أبشع جرائم المال العام هي استخدامه لتنفيع الأقارب والأحباب وحصد المكاسب الانتخابية الشخصية، لا نود أن يظلم أحد، ولكن إن صح ما أشيع عن أحد المسؤولين من تنفيعه لخاصته ومعاقبته لمن أشار بإصبع الخطأ لتلك الأفعال الفادحة، فالواجب مطالبته بالاستقالة الفورية كعظة وعبرة للمسؤولين الجدد، ودون ذلك ستصل رسالة واضحة مفادها ان تلك الممارسة مقبولة وستتحول بعدها الوزارات والإدارات الحكومية إلى «عِزب» خاصة وبؤر تكسُّب وستعجز أجهزة الرقابة في مجلس الأمة وديوان المحاسبة عن ملاحقة الفاعلين.
ما نشرته «الأنباء» في عدد امس على صدر صفحتها الاولى من بدء التحالفات الجديدة على معطى انتخابات الدوائر الخمس يجعلنا نتمنى خطأ ما توقعناه من احتمال اختفاء أسماء وطنية مستقلة نظيفة وشريفة لصالح أصحاب التكتلات الضخمة ذات الأعداد الكبيرة والموارد الوافرة، للمعلومة في النظام السابق كان بإمكان أي مرشح كفؤ نزيه ان ينزل للانتخابات ويحصل على فرصته كاملة للنجاح، أما الآن ففرصة المرشح الفرد في النجاح شبه معدومة.
سؤال طرحه كبار فلاسفة الغرب حول الديموقراطية ويحق لنا أن نطرحه ضمن الحوار الديموقراطي السائد هذه الأيام وهو: هل يجوز أن يكون تأثير مائة شخص لا يحمل أحد منهم مؤهلا دراسيا على الإطلاق وتغلب على أطروحاتهم الأنانية والدغدغة أكثر تأثيرا وقوة من خمسين شخصا من رجال العلم والثقافة والحكمة والفكر والاقتصاد وحملة الدكتوراه؟ في الديموقراطيات الغربية الراسخة وصلوا للحل عبر خلق منظومتين سياسيتين للناخب ان يختار منهما، فقط تخلق أجنداتهم العقول الراقية والمفكرة ولا يسمحون للدعاوى المدغدغة التي تضر بالأوطان ان يكون لها مكان كمن يطالب بإلغاء الضرائب أو القروض او المساعدات الخارجية كونها ذات مكاسب آنية محدودة الفائدة ودمار ماحق لاحق.
توقعنا في مقال الأمس قيام حرب مدمرة في الخليج خلال الأشهر الستة المقبلة كحد أقصى وقبل قدوم موسم الصيف الحار مع اندلاع تلك الحرب ستغلق إيران مضيق هرمز، كما وعدت، فهل لنا أن نقترح على مؤسسة النفط أن تضع خطط طوارئ تتضمن – مع أولى عمليات تسخين في الخليج – البدء بتخزين نفطنا الخام في بواخر ضخمة خارج مضيق هرمز لضمان تدفق نفطنا للمشترين مع اشتعال النزاع؟!
آخر محطة:
بعد ان أتحفنا هذا العام الشيخ وليد الإبراهيم صاحب محطة mbc بمسلسل «الملك فاروق» الذي كشف الحقائق وأسقط الأكاذيب وأمال القلوب لفترة حكمه الزاهية بالديموقراطية والحرية ورجال الساسة الكبار، هل لنا أن نقترح عليه مسلسلا مماثلا عن بطل نضال الاستقلال وملك الطيبة والتواضع والمؤمن بالحرية والديموقراطية الملك ادريس السنوسي حتى تبدد شمس الحقيقة الجلية أكاذيب الثوريين المرجفين وتعيد الصدق لتاريخنا العربي الحديث امام النشء الجديد؟