عيد ناصر الشهري

انسحاب الشركات من الإدراج ظلم كبير لصغار المساهمين

إلى السيد نايف الحجرف رئيس مفوضي هيئة أسواق المال
تسعى هيئة سوق المال لتطوير العمل في سوق الأوراق المالية وزيادة جاذبية الاستثمار في الشركات الكويتية. وهدف الهيئة ان تكون البورصة المحلية في مصاف البورصات المتقدمة، وان تصبح جزءا من المؤشر العالمي MSCI للأسواق الناشئة، مما يدفع المزيد من المستثمرين العالميين الى الاتجاه الى السوق المحلي. لذلك تم إصدار قانون هيئة سوق المال وقواعد الحوكمة لتنظيم العمل وتعزيز الثقة في السوق وتشجيع الشركات العائلية على الادارج.

حماية حقوق الأقلية

ومن اهم القواعد في قوانين سوق المال الجديدة هو حماية صغار المساهمين، وما يسمى بحقوق الأقلية. وحدد القانون الجديد ان يكون على اي مساهم ان يعرض شراء جميع الأسهم في حال استحوذ على ما يزيد من %30 من أسهم الشركة. ويفرض القانون أيضاً مبادئ الشفافية والحوكمة. وهذه خطوات في الاتجاه الصحيح. الا انه ليس من الواضح كيفية حماية صغار المساهمين من قرار الشركة الانسحاب من البورصة. وفي الوضع الحالي، يستطيع المساهم الحائز على الاغلبية العادية اتخاذ قرار الخروج من البورصة وتدمير السيولة التي قد يحتاجها باقي المساهمين. والسبب الرئيسي لدخول اي مساهم البورصة هو القدرة على البيع والشراء بسهولة. وعندما تقوم الاغلبية بإجبار باقي المساهمين على الخروج من البورصة، يضطر المساهم للبيع باقل سعر لتفادي امتلاك أسهم لا يستطيع بيعها الا في سوق الجت، وقد يخسر جزءا كبيرا من قيمة استثماره. لذلك نجد ان بعض الشركات التي تعلن عن خروجها من البورصة تنهار اسعار أسهمها.

خروج الشركات من البورصة

السماح للشركات المساهمة بالخروج من البورصة يترتب عليه ظلم كبير لصغار المساهمين. حيث ان الشركة قد تكون ناجحة، وأداؤها ممتازا، الا ان مالك الاغلبية قرر الضغط على باقي المساهمين للاستحواذ على أسهم الأقلية بأرخص الأسعار. وما عليه سوى دعوة الجمعية العامة واتخاذ قرار بعدم الإدراج. وعندها تنهار الأسهم ويستطيع الشراء لحساب الشركة وزيادة حصته على حساب باقي المساهمين بأبخس الاثمان. وهذا الإجراء له تبعات كبيرة على ثقة المستثمرين. وقد يجعل اي مستثمر صغير يفقد الثقة في الاستثمار في الشركات المحلية. وقد تقوم باقي المجموعات المسيطرة باتخاذ نفس الخطوات لزيادة ثروتها. ومع الوقت لن نجد من يرغب الدخول في البورصة الكويتية، والسبب هو طمع بعض كبار المساهمين الذين لا يهمهم الا اثراء أنفسهم على حساب الآخرين.

شركة هيومن سوفت

لقد أوصى مجلس ادارة شركة هيومن سوفت بتاريخ 3 نوفمبر 2015 بالانسحاب الاختياري من السوق الكويتي. وكان سعر السهم حوالي دينار. ثم سحب مجلس الادارة توصيته في اجتماعه الذي انعقد يوم 19 نوفمبر بسبب تسلمه اعتراضات على عملية الانسحاب من عدد من المساهمين. ثم قرر مجلس الادارة اخيراً في 21 مارس الانسحاب الاختياري من البورصة. مما تسبب في انخفاض سعر السهم ليصل الى اقل من 600 فلس. والسبب الرئيسي لهذه الخسارة هو اعلان مجلس الادارة وموافقة الجمعية العمومية على الانسحاب الاختياري. حيث ان الشركة تستمر في تحقيق نمو في الربح التشغيلي في الوقت الحالي. واعترض المساهمون الذين يمثلون اكثر من %23. وقد ارسل احد المساهمين تظلما مكتوبا لمسؤولي هيئة سوق المال. ونشر اعتراضه في القبس الثلاثاء الماضي‏. وتعرض السهم للخسارة بسبب قرار الشركة. ونزول السهم يتم في وقت يرتفع فيه اداء الشركة. وقيمة الشركة السوقية هي 70 مليون دينار. وزادت ربحية السهم من 68 فلساً في 2014 الى 144 فلساً في سنة 2015. ولديها سيولة تصل الى 17 مليون دينار. لذلك لا توجد حاجة فعلية لتوفير مصاريف الادارج، ولا توجد حاجة لاصدار أسهم أو جمع اموال من السوق.

أسباب ضعيفة لانسحاب اختياري

وقد ذكر مجلس الادارة سببين رئيسين لانسحاب الشركة من البورصة. والسبب الاولى هو تدني دوران السهم في البورصة. وهذا السبب من صنع الملاك الذين يتحكمون بالاغلبية.
يستطيع كبار الملك بيع جزء من أسهمهم في البورصة لزيادة دوران السهم. ولا يعتبر تدني دوران اسهم الشركة حدثا جديدا او غير متوقع في ظل السيطرة المحكمة من قبل كبار الملاك، والسبب الثاني يعود لفرضية مجلس الادارة بأن السهم يتداول عند اقل من قيمته الحقيقية. وكان السهم يتداول عند دينار و250 فلسا في اغسطس الماضي، وكان السهم يواصل ارتفاعاته في الصيف، فيما جميع الاسهم الخليجية تستمر في النزول بسبب انخفاض اسعار النفط. وكان السهم وقتها يتداول عند مضاعف ربحية يصل الى 18 ضعف أرباح سنة 2014 او 9 أضعاف ربحية سنة 2015، ويعتبر معدل مضاعف ربحية مرتفع مقارنة بباقي الاسهم المحلية قبل الإعلان عن الانسحاب الاختياري. واذا كانت رغبة مجلس الادارة هي تحسين سعر السهم في البورصة، فيجب التخاطب مع المساهمين والقيام بمؤتمر صحافي وتوصيل رسالة أوضح عن قيمة الشركة. ولكن عند تقديم توصية بالانسحاب الاختياري، يتبين ان هذا القرار ساهم في تدني سعر السهم عن قيمته الحقيقية. وهذا ما حصل خلال فترة الشهور الثلاثة الماضية.

البورصات العالمية والإقليمية

في بريطانيا، يجب على مجلس الادارة الحصول على الاغلبية المطلقة وهي %75 لاتخاذ قرار بالانسحاب الاختياري من البورصة. وفي الكويت يحتاج مجلس الادارة الى الحصول على الاغلبية البسيطة وهي %50 فقط. وفي اليابان، يتوجب تقديم عرض شراء جميع مساهمي الأقلية في حال تقرر الانسحاب من البورصة. وفي الأرجنتين، يستطيع المساهمون الذين يملكون %10 من اسهم الشركة الاعتراض على الانسحاب الاختياري. وفي البورصة المصرية، وهي عضو في مؤشر MSCI للاسواق الناشئة، يتم فرض تقديم عرض لشراء جميع اسهم الشركة بأعلى سعر تم تداول الاسهم عنده خلال 30 يوما قبل اجتماع مجلس الادارة، الذي تقرر فيه الانسحاب الاختياري. وهو ما حصل عند استحواذ شركة كيلوج Kellogg›s الاميركية على شركة بيسكو مصر في يونيو الماضي. وفي أكتوبر 2010، قامت كذلك شركة ابراج كابيتال بشراء %15 من اسهم صغار المساهمين بأعلى سعر لتنفيذ الانسحاب الاختياري من البورصة المصرية.

رد فعل هيئة أسواق المال

وعند سؤاله عن انسحاب الشركات من البورصة، قال رئيس (مفوضي هيئة اسواق المال) الدكتور نايف الحجرف ان دخول السوق والخروج منه متروك للمساهمين. ويعتبر هذا المنطق مناسبا للشركات الصغيرة، التي لا تستطيع دفع رسوم الادراج، والتي لا يوجد بها نشاط تشغيلي حقيقي، والتي تعتبر غير مرغوبة. ولكن الحاصل هو ان خروج الشركات متروك لكبار المساهمين. وعدم تحرك هيئة سوق المال سيؤدي الى قيام الشركات الاخرى ذات الأداء التشغيلي الممتاز من الانسحاب. ومع الوقت تبقى الشركات السيئة في السوق وتنسحب الشركات الممتازة، ويصبح السوق الكويتي مرتعاً للشركات الرديئة. والمفروض التحذير من اتخاذ قرارات تتسبب بالضرر لصغار المساهمين الذين يجب عليه ان يحميهم. ويجب أيضاً توجيه الشركات التي ترغب في الخروج بأن تحصل على أغلبية مطلقة، وان يقدموا عرض سعر عادل لشراء اسهم الأقلية، وان لا يكون أدنى من متوسط 6 او 3 شهور قبل الإعلان عن نية الانسحاب من البورصة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *