حسن العيسى

مسألتان في الاستجوابات الابتزازية

لا يمكن أخذ معظم استجوابات هذا المجلس بجدية، فهو ابن الحكومة بداية نهاية، وفي ذلك يمكن أن يقال عنها بصفة عامة إنها استجوابات حكومة لحكومة (هذا تعبير أحد النواب السابقين في مجلس سابق)، مثلما كان يقال عن مجالس سابقة جرت فيها مثل تلك الاستجوابات الابتزازية.
ليس المقصود بهذا الكلام استجواب النائب محمد طنا للسيدة الصبيح تحديداً، لكن ليس هناك ما يمنع أن يكون الاستجواب من طائفة “منك وإليك”، أي من الحكومة للحكومة، وقرأت تصريح النائب محمد طنا كما نشرته الصحافة، ولست متأكداً من جدية محاور استجوابه، وقد أكون مخطئاً، لكن تبقى هناك قضية الفساد والتلاعب الذي حدث في هيئة شؤون ذوي الإعاقة، وتسلم عدد من المواطنين دعم الإعاقة من الدولة، رغم وفاة أصحاب الإعاقة منذ زمن طويل، أو كانت حالاتهم لا تستحق الدعم، وهي مسألة كشفت عنها الوزيرة، لكن ماذا حدث بعدها، وهل تمت إحالة الملف إلى النيابة، أو اتخذت فيها أي إجراءات ضد هؤلاء المزورين أم لا؟! تلك نقطة أثارها محمد طنا بصورة عامة، في تصريحه، وننتظر إجابة الوزيرة، وحكم القانون الغائب عن وضع هيئة الإعاقة، مع اعتقادي الأكيد، أن حالة الإعاقة الإدارية – السياسية هي صفة لازمة للدولة برمتها وليس تحديداً في الهيئة.
مسألتان يجب توضيحهما الآن في موضوع الاستجوابات الابتزازية، وربما لا علاقة لهما باستجواب طنا، المسألة الأولى تتلخص في أن الكثير من الاستجوابات من فصيلة استجواب الحكومة للحكومة، وهي تاريخياً محاولة فرض إرادة شيخ داخل التشكيل الحكومي، أو خارجه، ضد شيخ آخر، وغالباً يكون الأخير هو رئيس الوزراء، لتصفية خلافات مشيخية قديمة، ولتحقيق طموحات سلطوية، وبهذا تتم حروب بالوكالة في قاعة عبدالله السالم، هي شكل خاو لنزاعات القصور، وهي صورة من صور الفساد واستغلال النفوذ وغياب حكم القانون.
المسألة الثانية أن تلك الاستجوابات الابتزازية، بطبيعة الحال، لا يراد بها ممارسة الرقابة التشريعية، وإنما هي عقوبة للوزير حين لا يرضخ لأجندة هذا أو ذاك النائب أو يحقق طلباته، كأن يعين أحداً من جماعته في مركز إداري كبير، أو يرفض الوزير، أحياناً، معاملة ما لهذا النائب حين تكون مخالفة للقانون. عندها يتم تهديد الوزير بالاستجواب، هذا بافتراض مسبق عدم قيام الوزير “الديلوكس” (شيخ) بحل مشكلة النائب بالتوقيع وإنهاء معاملة النائب رغم أنف الوزير الشعبي، وهو الشخص المهدد بالاستجواب، وتذكروا، بالمناسبة، أن وزراء من عينة حمود زيد الخالد أو عبدالعزيز الصقر ومن عاصر زمنهم من ذوي الثقل والمواجهات والتحدي السياسي قد انقرضت ولم يعد لها وجود.
يبقى التقرير بأن الاستجوابات الابتزازية هي صورة من صور استغلال النفوذ، وهو تحقيق واقعي لسرطان المحسوبية، وهي تعني ممارسة السلطة لتحقيق منافع معينة لأقرباء أو أصدقاء… في النهاية، لا حاجة لكي نبحث عن سرطان المحسوبية في استجوابات النواب، اغمضوا أعينكم، ومدوا أياديكم لجوف أي من مؤسسات الدولة، ستلمسونها وستحرق أكفكم، هذا إن كنتم من “أهل الله” ولا تعرفون مسالك ودروب الفساد والمحسوبيات في دولة “هذي الكويت صل على النبي”.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *