عيد ناصر الشهري

رسالة إلى رئيس مفوضي هيئة الأسواق

نشرت القبس في عدد السبت الماضي رد الاستاذ المحامي عبدالرزاق العبدالله على مقالي الاسبوع الماضي، بخصوص انسحاب شركة هيومن سوفت القابضة من البورصة. وشرح الكاتب وجهة نظره القانونية في مقاله بعنوان «انسحاب الشركات.. لماذا ظلم كبير لصغار المستثمرين». ولذلك وجب الرد لتوضيح الامور للقراء ولاصحاب القرار والمسؤولين.

وجهة النظر القانونية

بدأ الكاتب بالاستشهاد بان مجلس الادارة لديه الحرية والحق في ان يعمل كل ما يبيحه القانون. لكن ممارسة الحقوق والحريات تقف عندما تسبب الضرر للآخرين. ولذلك نصت نفس المادة 824 التي ذكرها الكاتب على اشتراط الاغلبية العظمى %75 في المال الشائع حتى يقرروا التغييرات الاساسية والتعديلات التي تجاوز الادارة المعتادة. وسبب تحديد الاغلبية العظمى هو حماية حقوق الأقلية من بعض القرارات الاساسية. ولو طبقت هذه المادة في حالة هيومن سوفت لتم رفض طلب الانسحاب من البورصة بسبب اعتراض %26 من المساهمين. الا ان أساس المشكلة هو القصور التشريعي في قانون هيئة أسواق المال الذي لم يوضح شروطا تنظم عملية الانسحاب من البورصة. ولم ينتبه المشرع للقوانين المشابهة في الدول الاخرى التي تنظم عملية الانسحاب من البورصة، وتشترط قرار الاغلبية العظمى والتي تم ذكرها في المقال السابق. ولا يعتبر قرار الأغلبية حقا كاملا، لانه يخضع لموافقة هيئة سوق المال وفق المادة 73 من قانون هيئة سوق المال. لذلك تم توجيه المقال السابق لمسؤولي هيئة اسواق المال ليمارسوا صلاحياتهم وحقوقهم وفق القانون والغاء قرار الانسحاب.

لا مصلحة في الانسحاب

ولم يوضح المحامي كيف قررت الجمعية وجود مصلحة من الانسحاب من البورصة او ماهية المعوقات. ولا يعقل ان تكون المصروفات هي السبب الرئيسي للانسحاب في هذه الحالة. حيث ان شركة هيومن سوفت حققت أرباحا، 14 مليون دينار في 2015، ورسوم البورصة السنوية لا تتعدى 50 الف دينار. ومن المهم التمييز بين مصلحة الشركة ومصلحة كبار المساهمين ومصلحة صغار المساهمين. وقد تكون هناك قرارات تفيد كبار المساهمين، لكنها تضر صغار المساهمين. لذلك تمت صياغة المادة 73 بطريقة واضحة لوجود احتمالية «الأضرار بحقوق الأقلية». وهي الاحتمالية التي لا يكترث لها المحامي في مقاله بقوله بانه لا يمكن منع الاغلبية من اتخاذ قرار حتى لو كان ظالماً لصغار المساهمين. ويقّر المحامي باختلاف المصالح بين المساهمين عند قوله ان مصلحة كبار المساهمين أولى من «فئة قليلة من المساهمين».

وجهة نظر المستثمرين الأجانب

ويذكر المحامي ان اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال أجازت، لكن لم تلزم الجهات الراغبة أن تتقدم بعرض لشراء أسهم الراغبين في البيع قبل الانسحاب من الادراج، على ألا يقل سعر الشراء عن متوسط سعر السهم لمدة ستة أشهر (سابقة على إفصاح مجلس الإدارة عن توصيته بالانسحاب من الادراج). وهذه الخطوة المناسبة في حالات الانسحاب الاختياري لحماية صغار المساهمين من أضرار الانسحاب. ونتفق مع المحامي في هذه النقطة من حيث انها منطقية. الا انها غير ملزمة في الوضع التشريعي الحالي. لذلك يصبح الضرر حتمي في حال عدم الزام كبار المساهمين بشراء حصة الأقلية. ويجب على هيئة اسواق المال التركيز على أهداف المشرع واتخاذ قرارات تحمي صغار المساهمين، لكن الموضوع الأشمل هو وجهة نظر المستثمرين الاجانب الذين سوف يوجهون استثماراتهم واموالهم نحو الدول التي توفر الحماية القانونية، وفي حال وجود قصور تشريعي يضّر صغار المساهمين، يجب على مفوضي هيئة سوق المال سد الفراغ التشريعي وممارسة صلاحياتهم التنفيذية لزيادة تنافسية البورصة الكويتية.

عدم توضيح تضارب المصالح

يبقى ان نوضح للقراء باني لا املك اسهما في شركة هيومن سوفت ولا توجد لدي مصلحة مباشرة مع اي من المساهمين. لكن اهتمامي ينطلق من واقع عملي التجاري الذي يرتكز على جذب مستثمرين من الخارج للسوق الكويتي. لذلك أستطيع طرح وجهة نظر حيادية في الموضوع. لكن الامر الذي وجب على المحامي توضيحه في مقاله، لكنه لم يفعل هو إفصاح مصلحته كعضو في مجلس ادارة هيومن سوفت. وهو لا يمنعه من الكتابة او طرح وجهة نظرة. لكن من حق المسؤولين والقراء معرفة وضع الكاتب القانوني ومصلحته ودرجة حياديته او انحيازه حتى يتخذوا قراراتهم بموضوعية.

صلاحية هيئة أسواق المال

وفي الفقرة الاخيرة، يؤكد المحامي على «إن قرار الانسحاب مرهون بموافقة هيئة أسواق المال ومن أهم مبادئ الهيئة هو المحافظة على مصالح صغار المساهمين». وهي النقطة الاساسية التي نتفق عليها. لذلك نوصي بان تتحرك هيئة اسواق المال واتخاذ القرار المناسب لمصلحة صغار المساهمين ولمصلحة سمعة البورصة الكويتية في الخارج.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *