باسل الجاسر

الديزل للسوق السوداء ولا يهرب

مازالت الحكومة الرشيدة ومجلس الأمة يعتقدون «بسواء أو حسن نية فهذا ما يقولونه على كل حال..» بأن نصف الديزل المدعوم أو الذي كان مدعوما تقريبا يتم تهريبه للخارج، وهذا مجاف للواقع والحقيقة جملة وتفصيلا، فالديزل كان يهرب ولكن هذا توقف منذ زمنا بعيد وتحديدا منذ قامت الحكومة بتحديد حصص للمصانع من الديزل المدعوم، ولكن المؤسف انه ومن خلال هذا القرار قام تجار الديزل بالسوق السوداء بصناعة سوقهم بسطوتهم ونفوذهم وبتواطؤ بعض المعنيين بالحكومة بأن يتم تقليل حصص هذه المصانع بأقل من النصف حتى يجبروهم باستكمال وسد احتياجهم من السوق السوداء أي منهم وهذا ما أثبته هنا في مقال سابق بعنوان «رفع الدعم لخدمة البعض وليس للوطن» نشر بتاريخ 6 يناير2015.
والحقيقة فإن اكبر المستفيدين من رفع الدعم عن الديزل هم تجار الديزل في سوق السوداء بالكويت، فهم كانوا يبيعونه بسبعين فلسا أي بفارق 15 فلسا عن الديزل المدعوم، والذي كان يباع مدعوما بخمسة وخمسين فلسا، بينما اليوم وبعد رفع الدعم عن الديزل ها هم تجار الديزل يبيعونه بالسوق السوداء بمائة وخمسين فلسا، أي انهم بدل السبعين فلسا التي كانوا يبيعون بها، ها هم اليوم يبيعون بأكثر من الضعف.. وهذا ربح فاحش يجب أن يحظى باهتمام الحكومة والمجلس، ويبحثون من أين يأتون بهذا الديزل فمن المستحيل استيراده؟

ولكن الأقرب أنه يأتي من مصافي الدولة وقد يكون عبر السرقة، أو أنه يسجل على حصص المصانع المدعومة فيأخذه تجار الديزل بقيمة 55 فلسا ويبيعونه على أصحاب المصانع الذين دعمتهم الحكومة بعد أن رأت انهم مستحقون لهذا الدعم، ولكن قام الفاسدون بـ«حركة لولبية» بتحويل هذا الدعم المخصص لأصحاب المصانع حولوه لأنفسهم وتجار الديزل في السوق السوداء بالكويت..؟ والاهم هو ما قالته الحكومة ان الديزل المدعوم كان يكلفها 500 مليون دينار سنويا منها 200 مليون تذهب للديزل الذي يهرب..؟ وأنا أجزم بأن المائتي مليون ستستمر الحكومة بدفعها لأن تجار الديزل بالسوق السوداء سيستمرون بالسحب من الحصة مخصصة للمصانع والجهات الأخرى، فتجار الديزل والفاسدون تمكنوا من تقليل كميات احتياج المصانع والفئات التي قررت الحكومة دعمها، بأن منحتهم كميات أقل من احتياجهم الفعلي فعلى سبيل المثال المصنع الذي يستهلك فعليا 90 ألف ليتر بالشهر تخصص له الحكومة 30 الف ليتر.. فيضطر للجوء للسوق السوداء لاستكمال احتياجه من تجارها النافذين وكان ذلك من اجل فارق 15فلسا، فما بالنا اليوم والفارق قفز قفزة بهلوانية إلى 95 فلسا بالليتر الواحد؟

وهذا ما جعل الأسعار تقفز على المستهلكين وستعجز الحكومة عن إعادة الأسعار لما كانت عليه قبل رفع الدعم، لأن الأسعار بالفعل ارتفعت على المنتجين..والمحزن ان الحكومة ستسمر في دفع الفارق من المال العام ولكن لم ولن تتمكن من الحفاظ على مصالح وحقوق المواطنين، بالرغم من أنها دفعت كل ما يلزم من المال ولكنه تحول بقدرة القادر إلى دعم لبعض الفاسدين وبعض التجار الفاسدين، فدفع أهل الكويت تكلفة الحفاظ على الاسعار ومع ذلك ارتفعت وتضرر المستهلكين ضررا كبير.

وهذا ما يتطلب من الحكومة والمجلس التحرك الجاد والسريع من خلال تشكيل لجنة محايدة تلتقي بكل من تم تخصيص حصة مدعومة له من الديزل أو الكيروسين من مصانع أو غيرهما من الفئات التي قررت الحكومة دعمها، وكل على حدة وتتثبت من حقيقة استهلاكه الفعلي وما يتلقاه من ديزل أو كيروسين مدعوم وتعطيه الكمية التي يستهلكها فعليا، وبعد ذلك تنتقل للمصافي أو حيث يتم صرف الديزل أو الكيروسين وتبحث عمن تذهب اليه الكميات المدعومة، وتراجع كشوفها وتبحث في آليات تسليم هذه الكميات وستجد هذه اللجنة أن كتب العزيز القدير لها الظهور للواقع العجب العجاب من صور الفساد والعبث والتلاعب بمقدرات الكويت وأهلها، فهل من مدكر؟

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *