علي محمود خاجه

خلاص عاد

غير معقول هذا التخبط لدى ما يسمى "الحراك"، وغير مقبول ألا يكون هناك من يمتلك قليلاً من الرشد من قادة الحراك المزعوم لتقويم الأساليب والطرق لتحقيق أهداف ما يسمى "الحراك" إن وجدت الأهداف فعلاً.
فقبل يومين، أُطلِقت دعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى 100 ألف متظاهر كويتي، وطبعاً كالعادة دون تحديد مطالب واضحة، وحتى وإن تم تحديدها عشوائياً، فالمسألة جاءت دون تحديد آليات للوصول إلى المطالب أصلاً، فقط الوصول إلى 100 ألف متظاهر، وبعدها "يحلها ألف حلّال".
لا أعلم من أين أبدأ مناقشة هذا التخبط الذي جعل الناس، وإن كانوا مؤمنين بضرورة الإصلاح السياسي، ينفضّون من حول ما يسمى الحراك، فأن تتكرر مجدداً مسألة الأعداد كمعيار للنجاح، وأن تكون الأعداد هي عنوان الدعوة رغم أن التركيز على الأعداد هو ما ساهم في تلاشي الحراك أصلاً، وحتى لو خرج تجاوباً مع هذه الدعوة اليوم عشرة آلاف أو عشرون أو ثلاثون أو أربعون أو خمسون ألف متظاهر، وهو ما أستبعد جداً أن يحدث، فإن هذا سيعد فشلاً بحكم أن كل تلك الأعداد الضخمة لم ترقَ لتشكل أكثر من 50 في المئة من الرقم الذي يطمح إليه الداعون، وبالتالي فإن أي عدد يقل عن 50 في المئة سيعتبره الجميع فشلاً ويقلل من أثر المتظاهرين أصلاً.
ثم إن سلمنا جدلاً بأن الداعين تمكنوا من جذب هذا العدد، وهو ما يمثل 8 في المئة من الكويتيين تقريباً بكبارهم وأطفالهم، فما هو المطلوب منهم؟ الدعوة إلى حكومة منتخبة مثلاً أم العودة إلى الأصوات الأربعة أم إعادة مجلس فبراير 2012 أم إسقاط جميع التهم أم فصل الدين عن الدولة أم أي مطلب آخر؟ ومن سيحدد تلك المطالب أصلاً؟ هل هم الداعون أم المتظاهرون؟ ومن سيحدد ترتيبها حسب الأولويات الأهم فالأقل أهمية وغير ذلك من أمور؟!
وإن سلمنا أيضاً بأنه تم الوصول إلى 100 ألف متظاهر بمطالب واضحة ومحددة كالحكومة المنتخبة مثلاً، فما آلية تحقيق الحكومة المنتخبة المطلوبة؟ هل ستكون حكومة مشكَّلة من نواب مجلس الأمة المنتخبين أم ستجرى انتخابات حكومية على غرار الانتخابات البرلمانية، أم ستقر الأحزاب السياسية على أن يشكل الحزب ذو النسبة الأعلى الحكومة؟
ولنسلم كذلك بأنه تم جمع 100 ألف متظاهر بمطلب واضح، وهو الحكومة المنتخبة وآلية واضحة، وهي أحزاب سياسية يشكل فيها الحزب الفائز حكومته وهو ما سيحتاج إلى تعديل دستوري، وهذا ما يعني أن الأمر سيتطلب قبول رئيس الدولة ومجلس الأمة الحالي ذلك، فكيف سيتحقق ذلك في ظل ظروف سياسية كالتي نعيشها في الكويت اليوم؟!
تكرار الفعل نفسه وتوقع نتائج مختلفة هو ما يقوم به ما يسمى "الحراك" اليوم، والمصيبة أنه لا قيادة ولا إرشاد حقيقي من شأنه أن يطور أو يغير أسلوب العمل إلى الأفضل، فكل ما يقوله المتداعون بـ "تويتر" صواب، وإن كان فاشلاً، وكل من يرفض خائن أو "متمصلح" ولذلك لن ينصلح الحال.

خارج نطاق التغطية

54 عاماً من الاستقلال، ومازلنا بمصدر دخل واحد لا نتحكم في سعره، كل عام والكويت بخير.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *