د.علي يوسف السند

هل القانون في أيدٍ أمينة؟!

الأصل في القانون أنه موضوع من أجل تحقيق العدالة، أو محاولة الوصول إليها قدر المستطاع، لكن سلوك وزارة الداخلية يدل على أن بعض من فيها لهم فهماً آخر لفلسفة القانون، فيبدو أنه بالنسبة لهم يعني زرع الخوف، أو تأديب الخصم السياسي، أو فرض الهيبة ولو على حساب القانون نفسه، أو وسيلة للاستعراض! هذا ما بدا واضحا من طريقة تعاملها مع الشاب الفنان عمر العريمان، الذي قام بطباعة رسومات جميلة على بعض الجدران الكئيبة، فما كان من وزارة الداخلية إلا أن استنفرت، وأشهرت سيفها، وكشرت عن أنيابها، وأعلنت الحرب التي لا هوادة فيها، على تلك الرسومات وصاحبها، فتم إلقاء القبض عليه بطريقة مشينة، ثم تصويره ونشر صوره، وإصدار بيان شديد اللهجة فيه، وعرضه على العديد من المخافر للتحقيق، الذي استمر أكثر من أربعة أيام، كان خلالها محجوزا في سجون الداخلية متنقلا من مخفر إلى آخر!
قريب من هذا حصل مع المواطن سالم الدوسري (أبو رفعة) الذي قدم إلى الكويت بمحض إرادته، ولم يؤت به مخفورا من بريطانيا – كما ادعى بيان وزارة الداخلية – فقد تعاطف معه الكثير من الناس بسبب حالته النفسية والعقلية، التي يعرفها الجميع، والمثبتة بالتقارير الطبية، وصرح أهله بحالته، لكن الوزارة لم تراع كل ذلك في مخالفة صريحة لقانون الجزاء (مادة 22)، حيث نص على أنه «لا يساءل جزائيا من يكون وقت ارتكاب الفعل عاجزا عن إدراك طبيعته أو صفته غير المشروعة، أو عاجزا عن توجيه إرادته، بسبب مرض عقلي أو نقص في نموه الذهني، أو أية حالة عقلية أخرى غير طبيعية»، وتجاهلت نص القانون ومبادئ الإنسانية، وقامت بتصويره وكأنه مجرم مدان بأحكام قضائية نهائية، وإصدار بيان، والتشهير به، رغم أنه كان في ذلك الوقت مجرد «مشتبه به» في حكم القانون، إذا سلمنا جدلا بأنه مسؤول عن تصرفاته!
تخطئ وزارة الداخلية في تقدير الموقف إذا كانت تعتقد بأن مثل هذه الممارسات تعزز هيبتها، بل العكس هو الصحيح، فالرسالة التي توصلها الوزارة بمثل هذه التصرفات هي أن شيئا من الرسومات على الجدران، أو مواطنا يعاني من اضطرابات نفسية كفيل بأن يهز أركان الوزارة وقياداتها، ويجعلها تعلن حالة التأهب القصوى، وهذا ليس مؤشر قوة، بل مؤشر ضعف، فضلا عن الرسالة التي ربما تصل بأن وزارة الداخلية ليست هي الجهة المؤتمنة على تطبيق القانون، وهذا بطبيعة الحال ليس في مصلحتها على المدى البعيد.
فهل الداخلية قادرة على قراءة الرسائل الضمنية في تصرفاتها، وانعكاساتها السلبية عليها في المستقبل، وأنها قد تعود عليها بنقيض ما تقصده؟.. أشك!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د.علي يوسف السند

دكتوراه فلسفة إسلامية – بكالوريوس شريعة – عضو هيئة تدريس/الدراسات الإسلامية – إعلامي وكاتب صحفي
twitter: @al_snd

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *