سعيد محمد سعيد

دوائر «اللحوم» الحمرا

من الجميل أن تبقى (يرقات) الدوائر الحمراء التي تترصد الناس وتوصمهم بالخيانة وتحيط وجوههم بالـ (دواويح)… في (شرانقها)!

ذلك مكان مثالي تمامًا، وإلا فإن ما يتناقله الناس من مقاطع ومشاهد وعبارات لمواطنين بحرينيين من كل المذاهب والطبقات معترضين على تردي الأوضاع المعيشية، يمكن أن يدخل ضمن أسلوب تلك اليرقات الفاشل الوضيع في معاداة كل مواطن يعبّر عن رأيه تجاه ما يحيط به من معاناة وهموم.

تارةً، تندمج مع مقطع لمواطن في الخمسين من العمر وقد تجهز لكي يصور مقطعًا محددًا… عله بذلك يوقظ الميت من الضمائر، أو لنقل، وعلى أقل تقدير، يعبّر هو عن شجونه وشئونه وضيق ذات يده… فمتطلبات المعيشة المتزايدة يومًا بعد يوم أصبحت تنذر بالكثير من المآسي، وهو أمر يجب ألا يتدخل فيه أصحاب (الدواويح) الحمراء ليهاجموا الناس عليه… والالتزامات المالية الثقيلة التي تتضاعف يومًا بعد يوم على كاهل المواطن، من ذوي الدخل المحدود أو من أولئك الذين لا دخل ثابتاً لهم، أصبحت هي الأخرى تقض مضاجع الناس… حتى ليصعب على الآلاف منا كمواطنين أن نخلد إلى النوم بيسر، لولا الثقة برحمة رب العالمين وسعة رزقه الحلال… وهذا أيضًا أمر يجب ألا يقترب منه أصحاب الدوائر الحمراء… فبين تلك الدوائر واللحوم علاقة نسب… أليس كذلك؟

ومن اليسير أيضًا أن تستمع إلى مقطع صوتي فقط… مجرد صوت بلا صورة… ولعلَّ صوت ذلك المواطن الذي ضج مما هو فيه الآن ومما هو مرتقب من مصاعب وتعقيدات في المستقبل القريب الوشيك القادم، جعله ربما… أقول ربما… يتحدث لأول مرة في حياته بهذه الجرأة والحرقة والحنق والغضب.

ضعوا دوائركم الحمراء في المزابل، لأنكم أصلًا، تعلمون أن الدولة، هي الرباط الجامع لكل المواطنين، سواء كانوا من ذوي دوائركم الحمراء أو ممن تجعلونها في أعلى مراتب الوطنية والشرف والاخلاص… قولوا ما شئتم، فلستم سوى أبواق لا تنفع الحكومة ولا تنفع الشعب، وليس لها نفع إلا في حدود مصلحتها الخاصة والخبيثة.

بين مطرقة ارتفاع سعر كيلو اللحمة (الذي طالما كسر خاطرنا إخوتنا المصريون في الأفلام وهم يحلمون بكيلو لحمة في الأعياد والمناسبات)… وبين سندان التوقعات المخيفة في رفع الدعم عن المزيد من السلع والخدمات… وتحت مسمار الالتزامات والأقساط والقروض والهموم… وفوق نار التزامات الأسرة واحتياجاتها… ومن بين ضربات الأجور التي يصيبها الهزال والضعف كلما انتفخت الأسعار كما تنتفخ كروش من لا إحساس لهم بمعاناة المواطنين… ومن وسط كل ذلك، من حقي أن أتساءل كمواطن :»أين أولئك الجوقة الجبارة من المستشارين الجهابذة لسنين طويلة ونحن نراهم يتفلسفون؟، وأين (رابطة) العباقرة من خبراء الاقتصاد والمشروعات المستقبلية والرفاهية وكلام (الهرج والمرج)… أينهم كل تلك السنين؟ ماذا كانوا يفعلون؟ في الوزارات أيضًا، أين أولئك المخططون الاستراتيجيون؟ ترى، هل كنا نخدع أنفسنا بأصحاب الشعر الأشقر والأحمر والأصفر وبآخرين من ذوي (الغترة المرخية على جوانبها) لنصل اليوم إلى أوضاع أقل ما يقال عنها إنها نعم… متوقعة… قابلة للحدوث… طبيعية في بعض الأحيان… إلا أن ذلك يمكن أن يكون مقبولاً مع الجانب الآخر، وهو جانب الحلول والدراسات والتوقعات وقراءة المؤشرات المستقبلية. فيكم شدة بس تحطون حرَّتكم في المواطن؟

عيب عليكم ترصدون ما يقوله هذا المواطن في (سناب تشات) أو في انستغرامه أو في (مجموعة الواتس أب) معبرًا عن حرقة وحسرة وغضب… يلله يبه تحركوا… حللوا رواتبكم الكبيرة خل نشوف حلول تنقذ الوطن والمواطن مما ألمّ به وسيلم به من مصائب… وين عبقريتكم؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *