احمد الصراف

المال النفطي والرياء الصحفي

حصل كثير من الصحافيين العرب على ملايين الدولارات من بعض حكام الدول الخليجية، ثم جاء بعدها صدام والقذافي ليزايدوا عليهما، وقد يكون هيكل أحد الاستثناءات هنا، أقول هذا بالرغم من كل مثالب الرجل وسقطاته، ومع الاحترام للذين لم يسخّروا أقلامهم أو صحفهم للمراءاة والنفاق، والذين لا أعرفهم أو لا أتذكرهم الآن، ولا يعني ذلك أن كتّاب الدول النفطية كانوا أفضل من غيرهم في قضايا ومسائل «القبض»، فقد قبض كثير منهم، وما زالوا، ومظاهر الثراء التي بانت على كثير من الكتّاب أخيرا بالذات أكثر من أن تُحصى! ومن الذين حامت الشبهات حولهم في فضيحة «كوبونات النفط» الصحافي عبدالباري عطوان، الذي كتب مقالا قبل أيام مدح فيه مرحلة حكم صدام، وتطرّق فيه إلى أنه تنبأ بأن الشعب العراقي سيقاوم المحتل الأميركي بشجاعة وسيهزمه، ولن يكون هناك عراق مستقر أو ديموقراطي. وأن هزيمة أميركا أتت تاليا على أيدي المقاومة العراقية الباسلة، وأن صدام حسين كان دكتاتورا، ولكنه حكم دولة موحدة ببنى تحتية جيدة وخدمات ممتازة لمواطنيه مع جيش قوي، وحكم دولة ذات هيبة في محيطها! بينما العراق الجديد بلا هوية وطنية جامعة، ولا هيبة، ولا وحدة وطنية أو ترابية! كما أورد في مقاله نتفا عن تصريحات شخصيات عراقية ندمت على سابق معارضتها لصدام، ولكن «الزميل» القبيض نسي، أن حكم صدام الدكتاتوري الدموي والجائر هو الذي تسبب في كل ما يعانيه العراق الآن من ويلات ومصائب، فقد كان بوسع ذلك الأحمق خلق دولة حديثة وحرة بشعب خلاق ومتعدد المواهب، ولكنه فضّل استخدام حذائه في الحكم بدلا من عقله، فوصل العراق إلى ما وصل إليه الآن. وبمناسبة الحديث عن الصحافيين أخبرني صديق بحادثة كان شاهدا عليها، فقد تواجد في مكتب أحد كبار رجال الدولة في مطلع السبعينات، عندما دخل عليهم الصحافي اللبناني سليم اللوزي، مؤسس «الحوادث»، والذي اغتالته المخابرات السورية لاحقا! ثم دخل عليهم المرحوم عبدالعزيز المساعيد بعدها، وبعد السلام التفت للوزي وقال له: ها سليم ما نشوفك هني إلا عندما تحتاج فلوس؟ ويقول الصديق إن اللوزي انتفض ووقف مستأذنا الشخصية الكبيرة في الرد، فأذن له، فقال: عفوا سيدي نحن لم نأت. الى الكويت لنحصل على فلوس، إنما هدف زيارتنا هو أن نتثقف من جامعتي أكسفورد وكمبردج عندكم! وتابع سليم قائلا وموجها كلامه هذه المرة للمساعيد: هوي في شي عندكم غير الفلوس لنأخذه يا أخو الـ…؟! وكادت الشخصية الكبيرة أن تقع عن كرسيها من شدة الضحك!

أحمد الصراف

حسن العيسى

هم شيوخكم لا غيرهم

هم شيوخكم "ماكو غيرهم"، وهم السلطة الحاكمة الذين أقروا قانون منع الاختلاط عام ٩٦، ولم يردوا المشروع على المجلس في ذلك الوقت رغم الدموع الساخنة التي ذرفتها السلطة على إقرار القانون، وهم شيوخكم الذين صمتوا، ورضوا، وباركوا منع الحفلات وفرض الضوابط الثلاثة عشر المجلسية (إذا لم أنس الرقم) لإقامة مجالس العزاء التي كانت تسمى حفلات، وخصصوا لكل فندق ضباط مباحث لمراقبة حسن السير والسلوك في أمسيات الغم، وهم شيوخكم الذين حين حلوا مجلس ٧٦، ومهدوا السبل السالكة للقوى الدينية السياسية، وأغلقوا نادي الاستقلال، وفتحوا أبواب الجهاد للقتال في أفغانستان (طبعاً بتحالف مع دول خليجية ودعم أميركي)، وهم شيوخكم الذين شرّعوا الخمس والعشرين دائرة لمجلس ٨١، وكرسوا تقسيم الدولة قبلياً، وعززوا واقع التفرقة في المجتمع بين حضر وقبائل، وبين سنة وشيعة، لتصبح الهويات العائلية والقبلية والطائفية مقدمة على هويات الانتماء للدولة، وكانت حكمتهم في ذلك "فرّق تسُد" وسادوا دون منازع، كي يكونوا الحارس الأوحد على صنبور النفط.
وهم شيوخكم "ماكو غيرهم"، يا سادة التابعين الذين حلوا مجالس الأمة الواحد تلو الآخر، كلما امتعضوا من طرح ذلك النائب أو غيره، تسابقوا ونقضوا المجلس، وأعادوا الانتخابات من جديد مع توظيف "كاش" المال العام برسم ضمان الوصول لكرسي التمثيل من جماعات أهل الهوى السلطوي.
وهم شيوخكم "ماكو غيرهم" الذين يكممون هذه الأيام أفواه المعارضين الشباب، ويضربون عرضَ الحائط بمبادئ حرية الضمير وحق المواطن في نقد الحكم، متذرعين بقوانين "دراكونية" لا دستورية تخالف الحد الأدنى لما أقرته واستقرت عليه الوثائق الدولية لحقوق الإنسان.
 هم شيوخكم "ماكو غيرهم" الذين يعترضون على "خلق" (لا تطوير) ديمقراطية حقيقية، بأحزاب وحكومات لها أغلبية في المجلس النيابي، ولها تصوراتها التنموية لمستقبل الدولة وأجيالها… وهم شيوخكم "ماكو غيرهم" الذين تروّجون اليوم لهم ولمشروعهم "التقدمي" المزعوم، من استغلوا وجود أصوات دينية قوية شطت وشطحت بعض الأحيان في المجلس المبطل، فكان ذلك مناسبة عظيمة لهم ولكم، لخلط الحابل بالنابل، ليتم إخراج مثل هذا المجلس المضحك… وهو مضحك بمعنى "شر البلية ما يضحك".
 لماذا يريد منظّرو الحرس الحكومي المدافعون لآخِر حرف بائس عن الطرح المشيخي في التفرد بالسلطة أن يوهمونا بأن المعارضة هم "أشخاص" مثل السعدون والبراك والحربش ومسلم وهايف وغيرهم من نواب سابقين أو ناشطين سياسيين، وبالتالي كل نقد لهؤلاء يعني تهاوي "فكرة" المعارضة بحد ذاتها، وكأن روح المعارضة هي هم، ولا غيرهم، ومتى حدث أي خلاف بين شخوص المعارضين فتلك نهاية تلك المعارضة "الفاشلة" – حسب توصيفاتهم ودمغهم للآخرين المختلفين معهم- وتسليم كامل بحق شيوخهم في الحكم المطلق وسياسة الأبخص التي من الواجب الوطني أن نبصم عليها ونظهرها لأبنائنا رغماً عنا ورغم أنوفنا!
 لماذا يسكب الحرس المشيخي اليوم المداد والدمع الغالي على واقع الحريات الشخصية، ويروّج بأن العلة في قبرها كانت بسبب مشاريع هايف المطيري أو الوعلان ومَن والاهم ومَن سبقهم، وبالتالي تغدو التضحية بهم وبالمجلس ضرورة، كي تنتعش حرياتنا الشخصية، ولا ضرر إن رحلت للجحيم مقدرات الدولة الاقتصادية بالهدر والفساد الماليين؟
 دعوني أهمس لكم بأن شيوخكم لا يهمهم إن لبست الدولة "بدلة رقص" سامية جمال أو وضعت ألف نقاب وألف حجاب ماداموا هم وحدهم السلطة والسلطة هي هم… فارتاحوا يا سادة.

احمد الصراف

هل هن ناقصات؟

ورد في دراسة علمية حديثة جدا أن عقل المرأة اصغر حجما بنسبة %15 تقريبا من حجم عقل الرجل! وربما لهذا يؤمن البعض بأن النساء ناقصات عقل.. ودين! ولكن نسي هؤلاء أن الأمور نسبية، فحجم عقلها يتناسب مع حجم بقية اعضائها، من يد ورجل ورأس وغير ذلك، وبالتالي هل يحق لنا أن نستنتج بأن بعض الذكور الأصغر حجما في أجسامهم من المرأة أقل ذكاء أو فهما منها؟ الجديد الذي بينه العلم أن النساء يمكن أن يظهرن القدر نفسه من الذكاء الذي لدى الرجل بالرغم من صغر حجم أدمغتهن. كما بينت دراسة جديدة اشتركت فيها جامعة لوس أنجلوس الأميركية وجامعة مدريد الأسبانية أن حجم الدماغ بالنسبة إلى النساء ليس بذي أهمية، فهن، بشكل عام، يعملن بكفاءة أكبر. وقد أجرى العلماء الذين شاركوا في الدراسة، والتي نُشرت في مجلة الذكاء، سلسلة من اختبارات الذكاء على الرجال والنساء، تبين منها أنه بالرغم من أن دماغ المرأة أصغر من الرجل فانهن كن أفضل في الاستدلال الاستقرائي وفي بعض المهارات العددية، كما أثبتن كفاءة أعلى في مراقبة ومتابعة المواقف المتغيرة، ولكن الرجال كانوا أفضل في الذكاء المكاني. وخلص الباحثون إلى أن دماغ المرأة قادر على إتمام، بل وحتى التفوق، في المهام المعقدة، مع بذل طاقة أقل واستخدام خلايا عصبية أقل مما يحتاج الرجل بذله لأداء المهام نفسها. وجاء في البحث أيضا أنه «على هذا المستوى الهيكلي، فإن الإناث يظهرن عادة كفاءة أكبر ويتطلبن مادة عصبية أقل لإنجاز نتائج سلوكية على قدم المساواة مع الذكور». وقال تريفور روبينز، أستاذ العلوم العصبية بجامعة كامبردج البريطانية، إن نتائج الدراسة تبين أن الحجم لا يهم بالنسبة للمرأة، وأن حجم المخ الأقل يمكن أن يمثل تعبئة أكثر كثافة للخلايا العصبية أو إشارات أكثر نشاطا بينها، وهذا يعني أنها تعمل بكفاءة أكثر. واضاف: تبين لنا أنه كلما كان الحصين في المرأة أصغر حجما كان الأداء أفضل. وحجم البنية لا يشير بالضرورة إلى أي علاقة بمدى كفاءة الأداء.
والعودة لوضع المرأة في مجتمعاتنا نجد أنه قريب من الحضيض وخاصة في المجتمعات شديدة التخلف، وقد ظلمت المرأة من والدها وولي أمرها واخوتها، واستمر الظلم معها في عهدة زوجها ولينتقل الاضطهاد بعده حتى لأبنائها لها، وكل ذلك بحجة أنها كائن ذو حقوق ناقصة وغير متساوية مع الرجل، وهذا مؤلم ومؤسف حقا، فكيف يمكن أن نربي جيلا صلبا ومؤمنا بحقوقه ومعتزا بكرامته إن كانت التي تربيه ناقصة عقل وتربية وخلق ولا كرامة لها؟

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

حرية اختيار

 مناورة سياسية واضحة وذكية أيضاً تلك التي تقدم بها بعض النواب على شكل اقتراح بقانون لإلغاء فصل ما يسمى بالاختلاط في الجامعة، وما يجعلني أعتقد أنها مناورة سياسية وليست أمراً عفوياً هو أنها جاءت من العدم دون مقدمات أو حتى تصريح مسبق كبقية القضايا المطروحة كإسقاط القروض مثلاً وغيرها. أعتقد أن الهدف وراء هذا الاقتراح هو أن يحظى هذا المقترح بدعم التيارات المدنية المقاطعة لمجلس ديسمبر بسبب مرسوم الضرورة، وبالتالي خلق استقطابات مختلفة عما هي عليه اليوم بين مؤيد ومعارض لمرسوم الضرورة لتتحول ما بين مؤيد ومعارض لما يسمى بالاختلاط. على أي حال وبعيداً عن اعتقادي بأنها مناورة سياسية وليست أمراً جاداً، فإنه من الواجب أن نوضح مفهوماً قد يكون غائباً عن الكثيرين، أو أننا لم ننجح في إيصال ما نريده بشأن التعليم بشكله الصحيح. المطلوب بكل اختصار هو حرية الاختيار في المجال التعليمي وليس الفرض سواء كان على الصعيد الحكومي أو الأهلي، فعندما فرض فصل التعليم المشترك على جامعة الكويت في عام ١٩٩٦، الأمر الذي تكرر في عام ١٩٩٩ على الجامعات الخاصة كان الاحتجاج مبنياً على رفض الوصاية على الطلبة وذويهم في اختيار نوع التعليم الذي يريدونه، وتقييد اختيارهم بشكل ينافي الدستور الكويتي، وما تضمنه من حقوق أساسية ترفض تقييد الحريات. بشكل أوضح رفض ما يسمى بقانون فصل الاختلاط ليس سببه الرغبة في إلزام الدولة بالتعليم المشترك، بل هو رفض لتقييد حرية الاختيار، واليوم يجب أن يتكرر الرفض أيضاً لمبدأ الوصاية بشكلها الآخر على التعليم، فمقدمو الاقتراح النيابي يريدون فرض التعليم المشترك على الطلبة وذويهم وهو تكرار لما حدث في ٩٦ و٩٩ بشكل عكسي. شخصياً أعتقد أن التعليم الجامعي المشترك هو النموذج التعليمي الأفضل، لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يفرض ما أعتقده على الجميع، بل على الدولة الغنية ذات الفوائض الضخمة أن توفر التعليم بأشكاله لأبنائها، وهم يحددون النظام الأنسب لهم، وإن كان النواب فعلاً يهتمون بالوضع التعليمي فإن الأولى هو سرعة تأسيس جامعة حكومية أخرى بمعايير تتفادى كل أخطاء جامعة الكويت، وبنظام تعليمي مشترك كي توفر بذلك الحرية المنشودة في اختيار التعليم، بالإضافة إلى إلغاء قانون فصل ما يسمى بالاختلاط في الجامعات الخاصة لتحدد تلك الجامعات نظامها التعليمي الأنسب. لقد عانينا تقييد الحريات بالمجالس السابقة بمختلف أشكاله، وفيما يبدو أن جماعة مجلس ديسمبر يريدون تطبيق التقييد كذلك، لكن بشكل لا يرضي نواب المجالس السابقة، والتقييد والوصاية بالحالتين خطر ومرفوض. ضمن نطاق التغطية: أكررها للمرة الألف أن قانون فصل ما يسمى بالاختلاط والصادر في ١٩٩٦ لا ينص أبدا على فصل الطلبة عن الطالبات بالشكل المطبق حالياً، بل ينص على تخصيص أماكن لكل جنس في نفس القاعة الدراسية، لكن لا أحد يقرأ بمن فيهم وزير التربية الحالي والوزراء المتعاقبون. خارج نطاق التغطية: ابتداء من اليوم أتشرف بنشر ما أكتب في "الجريدة" كل يوم أربعاء بدلاً من الاثنين.

سامي النصف

رصاصة انطلقت و«عزيزو» زرع!

 رغم أن والدي شاعر ووالدته شاعرة وجده لوالدته هو شاعر الكويت الكبير المرحوم حمود ناصر البدر، إلا انني لا أقرض الشعر ولا أحفظه، وإن كنت أشعر بأن الشعر العربي في يد أمينة بوجود الرصاصة التي انطلقت من عصور العرب الذهبية أيام الشعراء الفرسان أمثال معن بن زائدة وأبوفراس الحمداني واستقرت في عصرنا والمسماة بالسفراء والأدباء.. عبدالعزيز سعود البابطين!

* * *

الصديق الآخر فهد عبدالرحمن المعجل كتب مقالا رائعا نشرته صحيفة «السياسة» صباح امس طلب فيه ان يتصالح الكويتيون مع بعضهم البعض من أجل وطنهم، مستشهدا في مقاله الشائق بما قاله الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل ـ الذي فاتنا حفل غداء معه دعا له الصديق الشيخ خليفة علي الخليفة رئيس تحرير الوطن ـ وكان مما قاله الجميل ان الكويتيين غير متصالحين مع أنفسهم ويتفننون في كسب الأعداء وهو صادق في تحليله، حيث بات الجميع على قناعة بأن هناك «عزيزو» مخبأ في البلد يعمل على بقاء الصراع غير المبرر قائما بين الكويتيين وهو أمر لم يوقفه للعلم حتى.. الغزو!

* * *

أذكر في هذا السياق ان اجتماعي الأول مع الوكلاء والوكلاء المساعدين في الوزارتين اللتين توليت مسؤوليتهما تضمن الطلب منهم إنشاء لجان مختصة بـ «تحسين ظروف العمل» يتضمن عملها القيام بحل الصراعات القائمة في الوزارة والاعتناء بالبيئة والأثاث والألوان.. إلخ، كي يعطي ويبدع ويسعد الموظف في عمله، الطريف انني اكتشفت لاحقا ان بعض المسؤولين هم جزء من المشكلة لا من الحل بتفرقهم وصراع بعضهم البعض.. وطقني وأطقك.. الى الأبد!

* * *

مقترح ان يعطى الوزير حق إقالة الوكلاء يجب ان يسبقه التأكد من ان الوكلاء هم الأفضل في القطاع وفي الوزارة كي لا يشعر الوزير بأن بعضهم عبء وعالة عليه، كذلك يجب ان يتقدم الوزير بأسباب موضوعية لقرار الإقالة وعن بدائله من أسماء ومؤهلات حتى يتم ضمان عدم الشخصنة او الرغبة في إبعاد زيد كي يتم تعيين «القريب» عبيد، يتبقى ان الخبرة قد تعني الجودة في الأداء وهذا الأغلب، او تعتبر أحيانا تجربة سيئة لسنة مكررة بعدد سنوات الخبرة، للعلم في بعض الدول كفرنسا يستجوب الوكيل لا الوزير على أعمال الوزارة اليومية والوزير على سياساتها العامة

 

 

احمد الصراف

دعوات السعدون والبراك

يدعو السيد أحمد السعدون ومسلم البراك، ومن معهما من نواب سابقين ونشطاء سياسيين، مدعومين من وسائل إعلام وقوى ضغط إقليمية ودولية، إلى إحداث تغيير في نمط الحكم وطريقة الإدارة، بحيث يمكن أن يصل من هم من خارج الأسرة لرئاسة الوزارة وتصبح محاسبته بالتالي سهلة وخالية من الحساسية. كما يمكن استبداله بغيره، إن اقتضى الأمر ذلك، من دون معاناة! كما يدعو هؤلاء إلى ما يشبه الانقلاب الإيجابي في فلسفة الإدارة من خلال تطبيق حرفي للدستور، وتقليص قدرة السلطة على الحركة، والتي جاوزت في السنوات الأخيرة كثيرا من «الأعراف» التي سبق أن استقرت على مدى العقود الأخيرة! ويعتقد هؤلاء، كما يدعون، أن هذه التغيرات ستصب في مصلحة تحسين اداء الحكومة وتقليل الفساد، والقضاء على بقية العلل التي تشكو منها الإدارة الحكومية بشكل عام. ولكن ما غاب عن بال هؤلاء أن العلة والمشكلة ليستا في أسلوب الإدارة وطبيعة شخوصها وردود افعالهم وفهمهم، أو حتى في آلية استجواب رئيس الحكومة وحكومته، فهذه الأمور بالرغم من أهميتها، إلا أن العلة والمشكلة لا تكمنان فيها بقدر ما هما في طريقة تفكير المواطن، والتي اكتسبها على مدى نصف قرن من نظام تعليمي خرب ومتخلف! وبالتالي ليس هناك امل في نجاح اي حركة تغيير اساسية من دون تغيير لنظام التعليم في الدولة، والإصلاح لا يتم حتما باستبدال فلان بفلان طالما أن الشعب بمجموعه مصر على انتخاب مشرعيه ومراقبي أداء حكومته من خلال زاوية لا علاقة لها لا بالمنطق ولا بالمصلحة الوطنية ولا حتى بالمصلحة الشخصية الضيقة، فالنائب القبلي أو الطائفي، الذي إن أعطى بيد سيأخذ اضعافه من المال العام باليد الأخرى! وبالتالي فإن تسليم، ولو جزءا من مقدرات الدولة للمعارضة، بكل ما تشكو منه مجاميعهم من قدرات إدارية متواضعة وقصور واضح في فهم الأولويات، وخاصة في التعليم وطرق إصلاحه وأهمية التربية والأخلاق، لن يحدث تغييرا جذريا في آلية الحكم، طالما بقيت تركة التعليم المتخلفة من دون تغيير، وبالتالي سيبقى الوضع كما هو عليه، وكما خبرناه Déjà vu. وبالتالي ليس امام السلطة من خيار سوى قطف ثمار المرحلة واستغلال الفرصة النادرة، وخطف شعلة التحدي من المعارضين، من خلال إحداث ثورة تربوية وتعليمية وأخلاقية طال انتظارها واستحقاقها، وهذا ليس بالأمر المستحيل ولا حتى بالصعب، إلا إذا كانت آلية القرار هي المستحيلة والصعبة.
***
ملاحظة: بينت مصادر وزارة التربية وجود أكثر من 30 ألف مواطن لا يعرفون القراءة ولا الكتابة طبعا! ويحدث ذلك بعد مرور أكثر من قرن على التعليم المنتظم! فهل نرجو صلاحا في أي مرفق، ونحن بكل هذه الأمية والتخلف الدراسي، مستوى ونوعية؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

تجربة الإسلاميين في تونس

تحدثنا في المقالة السابقة عن تجربة الحركة الاسلامية في ادارة الحكومة في المغرب، وبيّنا كيف ان هذا التيار يستطيع ان يدير الحكومة باقتدار اذا كانت الامور طبيعية وبلا مؤامرات خارجية وداخلية من اعداء الوطن!
واليوم نتحدث عن تجربة حزب آخر محسوب أيضاً على تيار الاخوان المسلمين الا وهو حركة النهضة وادارتها لحكومة تونس. فقد فازت حركة «النهضة» في الانتخابات الاولى التي جرت بعد خلع الطاغية العلماني زين العابدين بن علي وحصلت فيها على المركز الاول من دون منازع، وشكلت حكومة ائتلافية من الاحزاب الرئيسية، سيطرت فيها على معظم المقاعد بالاتفاق مع حلفائها الذين وزعت عليهم منصبي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان. وكانت مهمة هذه الحكومة الاعداد للدستور الجديد، ولأن اعداء الديموقراطية متواجدون في كل مكان، ولأن اتباع النظام المخلوع ما زالوا يتنفسون الهواء الطلق، لذلك لن يهدأ لهم بال حتى يزعزعوا الاوضاع ويثيروا الفتن ما ظهر منها وما بطن، فبادروا الى اغتيال احد رموز المعارضة، ظناً منهم بأنهم سيورطون بذلك حركة النهضة الحاكمة، وفعلا حدثت الاضطرابات، واتُهمت «النهضة» بتصفية بلعيد، وولول غلمان العلمانية عندنا بفشل الحكومة التي تديرها «النهضة». ولكن على الباغي تدور الدوائر، حيث تم القبض على الجناة الذين اعترفوا بجريمتهم، وتبين انهم خصوم «النهضة»، وقد فعلوا ذلك لافشال الحكومة من استكمال مشروع الاصلاح الذي بدأته! وكان من نتائج هذه الازمة التي كادت ان تعصف بالبلاد، لولا رحمة الله، ان استقال رئيس الحكومة، وعينت حركة النهضة شخصاً آخر غيره وشكل حكومة جديدة تنازلت فيها «النهضة» عن وزارات السيادة للمستقلين، كما اختار عددا من وزرائه من التكنوقراط! ومع هذا لم يرض ذلك تيار الاقلية مع اقليتهم! ومن الطرائف التي تدل على طبيعة اعتراضاتهم ان مبررهم لرفض وزير التربية هو انهم شاهدوه يخرج من المسجد بعد احدى الصلوات! أي انه يصلي! مما يؤكد ان العداء للدين وليس للتيار الديني. ويذكر ان التيار العلماني في تونس اعترض على تدريس مادة القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية بحجة ان ذلك يساهم في تخريج ارهابيين وليس طلبة! ولكن هيهات ان يحصلوا على مبتغاهم، وها هي «النهضة» اليوم، بفضل الله، تخطو خطوات راسخة وثابتة نحو الانجاز والتنمية للبلاد حتى شعر الناس بفضل حركة النهضة وحسناتها. وقد اثبتت نتائج الانتخابات التكميلية التي جرت في ثلاث مدن ازدياد شعبية حركة النهضة وتفوقها على خصومها.
ان التيار الاسلامي بعد كل انتخابات حرة ونزيهة يفوز باقتدار غير مسبوق، وعندما يشكل الحكومة فانه يشكلها وفقا لما تقتضيه مصلحة البلد وان اضطر للتنازل عن بعض مكتسباته من اجل التوافق وعدم الاختلاف. ان هذا التيار ليس بيده عصا سحرية ولا يختلف عن غيره من التيارات الاخرى الا بنظافة اليد وسلامة السريرة وحسن السمعة ومعايشة الناس وهمومهم.
وفي المقال المقبل سنتحدث، باذن الله، عن تجربة التيار الاسلامي في مصر وكشف حقيقة ما يجري هناك.
***
بعد الكلام الذي قاله فؤاد الهاشم في قناة الصباح قبل يومين لا بد من ان نتوقع تصرفا سريعا من الجهات المختصة ومعاملته مثل معاملة من تمت احالتهم إلى النيابة! بس المشكلة انه هذه المرة شق الجربة.

حسن العيسى

حصان طروادة من جديد

هل يتعين على التقدميين الذين عارضوا مجلس الصوت الواحد الاصطفاف مع اقتراح بعض النواب بإلغاء قانون رقم ٢٤ لسنة ٩٦ المحرِّم للاختلاط بين الطلاب والطالبات في التعليم العالي، لأن مثل هذا القانون كان تعدياً صارخاً على حرية الأفراد في اختيار نوع التعليم والحياة الاجتماعية بالجامعات، وأن ذلك القانون، صورة أخرى، وشاهد جديد على مشروع الدولة الدينية الثيوقراطية المضادة للحريات العامة والخاصة، والتي ستقذف بالفكر الإنساني والحداثة ألف عام للخلف، وغير ذلك من أسباب، مثل التكلفة الاقتصادية لذلك القانون وعجز الجامعة (والجامعات) عن تنفيذ القانون لبعض التخصصات والشعب الدراسية…؟
الزميل عبداللطيف الدعيج في "القبس" أمس يقدم الإجابة السريعة والحاسمة، بأن اقتراح النواب مقدمي المشروع، مسألة لا تحتمل التردد ويجب تأييدها، فهي قضية "وطنية بالدرجة الأولى"، أي قضية عليا لا يجوز الاختلاف عليها، وأنها يجب ألا "تخضع للحسابات الفئوية أو أن تكون عرضة للمزايدات…"، ويشعر الزميل بخيبة أمل لأن التقدميين (حسب مفهوم الزميل) آثروا مصالحهم وحسبوا "أرباح الغير قبل أن يراعوا المصلحة العامة…"، فكان صمتهم أو "تخاذلهم"، إن صح التعبير، في تأييد طرح الاقتراح.
بودي أن أصفق بحرارة لرأي عبداللطيف، وأن أوبخ التقدميين الصامتين المتخاذلين عن دعم مشروع إلغاء القانون، وأقول ليس قضيتنا "من" هم الأشخاص الذين تقدموا بالقانون في مجلس الصوت الواحد، وإنما "موضوعه" وأهدافه السامية التي لا يجوز الاختلاف عليها… ليتني أقدر أن أفعل الأمرين، لكن هذا غير ممكن.
فالنواب الذين وقفوا مع "حريات" الأفراد في التعليم المختلط، وهذه تعد من الحريات الفردية وحرية اختيار البشر لمصيرهم، وقف بعضهم بالأمس لتمديد عقوبة الحبس الاحترازي الذي قصر زمنه من قبل نواب المجلس المبطل… وأن بعض هؤلاء النواب من مقدمي المشروع رفعوا رايات الولاء للسلطة والعبودية لها بالتشديد بعقوبات الرأي بجرائم المساس بأمن الدولة أو الذات الأميرية، وما يحمل ذلك الاتجاه بالتوسع في تفسيرات الإدانة لأي عبارة أو جملة "تويتر" قفزت من يد مغرد…
مشروع قانون إلغاء منع الاختلاط يطرح اليوم، وعشرات النواب في المجلس المبطل يقفون أمام محاكم الجنايات في سيل من دعاوى محاولات تدجين الرأي المخالف وترويعه عبر تحريك القضايا الجزائية ضد من قالوا "لا" لمرسوم الصوت الواحد وللسلطة التي فرضته منفردة، وهناك نواب آخرون، مثل فيصل المسلم الذي تقف على رأسه عدة قضايا، ويتهدده السجن بأي لحظة، قالوا "لا" في قضايا الإيداعات المليونية لنواب الحكم التابعين… مشروع إلغاء قانون منع الاختلاط يطرح اليوم وعشرات من المغردين والناشطين السياسيين إما في السجون أو ينتظرون دورهم لاستكمال التحقيقات كمرحلة أولى، واستهلال جديد لدورات تنشيطية في السجن المركزي… أليست هذه وتلك من مسائل الحريات…؟! أليست هذه وتلك من قضايا الرأي وممارسة حق التعبير ونقد السلطات الحاكمة… مثلها مثل حرية الاختلاط، بل هي أسمى وأجل لأنها تمس وجود الفرد وكيانه!
هل نعد مخطئين، إن فسرنا الاقتراح لإلغاء قانون منع الاختلاط بأنه "حصان طروادة" لكسر مواقف المعارضين التقدميين، كما كان تصديق السلطة وعدم ردها لقانون منع التعليم المختلط بالجامعة عام ٩٦ بعهد وزير التربية التقدمي الراحل د. أحمد الربعي مسألة (وجود الراحل الربعي في الوزارة) يمكن اعتبارها هي الأخرى حصان طروادة…!! هي السلطة الحاكمة الواحدة مرة تحشر نفسها بجوف حصان خشبي مثلما كان يتم في التسعينيات، ومرات أخرى تدخل بالسيارات المصفحة للقوات الخاصة، أو عبر مشاريع قوانين كالذي يقدم اليوم… لكنها في كلتا الحالتين لم تملك في صفوفها فرساناً مثل "أخيل".

احمد الصراف

حياة الكاتب الشخصية

“>وردتني رسالة «واتس أب» نصها: عندما رأيتها قلت مبهورا ما شاء الله! وعندما استهويتها قلت: إن شاء الله! ولكن عندما عرفتها عن كثب قلت: أستغفر الله. ومع نهاية العلاقة تنهدت قائلا: الحمد لله!
التقيت بصديق في حفل كان يحضره بعض الكتّاب، فطلب مني أن أقدمه لكاتب معروف بمواقفه الشهيرة، فقلت له: لا تجعل كلماته تخدعك، فإن تعرفت عليه فستتغير حتما نظرتك له ولما يكتب، فشخصيته الحقيقية تختلف عن كتاباته، وهناك من تعجب بما يكتب، ولكنك لا تستطيع أن تحترم شخصه لما تعرفه عنه، وهذا يسري على كل الموجودين ضمن دائرة الضوء! فهؤلاء عادة يظهرون بالصورة التي يودون أن يراهم الآخرون عليها، وليس على حقيقتهم، وبالتالي نجدهم يتبنون آراء ويدعون لمواقف قد لا يكونون بالضرورة من المؤمنين بها! فمن المفترض مثلا أن يكون أشد الناس مطالبة بالالتزام بالقوانين هم رجال الأمن والمشرعون مثلا، ولكن الواقع يقول عكس ذلك تماما. وقد كانت الحياة الخاصة للمميزين من ممثلين ومطربين ورسامين وكتاب وموسيقيين وأعضاء الأسر المالكة ومشاهير الأغنياء، مثار اهتمام دائم من وسائل الإعلام، والبعض يطالب بمعرفة كل شيء عن حياتهم الخاصة، وأنها ليست ملكا لهم، بل لمحبيهم والمعجبين بهم! والبعض الآخر يقول إن لنا أعمال هؤلاء فقط وإبداعاتهم، ولهم أن يعيشوا حياتهم بالطريقة التي تلائمهم، مهما كانت غريبة أو شاذة! وبالرغم من إيماني بأن لكل فرد الحق في العيش بما يلائم طبيعته والتصرف بما يمليه عليه ضميره وعقله، فإن هذا لا يمكن قبوله بالمطلق، فمثلا للممثلين، او الفنانين عموما، الحق في الاحتفاظ بحياتهم الخاصة، التي قد لا تكون مثالية، ولنا إبداعاتهم وجميل فنهم، ولكن هذا لا يمكن قبوله ممن لهم دور في التأثير في الرأي العام وتشكيل آرائه، كالسياسيين والكتّاب والمعلقين السياسيين مثلا، فكيف يمكن أن أعجب بما يكتبه كاتب أو يقوله معلق تلفزيوني على خبر ما، وأنا أعرف يقينا فساده وسوء خلقه، وأنه يقول كلاما دفعت جهة له ليقوله أو يكتب عنه؟ وهنا أتذكر ذلك الحكم القاسي الذي أصدره قاض بريطاني قبل عقود بحق ابن الأميرة مارغريت بسبب مخالفة مرور بسيطة، وبرر القاضي شدة الحكم بأن الأمير يمثل قدوة لغيره، ويجب بالتالي أن يكون عقابه أكبر من غيره. كما حكم مؤخرا على وزير بريطاني سابق ومطلقته بالسجن ثمانية أشهر لكل منهما بسبب «كذبهما» في مخالفة سرعة عندما قبلت الزوجة (حينها) أن تتحمّل مخالفة السرعة نيابة عن زوجها لكي لا يخسر حقه في القيادة. وبالتالي فإن من الصعب عليّ شخصيا الإعجاب بأي كاتب «كبير» إن لم يكن يتحلى بحد أدنى من الخلق الطيب، ونقول ذلك مع إيماننا بالمثل الإنكليزي It is easier said than done ومعناه أن من السهل الحديث في المثاليات، ولكن من الصعب التقيد بها، ولست بالشخص المثالي ولا قريبا منه! وهذا ما أفكر به كلما كتبت شيئا يتعلق بالأخلاق والمثل وأصول التعامل مع الآخر، والتصرف بمنطق وعقلانية والدعوة لاتباع القوانين، فإنني أغلق عيني وأنظر لذاتي وأتساءل: هل أنا حقا كذلك، واتبع ما أقول؟ وإن أجبت بنعم مثلا أستمر في التساؤل: هل بإمكاني الاستمرار في ذلك؟ وهل هذه طبيعتي، أم أنني أتجمل؟

أحمد الصراف

سامي النصف

فلسفة الخصخصة وسهمها الذهبي!

طغى على حقبتي الخمسينيات والستينيات في الدول المتقدمة والمتخلفة الاعتماد الشديد على القطاع العام وتملك الدول لوسائل الإنتاج للنهوض بالبلدان عبر تأسيس الصناعات الثقيلة والمزارع الجماعية والأسواق الاستهلاكية التي تبيع السلع المدعومة (كانت الجمعيات التعاونية تملأ بريطانيا)، في منتصف السبعينيات وما تلاها من عمليات تضخم أصابت العالم نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات، بدأت الدول تشعر بكلفة القطاع العام وترهله وتسببه بالعجوزات في ميزان المدفوعات وتتجه لخصخصة القطاع العام، الغريب ان الكويت في تلك المرحلة (الخمسينيات والستينيات) كانت تشهد بعكس دول العالم دورا متعاظما للقطاع الخاص في تجربة شبيهة بما قام به طلعت حرب في مصر منتصف الثلاثينيات وما بعدها.

* * *

وجرت العادة أن يتم تكوين لجنة للتخصيص على مستوى الدول لاختيار القطاعات المراد خصخصتها، فتبدأ عادة بالأصغر والأكثر فرصة للنجاح تدرجا للأكبر والأكثر صعوبة، كما يتم اختيار طرق عدة للخصخصة بدءا من خصخصة الإدارة فقط الى البيع المباشر وعبر المزادات العلنية في أسواق المال وانتهاء بمنح كوبونات للجمهور كما حدث في أوروبا الشرقية منتصف التسعينيات.

وإحدى أساسيات عملية الخصخصة معرفة الهدف الرئيسي منها أي هل هو رفع الكفاءة الإنتاجية، أم حصد العوائد المالية، أم زيادة فرص العمل..الخ؟ حيث لا يجوز القيام بالخصخصة لأجل الخصخصة ذاتها على وزن الفن لأجل الفن، فقد ثبت عبر كثير من التجارب أن قطاعا عاما يدار بمهنية وكفاءة وأمانة أفضل من قطاع خاص يفتقد المهنية والكفاءة والأمانة.

* * *

ويجب أن يصاحب عمليات الخصخصة إنشاء هيئات قضائية للرقابة على عمليات التخصيص، والحرص على إصدار تشريعات للنزاهة والشفافية المطلقة في عمليات بيع الشركات، كما يجب تعزيز أدوار الجهات المعنية بحماية المستهلك وضمان المنافسة وجودة المنتج ومحاربة عمليات تثبيت الأسعار، ومن الضرورة ان تختلف نسبة التملك الأجنبي من مشروع الى مشروع بدلا من تحديد نسبة ثابتة للكل، فلا يوجد حجم واحد مناسب لجميع القطاعات المراد خصخصتها.

* * *

آخر محطة: عند خصخصة بعض القطاعات الاستراتيجية الهامة تحتفظ الحكومات أحيانا بما يسمى بـ «السهم الذهبي» الذي يعطيها حق الفيتو، ويستخدم ذلك السهم فقط عند الضرورات القصوى التي تتعلق بمصالح الدولة العليا ولا يجوز استخدامه بشكل يومي أمام كل مشكلة صغيرة، وإما تستخدمه أو أوقفك على المنصة وأستجوبك يا وزير..!