سعيد محمد سعيد

والأمة في أزمة… أين العلماء والمفكرون؟

قرأنا كثيراً، مذ كنا في المرحلة الابتدائية، في كتب القراءة وفي القصص التي عشقناها في مكتبة المدرسة وفي مسابقات الإنشاء والتعبير، أن علماء الدين المخلصين وفئة المثقفين والمفكرين في الأمة، هم النخبة التي تعتمد عليها الأوطان لنهضتها ونموها وحصانتها وصيانتها من الأزمات، وهم صمام الأمان.

لكن، أين اختفى علماء ومثقفو ومفكرو الأمة العربية والإسلامية طوال، على الأقل، السنوات الأربع الماضية والأوضاع في هذه الأمة تزداد اشتعالاً ودماراً؟ أين قائمة من أسماء لامعة في فضاء الفكر والثقافة والفلسفة والعلوم والجامعات والأبحاث، وكذلك في مجالات العلوم الإنسانية وغيرها… كنا نرى لمعان أسمائهم في الصحف ونسمع عنهم في الإذاعة ونشاهد بعض حواراتهم في التلفزيونات والفضائيات ويسبق البعض منهم كلمات المفكر، الفيلسوف، الباحث، الأستاذ؟ أين هم ولماذا غاب صوتهم تماماً؟ متابعة قراءة والأمة في أزمة… أين العلماء والمفكرون؟

سعيد محمد سعيد

هيا بنا «نشجب ونستنكر»!

يبدو أن فن «الشجب والاستنكار» أصبح أحد الفنون واسعة الانتشار في المجتمعات العربية والإسلامية التي تواجه الأزمات تلو الأزمات، والويلات تلو الويلات، ولا تجد في مقدورها القدرة على التغيير الحقيقي الجذري لأزماتها إلا من خلال الشجب والاستنكار.

منذ 66 عاماً وبضعة أشهر، كان السلاح الأقوى الذي يمتلكه العرب والمسلمون في وجه الصهاينة منذ احتلال فلسطين هو الشجب والاستنكار والإدانة، حتى تحول هذا الفن في مرحلة لاحقة من التحولات السياسية إلى فن كريه ليس له جمهور، أو لنقل له جمهوره الذي أسسه وتبناه، وسيبقى مؤيداً للشجب والاستنكار فقط، ثم بعد ذلك، وصلت الأمة إلى ما هي عليه اليوم من أزمات شديدة الخطورة بسبب الاستبداد والتسلط والإرهاب.
متابعة قراءة هيا بنا «نشجب ونستنكر»!

سعيد محمد سعيد

هيئة خليجية لمكافحة الطائفية

ما الذي يمنع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي من أن يكون لها خطة عمل مشتركة للتصدي لكافة أشكال التحريض الطائفي والتكفير والتشدّد الديني؟ بل ما الذي يمنع حكومات الخليج من أن يكون لها منهج وطني واجتماعي حقيقي يلجم الأبواق الطائفية المهدّدة للسلم الاجتماعي كما هو منهج سلطنة عمان الشقيقة؟

لابد من الاعتراف بكل صراحةٍ وشفافية، بأن المجتمع الخليجي يشهد تصاعداً مدمّراً لآثار الخطاب التكفيري والطائفي، والذي، وبكل صراحة أيضاً، كان يعمل وينتشر ويتصاعد في الإعلام الرسمي وفي الخطب والمحاضرات والمؤتمرات والملتقيات والإعلام الجديد والمواقع الإلكترونية بصورةٍ مسكوتٍ عنها من جانب الجهات الرسمية ذات العلاقة في دول مجلس التعاون، وعلى رأسها وزارات الإعلام ووزارات الشئون الإسلامية. متابعة قراءة هيئة خليجية لمكافحة الطائفية

سعيد محمد سعيد

زوجات بين نارين… الغربة والعذاب!

إذا كانت الأرقام الإحصائية تعجز في كثير من الأحيان عن أن تثبت العدد المضبوط للنساء البحرينيات اللاتي يتعرضن سنوياً للعنف وسوء المعاملة من جانب أزواجهن، وربما تراوح بين 8 إلى 10 آلاف حالة، فهل سيكون في الأمر غرابة حين تتعرض للعنف والإهانة والتعذيب وسوء المعاملة زوجات بحرينيات من أصول عربية على يد هذه النوعية من الأزواج ذوي النزعة المتوحشة؟

على مدى سنوات، برزت ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمع البحريني كقضية ألقت بظلالها على الصحافة والإعلام، ولاتزال هذه الظاهرة مستمرةً بخفاء ينذر بكارثة. وليس هناك كارثة أشد من تدمير أسر وتضييع أطفال وهدم بيوت من المفترض أن تنعم بالدفء والسلام والمحبة. وفي السنوات الأخيرة، أضيفت إلى مآسي زوجات بحرينيات، المزيد من المآسي والآلام لزوجات بحرينيات لكن من أصول عربية وغير عربية أيضاً. متابعة قراءة زوجات بين نارين… الغربة والعذاب!

سعيد محمد سعيد

أولاد الغسالة والملحة والبطة السوداء

يبدو لي أن بضع تعبيرات لغوية شعبية مستخدمة في الكثير من الدول العربية، بمقدورها أن تكون منطلقاً مهماً للباحثين في الدراسات الإنسانية والاجتماعية، والمهتمين بالتنمية البشرية، باعتبارها شكلاً من أشكال تنفيس «الغاضبين والمهمشين والمتذمرين» (سلام الله عليهم) من جهة، ولأنها تمثل – ديموغرافياً – حالةً من «التنبلة» المؤدية إلى تقديم الطبل وتأخير العقل.

* «ولد البطة السوده»: قد يعبّر أحدهم عما يلم به من غضب أو حنق أو عتاب حين يفوته قسرياً حق من حقوقه، أو أمل وضعه أمامه علّه يناله، وبذل من أجل ذلك جهده في التعليم واكتساب المعارف وتطوير الذات والعمل بجد واجتهاد، ليأتي اليوم الموعود فيجد نفسه خارج قائمة الترقيات أو المكافآت أو الامتيازات، وبالطبع، يجأر هنا بالشكوى: تارة رسالة، وتارة لقاءً شخصياً مع المسئول، وتارة يتوجه ليبث شكواه في الصحافة، ثم لا بأس أن تساءل: «لماذا أحرم من حقوقي رغم اجتهادي… هل أنا ولد البطة السوده». لا يا حبيبي، زمن ازدراء البطة السوداء انتهى، فهي اليوم قد تكون أفضل منك. متابعة قراءة أولاد الغسالة والملحة والبطة السوداء

سعيد محمد سعيد

الأبدان والعقول… القذرة!

أمام أحد المصارف في مدينة بيشاور، اصطفت مجموعةٌ من المواطنين الباكستانيين في طابور لاستلام رواتبهم. ليكن الانتظار طويلاً تحت أشعة الشمس الحارقة، أو في ضيق الزحام، وليذهب كل تعب العمل الشاق وقسوته ومرارته. كل ذلك يتلاشى مع فرح أطفالهم وضحكاتهم وهم يستقبلون الأب الذي عاد برزقهم، وبما تيسّر من أرز وسكر وفاكهة ولحم وبضع لعب. لا شيء أجمل ولا أروع من هذا الشعور لدى ذلك الأب الذي سيرتاح فعلاً حين يرى أطفاله سعداء.

لحظاتٌ تفصل بين الأمنيات الجميلة وبين اسوداد الحزن والمأساة، وبين الموت والحياة. يتقدّم أحد ذوي الأبدان القذرة على دراجة نارية ليفجّر المكان بما فيه وحوله وداخله، لتتناثر الأشلاء ويخيّم الأسى على المكان. لأي دين ينتمي ذلك المسخ الذي فخّخ نفسه ليحيل لحظة استلام الرزق إلى عاصفة من الحزن في مئات المنازل؟ هل حقاً سترتفع أرواح أولئك الأبرياء (الشهداء) إلى الجنان، وسيكون هو معهم شهيداً؟ متابعة قراءة الأبدان والعقول… القذرة!

سعيد محمد سعيد

مواطنون يقترضون… حتى الموت؟

لن يكون أمراً غريباً حين تستمع لمواطن وهو يقول مازحاً: «ما لي إلا القروض، كلما خلص قرض بجدّده. بقترض لين ما أموت»! وربما هذه المقولة الفكاهية تعكس نوعاً من الكوميديا السوداء، فعشرات الآلاف من المواطنين أصبحوا يعيشون على القروض التي تقصم ظهورهم حتى لو كرّروا مقولة :»القرض ذلٌ في النهار وهمٌ في الليل»، لكن الأوضاع المعيشية المتردية لشريحة كبيرة من المواطنين تجبرهم على تحمل المزيد من التردي المعيشي. متابعة قراءة مواطنون يقترضون… حتى الموت؟

سعيد محمد سعيد

الدولة «الأب»… المنحاز لمذهب!

 

لماذا تتهاون بعض الحكومات مع رؤوس وأقطاب التطرف والتشدد والتكفير والقتل ثم تدعي الويل والثبور وتشكو منهم؟ هل من باب «الدولة الطائفية» تدخل بعض الحكومات كطرف مذهبي ضد طرف مذهبي آخر؟ وكيف يكون ذلك ولماذا؟ وماذا تستفيد تلك الحكومات حينما تناصر مذهباً أو مكوّناً ضد مذهب ومكوّن آخر من مواطنيها؟ أليس في ذلك سقوط خطير ومدمر للنسيج الوطني وللسلم الاجتماعي؟ وكيف تعجز بعض الحكومات عن إبعاد الديني عن السياسي لوأد الصراع الفتاك بالأوطان كما هو حاصل اليوم في كثير من الدول؟

تلك التساؤلات المشروعة، رغم تعدد إجاباتها وربما الخلاف حولها، كانت مطروحة في ندوة مهمة لجمعية «المنتدى» بعنوان «تحصين الشباب من التطرف الديني»، تناول فيها عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر سابقًاً، الأكاديمي والكاتب عبدالحميد الأنصاري مساء الثلثاء (21 أبريل/ نيسان 2015) جوانب جريئة ومباشرة وشفافة وصادقة في مناقشة ظاهرة التطرف وأسبابها وانعكاساتها، ومن باب ما طرحه أمام الحضور مصطلح «دولة الحياد»، فيما يتعلق بتعامل الحكومات والدول مع المواطنين بعيداً عن التصنيف الديني والمذهبي والطائفي. وهذه جزئية مهمة باعتبار أن اشتعال الصدام الطائفي الدموي في بعض المجتمعات، كان نتيجة غياب مفهوم دولة الحياد التي شبهها الأنصاري بأنها كـ «الأب»… كيف؟

والإجابة تكمن في أنه يتوجب على الدولة «أن تتعامل مع (المواطن) باعتباره مواطناً وليس بناءً على معتقده، فالدولة هنا مثل الأب، ومكونات المجتمع هم أبناء ذلك الأب، ولا يجوز للأب أن ينحاز، ولذلك فإن ما يجري الآن من مناصرةٍ لمذهبٍ على الآخر خطأ فادح، فالصحيح أن نحيط بالإسلام الصحيح ونفهم الآخر، وليس مطلوباً منّا إفحام الآخر أو الانتصار عليه والتصفيق للطرف المنتصر» (انتهى الاقتباس).

مع شديد الأسف، وقعت الكثير من الدول العربية والإسلامية في طاحونة التمييز الديني الطائفي بين مواطنيها، وسواءً كانت تدرك أو لا تدرك مخاطر ذلك التمييز في هتك دعائم السلم الاجتماعي، وسواءً كانت صادقة أم كاذبة في نفي التمييز والتعامل مع مواطنيها سواسية، إلا أن منظمات دولية عديدة كانت ترصد وتتابع وتدون في تقاريرها حقيقة الأوضاع، وليس ببعيد عن الأمر، في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي (2014)، حذرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في اجتماعها بالرباط في المغرب، الدول الأعضاء من المخاطر المتزايدة للطائفية والتطرف والعنف والتعصب، وأن تولي اهتماماً بقطاع شبابها، بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم، وتأهيلهم ليكونوا بناة لمجتمعاتهم ومشاركين في تنميتها والمحافظة على استقلالها ووحدة أراضيها وصيانة مكتسباتها. وهذه النتيجة لا تتحقق إطلاقاً في دول تنكر التمييز الطائفي وتدعي محاربته من جهة، وتمارسه بشكل خبيث على أكثر من جهة.

ولكن… ما الذي دفع منظمة «الإيسيسكو» للتركيز على هذه الجوانب بعينها؟ والجواب أن المنظمة عبّرت عن القلق الشديد من تصاعد آثار التطرف والطائفية التي عمت المنطقة، ودون شك، لا يمكن إنكار الممارسات الطائفية الخطيرة التي تمارسها بعض الدول والحكومات، حتى لو ادعت غير ذلك، فليس من العسير التبين مما يحدث في بعض الدول من استهداف طائفي دموي لبعض المكونات، والانتصار لمكونات أخرى، ليتحول ذلك الانتصار إلى هزائم مذهلة تحرق الوطن في معركة البيت الواحد، ولا ينتصر فيها أحد في نهاية المطاف.

وقد نصاب بالذهول حين نطالع بعض الدراسات والتقارير وإصدارات المنظمات الحقوقية والإنسانية في شأن الأوضاع في بعض دول العالم العربي والإسلامي، إلى حد أن بعض الحكومات أصبحت تغذّي الصدام الطائفي عبر مدارس ومعاهد دينية وجامعات وجوامع ومؤسسات دينية ومنظومات إعلامية واسعة الانتشار والتأثير، لنشر ثقافة الكراهية والتشدد والتطرف الديني تحت عنوان رئيس خادع، وهو الدفاع عن الدين الإسلامي! حتى تحوّل آلاف الشباب من العرب والمسلمين إلى قنابل فتاكة تعشق الدماء والدمار والخراب، سواءً بفاتورة مسبقة الدفع بأموال قذرة أو بالمجان، فالنتيجة الأولى والأخطر لغسيل الدماغ هي استباحة دماء المخالفين… لوجه الله! فالجنان بحور العين تنتظر بشوق ولهفة ذلك «المؤمن» الذي وجد أفضل وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذبح عباده في المساجد والجوامع والشوارع والطرقات.

لقد ساق المحاضر عبدالحميد الأنصاري نقاط حلول محورية على رأسها ضرورة تجفيف الينابيع التي تغذّي شجرة التطرف، وتقديم معاني الإيمان بالمواطنة وإبعاد الدين وإخراجه عن ساحة الملوثات السياسية. بيد أن كل ذلك لا يمكن أن يتحقّق مادامت بعض الدول والحكومات ماضية في تغذية وتمويل ودعم «المؤمنين الموحدين» الباحثين عن الجنة على أشلاء الأبرياء.

سعيد محمد سعيد

جماعة «لا توظفوا»… العاطلين!

 

هل من المعقول أن يرفض مواطن أو مواطنة من الشرفاء الطيبين مساعدة العاطلين عن العمل من أبناء البلاد ودعمهم وتأهيلهم والبحث عن وظائف مناسبة لهم؟ وهل من اللائق أن تنتفخ أوداج إعلامي أو خطيب أو كاتب أو كائن من يكون ويغضب، حينما تتولى جهة حكومة أو أهلية تنفيذ مبادرة لتأهيل وتوظيف العاطلين عن العمل؟ وكأنه يريد القول: «لا توظّفوا العاطلين البحرينيين»!

وهل وصل النفس الطائفي الكريه لدى البعض لأن يشكّك في أية مبادرة – مهما كان حجمها – تهدف إلى قيام شراكات بين الهيئات أو المحافظات أو المؤسسات أو حتى الجمعيات مع القطاع الخاص على اختلاف منشآته وأنشطته لدعم اتجاه وزارة العمل في تحمل جزء من هذا الملف الثقيل؟

ثم ما المانع من أن تتقدّم هذه الجهة أو تلك لبحث ودراسة وتنفيذ مبادرة تنطلق من دعوة العاطلين من الجنسين، سواءً من خريجي الجامعات أو من المتسرّبين من التعليم، وتتولى تدريبهم وتأهيلهم ورفع مهاراتهم وبعد ذلك البحث عن وظائف لهم؟ أياً كان الموقع الجغرافي لتلك الجهة، في الوطن الصغير مساحةً، الكبير بمبادرات لا يستوعبها ذوو العقول الطائفية؟

لقد جاءت مبادرتان مبشّرتان من محافظتي الشمالية والعاصمة، وأخرى نفّذتها بعض الجهات الأهلية بالتعاون مع وزارة العمل سعياً من تلك الجهات لترجمة مسئوليتها الوطنية تجاه الباحثين عن عمل من أبناء البلاد في مختلف مناطق البحرين، وللأسف تجد نفسك أمام فعل غريب: فبدلاً من تشجيع ودعم هذه المبادرات، ترى أمامك بعضاً صغيراً يلوح باللون الطائفي، ويتحدث بالحروف الطائفية، ويكتب بالغريزة الطائفية، ليعتبر تلك المبادرات إنما هي في «موضع الشك»، وأن ثمة عقلية «طائفية» هي الأخرى كما يرى، تدير الموضوع!

وفي الحقيقة، لا يمكن وصف ذلك الفعل إلا بأنه من أفعال بكتيريا الطائفية التي تريد أن تنهش في جسد الوطن، مدّعيةً بذلك إنما هي تهدف إلى المصلحة العامة وتبيان الولاء والصدق في تلمس «الخطايا الكبيرة» وفضحها. وفي نهاية المطاف، لا تعدو تلك الأفعال حيز كونها طائفيةً مريضةً بامتياز، حتى لو صفّق لها المصفّقون ورحّب بها المرحّبون.

إن قضية البطالة في البلد، يجب أن تكون مسئولية كل فرد ومسئول وجهة، حكومية كانت أم أهلية، لتشارك في حملها بأمانة دون نظرٍ إلى دين أو طائفة أو تيار أو طبقة، فمشكلة العاطلين لها تأثيرها الكبير على استقرار المجتمع، وهو تأثيرٌ لا يمكن علاجه بالنفس الطائفي المريض. ولنعد إلى الأرقام قليلاً، ولنقرأ هذا الاقتباس: «كشف تقرير دافوس الصادر مؤخراً في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 عن معدلات البطالة في البحرين، حيث ذكر التقرير أن نسبة إجمالي البطالة هي 7.4 في المئة، وأن الشباب يمثلون نسبة 27.5 في المئة من إجمالي البطالة».

ونقرأ اقتباساً آخر: «كشفت دراسة حديثة عن التوظيف والبطالة في دول مجلس التعاون الخليجي أعدتها مؤسسة الخليج للاستثمار، أن نسبة البطالة في دولة قطر تعد الأقل خليجيّاً، وأن معدلات البطالة في قطر بلغت قرابة 3 في المئة، متفوّقة على الكويت التي بلغ معدل البطالة فيها نسبة 6 في المئة، بينما تجاوزت نسبة البطالة في المملكة العربية السعودية نسبة 10.5 في المئة و14 في المئة في الإمارات و8 في المئة في عمان والبحرين».

ولنقرأ ثالث اقتباس: «ذكرت وزارة العمل في البحرين في يونيو/ حزيران 2014 أن معدل البطالة الذي صرحت به الحكومة هو 4.1 في المئة». ولو نظرنا إلى الدراسات، المحلية أو الخليجية التي تناقش ظاهرة «البطالة»، سيكون من السهل أن نجد في توصياتها الأولى: التأكيد على صياغة سياسات وطنية منجزة وفاعلة توفّر فرص العمل للباحثين، ذلك لأن التوقعات تذهب في اتجاه التزايد ما لم يتم توفير الأعداد الكافية من الوظائف لاستيعاب العمالة الوطنية، مع أجور مقبولة تكفل العيش الكريم.

حتى بالنسبة لفئة «العازفين عن العمل من العاطلين»، فهؤلاء فئةٌ موجودةٌ لا يمكن إنكارها، لكنها لا تتقدم لتصبح هي «السبب»، فيما يوجد المئات من العاطلين ذوي الاستعداد للتدريب والتأهيل وشغل الوظائف التي تناسب مؤهلاتهم العلمية وقدراتهم وخبراتهم، وإن تلك الفئة تتطلب هي الأخرى اهتماماً حكومياً وأهلياً لتغيير نمطها السلبي في التفكير، ثم من لا يريد العمل، فهذا شأنه.

خلاصة القول، إن قضية البطالة هي قضية «همّ وطني»، ومع الاتفاق على أن الحكومة هي المسئول الأول، إلا أن الشراكة المجتمعية والمسئولية الوطنية تلزم دعم كل المبادرات الطيبة الرامية إلى توظيف أبناء البلد، وندرك أن الغالبية العظمى من الإعلاميين والباحثين والمهتمين هم مع دعم تلك المبادرات، ولن تؤثر خزعبلات البعض الطائفية في الموضوع، إلا أن ذلك يحتم أكثر من أي وقت مضى، أن يكون الإعلام الوطني داعماً رئيسياً بل مشاركاً محورياً، لبلوغ نتائج متقدمة في الحد من مشكلة البطالة.

بضمير، انظروا إلى أوضاع العاطلين والمفصولين وذويهم المعيشية، ودعوا «وضعكم الطائفي» حيث يجب أن يكون، لكنه بالتأكيد… خارج الوطنية الصادقة.

سعيد محمد سعيد

حسرات البحريني… «غير شكل»!

 

حتى حين نتحسر كمواطنين، نجد من يحرمنا حتى من التحسر وينكل بنا حين نتحسر ويتهمنا و(يشحولنا) ويأخذنا يمنةً ويسرة لأننا تحسرنا! دعنا نتحسر من باب التنفيس يا أخي! فالحسرة المقصودة هنا ليست رفضاً لما قسمه الله لنا، ولكن هي رديف لما نحلم به مثل غيرنا.

حينما نتحسر/ نحلم بأن نحظى بالزيادات والأجور التي يحصل عليها أشقاؤنا في دول مجلس التعاون… نتشحول! وحينما نتحسر/ نحلم بالامتيازات والبدلات الاجتماعية التي يحصل عليها الأشقاء لهم ولأبنائهم… أيضاً (نتشحول)!

نتحسر حين يأتي الخبر كالصاعقة: «علاوة الغلاء قد تتوقف! آه واويلاه..»! ونحلم بأن يكبر الراتب الصغير ويكبر ويكبر ويصبح الجيب به منتفخاً من جهة، وخدودنا منتفخة من جهة أخرى لشدة البهجة والسعادة والسرور!

حينما نتحسر/ نحلم بأن يكون لنا كما لأشقائنا من خدمات إسكانية واجتماعية وتعليمية وتسهيلات… أيضاً (نتشحول)! ثم ماذا بعد؟

هل تعلمون من الذي يحرم المواطن من أن يتحسر/ يحلم؟ هو ذلك الذي يؤمن بمقولة «احمدوا ربكم»، ومن لفّ لفه، فبالنسبة له المقارنة بين المواطن البحريني وأشقائه من المواطنين الخليجيين هي مقارنة غير عادلة، بل علينا وعليه أن نقبل بالمقارنة بين البحريني وبين المواطن في زيمبابوي أو غينيا أو بنغلاديش!

ولا ننكر بالطبع أن هناك الكثير من الجهود لتحسين مستوى معيشة المواطن البحريني، لكنها يا جماعة تأخذ أمداً بعيداً مرتبطاً بالعديد من العراقيل كأسعار النفط ومحدودية الموارد المالية وغيرها، فيما نجد في المقابل ديوان الرقابة المالية والإدارية يضج سنوياً بـ (شحولة) ملايين الدنانير التي يمكن أن تصرف على مشاريع التنمية والتطوير وتحسين المعيشة، بدلاً من أن تأخذ طريقها في مسار عبث العابثين بالمال العام وأهل الفساد.

المرهم أو المخدر من قبيل: «الحكومة لن تقصر. الحكومة تسعى دائماً لتحسين مستوى معيشة المواطنين. الحكومة تدرس الكثير من البرامج. هناك تصورات لدى الحكومة لزيادة الرواتب، والحكومة.. والحكومة والحكومة.. وستبقى الحكومة هي الهدف الذي يجب أن يشفي غليلنا، وهي التي يتوجب عليها أن تسمعنا المزيد والمزيد مما نحب ونرضى». أليست هذه العبارات ذات طابع متكرر مسموع حتى من جانب ممثلي الشعب، النواب، منذ العام 2002 حتى اليوم؟

لنصدق مع بعضنا ولنجري مسحاً وطنياً لمعرفة مدى رضا المواطن البحريني عن خطط وبرامج تحسين معيشته؟ هذا إذا استطاع الكلام دون أن (يتشحول) أيضاً!

ما نحبه ونرضاه هو أن نعيش كما يعيش الأشقاء في دول مجلس التعاون. هناك، تنقل الصحف ووسائل الإعلام وكذلك المواقع الإلكترونية، قرارات الزيادات بستين وسبعين وثمانين وتسعين ومئة في المئة، فتفوح من رؤوسنا «دخاخين» لا مثيل لها. لا في زيادة الخمسة عشر في المئة، ولا في غيرها التي لم تصل إلى مستوى الطموح وهي قليلة عموماً.

من سوء الحظ أن التحوّلات المشابهة حولنا في منطقة الخليج متسارعة بصورة أكبر، وإذا ما تجاوزنا جانب اختلاف الإمكانيات والموارد المالية وما إلى ذلك، فإننا لا نستطيع تجاوز موجة الغلاء التي تطحن أولنا وآخرنا في دوران لا يتوقف! وإذا كنا لا ننظر إلى موضوع زيادة الأجور على أنه مطلب لمواجهة غول الغلاء وارتفاع الأسعار وصعوبة تحقيق الحلم في الحصول على مسكن مناسب، فما الذي سينظر إليه المواطن؟

ومن سوء الحظ، أننا لا ننفك ننظر إلى قرارات الزيادات في الأجور التي تصدر في دول الخليج، ونجد أنفسنا «نلطم» ألماً وحسرة، ويجد البعض منا فرصته السانحة للبكاء الحار، ولكننا في كل الحالات سنبقى متطلعين إلى ما يمكن أن يبعث في قلوبنا السرور. ولابد أن يكون لدينا مخططون استراتيجيون يعرفون جيداً ماذا يعني وضع خطط فعالة لتنمية المستوى المعيشي، ليس بالطبع كتلك التي لا تخرج من حدود (مانشيتات الصحف)، بل كتلك التي ينتفخ لها الجيب و… الخدود.

ممن يأتي التقصير؟ طرحت مراراً أن ممثلي الحكومة وممثلي الشعب كلهم مقصرون، لأنه لا يوجد هناك توافق على ما يبدو للتعامل مع مسألة تحسين الأجور على أنها مسألة مرتبطة بالحياة اليومية ولقمة العيش وليست مرتبطة بالرفاهية. وإذا كانت الصحف تمتلئ بالمقالات والأعمدة والكتابات من الصحافيين والقراء أيضاً، فإن ذلك لا يمكن أن يعطي انطباعاً حول صعوبة الوضع، بل صعوبته وحقيقة شدته تظهر من خلال تغطية التزامات آخر الشهر المالية والتي تجعل رب الأسرة في وضعية الفنان عبدالحسين عبدالرضا في مسلسل «درب الزلق»: «أووول يا حسين يا بن عائول.. أبييييها»… شفتون شلون حسرات البحريني غير شكل؟