سعيد محمد سعيد

في الكوارث… لكل الأطراف حقوق

 

في المؤتمر الدولي السابع والعشرين للصليب والهلال الأحمر الذي عقد في جنيف في الفترة من 31 أكتوبر/ تشرين الأول حتى 6 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 1999، اعتمد الأعضاء خطة عمل من أجل تحسين الرعاية والحماية التي توفر لضحايا النزاعات المسلحة والكوارث وإلى أشد الفئات ضعفاً عموماً.

وفي الفقرة الأولى من البند الثاني من الخطة، تم التركيز على الاستجابة الناجعة لحالات الكوارث من خلال تحسين التأهب الوطني والدولي وتقوية آليات التعاون والتنسيق بين الدول والهيئات الإنسانية ووضع الأحكام المتعلقة بحقوق كل الأطراف.

وشمل ذلك البند توصيات منها وضع خطط وطنية للتأهب للكوارث أو تحديثها، إذ تتضمن روابط، كلما اقتضت الحاجة، بالنظم الدولية للتأهب للكوارث كما تتضمن أدوار ومسئوليات الجمعيات الوطنية على نحو محدد بوضوح ومتفق عليه بما في ذلك التمثيل بشأن السياسات الوطنية الملائمة وهيئات التنسيق، والبحث في مواطن الضعف التي تشوب نظمها المتعلقة بالاستجابة لحالات الكوارث والأضرار الناجمة عنها واتخاذ خطوات لضمان استمرار العمل بهذه النظم على نحو فعال وذلك من خلال تلبية الاحتياجات الناجمة عن الكوارث، ولأن الكوارث تقع من دون سابق إنذار، فإن حركة الصليب والهلال الأحمر شددت على أهمية العمل على تعزيز قدرات التأهب بما في ذلك زيادة وعي المجتمعات المحلية والدعم المقدم لها، على الصعيدين الوطني والدولي استجابة للأنماط المتغيرة للمخاطر والضعف ومن خلال الدروس المستقاة من التجارب المكتسبة خلال العقد الماضي، بما في ذلك تلك التجارب المتعلقة بإطار العقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية، وبالنسبة إلينا في البحرين، بعد حادثتين أليمتين هما حادثة طائرة الإيرباص 320 وحادثة بانوش الدانة، فإن من المفيد مع تقدير الجهود التي بذلت من دون شك، البحث في مواطن الضعف لتعزيز الاستجابة واتخاذ الخطوات والنظم الكفيلة بتحقيق التجاوب الفعال من خلال تكامل العمل في الأجهزة الحكومية المختلفة

سعيد محمد سعيد

صديق الحرامي… حرامي!

 

جلس الاثنان يتحدثان بصوت عال، واشتد النقاش وحمى الوطيس حينما قال الثاني للأول: «لماذا تدافع عن (حرامي)؟ اسمح لي أن أقول لك إن صديق الحرامي… حرامي! ويبدو من دفاعك عن (فلان) الحرامي الكبير، وتبريرك لمواقفه اللصوصية المتعددة أنك صديقه أيضاً ولذلك، فأنت حرامي».

لم يتمالك الأول نفسه فقال محاولاً التظاهر بالهدوء وعدم الاكتراث: «الله سبحانه وتعالى أدرى بسرائر الناس، لكني لم أدافع عن حرامي وإنما دافعت عن إنسان سرق لأنه جائع، ومد يده على بعض النقود في العمل لأنه في حاجة إلى شراء دواء لوالدته المريضة، واضطر إلى (أخذ) بعض الأجهزة من أحد المخازن لاستخدامها في منزله المتهالك الذي يخلو من مكيف وثلاجة صغيرة وجهاز تلفزيون، واضطر ذات يوم لسرقة باب مسجد مصنوع من الألمنيوم ليبيعه ويقضي بالمال دينه… هكذا هو… معتاز!!».

قال محدثه: «يبدو أننا ظلمناه كثيراً… لابد لي من أن اعتذر لك عما قلت! فلم يسرق ذلك الإنسان ولم يمد يده على حرام ولم يتجاوز حدوده ولم يأت بفعل يخالف الدين والشرف والأعراف… مسكين، لم أكن أعلم بحاله! لكن على أي حال، لم تقصر أنت وشرحت الموقف وعرفنا أنه لم يسرق إلا لحاجة وهذا يكفي لتقديم العذر له».

«لكن (يكمل حديثه) لا شك في أن هناك الكثير من الأمور يجب أن يعرفها أهل الديرة، فالحرامي، ليس مجرماً في كل الحالات… بل ربما كان يتمتع بوطنية عالية ونحن لا ندري… فالذي يمد يده مثلاً على الأموال العامة ويسرق من المشروعات والمناقصات ويتفنن في سحب (الفلوس) من هنا وهناك، وذلك الذي يتعمد الإضرار بالمواطنين من خلال التلاعب في الرسوم والتزوير، وأولئك الذين يعبثون بالمشتريات فيرفعون سعر جهاز لا يتعدى العشرين ديناراً مثلاً، إلى 120 ديناراً لأن المال سيأتي من الحكومة ولا مانع من التلاعب… كل أولئك يمكن اعتبارهم أبطالاً في نظر البعض، إذ وجدوا أنفسهم مضطرين… مضطرين، للسرقة»!

لكن، حدث العاقل بما لا يليق… فإن صدق فلا عقل له

سعيد محمد سعيد

حسناً فعلتم…

 

ابلى مجموعة من الشباب والشابات بلاءً حسناً عندما اندمجوا في وظائف وأعمال مختلفة، سواء مع بدء تنفيذ المشروع الوطني للتوظيف أم قبله. أبلوا بلاءً حسناً عندما تحملوا الكثير من الويلات، وصبروا على ظروف عمل مختلفة وتنقلوا بالتدريج من وظيفة الى أخرى أفضل منها، والأكثر من ذلك، أن البعض منهم واصل تعليمه الجامعي وهو يعمل بكل صبر. فهذه الصور، هي التي تؤكد حقيقة راسخة من أن شباب البحرين، من ذلك المعدن، هم الذين يمتلكون القدرة على مواجهة الصعاب واثبات أنفسهم رغماً عن الآخرين.

فئة أخرى من الشباب، لم تواصل سيرها الحثيث، فالبعض تهاوى أمام أول تجربة عمل تحت ظروف صعبة، وأجور متدنية، وآخرون هربوا هروباً لافتاً من التمييز والطائفية، حتى في القطاعات التي عملوا فيها بعض الوقت، وفئة ثالثة لم تجد بداً من تفضيل النوم حتى الظهيرة على العمل في مجمع تجاري أو محطة محروقات أو في شركة صيانة.

ومن قال إن الشباب، أولئك الذين وجدوا أنفسهم في حال من اليأس، لم يكن لهم أي عذر؟ نعم، كانوا معذورين وهم يتسلمون تلك الرواتب الهزيلة، أو يعيشون تحت وطأة ظروف عمل سيئة وبيئة عمل لا تتوافر فيها أبسط حقوق العمال ثم بعد ذلك، نجد من يتسلط عليهم ليذلهم في لقمة عيشهم.

حسناً فعل أولئك الشباب الذين تحملوا الظروف الصعبة، وفي نيتهم (يوم الخلاص) الذي سيتخلصون فيه من كل ذلك الثقل القسري ومصاعبه وهمومه، ليجدوا أنفسهم وقد فتحت لهم أبواب الحياة ليثبتوا وجودهم فيها.

كل ما تقدم كلام خواطر فلسفي عاطفي على ما يبدو، أما وقد وضع عاهل البلاد المفدى الشباب في قائمة (الأهداف) التي يسعى الى تحقيقها، فلابد أن المستقبل أمامهم سيكون مفتوحاً: بلا قيود ولا تحطيم ولا تمييز ولا مشاعر قسرية تفتك بقدراتهم

سعيد محمد سعيد

تبادل الاتهامات… وامصيبتاه!

 

نتمنى أن يكون جميع المسئولين في المرافق الحكومية ذات العلاقة و(التي لا علاقة لها) ذوي صدر رحب حين نوجه بعض الملاحظات التي نراها، ويراها الناس الذين ننقل آراءهم عبر الكتابة، ونرجو ألا يعتبروننا من المحرضين والمفسدين الذين يعيثون في الأرض فساداً.

فما الذي يحدث بين الأجهزة بعضها ببعض؟ منذ وقوع حادث بانوش (الدانة) المؤسف ونحن نتابع تصريحات وبيانات وردود من جهات مختلفة وكل واحدة تلقي بالتبعة على الأخرى، وتتهم هذه الوزارة (ضمنيا)… وزارة أخرى بالتقصير، وتفضح الأولى أوراق الثانية، وترفض هذه الإدارة قول زميلتها، وتدب الفوضى في كل مكان، وكأنما المسألة تنحصر في محاولة إلقاء التبعات والمسئوليات على جهة والسلام… وليكن، فلترم على الحلقة الأضعف أياً كانت… لكن هناك لجنة تحقيق مستقلة، وهناك تحقيقات في النيابة العامة تأخذ مجراها، فمن العيب، وأمام الناس، نقرأ كل يوم تصريحاً ينافي بعضه بل وينافي نفسه في بعض الأحيان ويناقض في أحيان أخرى بيانات أخرى تصدر من جهات حكومية.

اذا كان الأمر مرتبطاً بالصدمة والهلع وحال عدم الاستعداد التي تصيب أجهزتنا الحكومية فتجعلها تتخبط وكأنها تعمل خارج الإطار الحكومي… سنقول: هذا عذر مقبول! لكن معظم المسئولين – ونحن نتذكر جيداً كيف يتحدثون عبر الصحافة وأجهزة الإعلام – عن استعدادهم وتعاونهم ووجود حالة من (السمن على العسل) في التنسيق والتعاون والاتصال والعمل المتكامل بين الإدارات المختلفة.. لكن ما أن تقع حادثة، أو كارثة، حتى تظهر الفضائح.

اليوم، نحن أمام معضلة كبيرة وهي أن معظم الأجهزة التي تتعامل في مجال اصدار التراخيص، لا تعرف بعضها البعض على ما يبدو، وتغرد كل دائرة لوحدها خارج السرب، لكن هذا السرب كل يغرد في آن واحد وقت المصائب

سعيد محمد سعيد

من قرية إلى أخرى!

 

في أواخر شهر أبريل / نيسان من العام الماضي 2005، أصدر سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أمراً إلى الجهات المختصة بإجراء تحقيق فوري بشأن ما أثير عن تسرب للغاز بقرية المعامير والمناطق المجاورة لها في خطوة للتأكد من حقيقة الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة بعد تحديد الجهة المسئولة. ولم تسكن الحركة منذ ذلك الحين، فأهالي المعامير وكذلك الأهالي في قرى أخرى مثل النويدرات والعكر وسند بل وحتى منطقة الرفاع وقرى جو وعسكر رفعوا الشكوى من حصار الغازات لمناطق سكنهم… وهم بذلك دقوا ناقوس الخطر، وترك النواب ليحملوا الحكومة مسئولية التداعيات والمضاعفات التي يتعرض لها الأهالي، وتم تشكيل لجنة للتحقيق في المشكلة. الغاز الخانق بدأ ينتشر بدرجة أكبر طبقاً للشكاوى الواردة من الأهالي وطبقاً لتصريحات عدد من المتخصصين في البيئة، وأصبحت هذه الشكوى تظهر وتتجدد بين الفينة والأخرى، حتى أن وزارة الصحة بدأت هي الأخرى في فحص حالات مرضية تنوعت بين الإصابة بالأمراض الجلدية والصدرية للتأكد مما اذا كانت تلك الحالات بسبب استنشاق الغازات السامة أم لا، لكن النتائج كانت غير واضحة! ولم يتم اصدار تقرير نهائي عن حقيقة الوضع، إلا أن اللجنة التي تم تشكيلها في مجلس النواب للتحقيق في مشكلة انتشار الغازات رجحت أن يكون هناك انتشار لمركبات عضوية كبريتية تسبب مشكلات تلوث هوائية محلية بسبب روائحها الكريهة، ولا تعزى بالضرورة إلى مصدر واحد، ومن هذه المصادر الصناعات والأعمال التي تستخدم فيها المذيبات في عملية الصباغة والطلاء في المصانع المختلفة بمنطقة المعامير الصناعية وشمال معمل التكرير بما فيها عمليات تكرير النفط. أما على المستوى الطبي، فقد تنوعت حالات الأهالي بين الجرب الذي ينتج لأسباب جرثومية طفيلية وينتقل عن طريق العدوى من أشخاص مصابين.

وسط كل ذلك، استمرت شكوى المواطنين في مناطق المعامير والبحير وسند والنويدرات والرفاع ومناطق أخرى من انتشار الغازات… فما هي حقيقة الوضع؟ وهل سيبقى الوضع على ما هو عليه؟ في هذا الملف سنحاول إلقاء الضوء بشكل مكثف على هذه المعضلة

سعيد محمد سعيد

صوت الطرف الرئيسي!

 

إذا سلمنا بأن هناك أوجه تقصير متعددة، وجوانب إخفاق وأخطاء ما ارتبطت بكارثة البانوش (الدانة)، فهذا لا يعني أنه لم تكن هناك جهود يلزم ذكرها بالثناء، ومحاولات جيدة في مرافق وأجهزة حكومية ومبادرات أهلية هي في الواقع محل إعجاب الكثيرين، ولعل أولها وأبرزها، العمل الإعلامي – تلفزيونياً وصحافياً – الذي جعل المواطنين والمقيمين، من داخل البحرين وخارجها في اتصال مباشر مع الحدث. غير أن الجانب الإعلامي هو ما يلزم التركيز عليه إذا شئنا الحديث عن الشفافية وحق الناس في الحصول على المعلومة… لقد كانت وزارة الداخلية – على سبيل المثال لا الحصر – في موقع المثال الطيب الذي غيّر الفكرة القديمة القائمة على حجب المعلومات ومنعها عن الإعلاميين، فكان المسئولون بالوزارة، بدءاً من رأس الوزارة، وهو وزيرها، مروراً بالمسئولين والضباط الذين شاركوا في المؤتمرات الصحافية، على قدر كبير من التعاون لتقديم المعلومات في حينها… ولسنا هنا نتحدث عن نوعية تجربة مبشرة فحسب، بل عن تطبيق فعلي لتزويد الناس بالمعلومات عبر أجهزة الإعلام من جانب الوزارة.

وزارة الإعلام، ممثلة في هيئة الإذاعة والتلفزيون، قدمت عملاً تشكر عليه، ونقلت من موقع الحدث صوراً وتقارير ولقاءات مباشرة، والتقت أيضاً أطرافاً متعددة، وساهم ذلك في ضخ كميات كبيرة من المعلومات التي سببت في بعض الأحيان تضارباً، وفي أحيان أخرى، مالت نحو معلومات غير دقيقة تتعلق بملابسات الحادث الأليم، وهو أمر ما كان يجب أن يمر وخصوصاً أن هناك لجنة تحقيق رسمية، تتولى الوقوف على التفاصيل والأسباب. لكن وسط كل هذا العمل، لم يستمع الجمهور إلى صوت طرف رئيسي في الحادث وهو صوت الشركة المالكة للبانوش… فعلى رغم أن البث المباشر والمتتابع ليلة الحادث، سمح للناس فرصة الاستماع إلى مالك البانوش، عبدالله عيسى الكبيسي، إلا أن ما بعد تلك الليلة، وفي المؤتمرات الصحافية المتعددة، غاب صوت ذلك الطرف المهم!

وهنا يأتي السؤال: لماذا؟ ففي الوقت الذي تحدث فيه المسئول الأجنبي بالشركة التي استأجرت البانوش من مالكه في مؤتمر صحافي وأتيحت له الفرصة للمشاركة والتحدث عن الحادث، لم تتح هذه الفرصة لمالك السفينة البحريني للحضور والتحدث للإعلاميين! وبعيداً عن المسوغات والتبريرات، التي قد نجد بعضها مقبولاً وبعضها الآخر مرفوضاً، كان لابد من إتاحة الفرصة لكل طرف للتحدث تماماً كما يحق للمتهم، بريئاً كان أم مذنباً.

إن كم المعلومات المتضاربة، والاتهامات من طرف ضد طرف، تلزم، موضوعياً ومن باب الإنصاف والحيادية، منح هذه الفرصة الثمينة لأي طرف مهم، فهذه المعادلة تعتبر جزءاً مهماً من مهمات الإعلام الموضوعي، حتى يتمكن كل طرف من الإدلاء بما لديه من معلومات في مثل هذه الحوادث الأليمة

سعيد محمد سعيد

بين كوربوس وماكنا

 

ربما سيصبح مصطلح (العدالة الأميركية) أحد المصطلحات التي يمكن أن تستخدم في وصف التصادم بين الشعار والممارسة على مستوى حقوق الإنسان! فما أعلنه القاضي الأميركي انتوني سكاليا من عدم وجود حقوق دستورية للمعتقلين في غوانتنامو أثار انتقادات واسعة لا سيما بين القانونيين الأميركيين.

ولعل تصريح رئيس فريق المحامين المدافعين عن المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو، جوشوا كوانغلو براين بشأن رفض المحكمة الأميركية الاستماع لشكاوى المحتجزين في معسكر غوانتنامو في كوبا، وذلك بناء على القانون الجديد المعدل الذي يمنع احضار المتهمين شخصيا الى المحكمة لكي يستمع اليهم القاضي، يكشف صورة قوية الاهتزاز لإجراءات التقاضي في ذلك المعسكر، بل ان قانونيين وناشطين اميركيين في مجال حقوق الإنسان انتقدوا القاضي سكاليا ودعوه الى التنحي بسبب «اعدامه» حق الطعن.

هذه الخطوة المضادة لفكرة الحقوق الجنائية العالمية والمخالفة قطعاً للعهدين الدوليين، تضع القضاء الأميركي أمام عاصفة قوية من التشكيك في النزاهة وهو العنصر الأساس لأية محكمة أو محاكمة…

كيف؟ في مدينة يالطة، وهي مدينة جبلية ساحلية يصل ارتفاع جبالها الخضراء باشجار الصنوبر إلى 1400م، وهي تطل على البحر الأسود وتقع في جنوب شبه جزيرة القرم، وعدت القوى العظمى العالمية، وكان ذلك في العام 1945، بتأمين الحريات المقررة كحرية النفس والأمان والمال والسكن والوجدان وحرية الاجتماعات علاوة على الحريات المبرمة بينها في حقوق الإنسان، وعممت هيئة الأمم المتحدة كل تلك الحقوق تحت مسميات متعددة منها (ماكنا كارتا العام 1225) و(هابيس كوربوس العام 1679) في مؤتمر المي عقد في السادس والعشرين من شهر فبراير/ شباط من العام ذاته.

الفكرة الأساسية التي اجتمعت عليها تلك الدول هي أن العالم أصبح ينظر بأهمية بالغة لفكرة الحقوق الجنائية العالمية، واستمرت الجهود الداعمة لهذه الفكرة، ومنها جهود الأميركيين، في مؤتمرات حقوق الإنسان في فيينا العام 1993 وتأسيس المحكمة الجنائية في يونيو/ حزيران العام 1998. انتهاء عن الفضيحة التي أتى بها القاضي الأميركي انطوني سكاليا، ليضع عدالة الأميركيين في معسكر غوانتنامو، في مكانها الصحيح المنافي لكل العهود الدولية

سعيد محمد سعيد

ألغاز بحرينية

 

اذا كان في مقدور خبراء الذكاء وصانعي العقول الإلكترونية أن يشرحوا تفاصيل وخبايا الحلول المعقدة والمبتكرة للكثير من الألغاز التي يتداولها الناس في البحرين، فإنهم بذلك يقدمون لنا خدمات جليلة سيظل أهل البحرين يذكرونها لهم طوال حياتهم.

بل ستتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، ومن هذه الألغاز:

– اللغز الأول: يتصاعد هنا وهناك، والناس تشتكي من أعراض مرضية وجهات حكومية تنفي حدوث ذلك، وتتطور الأمور وتتعقد ولايزال ينتشر وينتشر… ما هو؟

– اللغز الثاني: مشروع كبير جداً جداً يملأ عيون الناس، وفي كل مرة يشاهد الناس في منامهم احلاماً وردية عن ذلك المشروع الذي ينتظره الآلاف من الناس، والى الآن لم توضع فيه (حجرة) واحدة في البحر.. ما هو؟

– اللغز الثالث: شخص مشهور جداً جداً… وجدوه وقد تحول الى تمثال للوطنية والدعوات الخالصة لوجه الله وجمع كلمة الناس تحت مظلة حب الوطن، لكن خطأه الوحيد هو أنه لا يعرف أن في البلاد طائفتين… من هو؟

– اللغز الرابع:شارع شهير على جانبيه ترى العجب العجاب، وحوله وحواليه ترقص الراقصات ويتنادم المتنادمون ويخالف المخالفون وتسود حال من الفوضى… أين؟

-اللغز الخامس: مكان معروف… يجتمع فيه الناس بواسطة (شاشة ولوحة مفاتيح)… لا يتركون شاردة وواردة الا وتطرقوا اليها، ولا يتركون صالحاً او طالحاً الا وشتموه… من هم؟

– اللغز السادس: وزارة مهمة، وكل من فيها مهم، ووزيرتها مهمة… كل همها أن تشرح للناس ماذا تفعل؟ ثم بعد ذلك، تبدأ في وصف مصاعب المهمة، وقليل من الناس يمدون لها يد العون، والغالبية يخطئونها… من هي ولماذا؟

اللغز السابع (والأخير) ليوم الجمعة: جرعات يومية تعطى للمواطنين، لا للتحصين ضد انفلونزا الطيور او ضد (سارس) أو حتى الإيدز… انه عقار يحصنهم من موت القهر… لماذا وكيف؟

سعيد محمد سعيد

خطب «للشرطة»… خطب «للورطة»!

 

حسناً فعلت وزارة الشئون الإسلامية، حينما دعت خطباء الجمعة في الأسبوع الماضي إلى تخصيص جزء من خطب الجمعة لتوجيه الشكر والثناء على العاملين في سلك الشرطة الشرفاء من أبناء البلاد – والى غيرهم من المخلصين – على جهودهم… لا لأنهم يقمعون الناس ويكممون الأفواه ويطلقون مسيلات الدموع، بل لقيامهم بواجبهم في حفظ النظام والأمن في بلادنا، ولأن غالبيتهم هم أبناء البحرين الذين يستحقون الورود، سنة كانوا أم شيعة.

تماماً، كما جرى ذلك الأمر، نود من وزارة الشئون الإسلامية، أن توجه اليوم، وبكل جدارتها وعهدنا بها، خطباء الجمعة إلى أن يكشفوا «الورطة»! ورطة الكتب الطائفية، وتوجههم إلى أن يخصصوا أجزاء من خطب الجمعة ليتحدثوا عن هذه الظاهرة الخطيرة التي لن ترحم أحداً إذا اشتعل أوارها… ولن يكون في مقدور الحكومة مواجهتها وقت اشتدادها لا سمح الله، ولن يكون في مقدور أهل البلد التصدي لتبعاتها المؤسفة كما هو حاصل في مجتمعات حولنا!

رجال الشرطة، الذين حاول البعض استغلال ظرف معين لتوجيه الشكر اليهم من باب تصيد الفرص الانتخابية تارة، وتأكيد الخط الطائفي تارة أخرى، والاختفاء وراء «تمييز طائفي» من نوع خاص، لا يحتاجون الا إلى المشاعر الصادقة والمواقف النبيلة تجاههم، فلم يقصر وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مع ملف أبناء البلاد في هذه الوزارة، ففتح باب الترقيات والدرجات والرتب الذي ظل مغلقاً سنين طويلة، وهو الأمر الذي أشاع الارتياح في صفوف الكوادر الوطنية العاملة في الوزارة.

إذاً، هم يستحقون أن يرسخ خطباء الجمعة العرفان لهم في نفوس الناس، وآن الأوان، لخطب يوم غد على أقل تقدير، أن توجه وزارة الشئون الإسلامية إلى «فزعة» ضد الطائفية، من خلال الخطب التي تفضح الكتب والكتيبات التكفيرية والتجزيئية، فلن يتمكن الشرطة الذين شكرناهم ونشكرهم، من ضبط نظام بلد تنتشر فيه الكتب الطائفية وتحمى فيها القلوب والنفوس على مرجل من نار

سعيد محمد سعيد

أنعم بهم: نواب اللافتات!

 

اذا كان النائب المبجل المحترم الموقر، يريد أن يظهر أمام الناس بمظهر (المواطن) الذي يخدم وطنه، وممثل الشعب الذي يقدم ما يستطيع من جهده من أجل ناخبيه، فما عليه إلا أن يعمل ويعمل وعلى الناخبين أن يروا نتاج عمله، لا أن يصرخ ويصرخ حتى يسمع الناس صراخه!

هذه الفترة حساسة وحرجة للغاية… فالوضع بدأ يسخن مع قرب انتهاء دور الانعقاد الأخير للمجالس البلدية ومجلس النواب، وأصبح الناس اليوم يتحدثون عن الوسائل التي يتفنن بها وفيها ولها، المترشحون الجدد والنواب الحاليون، إلا أن الواضح جداً جداً، أن الكثير من الناخبين اختاروا ممثليهم من النواب الحاليين بفضل ما رأوه منهم من عمل وجهد ومتابعة ومثابرة من دون الحاجة الى دعايات انتخابية، فيما سيلهث آخرون لهاثاً حثيثاً من أجل إبراز وجوههم لكي يتذكرها الناس.. لكن الغرابة في الأمر، هي التصرفات التي يقوم بها أولئك النفر القليل القليل من النواب!

لا أعتقد أن الناخب البحريني المثقف أو محدود الثقافة أو المواطن البسيط يمكن اليوم أن يقبل بلعبة الطائفية لاختيار المترشح، وإن كانت هذه اللعبة قائمة ومؤثرة ولها مريدوها! إلا أن فئات المجتمع المختلفة اليوم، من كل الطوائف، بدأت في اتخاذ خط مضاد لكل الممارسات التي تجعل من مجتمع البحرين مجتمعاً يتناحر بسبب الطائفية والتمييز والتحشيد… أياً كان المذهب الذي يتقدم المسألة ويتصدر الممارسة!

خذ على الطرف الآخر نواب الإعلانات واللافتات.. فهؤلاء، يتحدثون في الجلسات ويصرحون التصريحات ويقولون ما لا يفعلون!! والناس تعرفهم دون شك وأولهم ناخبوهم الذين لم تمر عليهم الأضحوكة هكذاً (هنيئة مريئة)… حتى أن أحد النواب الأفاضل، زعل زعلاً شديداً بسبب ازالة لافتاته (غير المرخصة)! وصار يهدد عبر الرسائل الإلكترونية، وعبر الأحاديث مع هذا وتهديدات مع ذاك… وأنه سينظم الاعتصامات وسيجمع الناس ليوم مشهود وربما وصل الأمر الى كوفي عنان ولربما ولربما… كل ذلك بسبب استمرار ازالة لافتاته!

وله الحق في ذلك، أليس نائباً؟ لماذا تزيلون لافتاته؟ حتى وإن كانت غير مرخصة، لا داعي لإزالتها… فهو نائب، في مجلس تشريعي، وحلال عليه أن يخالف القانون، لكي يبرز بصورة أقوى أمام ناخبيه الذين نتمنى ألا يخدعهم هو ولا غيره من خلال الضحك عليهم بهذه الأساليب؟