إبراهيم المليفي

نعم لحق اختيار نوع التعليم

إذا لم تتطور مفاهيمنا المؤسسة للنظام الديمقراطي ومنظومة الحقوق التي تعزز بناء دولة المساواة والعدالة فلن يكون مصيرنا غير الدوران في حلقة مفرغة من الصراعات السقيمة، وبناء نموذج مشوه لديمقراطية تأكل شعاراتها قبل حقوق أفرادها.
فيما مضى كنا نرى قضية التعليم المشترك بمنظور، واليوم نراها بالمنظور نفسه، ولكن بنظرة أوسع تنطلق من حق الأفراد المطلق في اختيار نوع التعليم لأبنائهم الذي يعلو فوق أي سلطة تريد فرض نوع معين من التعليم يتوافق مع طبيعة تحالفاتها السياسية، وعليه فليس بالضرورة أن تقترن التقدمية بنظام التعليم المشترك، وليس التخلف مقترناً بالفصل بين الذكور والإناث، ولنا في النظم التعليمية المتطورة في الدول المتقدمة خير مثال على ما نقول؛ لأن جامعاتهم فيها ما هو مشترك وفيها ما هو مفصول، وحق اختيار نوع التعليم متروك للآباء وربما للأبناء.

التخلف والرجعية هنا هما في اغتصاب حق الاختيار والتراخي في ذلك الحق، حتى وصل التخلف للجامعات الخاصة التي هي مشاريع ربحية خاصة، تعمل وفق معايير محلية ودولية تضمن جودة التعليم، وحق أصحاب المشروع في تحقيق أرباح معقولة، ولن يلتحق بها غير القادر على الدفع.
إنني أتفهم أسباب الحرج وربما الخوف الذي يقع فيه بعض المسؤولين والشخصيات العامة– قبل عشرين سنة- من التصريح علنا برفضهم للقانون المتخلف الذي اغتصب حق اختيار نوع التعليم، كما أتفهم التحول التدريجي لعملية الرفض تحت عباءة مساوئ تطبيقه والتكاليف الباهظة التي تتحملها الدولة بسبب تطبيقه، ولكن ما لا أستطيع استيعابه اليوم هو الاستمرار في استعمال الحجج نفسها، في الوقت الذي تقلصت فيه قوة القوى الداعمة لقانون الفصل المتخلف وسطوتها.
إن المعطيات السابقة والحالية تؤكد أن الحديث عن ولادة مرحلة جديدة عنوانها التقدم والانفتاح مجرد أوهام لا أكثر، ذلك أن الحكومة ومنذ “تبليطها” فسطاط التقدمية لم تعمل لتخفيف آثار قانون الفصل بين الطلاب والطالبات، ولم تفعّل حقها في الذهاب للمحكمة الدستورية للطعن بدستورية ذلك القانون المتخلف؛ لانتهاكه حق اختيار نوع التعليم، وتركت الأمر برمته للمواطنين حتى لا تتهم بالخروج عن الدين، وتخسر بعض حلفائها من أنصار القانون المتخلف.
في الختام على الحكومة، أيا كان حكم المحكمة الدستورية المنتظر، التأسيس لمرحلة جديدة للتعليم الجامعي يحترم فيها حق اختيار نوع التعليم، والبداية تكون بتطبيق نظام التعليم المشترك في المدينة الجامعية الجديدة، وترك جامعة الكويت على نظامها المعمول به حاليا، وترك أولياء الأمور يختارون ما يشاؤون لأبنائهم، وليس من حق فئة لديها أسلوب حياة منغلق أو حزب يحمل أفكارا مليئة بالهوس الجنسي أن يفرضا أسلوبهما الخاص على بقية أفراد المجتمع.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

إبراهيم المليفي

كاتب ومحرر في مجلة العربي الثقافية منذ 1999 وصاحب زاوية الأغلبية الصامتة بجريدة الجريدة منذ 2010

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *