مبارك الدويلة

اعذروه.. عليه ضغوط!

عندما يشكل وزير لجنة من المختصين لاختيار مدير لمؤسسة كبرى، ثم تختار اللجنة ثلاثة أشخاص، بعد تصفية المرشحين العشرة مثلاً، وتقدمهم إلى الوزير لعرضهم على مجلس الوزراء لاختيار أحدهم، ويفاجأ معاليه بأن صاحبه ليس من ضمنهم، فيقدم قائمة أخرى، لم تعرض على اللجنة، لكنها تمهّ.د الطريق لاختيار من يريد، فعند ذلك ندرك أننا في الكويت، حيث هكذا يتم اختيار القياديين!
الوزير نفسه شكل لجنة لاختيار قيادي في مؤسسة أخرى، فاختارت اللجنة ثلاثة من بين المتقدمين، ورفض الوزير الاختيار من بينهم؛ بحجة أن عليه ضغوطاً (!!). وزير، ودكتور، ومثقف، وكان يدرس الأجيال، يقول لمن يسأله عن عدم اختياره للقيادي حتى الآن إن عليه ضغوطاً من أحد المسؤولين في الحكومة لاختيار من رفضته اللجنة! بالله عليكم كيف نتوقع مخرجات القياديين الذين يتم اختيارهم وفقاً للضغوط وليس وفقاً لكفاءاتهم؟! وكلنا قرأنا بالأمس إعلاناً يشكر فيه صاحبه أحد نواب مجلس الامة الذي «عينه» في منصب مدير في إحدى الجهات الحكومية! هكذا! لكن وزيراً آخر كان أشطر منهم، وعرف اللعبة مبكراً، حيث صار يشكل لجان الاختيار من أغلبية محسوبة عليه؛ ليضمن اختيار من يريد، كما يحصل الآن مع لجان أخرى! ونرجع إلى صاحبنا الذي فاجأ الكثيرين بأنه غير مؤهل بالصفات القيادية التي يتطلبها منصب الوزير، عندما أصدر مدير إحدى الهيئات قراراً بتعيين دكتور في منصب مدير إدارة وفقاً لصلاحياته كمدير عام للهيئة، وبعد أن تمت تهنئة المدير بمنصبه الجديد يتدخل الوزير ليعترض على المدير العام؛ بحجة أنه تجاوز صلاحيات الوزير، ويلزمه بإصدار قرار آخر يسحب قرار تعيين المدير!
الشيخ يتدخل، ورئيس الحكومة يتدخل، والوزير يتدخل، والنائب يتدخل، والصديق يتدخل، والصحافة أيضاً تتدخل، وكلها عوامل تحدد أسماء القياديين الذين سيديرون البلد خلال المرحلة الحرجة المقبلة، بينما المستحقون لهذه المناصب القيادية والكفاءات المؤهلة يجلسون خلف مكاتبهم محبطين ومكسوري الجناح، وهم يرون الوضع المأساوي حواليهم ولا يملكون الا التحسر على وضع البلد!
نداء إلى سمو رئيس الوزراء: البلد يمر بمرحلة حرجة ومفصلية، سواء أمنياً أو اقتصادياً أو حتى إقليمياً؛ لذلك نصيحة من محب، اتركوا اللجان المختصة تختار المؤهلين للمناصب، وارفض أنت شخصياً أي تدخل أو ضغوط على اللجان حتى من الوزراء أنفسهم، وستجد البلد يُدار بشكل أفضل. ما يحدث اليوم هو تدمير للبنية التحتية للنظام الإداري للدولة على حساب مصالح ضيقة أو تكسب انتخابي!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *