د.علي يوسف السند

نهاية التنظيم الدولي!

ربما يكون أكثر ما تُهاجَم به تيارات الإخوان المسلمين في العالم هو ارتباطهم بتنظيم دولي يجمعهم ويتلقون الأوامر والتعليمات منه، وقد أحسن خصوم الإخوان استغلال هذه الفكرة للطعن في وطنيتهم، وتجريدهم من الانتماء، على اعتبار أنهم ينتمون لكيان عالمي يدينون له بالولاء و«البيعة» على حساب أوطانهم.
شاركت مؤخرا في ندوة «التحولات في الحركات الإسلامية» التي أقامها مركز الجزيرة للدراسات على مدى يومين، حيث عُقدت 6 جلسات نُقلت على الهواء مباشرة، بمشاركة عدد من قيادات الحركات الإسلامية في العالم العربي، وعددٍ من الباحثين والأكاديميين، وكانت أكثر قضية أخذت حيزاً من النقاش، وتم الخروج منها بما يشبه الاتفاق، هي أنه لم يعد هناك تنظيم دولي للإخوان، ولا حاجة لذلك، وأن هذا التنظيم الذي كان موجوداً في يوم ما لم يكن فاعلاً، بعدما أصبح أشبه بالنادي الذي يجمع المهتمين بقضية معينة للتواصل وتبادل الآراء دون أثر حقيقي، وزاد من ذلك إعلان عدد من التيارات الإسلامية التي تحمل فكرة الإخوان استقلاليتهم عنه، وعلى رأسهم التيار في الكويت بعد الغزو العراقي، ولحقهم الإخوان في الخليج، ثم توالت الإعلانات من أقطار أخرى، إلى أن أصبح هذا الكيان عبارة عن اسم فقط، ما جعل البعض ينكر وجوده أصلاً!
إن وجود تنظيم دولي بهياكل ولوائح يجمع أطرافاً من بلاد مختلفة، فكرة غير عملية، في ظل اختلاف ظروف الدول، وتمتع كل دولة بخصوصية تميزها عن غيرها، وانخراط الإخوان في العمل الوطني من خلال مؤسسات سياسية رسمية وشعبية في بلادهم، كل ذلك يجعل مثل هذا التنظيم عبئاً على التيارات الإسلامية، ويفتح عليها باب الطعن والتشكيك، دون الحاجة الملحة لوجوده!
ومن الأفكار التي لاقت شبه اتفاق بين المشاركين في الندوة، ضرورة التمييز الوظيفي بين العمل السياسي والعمل الدعوي، وذلك لاختلاف مجالات العمل والأدوات في كل منهما، وهذا التمييز مفيد في تطوير المجالين وإنضاجهما، دون أن يتحمل أحدهما عبء الآخر.
ومن أهم الأفكار التي طُرحت في المؤتمر ضرورة قيام الحركات الإسلامية ببناء شراكات مع مختلف التيارت السياسية والأطراف الفاعلة في الساحة والساعية للإصلاح والتطوير، حتى في ظل عدم الاتفاق في كل القضايا، فمن المهم عدم تفرد الإسلاميين، وعدم انعازلهم عن بقية القوى الحية في المجتمع، فإن مرحلة التحولات التي تمر بالمنطقة تفرض هذا النوع من الشراكات.
بالتأكيد ان فكرة عدم وجود تنظيم دولي، والأفكار المتقدمة الأخرى ستكون مزعجة للمتربصين بالإخوان والإسلاميين عموماً، لأنها ستنزع منهم سلاحاً قوياً من خلاله يهاجمون الإخوان، لذلك لن يصدقوها بسهولة، وسيستمرون في تكذيبها، حتى لا يُسد في وجوههم باب مهم في الهجوم على التيارات الإسلامية.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د.علي يوسف السند

دكتوراه فلسفة إسلامية – بكالوريوس شريعة – عضو هيئة تدريس/الدراسات الإسلامية – إعلامي وكاتب صحفي
twitter: @al_snd

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *