باسل الجاسر

القرارات المتعسفة عبث وتكلفتها عالية..

كثرت في الآونة الأخيرة القرارات المتعسفة والانتقامية الخارجة على القانون التي تصدر عن الحكومة الرشيدة، وكثرت في المقابل الأحكام القضائية التي قضت ببطلان قرارات الحكومة على كل المستويات، سواء انتخابات مجلس أمة أو حل جمعيات نفع عام، أو تعيينات قياديين وإقالة آخرين، بل حتى مقابلات لتعيين موظفين.. الخ.

والمؤسف ان كل هذه القرارات التي تبطلها المحاكم صدرت بالرغم من ان الحكومة لديها جيش جرار من المستشارين القانونيين الذي يكلفون المال العام مالا طائلا ومثل هذه القرارات للأسف كثيرة ومحال حصرها في مقال بل ولا في عشرين مقالا، ولكنني سأختار قرارين فقط، أحدهما صدر فيه حكم قضائي ببطلانه وهو المتعلق بالكابتن سامي النصف، والقرار الثاني هو قرار إغلاق جريدة «الوطن» لتدليل على خطورة مثل هذه القرارات وكلفتها العالية على الحق والعدالة في المجتمع، وعلى سمعة الحكومة وعلى المال العام.

فقرار إقالة الكابتن سامي النصف كان بذريعة صفقة شراء طائرات مستعملة بصفة عاجلة لحين وصول الطائرات الجديدة.. فصدر قرار الإقالة وتم حل مجلس إدارة «الكويتية» وتعيين مجلس جديد، وثبت مؤخرا أن هذه القرارات جاءت بمخالفة القانون فتم إلغاؤها بحكم قضائي.. وهذا سيؤدي الى صدور أحكام أخرى بالتعويض للكابتن سامي النصف ولكل زملائه في مجلس الإدارة المنحل ولكل المتضررين من هذه القرارات الهوجاء.

وهذه تكلفة سيتحملها المال العام، وهناك تكلفة أخرى سيتحملها المال العام تتمثل في إلغاء صفقة الطائرات التي كانت ناجحة بكل المقاييس وبإقرار رشا الرومي التي قالت إنها كانت صفقة ناجحة، ولو تمت لحلت الكثير من المشاكل التي تعاني منها «الكويتية» بسبب قدم طائراتها، والكلفة الثالثة تتمثل في أن مجلس الإدارة الجديد أقدم على استئجار طائرات فيها نواقص كثيرة وخارج القنوات المقررة في «الكويتية»، ولكن لغاية الآن تكلفة الصفقة غير معروفة وقاموا بشراء طائرات وأيضا لا أحد يعلم تكلفتها في بلد فيه دستور وميزانية عامة تناقش في مجلس الأمة كل عام، وبلد الكل يطالب فيه بالشفافية ولكن خرج أحد أعضاء مجلس الإدارة ليقول إن قيمة الصفقة سرية!

وفي قرارات إغلاق الحكومة لجريدة «الوطن» المتعسفة أيضا ستكون لها تكلفة كبيرة على المال العام فحتى لو آمنا بأن إغلاق جريدة الوطن وسحب ترخيصها جاء وفق القانون (وهي قرارات مخالفة للقانون) فلماذا يتم الإصرار على إغلاق مبنى جريدة الوطن؟ ومنع أصحابه من دخوله ومباشرة العناية به وبموجوداتها من أجهزة وما شابه؟ وإلى متى ستستمر الحكومة في منع أصحاب المنى من دخوله؟ ولماذا تستشكل الحكومة على قرارين قضائيين بفتح المبنى؟ أليس في هذا لدد في الخصومة؟ عيب جدا أن يصدر من الحكومة!

أما ممارسة التعنت في قضية «الوطن» سواء مع ملاكها أو مع العاملين فيها فدليل قاطع على أن قرارات إغلاق الصحيفة مخالفة للقانون وجاءت انتقامية تستهدف الإضرار بهذه المؤسسة الإعلامية وأصحابها والعاملين فيها، ستستخدم كإثبات لبطلان هذه القرارات وسيفتح باب التعويضات على مصراعيه لجبر الضرر، وهذا المال سيدفع من المال العام فإن حدث وهو ما سيحدث فعلا فمن المسؤول؟ وما المصلحة التي سيجنيها الوطن أو أهله جراء هذه الإجراءات الانتقامية التي تمارسها الحكومة؟

وفي القضيتين «إقالة النصف وإغلاق الوطن» كانت القرارات سيئة جدا أضرت إضرارا بالغا بسمعة الكويت وتجاوزت القانون والحقوق والعدالة، ولم تحقق أي منفعة لا للكويت ولا لأهلها وكل هذا لإرضاء وتحقيق أجندات شخصية، ولكن على حساب هيبة القانون والمصالح القومية وسيدفع ثمنها المال العام، ويؤكد أن ما تقوم به الحكومة الرشيدة لا وصف له سوى انه عبث مع سبق الإصرار والترصد، فهل من مدكر؟

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *