احمد الصراف

فلسطين والأخوان لوميير

لم يتجاوز طول أول شريط سينمائي التقط عام 1888 الثانيتين، ولكنه دخل التاريخ، وكان فتحا لفن سيصبح تاليا أكثر وسيلة إعلام إيرادا وشعبية وتأثيرا عرفها الإنسان. أما أول فيلم سينمائي حقيقي فقد قام بتصويره وإخراجه الأخوان الفرنسيان أوغوست ولوي لوميير Auguste & Louis Lumiere، وكان ذلك في عام 1895.
وكان بيتنا في خمسينات القرن الماضي، أول ما عرضت فيه الأفلام السينمائية في الحي، وكان في المساء مقصد كثير من الأهل والجيران، أثناء عرض الأفلام العربية بالذات. وأتذكر أن والدي كان يستأجر آلة العرض وبكرات الأفلام من محل كان يقع في الاتجاه المعاكس لشارع عبدالله السالم (الشارع الجديد سابقا)، أي باتجاه السيف، الفرضة. ولكنه قام تاليا بجلبها من محلات «أفلام الأحلام» لصاحبها الصديق يعقوب مال الله.
***
لا أعرف كيف، ولكن يبدو من فيلم تاريخي مهم أن الاخوين لوميير كلفا عام 1896، أي بعد سنة من إنتاج فيلمهما الأول، كلفا من يقوم بزيارة القدس وتصوير اول فيلم يبين مظاهر الحياة في تلك المدينة العتيقة. ويقول المعلق البريطاني على الفيلم، الذي يبين معالم وشوارع القدس القديمة، ورجال دين من مختلف الطوائف والأديان يسيرون في شوارعها، او وهم يؤدون صلواتهم هنا وهناك، إن القدس كانت تبدو، مع نهاية القرن 19، مثلها مثل أي عاصمة عربية، كالقاهرة أو دمشق. وان سكان فلسطين في ذلك الوقت كان تعدادهم 500 ألف نسمة، %80 منهم مسلمون عرب، بينهم 30 ألف يهودي، وعشرة في المئة مسيحيون، عرب وغيرهم، إلا أن نصف سكان مدينتها الرئيسية، القدس، كانوا من اليهود، هذا بالرغم من أن نسبتهم من إجمالي السكان لم تزد على %5.
إن قصة ضياع فلسطين، برأيي المتواضع، لم تنل حتى الآن ما تستحق من اهمية، بالرغم من عمق المأساة وفداحة الضرر ومرور ما يقارب الستين عاما على النكبة. فلو قارنا ما كتب أو وثق عن القضية، مقارنة بما كتب عن نكبات ومآس أقل أهمية، لشعرنا بالخجل، ولكن ما العمل والقضية، التي كانت دائما جيدة، كان محاموها غالبا سيئين، خاصة بعد أن اصبحت دول مثل إيران، وحروب كحرب اليمن، أكثر أهمية من القضية الفلسطينية.. وأصحابها!
***
ملاحظة: ردا على من تساءل عن موقفي من اضراب عمال النفط، أولا، مسؤولية الوضع يتحملها محمد البصيري. والحل في مساواة كل موظفي الدولة، من دون استثناء، في موضوع تخفيض الرواتب والامتيازات، وليس جهة واحدة فقط، وهذا سينهي الإضراب.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *