محمد الوشيحي

جماعة الـ «فوق تحتيين» وما فوقهم (2)

قد يسألني سائل صلب: وماذا عن صديقكم محمد عبدالقادر الجاسم الذي أصبح واحداً من أبرز منظريكم؟ فأقول: محمد عبدالقادر الجاسم لم يكن موالياً للسلطة، بقدر ما كان موالياً لصاحب الجريدة التي كان يرأس هو تحريرها. وبالفعل كان الجاسم في تلك الفترة “كرة النار” التي يطلقها صاحب الجريدة من منجنيقه على معارضيه، الذين هم، في الوقت نفسه، معارضو السلطة.
وفي المقابل، وبالعودة إلى مقالات الجاسم السياسية الموجهة لنقد السلطة، في تلك الفترة، نجدها خارقة حارقة، تسير بها الركبان، ويتحدث عنها المارة، أي أن الجاسم لم يكن مع السلطة، بل كانت السلطة تكرهه. ثم إن الجاسم، وهذا الأهم، قرر تعويض الخسائر التي تسبب فيها، وبذل جهداً مشهوداً من أجل ذلك، ودفع أثماناً باهظة، لا ينكرها إلا جاحد، ومع هذا كله مازلت أرى أن فاتورته التي عليه أن يدفعها لم تنتهِ بعد.
وهناك أيضاً سامي النصف، الذي عاش سنوات تحت ظل شجرة الحكومة، متنقلاً ما بين شجرة الفراولة وشجرة التين، يأكل مما يتساقط عليه من ثمر الحكومة طازجاً وطرياً، ويرمي المعارضة بالقشور والحصى واللب، فتشتت جهود المعارضة ما بين مكافحة بطش السلطة وصيفها الحارق، وما بين حماية عيونها (المعارضة) من حصى سامي ورفاقه المتحلقين حول موائد السلطة، قبل أن تقلب السلطة لسامي ظهر المجن، فينقلب هو ويرتدي قميص المعارضة، ويرفع البيرق الأحمر بيد، ويحمل المنديل الذي يمسح به دموعه المنسكبة حزناً على حال الكويت، الذي كان هو أحد أسبابه، باليد الأخرى!
على أن سامي والجاسم والراشد وصفاء أبرز الذين انقلبوا إلى المعارضة وأشهرهم، وهناك آخرون مثلهم لكنهم لا يحظون بشهرة هؤلاء. في حين انقلبت مجاميع لا تُعد من المعارضة إلى الموالاة الشرسة، ولن أتحدث عن هذه المجاميع، التي احتضنتها السلطة، ووفرت لها الحمّام الساخن، والمشط والعطر والكريم المرطب للبشرة! حديثي سيكون عن القادمين إلى المعارضة، أو العائدين إليها، بعد أن تغيّر الطقس… والطريقة المثلى للتعامل معهم.
وأرى أن علينا أن ننتظر زمناً، إلى أن نشاهد هؤلاء يدفعون فواتير مواقفهم السابقة نقداً وعداً وحبساً ومنعاً من السفر ومرمطة في أروقة المحاكم، كما حدث مع الجاسم، كي نصدقهم ونثق بهم. أما قبل ذلك، فأرى أن الموقف الأفضل هو ألا نهاجمهم كي لا ينفروا منا ويعودوا إلى كتائب السلطة، ولا نقربهم ولا نجاورهم ولا نصاهرهم “سياسياً”، بل نتركهم في المنطقة الوسطى.
هذا هو رأيي الذي كتبته بقلم سياسي لا عاطفي، وسأمسك بالورقة والقلم لأرصد ما يسدده هؤلاء مقابل ما تقاضوه في السابق. وفتّكوا بعافية.

***

لقراءة الجزء الأول لهذة المقالة:

جماعة الـ «فوق تحتيين» وما فوقهم (1)

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *