تعكس زيارة الرئيس بوش الأخيرة، وهو في عامه الأخير في الرئاسة مدى اهتمامه بالأوضاع العربية المؤثرة على الحرب والسلام العالميين. ففي هذه الزيارة التي تعكس مزيداً من العمل الديبلوماسي ما ينبئ منطقتنا ببعض المفاجآت سواء كانت سلبية أو إيجابية وسواء كانت لصالحنا أو لغير صالحنا. فالإدارة الأميركية تعاملت مع الشرق الأوسط على مدى الأعوام الثمانية الماضية بطرق مختلفة مستخدمة الوسائل المسلحة والضغوط والديبلوماسية في الوقت نفسه. إن الولايات المتحدة في حالة حرب في منطقة الشرق الأوسط، فقواتها في العراق وأفغانستان تعد بمئات الآلاف، وهي في حالة مواجهة مع الجمهورية الإسلامية في ايران، ومع سورية ومع «حزب الله» ومع الحركات الإسلامية ومع «حماس» وفوق هذا كله مع «القاعدة». متابعة قراءة بوش وجولة العالم العربي في دائرة التقييم
اليوم: 16 يناير، 2008
سفيرة وسفير فوق العادة
حضرت الليلة قبل الماضية حفل مجلة «العربي» بمناسبة مرور نصف قرن على صدورها الذي رعاه صاحب السمو الامير وحضره وزير الاعلام وكبار المسؤولين في الوزارة ورئيس تحرير مجلة «العربي» وحشد كبير من الضيوف العرب والاجانب، وقد اقيم ضمن الانشطة المختلفة حفل موسيقي جميل للدكتور سليمان الديكان، وقد كان تنظيم الحفل رائعا ومشرفا، فمبروك لمجلة «العربي» التي هي بمنزلة سفيرة كويتية فوق العادة لدى الامم المتحدة.
وقد القى د.عبدالهادي التازي رئيس البلاط الملكي المغربي الاسبق كلمة الضيوف المكرمين، وقد كان رغم كبر سنه الذي تجاوز حسب قوله الثمانين بكثير طريفا وعميقا في طرحه، فمما ذكره انه كان في الكويت عام 58 ابان عقد مؤتمر الادباء العرب الرابع وصدور مجلة «العربي»، وقد شاهد آنذاك الامهات الكويتيات يلبسن العباءة السوداء وبناتهن يشاركن في العرض الرياضي وهن يلبسن التنانير البيضاء، فأبرق لزوجته بأنه يشهد من مكانه دولة قررت السير سريعا الى الامام وتوقع لها ان تسبق الامم الاخرى.
خرجت من حفلة المجلة السفيرة الى ديوان سفير النوايا الحسنة الكويتية الصديق عبدالعزيز البابطين الذي اجاب احد ضيوفه العرب بأنه عرض شراء مكتبة برهان باشا اعيان في البصرة حتى لا تتلف او تحرق مخطوطاتها الاثرية التي لا تعوض على ان تبقى باسم صاحبها ومازال بانتظار رد الورثة حتى يستقدمها للكويت للحفاظ عليها، وكان تعقيب الضيف العربي الكريم ان الواجب يقتضي من الورثة الاسراع بتسليمها لتجديدها قبل ان نفجع بها كما فجعت الانسانية بضياع ما تبقى من آثار السومريين والبابليين والآشوريين القديمة في عراق الميليشيات.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد تطرق الحديث في جانب منه عن الباب التاريخي الذي اهداه المغفور له الشيخ مبارك الكبير لأحد ولاة الزبير، وقد بقي الباب هناك حتى الثمانينيات عندما احضره ابوسعود من العراق ورممه واعاده لوضعه الاول، الا ان الاحتلال الصدامي تسبب بفقده مرة اخرى، وهناك محاولات جادة للوصول اليه واعادته للكويت بعد ترميمه ووضع قصة مساره وترحاله عبر العقود في لوحة قريبة منه.
ونود من الاخ ابوسعود – وكذلك الاخيار من رجال الكويت – اصدار كتب الذكريات تباعا بدلا من الانتظار واصدارها دفعة واحدة، فيمكن على سبيل المثال لابوسعود ان يتناول كتابه الاول سيرته الذاتية والثاني ذكرياته مع القادة والرؤساء وثالث عن هواية القنص ورابع عن الاسفار والرحلات وخامس عن المشاريع الخيرية وسادس عن اللقاءات التي يرعاها كل عامين للشعراء العرب والمسلمين في إحدى عواصم العالم وكما يقال خير البر عاجله.
آخر محطة:
كرمت مجلة «العربي» العم بدرخان البدر مدير دائرة الارشاد عام 1955 وصاحب عدة مؤلفات تناولت سيرته الذاتية، نرجو من جمعية الطيارين ومهندسي الطيران الكويتية ان تقوم بتكريم العم بدر البدر كونه اول طيار كويتي حلق بطائرته في انجلترا في اوائل ثلاثينيات القرن الماضي.
التدخين في أوروبا
أحمد الصراف
تعتبر مطاعم مرابع الميسر في بريطانيا، التي تسمى بالنوادي الرياضية، لارتباطها برياضة سباق الخيل والرهان، من أفخم أماكن تناول الفاخر من الأطعمة والمشروبات في اوروبا. وحتى الأمس القريب لم يكن أحد ليصدق، أو حتى يتخيل أن التدخين سيمنع منعا باتا، وبأي شكل أو صورة، في مثل هذه الأماكن التي يحظر على غير الأعضاء دخولها. ووصول الحظر لأماكن الميسر وكبائن وصالات سباق الخيل يعني أن آخر الحواجز أمام منع التدخين الكلي والشامل قد سقط الى الأبد. ولو استثنينا المدمنين من مرتادي هذه الأماكن من المقامرين وغيرهم لأمكن القول إن منع التدخين فيها قد أثر سلبا على أرباحها.
ظاهرة منع التدخين في الأماكن العامة التي أصبحت من سمات المجتمعات الاوروبية وشمال اميركا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان، كانت أمرا غير متوقع حدوثه بمثل هذا التسارع قبل عشر سنوات مثلا.
أثر منع التدخين سلبا وايجابا على أمور كثيرة. ففي جانب قل دخل الكثير من مقاهي تدخين الشيشة بصورة واضحة في هذه المدينة الباردة، وفي غيرها من مدن اوروبا. كما أثر على عمل الحانات والمرابع الليلية.
أما أثر المنع على صناعات محددة فلا يمكن تخيل مداه، فمنافض (طفايات) السجائر أصبحت غير ذات قيمة. كما قلت بشكل واضح مبيعات ولاعات الغاز، وبالذات الفاخر منها. وانهار سوق «بايب» التدخين الشهير، المعروف بالغليون. أما معاجين وكريمات تبييض الأسنان المصفرة من اثر التدخين فقد اختفت عن أرفف الصيدليات. أما الخاسر الأكبر من حظر التدخين فقد كان بلا شك شركات صناعة التبغ العملاقة التي احتاطت للأمر منذ سنوات وقامت بتنويع استثماراتها. كما خسر وسيخسر مزارعو التبغ في فرجينيا ودول وسط اميركا وتركيا الكثير نتيجة ذلك. وتأتي شركات صناعة الأفلام والدعاية وتصميم الاعلانات في مرتبة متقدمة على قائمة كبار الخاسرين! كما يمكن القول، بتحفظ، ان أطباء الجهاز التنفسي والمستشفيات الخاصة بمعالجة الأمراض الناتجة عن التدخين سيكونون ضمن الجهات المتضررة من حظر التدخين أو التقليل الحيوي منه!!
أما في الجانب الرابح فيأتي الانسان بشكل عام، سواء كان مدخنا أو غير ذلك، حيث سيرتفع مستواه الصحي وسيزيد متوسط عمر المدخن السابق سنوات. كما ستوجه الحكومات المبالغ المرصودة لعلاج الأمراض الناتجة عن التدخين إلى مجالات أخرى أكثر جدوى. وستستفيد شركات التأمين الصحي والتأمين على الحياة من قضية التقليل من التدخين نتيجة تعرض المشتركين معها لأمراض أقل وارتفاع متوسط أعمارهم، مما يعني تحصيل أقساط أكثر منهم.
ولو أخذنا قضية حظر التدخين مقياساً لمدى تقدم أو تخلف أي دولة، لوجدنا أننا نقع، كالعادة، في آخر القائمة، هذا على الرغم من أننا في الكويت سبقنا الكثير من دول اوروبا في اصدار قانون منع التدخين، ولكننا لا نزال، ومنذ عشر سنوات، نتردد في تطبيقه، وكأنه قانون معيب ومخجل ويجب الستر عليه وعدم الحديث عنه، ولا أدري بعد ذلك لماذا صدر أصلا عن مجلس الأمة!!