عبدالوهاب جابر جمال

التفاوض مع الشيطان

بعد فوز الرئيس الايراني الحالي الشيخ حسن روحاني المنتمي للتيار الاصلاحي مباشرة ، اعتقد سياسيو العالم ان العلاقة مع واشنطن بدأت تتغير وان مرحلة العداء بين البلدين قد انتهت بعد ان اشتدت في زمن الرئيس السابق احمدي نجاد .

واشتد هذا الاعتقاد بعد ان جلست طهران مع واشنطن على طاولة واحدة للحوار بخصوص الملف النووي ، فانشغل العالم بسياسييه وكبار محلليه وطرحوا عدة اسئلة منها ؛ الى اين ستصل العلاقة بين هذين البلدين ؟! وهل سيستمر التفاوض لحل كل القضايا العالقة بين البلدين منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران ؟!؟ وهل سيتم مناقشة القضايا الاقليمية الاخرى ؟!؟

وكان الاغلب يتساءل اين ستذهب شعارت (الموت لأمريكا والموت لاسرائل ) هل انتهى مفعولها ؟

وهنا يجب ان نوضح عدة امور ومنها :

ان العداء والحرب مع امريكا ليست مسألة بسيطة عند الشعب الايراني او موسمية كي تتغير مع تغير الرئيس بل هي احد اركان الثورة الاسلامية ، ولا يمكن ان تتغير بوصلة العداء مع تغير الرئيس ، فمصطلح (الشيطان الاكبر) الذي اطلقه مفجر الثورة الاسلامية في ايران الامام الخميني (رض) لا يمكن مسحه ابداً ما دامت السياسة الأمريكية هي هي ولم تتغير .

وكذلك ان موضوع التفاوض من عدمه لا يستطيع تحديده رئيس الجمهورية او وزير الخارجية او اي شخص اخر ، فالقرار محصور بيد الولي الفقيه وهو الذي يعطي الصلاحية للرئيس او وزير الخارجية للبدء بهكذا فعل او لا.

وقد اعلنها الولي الفقيه الامام الخامنئي عدة مرات واخرها في لقاءه مع القادة قوات البحرية في حرس الثورة الاسلامية بتاريخ ٧ – ١٠ – ٢٠١٥ حيث جدد موقفه من التفاوض مع أمريكا وقال انه (محظور) لما يحمله من مضار لا تحصى للجمهورية الاسلامية ولكونه غير مجد ، وقال ايضاً ان التفاوض مع أمريكا يعني شق الطريق أمامها للتغلغل وفرض الإرادات .

فبهذه الرسالة وجه الامام الخامنئي عدة رسائل للداخل والخارج ومنها :

١- انه لن يسمح بالتفاوض مع امريكا بتاتاً ورغم انه سمح بالتفاوض بخصوص الملف النووي الا انه لن يسمح بتكرار التجربة مرة اخرى حتى لو كانت تجربة ناجحة .

٢- انه لا يثق بأمريكا وانها مازالت كما وصفها سلفه الامام الخميني (رض) بانها الشيطان الاكبر ومكرها وخديعتها ما زالت قائمة .

٣- طمأنة الداخل وخصوصاً الحرس الثوري الاسلامي والتيار المحافظ بان امريكا مازالت عدو وعليهم الحذر منها والجهوزية التامة لمواجهتها وعدم التساهل معها ابداً.

٤- ان الايرانيين هم اصحاب الكلمة الاولى الأخيرة وهم من يحدد مواضيع التفاوض مع امريكا ، فامريكا ضعيفة وتستمر بضعفها يوما بعد يوم ولن تستطيع الضغط على ايران او الضغط عليها .

٥- وجه تطمين لمحور المقاومة ؛ بانه لن يتم التنازل او التفريط باي جبهة من جبهات الصراع في مقابل الحصول على حق ايران النووي ، ورغم محاولة امريكا وسعيها لذلك من خلال محاولتها زج تلك الملفات اثناء الحوار لكن الرفض الايراني كان واضحاً وحازماً .

وبهذا الموقف يتضح ان صاحب السلطة والقوة الاكبر في ايران(الولي الفقيه) ومعه غالبية الشعب لايزال على موقفه المنسجم مع موقف سلفه في العلاقة مع امريكا ، وان شعار (مارگ بر امريكا) ما زال شعاراً حيوياً لايتغير ومازالت امريكا هي الشيطان الاكبر التي لا يرتجى منها خيراً .

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *