سامي النصف

تجديد الخطاب السياسي والاقتصادي والأمني الخليجي!

دولنا الخليجية ليست في حاجة فقط لتجديد خطابها الديني لمنع ما نراه قائما في بعض الدول المجاورة من قتل وتفجير وتدمير وسفك دماء بسبب المفاهيم الدينية المغلوطة المستحضرة من عصور الظلام، إن دولنا الخليجية بحاجة بشكل مواز لتجديد الخطاب السياسي والاقتصادي والعسكري الكلاسيكي القائم منذ إنشاء المجلس لمواجهة التحديات والأطماع غير المسبوقة التي تواجه دولنا وتود إلحاقهم بمسار الدمار الذي ابتليت به بعض دول المنطقة، وفي هذا السياق لا يصدق أحد أن الطامعين واللاعبين الدوليين والإقليميين يستهدفون نصرة طرف على طرف أو فئة على فئة، فالهدف كما يراه الجميع وبالعين المجردة هو تخريب الأوطان الآمنة ونهب ثرواتها وتقسيم الشعوب وإشعال الحروب الأهلية التي لا رابح فيها، لذا فدول الخليج أمام تحدي بقاء غير مسبوق في تاريخ المجلس مما يحوج إلى رص الصفوف والبحث عن حلول مبتكرة بعيدة عن التفكير النمطي السائد منذ عام 1981.
***

تجديد الخطاب السياسي يفرض علينا الابتعاد عن المعادلة الصفرية التقليدية القائمة على إما أن تتوحد 6 دول خليجية في الوقت ذاته، أو لا وحدة على الإطلاق، وذلك عبر خلق معادلة جديدة تقوم على الوحدة المتدرجة، فتتوحد على سبيل المثال 3 – 4 دول خليجية على مبادئ جديدة تحافظ على خصوصية كل دولة ومكاسبها الحضارية مع توحيد وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والعملة، وإعطاء كل دولة حق التراجع، دون ضرر، عن الوحدة، ثم انتظار تغيير ظروف الدول الأخرى والتي سيدفعها سريعا للالتحاق بالوحدة عاملان مهمان، أولهما نجاح الوحدة بين الدول الأخرى، والثاني الشعور بالعزلة أمام المخاطر والتحديات المحيطة.

***

في الشأن العسكري علينا أن نعي ضمن الخطاب الجديد أن التحدي والخطر الأكبر المحيط بدولنا هو تحدٍ عسكري، كما نرى في اليمن والعراق وسورية، وان الوحدة الأوروبية لم تنجح إلا بعد سنوات من المناورات العسكرية لحلف الناتو التي تستمر شهرا كل عام والتي يرى من خلالها البريطاني، على سبيل المثال، أن الالماني والفرنسي والإيطالي.. إلخ، ليسوا أعداء بل شركاء كتفا بكتف في الدفاع عن بريطانيا، ولا شك أن مناورات عسكرية خليجية حقيقية مشابهة ستعزز بشكل عملي المواطنة الخليجية وتسرع من خطى الوحدة وتحافظ على كينونة الأوطان.

***

وفي الشق الاقتصادي، فأي مقارنة بين الاتحاد السوفييتي والاتحاد الأميركي يظهر بشكل جلي أن الوحدة التي تقوم على المصالح الاقتصادية والتجارة البينية الفاعلة بين دول الاتحاد أقدر على الصمود والبقاء والاستمرار من الوحدة القائمة على قرارات سياسية فوقية دون ربط للمصالح الاقتصادية، وواجب الفكر الاقتصادي الجديد أن يقوم على نقل وتوزيع الأنشطة الصناعية والزراعية والتجارية والخدماتية والصحية والتعليمية.. إلخ، بين دول المجلس بدلا من تكرارها بشكل سمج ومضرّ في كل دولة، كما يجب بيع منطقة الخليج كوحدة سياحية واستثمارية واحدة، فمن يزر أو يستثمر في دبي، على سبيل المثال، يتم تسهيل زيارته لباقي دول المجلس، والعكس صحيح.

***

آخر محطة: في استضافة لنا قبل يومين على البرنامج الشائق «بانوراما» الذي تبثه قناة العربية، سألتنا الإعلامية البارزة السيدة منتهى الرمحي عن إمكانية ضم اليمن لمجلس التعاون الخليجي، وهو سؤال يُطرح كثيرا، وكانت الإجابة: ان قرارات كهذه تتخذها العقول لا العواطف، فالمجلس، كحال دول الاتحاد الافريقي أو اللاتيني أو تجمع دول حوض البحر المتوسط، مختص فقط بالدول العربية المطلة على الخليج واليمن – بعكس العراق – ليس منها!

كما أن جميع أنظمة دول المجلس وراثية حالها كحال الأردن، على سبيل المثال، ونظام اليمن جمهوري، لذا فمن الأفضل أن يعمل المجلس على ترسيخ السلام في اليمن والعمل على إعادة إعماره وبدء عملية التنمية فيه، وبهذا يحصل الشعب اليمني الصابر على العنب بدلا من الانشغال بهوية الناطور وهل هو خليجي أم لا؟

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *