محمد الوشيحي

كيفيت

أقطعُ جازما بأن النائب الفاضل خالد السلطان تجمعه صلة قرابة بالدهاء، أبناء الخالة اللزم، الطوفة على الطوفة… في الانتخابات قبل الماضية، سنة 2006، فوجئنا بوجوده على باب إدارة الانتخابات وحوله مجموعة من المواطنين الغاضبين يدفعونه دفعا للتسجيل بينما هو يرفض ويصرخ ويدفعهم بجسمه مبديا عدم رغبته في الدخول والتسجيل! الأمر الذي دفع صاحبكم الوشيحي لحك رأسه والتساؤل: هل تعرض السلطان لعملية خطف من الدرجة الأولى. يبدو أنه كان يلهو مع أقرانه أمام المنزل فهجم عليه الأوباش واختطفوه إلى إدارة الانتخابات عِدِل، وهو يرفض ويتمنع لكن صوته لا يُسمع لأنه مكبل اليدين. لا حول ولا قوة إلا بالله. هذا ما حصل بالتأكيد وإلا ما الذي أتى بالسلطان إلى إدارة الانتخابات إذا كان يرفض تسجيل اسمه في قيود المرشحين من الأساس؟! وجاءتني الإجابة على تساؤلي: حركات دهاء.
خالد السلطان نجح هذه المرة بعدما صور بعض ساسة الدين الكويت وكأنها حي «بيغال» الباريسي الشهير. وكان لا بد من أن يتسلموا هم زمام الأمور ليعيدوا إلى الكويت رشدها المفقود في الكهوف المظلمة. وحدوه. لا إله إلا الله.
ومنذ نجاحه وهو ينثر تجلياته على صفحات الصحف كما تنثر أم العروس الشامية حبات الرز على ابنتها. أحدث تجليات النائب خالد السلطان كانت في رسالة هاتفية «مسج» أرسلها إلى زميله النائب محمد المطير، وهو نائب سلفي تحت التدريب يلعب في الأشبال! وكان يدعوه في الرسالة «للتنسيق حول بعض الأمور، وكيفية التعامل معها». وإلى هنا والأمر عادي، لكن غير العادي هو أن صاحبنا خالد السلطان فتح الله عليه ففتح التاء المربوطة على البحري لتتحول كلمة «كيفية» إلى «كيفيت»! يافتاح يا عليم.
كبدي على عشاق اللغة وعلى رأسهم الزميل صالح الشايجي الذي أخشى أن يكون قد تعرض لمكروه بعد هذه الجريمة اللغوية! لذا، وخوفا من تكرار المصائب هذه وازدياد أعداد القتلى والجرحى، سأشرح مضطرا للداهية متى نربط التاء ومتى نفتحها: كل كلمة تنتهي بتاء مفتوحة يا فضيلة النائب هي فعل، وكلمة «كيفية» ليست فعلا ورب البيت، إلا إذا كنت تقصد بأنها فعل، فاضح.
وأتذكر بأنني في بهو أحد فنادق دبي التقيت كاتب زاوية في إحدى الصحف الزميلة، وأراد أن يستشيرني في مقالته قبل أن يرسلها لصحيفته، وكانت بداية المقالة كارثة بالجبن المبشور، إذ جاءت كالتالي: «شيء ماء…»! قرأت المقالة، أو الفقرة الأولى منها، ثم رمقته بطرف عيني لعلّي أجده غافلا فأضربه بكل قوتي على معدته الكريمة، لكنه كان متحفزا لسماع تعليقي، فسألته: هل تعرف طبيب جلدية ماهر هنا؟ فسألني مذعورا: سلامات؟ قلت: أشعر بمغص شديد، أستأذنك… وفي طريقي للخروج من الفندق، اتصلت بصديق: ألو، كم ديّة مدير تحرير الصحيفة التي يكتب فيها فلان؟
غادرت مسرح الجريمة، بهو الفندق، وأنا أتساءل لو أن عظيم الصحافة مصطفى بك أمين لا يزال حيا وسمع عن هذه الـ «شيء ماء»، ما الذي كان سيحدث لبقية شعره؟. على أي حال، الحمد لله أن كاتبنا الكبير صاحب «شيء ماء» اعتزل الكتابة، ولما سألته عن السبب أجابني بثقة تفوق ثقة نادية الجندي بشبابها الذي تجاوز الستين: «والله الكتابة مش جايبة همها على رأي المصريين». فتمتمت في صدري: البركة فيك، أنت من يجلب الهم والغم ويطرد الابتسامة من الفم. يا الخبيث.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *