سامي النصف

طائراتنا لا تلقي بالكيماوي ولا بالبراميل المتفجرة!

أغلب المواقف الثورية المعادية لعاصفة الحزم تأتي ممن زينوا لعبدالناصر دخول حرب 1967، ودخول قوات الأسد للبنان عام 1976، وغزو صدام لإيران عام 1980، وضربه لشعبه بالكيماوي عام 1988، وغزوه للكويت عام 1990، فلهم في كل وكسة ونكسة نصيب، وقد أدمنوا الهزائم والاعوجاج والفكر الغوغائي حتى أصبح للحكمة والانتصار طعم مر في أفواههم، خاصة اذا أتى من أهل الحكمة في الخليج، فهزائم منكرة تحت الرايات الثورية في مفهومهم خير من انتصارات مبهرة تحت الرايات الخليجية العربية.

***

هذه الكراهية المقيتة لما يأتي من أهل الخليج لها أسباب ومبررات معلنة وخافية، فبعد ان روجوا للفكر الغوغائي والعدمي للقيادات الثورية الذي أدى بالأمة الى المهالك والهزائم والفوضى الخلاقة وغير الخلاقة حتى كادت ان تندثر، وجدوا بفكرهم المنحرف ان الإقرار بنجاح التجربة الخليجية بجميع نواحيها السياسية والعسكرية والتعليمية والصحية والتنموية والزراعية والصناعية والسياحية.. إلخ، يعني ان الأمة العربية كافة ستستفيد من تلك التجارب الناجحة مثلما نجحت دول الخليج وتنهض بعد طول سبات، لذا وجب التخذيل المتعمد لكل إنجاز خليجي والتطبيل للفكر المدمر.

ومن الإخفاقات الثورية المهمة التي أدت بالأمة للمهالك هو ان ممثليهم لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تركوا للآخرين صياغة القرارات الدولية المفصلية التي تخصهم كحال صياغة المندوب البريطاني اللورد كارينغتون للقرار 242 الشهير إبان حرب 1967 ومن ثم الدخول في خلاف فقهي ولغوي حول هل على إسرائيل ان تنسحب من خلال الحوار (أي الفصل السادس لا السابع من الميثاق) من أراض عربية محتلة أم من الأراضي العربية المحتلة؟ ودخلنا بسبب تلك الصياغة في إشكال ضخم لم نخرج منه الى يومنا هذا.

***

هذه المرة تلا الانتصار العسكري الكاسح لعاصفة الحزم، حيث قلبت موازين القوى بالكامل لصالح الشرعية دون اسقاط طائرة واحدة، انتصار سياسي ديبلوماسي مماثل في مجلس الأمن، حيث تمخض جهد التحالف العربي بقيادة السعودية وبمشاركة خليجية وعربية عن قرار تمت صياغته بأنامل عربية، وصدر تحت الفصل السابع من الميثاق تحققت فيه كل مطالبات التحالف، وحاز إجماع (لا أغلبية) أعضاء مجلس الأمن، فامتناع روسيا عن التصويت هو موافقة ضمنية واضحة، ولو لم تكن روسيا قابلة بذلك القرار وما ينتج عنه لاستخدمت حق النقض (الفيتو) وهو حق مطلق لها.

***

آخر محطة:

(1) والنصر الديبلوماسي الساحق في التفاصيل، فلم يطلب القرار إيقاف عاصفة الحزم، وثبت شرعية النظام اليمني، وأدان الخارجين عليه كصالح وحلفائه وفرض العقوبات عليهم، وأقر إجراءات الحصار، ومنع الأسلحة عنهم، لا عن الشرعية، ودعم ضرب مخازن الأسلحة التي شجعتهم على الانقلاب.

(2) ألم يحن الوقت للمارقين ومدمني الفشل والهزائم العسكرية والسياسية المنكرة ان يعودوا لعقولهم ـ ان وجدت ـ والاعتراف بخطأ مسارهم، والتوحد حول تأييد هذا العمل الذي أحيا أمة ماتت أو قاربت على الموت؟!

(3) ولمعلوماتهم، طائرات التحالف لا تلقي كحال طائرات من أيدوهم بالكيماوي أو البراميل المتفجرة الممنوعة!

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *