديل واعلنوا استعدادهم لقبول ملك مشترك للعراق على ان يكون للجنوب حكم ذاتي خاص به عبر انشاء مجلس تشريعي وجيش وشرطة خاصة به، وقد رفضت مس بيل ذلك الطلب وقالت ان ذلك الامر ليس في صالح البلاد، كما ان الايام ستثبت انه في غير صالحهم، كما التقاها وفد يمثل منطقة كردستان طالب كذلك بالسماح بحكم ذاتي لهم وتدريس الكردية في مدارسهم بدلا من العربية، وقد رفضت مس بيل ذلك الطلب واصرت على التعلم بالعربية، خاصة في ظل عدم وجود كتب تدريس بالكردية، وقد توفيت الملكة غير المتوجة في 12/7/1926.