اول مبادئ الاصلاح الذي يطلبه الجميع هو الاقرار بوجود القصور ومن ثم العمل على اصلاحه، ولا يصح في هذا السياق ان يطلب احد الاصلاح من السلطات الاخرى وينسى نفسه او سلطته، ان السلطات الثلاث بل وحتى الرابعة مجازا (الصحافة) في حاجة ماسة لفضيلة الاقرار بالقصور ومعها البدء في نهج تصحيحه.
ان بامكاننا كطيارين او اعلاميين او محامين او رجال دين او مهندسين واطباء وتجار ونواب وقضاة ووزراء، وغير ذلك من مهن وشرائح المجتمع الكويتي الادعاء بأننا لا نزل ولا نخطئ ولا نتجاوز ومن ثم لا يأتينا الفساد من فوقنا او تحتنا او يميننا او شمالنا ومن ثم نصبح مجتمعا ملائكيا لا تجوز فيه محاسبة الذات الطاهرة النقية بل ينحصر ويقتصر الشر والتجاوز على الآخر.
ان واقع حالنا يظهر ان الخير هو الغالب، فأغلبية الناس والمسؤولين واصحاب المهن والحرف المختلفة هم في الاعم خيرون وجادون في اعمالهم، ولا نشك في نقاء ضمائرهم او حسن ما تضمره سرائرهم، الا ان علينا جميعا الاقرار بأن هناك دائما متجاوزين ممن يجب ان تخلق الادوات ـ دون حساسية ـ لمحاسبتهم وردع انفسهم الامارة بالسوء، ودون خلق تلك الآليات ضمن مختلف التخصصات وتفعيلها والاعلام عنها يمكن لنا الحديث عن الاصلاح حتى يوم الحشر دون ان يتحقق على ارض الواقع شيء.
في الشقيقة مصر تصدر صفحات جريدة «صوت الامة»، في عددها الاخير، خبر ومحاضر تحقيقات وجهت اصابع الاتهام فيها الى 10 من القضاة والمستشارين ومنهم رؤساء محاكم نقض ومعهم عدد من المحامين والقائمين على الاجهزة القضائية تناولت اتهامات بالفساد واستلام رشاوى من تجار المخدرات لاصدار احكام براءة، ولاشك ان خبرا كهذا يرفع من مكانة القضاء المصري الشامخ ويزيد من ثقة الناس فيه كونه قادرا على الارتقاء بالعمل والاعتراف بالخطأ ومن ثم تطهير ذاته بالخيّرين من قضاته.
والعكس من ذلك ان يتم السكوت على الاخطاء والتجاوزات حتى تستفحل ويتحول همس الناس الى صراخ ويعم الظلم وتتفشى السرقات وتجارة المخدرات مع تكرار اصدار احكام البراءة في قضايا واضحة المعالم والاركان مع محاسبات – ان تمت – لا يعلم بها الا القلة القليلة في وقت يفترض فيه الاعلان عنها طمأنة لقـلوب الخلق.
آخر محطة:
شاهدت على YOU TUBE شريطا مؤثرا للشاعر الاسير فائق عبدالجليل وابنته وهما يغنيان ابان الاحتلال البغيض للكويت ويقدحان بشجاعة بالغة في طاغية العراق.. ابو فارس شمس ساطعة في سماء الكويت.