المشروع التجاري الأفضل في الكويت هذه الأيام هو مشروع «أجرة تحت الطلب»، والذي يسيطر على نشاطه بعض مسؤولي الداخلية الكرام كراميلا، بشرط ان يكون موقع المشروع بجانب قصر السيف (مقر الحكومة) لنقل الوزراء من وإلى القصر. ولو قدّر لي ان ألتقي الوزير السابق (للمرة المليون) عبد الله الطويل، الذي حطم الرقم القياسي من دون إصابات بشرية، لسألته سؤالا واحدا لا أكثر: كم صرفت على التاكسي؟ هذا الرجل، لمن لا يتحدث العربية، اختلف الرواة حول عدد مرات دخوله وخروجه من الحكومة… لياقته البدنية عالية كما يبدو.
اسم «عبد الله الطويل» ارتبط بلقب «السابق»، كما ارتبطت كلمتا «الحكومة» و«الرشيدة» برباط كاثوليكي، فنجد من يردد باستمرار: «نهنئ سمو الأمير والشعب الكويتي والحكومة الرشيدة بمناسبة العيد الوطني»، أو «نطالب الحكومة الرشيدة بعمل كذا وكذا»… وصف «الرشيدة» كان ينطبق على الحكومات القديمة، قبل ان ينقرض حرف الـ«لا» من مبنى قصر السيف، أما حكومتنا هذه فهي بريئة من هذه التهمة، تهمة الرشد، براءة الشعب الكويتي من الذكاء، ولم يسبق لها ان سمعت بالرشد أو التقته من قبل، ولو حتى من باب الصدفة الخلفي، فلا تظلموها وتحملوها وزر حكومات الستينات والسبعينات من القرن الماضي… ولا تزر وازرة وزر أخرى.
عندما قرأت أسماء الوزراء وراجعت أسماء النواب أدركت بأن الحل آت، مسافة السكة، فالنواب، أو بعضهم، يفركون أكفهم استعدادا لحفر أسمائهم بالرصاص الحي على جدار المعارضة وجلود الوزراء، في حين يخفي نواب آخرون أحزمة ناسفة تحت ملابسهم، أما الوزراء فيحتاجون إلى مباريات تجريبية كثيرة ليتعرفوا على بعضهم البعض، دع عنك تعاونهم.
الفساد كان يحلق بأقصى سرعة، وبعد هذه التشكيلة الجميلة، وضع الفساد رجلا على رجل وأدار جهاز الـ«اوتو بايلوت»، أو الطيار الآلي، بعدما ضمن عدم وجود عوائق أو مطبات هوائية في فضاء هذا البلد الذي لا يزال يعتمد على رصيده القديم الذي وضعته حكوماتنا الرشيدة القديمة في حسابه، قبل ان تأتي حكومات «حاضر طال عمرك» وتستنزف الرصيد وتشرع في السحب من الـ«ماستر كارد»، على ان يتم السداد في المستقبل بالتقسيط القبيح… شكرا ناصر المحمد.
قلتها سابقا وأكررها: الفارق الوحيد بين حكوماتنا المتعاقبة يكمن فقط في «السيريال نمبر» أو الرقم المتسلسل المطبوع أسفل العلبة… بحّت أصواتنا ونحن نطالب بتغيير المنهجية وطريقة اختيار الوزراء، ولا فائدة تحت الشمس! شكرا سمو الرئيس، نحن نعلم بأن تشكيلتك الأخيرة هي أقصى جهدك وسقف عطائك، وعليه لن نظلمك بتحميلك ما لا طاقة لك به.
وسيبقى الوضع كما هو وعلى المتضرر اللجوء إلى البكاء النزيه.