إبراهيم المليفي

المرتاحون في الأرض

هم ليسوا الأغنياء بالضرورة ولا أصحاب النفوذ بالمطلق ولا المقتاتون على فتات موائد الكبار في بعض الأوضاع، هم شريحة من عميان القلوب قبل الأبصار، نراهم في الأوقات الخاطئة، ونبحث عنهم وبيدنا أكثر من عصا في الأوقات الصح.

“المرتاحون في الأرض” هم الذين لا يعترفون بوجود المشاكل والأزمات حتى تصيبهم مباشرة في جبهة الرأس، وحتى ذلك الحين هم دوما الأسرع في ارتداء الروب الأسود للترافع (عمياني) عن كل “بشت” وصاحب مقام رفيع دون معرفة حيثيات القضية التي تبنوها طالما أن الخصم ينتمي إلى القائمة السوداء.
عميان القلوب لا يعترفون بوجود شمس القضية الإسكانية، وهم في ذلك فريقان: فريق نجح في تأمين مستقبل جيله الرابع وفريق “أهبل” يرى المستقبل من خلال الوعود الحكومية، نفسهم عميان القلوب لا يعترفون بالبيروقراطية حتى تتعطل معاملاتهم، ولا بالأزمة المرورية حتى تتكدس السيارات أمام منازلهم، ولا بتردي الخدمات الصحية حتى يترك في بطونهم مقص أو صينية بطاطس، ولا بضيق مساحة حرية التعبير حتى يلقوا خلف القضبان احتياطياً، وهم عند أنفسهم من وجهاء القوم ولا تجوز معاملتهم كغيرهم.
“المرتاحون في الأرض” وإخوتهم بالرضاعة “الموالون حتى النخاع” لديهم قدرات لا متناهية على تهوين الكبائر وتكبير الصغائر، هم “شطار” في استحلاب الكلمات وصناعة خطوط الدفاع من جلودهم في سبيل الذود عن أهوال لا يمكن الدفاع عنها؛ لأنهم نجوم الأزمات ومسودو الصحائف والمرابطون في “تويتر” ليلا ونهارا، الفارق بين الأخوين هو أن الأول يدافع بقوة الدفع الذاتي لأسباب نفسية، والثاني يدافع لأسباب مصلحية في الغالب.
نهاية القول، المرتاحون في الأرض هم أكثر الناس إثارة للمقهورين من ضغط الواقع البائس على صدورهم، وهم أيضا أكثر الناس تعرضا للدهس في الدواوين قولا وعملا.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

إبراهيم المليفي

كاتب ومحرر في مجلة العربي الثقافية منذ 1999 وصاحب زاوية الأغلبية الصامتة بجريدة الجريدة منذ 2010

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *