أ.د. محمد إبراهيم السقا

ثبات ربط الريال السعودي في مواجهة المضاربات

السعودية دولة تنتج وتصدر النفط بالدولار الأمريكي، وبالتالي فإن إيراداتها تأتي أساسا بالدولار، كما أن جانبا كبيرا من مدفوعاتها الخارجية يسدد بالدولار، لذلك من الطبيعي أن تربط عملتها بالدولار مثلها مثل الكثير من الدول المصدرة للمواد الأولية في العالم.

من المفترض من الناحية النظرية أن عملات الدول التي تصدر مواد أولية مثل النفط، ترتفع مع ارتفاع سعر النفط والعكس، ولكن التقلب الشديد في أسعار المواد الأولية كالنفط لا يوفر الاستقرار اللازم لعملات هذه الدول، لذلك تلجأ مثل هذه الدول إلى ربط عملتها بعملة دولية، بصفة خاصة الدولار لتجنب الآثار الضارة لتقلب أسعار المواد الأولية.

منذ أكثر من 30 عاما والمملكة تتبنى معدل ربط ثابت بين الريال والدولار الأمريكي عند 3.75 ريال لكل دولار، ولم يحدث خلال هذه الفترة الطويلة، على الرغم من وعورة الظروف الاقتصادية التي مر بها الريال والتقلبات التي تعرض لها، بصفة خاصة التقلبات الحادة في سعر النفط، والعجز الكبير في الميزانية، والارتفاع في حجم الدين العام، وتراجع معدلات النمو، إلا أن مؤسسة النقد السعودي لم تقدم على فك ارتباط الريال بالدولار بعيدا عن هذا المعدل، وظل معدل صرف الريال بالدولار ثابتا، كواحد من أكثر معدلات الصرف في العالم ثباتا واستقرارا.

غير أنه من وقت إلى آخر ومع تغير الظروف الاقتصادية، بصفة خاصة مع كل تراجع جوهري يحدث في سعر النفط تأخذ المضاربات على الريال في الاشتعال، ظنا من المضاربين أن الاقتصاد السعودي لن يتمكن من تحمل الضغوط الناجمة عن استمرار ربط الريال بالدولار لفترة زمنية أطول. بالطبع كلما طالت فترة انخفاض أسعار النفط، ازدادت التوقعات حول ضعف قدرة السلطات النقدية على الاستمرار في الربط، وبالتالي تزداد احتمالات فك الربط، ولجوء الحكومة السعودية إلى خفض قيمة الريال للتعامل جزئيا مع تبعات تراجع أسعار النفط. تراجع أسعار النفط يؤدي إلى انخفاض الإيرادات النفطية للحكومة السعودية بالدولار الأمريكي، التي يمكن زيادتها (بالريال السعودي) من خلال خفض قيمة الريال بالنسبة للدولار، على سبيل المثال بـ 10 في المائة مثلا.

يوما بعد آخر يطل علينا المضاربون في الريال السعودي محملين بمجموعة من التوقعات القائمة على تخمينات خاصة بالريال وحول ردة فعل مؤسسة النقد السعودي حيال هذه التطورات، آملين أن تدفع هذه التطورات المؤسسة إلى خفض قيمة الريال. لذلك يقومون ببيع كميات كبيرة منه في سوق النقد الآجل بأسعار اليوم، وعند استحقاق تلك العقود يشترون الريال بالسعر الحاضر (الذي انخفض) ويوفون بالتزاماتهم في العقود مع تحقيق ربح مضاربة يساوي الفرق بين السعر الذي باعوا به الريال (أجل)، والسعر الذي اشتروا به الريال (حاضر). الذي يدفع المضاربين إلى الإصرار على الاستمرار هو النظر إلى الأضرار التي يتركها الربط على الاقتصاد السعودي، بصفة خاصة ما له من تأثيرات سلبية في الميزان التجاري واحتياطيات النقد الأجنبي.

أهم ما في النظام النقدي السعودي أنه استطاع أن يوظف إدارة معدل الصرف لضمان الاستقرار الاقتصادي والنقدي، ولقد كان من أهم العوامل التي ساعدت مؤسسة النقد العربي السعودي على القيام بهذه المهمة بكفاءة هي وفرة النقد الأجنبي والحفاظ على علاقة ثابتة بين العرض من النقد المحلي والكمية المتاحة من النقد الأجنبي، وهو ما جعل “ساما” جاهزة في أي وقت لسد الفجوة بين العرض والطلب من النقد الأجنبي على النحو الذي يزيح الضغوط على الريال، فمتى يفهم المضاربون هذه الحقيقة؟ ومتى يتوقفون عن المضاربة على الريال؟

كلما تراجعت أسعار النفط، تعاقبت التقارير عن عدم استدامة ربط الريال بالدولار، وبدأت عمليات الهجوم على الريال السعودي، ومن ثم تنخفض قيمته في الأسواق الآجلة، أملا من المضاربين أن تفك “ساما” ارتباط الريال بالدولار، وإذا حدث ذلك يحقق المضاربون أرباحا من عملية المضاربة في الريال، والواقع أن سياسة إدارة الريال السعودي لم تتعرض لتك الضغوط التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة مع تراجع أسعار النفط وتراجع الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي.

ورغم ذلك فقد أثبتت “ساما” أنها تستطيع أن تستمر في ربط عملتها بالدولار، بغض النظر عن الآثار التي يواجهها الاقتصاد المحلي نتيجة تراجع أسعار النفط، بصفة خاصة ضغوط السيولة وضعف النمو، وعبر العقود الثلاثة الماضية، كان أداء “ساما” متميزا في إدارة معدل صرف الريال على النحو الذي جنب الاقتصاد المحلي الآثار السلبية لتراجع أسعار النفط.

الميزة الأساسية التي تتمتع بها المملكة من بين الدول التي تربط عملتها بالدولار، التي تحول دون اللجوء إلى فك الربط هي وفرة الاحتياطيات من النقد الأجنبي، التي تسمح للمملكة بالاستمرار لسنوات طويلة في تحمل آثار تراجع أسعار النفط، ودون أن تلجأ إلى خفض قيمة الريال، أو فك ارتباط الريال بالدولار. عندما بدأت أسعار النفط في التراجع قدرت احتياطيات المملكة من النقد الأجنبي بنحو 700 مليار دولار، وهي كمية ضخمة جدا من الاحتياطيات تعادل الناتج المحلي الإجمالي في هذا الوقت. غير أن استمرار تراجع أسعار النفط أدى إلى استنزاف الاحتياطيات لنحو 550 مليار دولار، ومع ذلك فإن هذه الاحتياطيات تمكن المملكة من الاستمرار في تحمل عجز مالي في ميزانيتها لفترة زمنية معقولة، يتوقع بعدها أن تسترد أسعار النفط جانبا لا بأس به من خسائرها.

غير أن ارتفاع معدلات الاستنزاف في الاحتياطيات في المرحلة الحالية أمر متوقع، إلا أنني أعتقد أن استمرار ارتفاع معدلات فقدان الاحتياطيات سيدفع المملكة إلى اتخاذ كل التدابير التي تخفض من معدل تراجع الاحتياطيات لاحقا. بما في ذلك تطبيق برامج للإصلاح المالي لخفض الإنفاق للحد من معدل تراجع الاحتياطيات، وقد اتخذت المملكة بعض الإجراءات الأولية في هذا الجانب. من جانب آخر فإن السيطرة على تراجع الاحتياطيات ستدفع المملكة أيضا للبحث عن مصادر دخل إضافية لتقليل اعتماد الميزانية على الإيرادات النفطية، وهو ما تعمل عليه المملكة في الوقت الحالي من خلال رؤيتها الاقتصادية الجديدة التي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية في هيكل الإيرادات العامة وتساعد على فك القيد النفطي الذي شكل إحدى الخصائص الأساسية للاقتصاد السعودي في العصر الحديث.

د. حسن عبدالله جوهر

تحديات الاتحاد الجديد!

هل بدأت خطوات الإصلاح الحقيقي في قطاع الرياضة؟ وهل الإعلان عن اتحاد انتقالي لكرة القدم وإعادة تشكيل اللجنة الأولمبية الكويتية يعتبر المفتاح السحري لإعادة الأمل في نفوس شبابنا الرياضيين؟ وهل الشخصيات الجديدة، ممن تم تعيينهم، قادرون بالفعل على تصحيح الاعوجاج الكبير والمتراكم في مسيرة الرياضية الكويتية؟ وهل بالفعل يملكون إرادة حقيقية وإمكانات وقدرات ذاتية لإنعاش الجسم الرياضي الميت سريرياً؟ هذه مجموعة من التساؤلات يفترض أن تكون أرضية للتحدي الجديد الذي قبله السادة أعضاء اتحاد الكرة واللجنة الأولمبية، وأنهم في سباق مع الوقت وتحت مرمى رقابة وتقييم من وسط رياضي شرس للغاية ومتابع لأدق التفاصيل ولا يرحم في النقد، والأهم من ذلك منقسم على نفسه بين ولاءات سياسية متعددة ومتناقضة!

ترتيب الكويت في الاتحاد الدولي لكرة القدم وصل إلى المركز 128، أي في مستوى الحضيض، وبسبب الخلاف القانوني على التشريعات الرياضية فإننا محرومون من المشاركات الخارجية بدءاً من دورة الخليج وانتهاءً بكأس العالم، ومن المحتمل جداً ألا يتم الاعتراف دولياً بالاتحاد الجديد لأنه جاء عن طريق التعيين المباشر، لذا فإن الحالة الرياضية الداخلية هي الملاذ الأخير في إحداث أي تغيير حقيقي في مجال اللعبة.

لكن الحالة الرياضية وما أصابها من إحباط ويأس لن يكفيا لتغيير البوصلة باتجاه إنجازات باهرة، والتقشف في الميزانية لا يشفع في إدخال مزايا خارقة في مجال الرياضة، والحالة السياسية العامة والتذمر الواسع والفشل في معظم مفاصل البلد وتعثر المشاريع تنعكس بشكل واضح وسلبي على الرياضة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

هناك مؤشران لقياس نجاح الاتحاد الجديد: الأول من خلال رفع مركز الكويت عالمياً في سجلات الفيفا، وهذا ضرب من المستحيل بسبب الإيقاف، والآخر يتمثل بالحضور الجماهيري للملاعب مع انطلاقة الموسم الجديد، الذي بدأ بالمنافسة في كل دول العالم عدا الكويت!

الحضور الجماهيري بحاجة إلى إعلام قوي وهذا متوافر تقريباً، لكن الإعلام لا يمكن أن ينجح بدون مستوى فني لشبابنا في الأندية الكروية، والارتقاء بمستوى اللاعب لا تكفيه المغريات المادية فقط ولكن روح الانتماء إلى الفانيلة والنادي والشعور الوطني، وهذا ما يستدعي برامج مكثفة واستعادة بريق الإرث الرياضي في أيامه الجميلة، ويعتمد ذلك بالتأكيد على حالة الانفراج العام وتضييق الفوارق الطبقية والسياسية والطائفية بين أبناء المجتمع، ومنهم شبابنا الرياضيون، حيث شهدنا بعض الشواهد المؤسفة التي تعكس حالة التعصب بكل أنواعه حتى بين اللاعبين أنفسهم في آخر موسمين رياضيين!

العقلية التجارية التي يحملها الاتحاد الجديد ومن يقف وراءه يجب أن تكون حذرة في ما يعرف بالخصخصة في قطاع الرياضة، فتجربة الخصخصة رغم أهميتها ونجاحها في الكثير من دول العالم، قد لا تكون مناسبة في الكويت على الأقل في الوقت الراهن، والشواهد على الكثير من برامج الخصخصة الأخيرة تؤكد أن مجموعة من التجار هم من استأثر بالمال والسلطة، ولم يجن منها الشعب الكويتي أي شيء يذكر، لذا فإن التأني والدراسة المستفيضة في غاية الأهمية في مجال الرياضة، وأخيراً يبقى أن يتذكر القائمون على الاتحاد أن الناس لا ترحم ولا يهمها كل التفاصيل، وهي في عجلة من أمرها بحلول سحرية وسريعة وإنجازات تمثل فارقاً حقيقياً، فالله يعينكم!

متابعة قراءة تحديات الاتحاد الجديد!

م. ناصر العيدان

الانتخابات الأميركية بين العاطفة والكفاءة

لا يختلف اثنان على أن توجهات الرئيس المقبل للولايات المتحدة، ستؤثر كثيراً على مستقبل المنطقة، وعلى العلاقة بين الفرقاء، سواء في حسم بعض الصراعات في الشرق الأوسط، أو ازدياد اشتعالها. ولكن قبل أي قراءة في معطيات الانتخابات الأميركية، لا بد ألا ننخدع، كما ينخدع الناخب الأميركي، بأطروحات بعض المرشحين الخيالية، كبناء سور عظيم على الحدود الأميركية – المكسيكية لمنع المهاجرين، على سبيل المثال. وهنا نقصد بالطبع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فالانتخابات الأميركية، كما هي أي انتخابات، مملوءة بالوعود والعاطفة، حتى أن الجانب العاطفي بات له حظ الأسد في أطروحات المرشحين، ما يفقد برنامجيهما الانتخابيين أحيانا كثيراً من المصداقية.

في مقابلة على قناة «بلومبيرغ» الأميركية، سئل الخبير التسويقي كيفن روبرتس Kevin Roberts عن نصيحته لكلا المرشحين في الانتخابات الحالية، فكان رده مختصراً، وهو: يجب الابتعاد عن الحقائق والنتائج، والتركيز على «عاطفة» الناخب في أي موضوع كان. متابعة قراءة الانتخابات الأميركية بين العاطفة والكفاءة

محمد الوشيحي

الحكومة للشعب: بالطقاق المبين

في استفتاء موجه للكويتيين، كتبته في حسابي بـ”تويتر”، كان السؤال كالآتي: أي الاجتماعات أخطر على المواطن الكويتي؟ وكانت الخيارات أربعة؛ اجتماعات جامعة الدول العربية، اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي، اجتماعات البرلمان، اجتماعات مجلس الوزراء. متابعة قراءة الحكومة للشعب: بالطقاق المبين

ناصر خميس المطيري

النجاح بتدمير الآخر!

ما أعظم الحكمة وما أنفعها عندما تصدر من رجل عظيم صاحب تجربة ناجحة وفريدة في القيادة والنزاهة والانجاز، الحكمة هنا ليست مجرد كلام تنظيري بل تكون فعلية ومن واقع دراية وخبرة عملية، ولعلنا هنا نتوقف عند النموذج العالمي المعروف بالنجاح وهو رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد الذي تقلد منصبه في الفترة مابين 1981 الى 2003م فنقل بلاده نقلة شهد لها العالم وصارت تجربته القيادية الناجحة تدرس في الجامعات.
وهنا اتوقف مع مثال بسيط من حكمة حاول مهاتير محمد ايصالها بأسلوب ذكي ومؤثر يدلنا على مستوى هذه العقل الماليزي الرائع ويجسد ذلك هذه القصة الجميلة المعبرة والناطقة بحكمة ذلك الرجل. متابعة قراءة النجاح بتدمير الآخر!