سعيد محمد سعيد

حضرة الخطيب الخطير!

 

يعتب بعض الأخوة الخطباء والمشايخ على المواقف التي يتخذها البعض ضدهم، وخصوصاً إذا كانت من جانب الصحافيين والكتاب، التي توجه النقد أو تحلل خطبهم أو محاضراتهم وتعين مواقع الخطأ.

وإذا كنا نقول لأولئك الأخوة، إن الخطيب الذي يخطئ ويكرر أخطاءه ويوجه المجتمع من خلال خطابات ومحاضرات تفتقد إلى لأسلوب العلمي، فإن في انتقاده ورفض ما يقول إذا كان فيه مضرة، لا يعتبر اطلاقاً هجوماً عدوانياً! وإلا هل يعتقد كل خطيب أو عالم دين، أن الانتقاد الموجه للضعيف والغث من الخطب والمحاضرات هو انتقاد للدين الإسلامي؟

ثم لا نجد مبرراً من غضب وعتب بعض المشايخ والخطباء، فهم يعلمون أنهم ليسوا جميعاً في المستوى نفسه، وإنما لابد من انتقاد أي منبر كان… دينياً ام ثقافياً أم اجتماعياً، حين يستخدم بصورة تخالف الأهداف العلمية والتنويرية والإرشادية، ليجعل الناس في لغط.

يمكن أن نقدم مثالاً، ولا ندري كيف يمكن قبوله من جانب الخطيب الذي لا يرضى بانتقاد خطيب آخر.

يقول ذلك الخطيب إن «المجتمعات الغربية التي وصلت إلى الفضاء وتطور لديها الطب، هي مجتمعات حقيرة، ولا يجب أن نأخذ منها شيئاً إطلاقاً. حتى العلاج، لأن العلاج عندهم مهما تطور، فإنهم كفار».

يهمس أحدهم في أذن جاره فيقول: «ما الذي يجري؟ وكأن قضايا الأمة زالت ولم يبق الا الحديث عن الكفار، لعلمك، الخطيب نفسه عاد قبل شهر بعد أن أخذه اثنان من ابنائه لعلاج عموده الفقري في ألمانيا!

المهم، أن الكثير من الخطباء، لا يدركون ما يقولون على المنابر وفي خطب الجمع وفي المحاضرات، لأنهم ببساطة ليسوا أكفاء لهذه المهمة، ولا داعي لأن يتفضل البعض بالهجوم علينا لأننا (هاجمنا كل علماء الدين) من دون تخصيص، ولا يمكن أن تبقى هالة التوفير على أي شخص لمجرد أنه خطب في الناس

سعيد محمد سعيد

المتاجرة بالوطن

 

خطاب غريب هو ذلك الذي ينتشر في البحرين من أجل التعبير عن الحب والولاء والانتماء للوطن. فالكثير من الناس اليوم أصبحوا يعتقدون أنهم وحدهم – ولا غيرهم – أصحاب الولاء والانتماء الحقيقي وغيرهم من الناس مجرد منافقين (يتاجرون بالوطن)!

حتى أن المضحك في الأمر، هو أن أولئك الأشخاص، ومن «قوة عينهم»، لا يستحون من استخدام عبارات نفاق وتسلق في كتاباتهم ومحاضراتهم وكلامهم في بعض المجالس، ومعظم الناس اليوم في المجتمع يعرفون من هو المنافق الذي لا تهمه المصلحة العامة، وإنما يقول ذلك للاستهلاك الإعلامي وكل ما يهمه مصلحته هو فقط. لذلك، يظهر أمام الناس منافقاً كذوباً ويظهر أمام السلطة على أنه واحد ممن يمكن أن يطلق عليهم وعاظ السلاطين أو كتاب البلاط أو تنابلة السلطان حتى.

ولا ندري إن كانت هناك علامات معينة توضع في جواز السفر، أو ختم أو بصمة تختم على جبين فلان، أو قلادة معينة تعطى لفلانة، أو كلمة سر تمنح لفلان فيصبحون مواطنين من الدرجة الأولى يحلو لهم أن يقولوا ما يشاءون في غيرهم، ولاسيما فيما يتعلق بأوصاف ضعف الانتماء والولاء والمتاجرة بالوطن والكذب على الوطن وعدم الاعتراف بقدسية التراب الوطني. ولهم أن يصفوا غيرهم كما يشاءون، فهم يمتلكون ذلك الحق ولا ضير في أن يهاجموا غيرهم.

هم (أصحاب الوطنية الصادقة الخالصة) وباقي خلق الله ممن لا يتفقون معهم في الخط أو في المزاج أو في الطائفة ليسوا سوى مواطنين مشكوك في وطنيتهم يجب التصيد عليهم وفضحهم. بل وتنظيم الحملات التي تكشف سوء باطنهم!

استدراك: احدى الصحف، نشرت صورة لمواطن (بحريني) في قرية باربار يسير امام صورتين كبيرتين للسيد الخميني والسيد الخامنائي، وكتبت تلك الصحيفة تحت الصورة : «صورة استخرجتها وكالة (…) من الأرشيف»! ونسأل: اذا كانت الوكالة استخرجتها من الأرشيف في اليوم ذاته الذي صدرت فيها تصريحات مبارك، ما الغاية من نشر الصورة «الأرشيفية» من جديد.

على رغم أنني ضد رفع الصور، لكنني ضد التصيد على الناس للطعن في ولائهم الوطني

سعيد محمد سعيد

الموضوع المكرر

 

يشير البعض، الى أن الكثير من الكتاب في صحافتنا المحلية أصبحوا يعيدون الكتابة في الموضوع ذاته، وهذا ليس عيباً طالما أن الموضوع يتطلب الطرح المستمر لأهميته، ولا ضير اطلاقاً من معالجته – ايضاً – من نواح أخرى.

وفعلا، كتبنا كثيراً في موضوع التحشيد الطائفي في بلادنا على سبيل المثال، وتكرر هذا الموضوع لاعتبارات أهمها أن من أخطر النوازل والبلايا التي تهدد استقرار مجتمعنا الصغير ذلك الحشد الطائفي الذي أصبحنا نراه ونعيشه ونسمعه ونشاهد فصوله ليل نهار في بعض الأيام… بل قل يوماً بعد يوم! ما ينبئ بأن الأمور ليست على ما يرام إن ترك الحبل على الغارب.

تتصفح الصحف فتقرأ مقالات وتقارير وأخباراً و… حتى بعض الخواطر والأشعار التي تفوح منها روائح الطائفية.

تحضر ندوة هنا أو محاضرة هناك فتعيش في بعض الأحيان حالا من الاضطراب بسبب الطرح الطائفي. تستمع الى أشرطة وخطب ومحاضرات فتجد نفسك وسط أسلوب جديد لنشر الفتنة الطائفية. تراقب الجدران من حولك فتقرأ ما يجعلك ترتعش: إما خوفاً أو غضباً أو صدمةً بسبب ما تحوي من أنفاس طائفية. تتصفح بعض المنتديات والمواقع فتجد الرؤوس الطائفية البغيضة هي التي تطل أولاً. بيانات ومنشورات وكتيبات أنيقة جميلة الألوان راقية الطباعة… لكنها للأسف طائفية.

تحشيد طائفي مخيف ذلك الذي نعيشه في بلادنا… أليس كذلك؟

هناك أسباب أخرى يدخل فيها أداء بعض النواب وأسلوب تعامل بعض المرافق الحكومية وأنشطة التوظيف، لكن الصحف أولاً وبعض الخطباء أو المحسوبين على التيار الديني ثانياً هما سبب تردي الأوضاع! فلو سألت أي مواطن عن مصدر حصوله على المعلومة التي اوغرت صدره سيخبرك إما عن قراءتها في صحيفة أو سماعها في (دار عبادة)!

يتفنن البعض اليوم في تنفيذ أسلوبه في التحشيد الطائفي، والأغرب من ذلك، أننا لا نجد سلطة قانونية تحاسب من يثير الطائفية. فماذا يعني ذلك؟

يعني باختصار، أن هناك أطرافا تشعل الفتيل، ولديها القوة، لكن قوة لا يجب أن تكون أشد من قوة القانون

سعيد محمد سعيد

إرساء مناقصة لتطوير مقبرة الزلاق

الرفاع – المحافظة الجنوبية 

صرح عضو المجلس البلدي بالمنطقة الجنوبية يوسف فارس الدوسري بأنه بالتنسيق مع إدارة الأوقاف السنية تم إرساء مناقصة لصيانة مقبرة الزلاق على إحدى شركات المقاولات، وجارٍ إنهاء الإجراءات الرسمية بالسرعة الممكنة. ويشمل ذلك إعادة بناء السور الخارجي للمقبرة وفتح باب لدخول السيارات من الجهة الغربية وعمل مواقف للسيارات وعمل ممرات من الطوب الأحمر مع توسعة وتغيير مكان مظلات التعزية

سعيد محمد سعيد

لعبة «الحية»!

 

اذا جاز للناس الاستمتاع بلعبة الحية، ذات المربعات الكثيرة والمفاجآت المذهلة، والقرارات الصارمة التي تلزم اللاعب على رغم أنفه بالتقيد بها، فلن يجوز لهم – قطعاً – اعتبار كل المتغيرات حولهم في حياتهم اليومية، وكأنها لحظة من لحظات تلك اللعبة المثيرة، التي لا يتقنها الكثيرون، وأنا أحدهم.

يعني، ليس من باب المفاجأة، أن تنشر صحيفة من صحفنا خبراً يقول: «لابد من القبض على الثعبان الضخم الذي التهم قطيع الماشية في وضح النهار، وحال القبض عليه، يتوجب على الجهات المعنية فضحه أمام الناس، فهذا النائب يقول كذا، وهذا الحقوقي يؤكد كذا، وتلك المواطنة المسكينة تقول كذا وكذا!»، ثم تأتي (الجهات المعنية) تالياً لتعلن في بيان خطير… خطير: «بشأن ما نشر بجريدتكم الغراء بتاريخ (…) وحرصا من (…) على ايضاح الحقائق للرأي العام والتزاماً منها بمبدأ الشفافية فإنها تورد الحقائق التالية (…)».

ما هذا أيها السادة الأعزاء في النيابة العامة؟ كيف وقعتم في هذه السقطة البالغة الخطورة؟ بإعلان بيان بأسماء (متهمين) مرفقة به صورهم؟!

ليس هناك من يعارض القانون، وليس هناك من يرفض أن يقدم للمساءلة القانونية أولئك الملثمون المجهولون (المدمرون) الذين يحرقون الأخضر واليابس، لكن بعد استيفاء كل الشروط القانونية والحقوقية للمتهم… إلى أن تثبت ادانته، أو أن تبرأ ساحته!

الملثم، أياً كانت طائفته أو مذهبه أو حجمه صغر أم كبر، ليست تهمته بأنه (ملثم والسلام)، بل ملثم يسعى الى ضرب الأمن والاستقرار في المجتمع وتأزيم الوضع، ومتى ما ثبت عليه ذلك، وجبت محاكمته محاكمة عادلة لإثبات التهم عليه ثم لن يعترض أحد على نشر اسمه وصورته. لقد تفضل بعض الزملاء الأعزاء وتطرقوا إلى هذه النقطة، لكن النقطة التي أود إثارتها هنا، هي رسالة قصيرة موجهة الى الجميع؛ لقد بدأت الموضوع بالحديث عن لعبة «الحية»، واذا كان هناك من يريد اللعب على تلك الرقعة ليعيد الناس من مربع الى مربع ليصل الى (مربع أمن الدولة)، كما حدث مع اعلان القبض على الملثمين، فإن نتيجة اللعبة لن تكون سارّة، لأن دولة القانون والمؤسسات، ليست مجرد شعارات بل ممارسة. ويا لها من فضيحة حين يتجاوز القانون… أهل القانون

سعيد محمد سعيد

حقوق المواطنة… مرة أخرى

 

بعيداً عن تصريحات البشر. (كائن من يكون ذلك البشر رئيس دولة أو فقيراً معدماً في بقعة ما من أرض الله الواسعة)، فإن الانتماء، كما يقول الباحث العربي غالب الفريجات في بحوثه القيمة في موضوع المواطنة والانتماء، هو حال وطنية لا شعورية تتم تغذيتها بالتربية، ولابد أن تكون لدى كل انسان، حتى أنه من الممكن أن تكون لدى كل كائن حي يشعر بارتباطه بالوطن الذي ولد فيه وترعرع.

وفيما بين المواطنين لا يجوز تجريد أحد من حال الانتماء هذه، لأنه ليس لأحد الادعاء بها دون سواه، وليس من حقه أن يجردها عن الآخر ايا كان هذا الآخر، إلا إذا قام هذا الآخر بما يتنافى مع هذه الحال، كما في العملاء والجواسيس والخونة، الذين لا انتماء لهم، عندما يقفون في خندق الاعداء على حساب الوطن تحت أي مبرر كان في ضوء القاعدة التي تقول إن الجاسوس أو الخائن لا وطن له، كما أنه ليس من العدل في عملية فرضها على طرف أو اطراف هم في واقع الأمر يملكون هوية وطنية تتعرض للالحاق أو الالغاء، كما هو في الممارسات الصهيونية ضد الهوية الوطنية الفلسطينية.

ولكن بالضرورة ان تتوافر لمثل هؤلاء حال من الانتماء المزدوج، كأن يتم التزاوج فيما بين انتمائهم للوطن الذي يعيشون على ارضه ويملكون حقوق مواطنيه وعلى وجه الخصوص السياسية إذا كان وطنا عربيا لأنهم في هذا يتوحدون مع المواطنين الاصليين بالانتماء القومي، ما يعني واجب الدفاع عن الوطن الذي يتمتعون فيه بالحقوق السياسية في حال تعرض هذا الوطن لأي عدوان خارجي من دون أن يفقدهم حقهم في الانتماء للوطن والهوية الاصلية التي سلبت منهم.

المواطنة تتمثل في ارتباط الإنسان بوطن، ومن حق كل إنسان يعيش على بقعة أرض أن يملك حقوق المواطنة على هذه الأرض في ضوء القوانين المرعية لادارة هذا الوطن، على ألا تكون قد جاءت باطار فوقي أو اغتصابي، والمواطنة لها وجهان لا ينفصلان: حقوق وواجبات، فعلى كل مواطن أن يقدم ما يترتب عليه من حقوق لهذا الوطن، وعلى القائمين على صناعة القرار فيه أن يفوا باحتياجات هذا المواطن، والتي قد تكون في صورة تعاقدية ما بين النظام السياسي والمواطنين في وثيقة الدستور، ولكنها ليست تلازمية، بمعنى أن أي تقصير في توفير الاحتياجات والمصالح من جانب النظام السياسي لابد أن تقابله ممانعة أو معارضة في تقديم الواجبات المنوطة بالمواطنين، إلا من خلال استخدام الانظمة والقوانين كحق التظاهر السلمي والعصيان المدني، والسعي إلى التغيير بالوسائل والطرق الديمقراطية

سعيد محمد سعيد

يا حكومة: عاقبيهم وعاقبينا!

 

كل شبر على تراب هذا الوطن الطاهر أصبح مصاباً بمقتل بسبب ما يسمى اليوم في صحافتنا وإعلامنا وأحاديثنا ومقالاتنا وقراراتنا وتصريحات مسئولينا وأمنياتنا واخفاقاتنا وحرماننا وأوجاعنا وآلامنا… يسمى اليوم بين قوسين (الطائفية)!

يا حكومة ماذا تنتظرين؟ عاقبيهم!

عاقبي من يتحدث باسم الوطن وينهش في جسد الوطن فلا يجد لحماية نفسه ومكتسباته وأملاكه وترفه وولعه بجمع الذهب والفضة والاحتفاظ بنصيبه ونصيب طائفته من الكعكة إلا (الطائفية) طريقاً للكيد والتنكيل والتحريض.

عاقبيهم لأنهم لن يكونوا صادقين أبداً… وما خفي كان أعظم.

ثم يا حكومة… عاقبينا!

ولم لا؟ فكل من تتلوث يداه بظلم مواطن وحرمانه من حقوقه والتحدث بصوت الطائفة والجماعة، ويتعمد التخطيط لإثارة المزيد من النار الطائفية العالية اللهب الشديدة الوهج.

يا حكومة… لا يخفى الوضع على من له لب ومن القى السمع وهو شهيد… فكل مواطن يتحدث مع أخيه المواطن الآخر عن الطائفية… وهذا مواطن يتناقش بحدة مع أخيه المواطن عن الطائفية… وهذا شيعي يزور سنياً ليدور حديث طويل ثم تدخل الطائفية… وهذا سني، يدخل مأتماً ليقدم واجب العزاء فتطل الطائفية… وهذا عالم، فاضل، جليل، محترم، ينفش ريشه على منبر ليهاجم الطائفية بجزء من لسانه وقلبه، ويمارسها بعيداً عن المنبر بالجزء الآخر.

حتى الكتاب، صاروا يشككون في بعضهم بعضا حينما يكتبون عن الطائفية… فيكتب كاتب هنا مقالاً ينتقد فيه ممارسة طائفية فيرد عليه كاتب هناك ليتهمه بأنه أصلاً طائفي! فيغضب الأخير ليسوق قائمة من المبررات والدفوعات التي تبين أنه ليس طائفياً، بل الطائفي هو من اتهمه بهذا.

وبين كل ذلك الوجع، ينتشر ما ينتشر من مرض بين ضلوعنا وسيأتي اليوم الذي سنبحث فيه عن الدواء، ولن نجده

سعيد محمد سعيد

لن نحرق… لكننا سنطالب

 

تمنى البعض، ومحدثكم واحد منهم، أن يمتلك الشفرة السحرية التي تحول الشر إلى خير، والباطل إلى حق، والدموع إلى ابتسامات، والألم إلى أمل، والموت إلى حياة. لكن ذلك مستحيل، فهيهات أن تتقدم الأمنيات والأحلام على مؤشرات الواقع والحقائق. تمنينا ونحن نستمع إلى حديث وكيل وزارة الداخلية الشيخ دعيج بن خليفة آل خليفة ومحافظ الشمالية أحمد بن سلوم والكثير من الأهالي الذين مثلوا مختلف قرى المحافظة في اللقاء الذي استضافه مجلس المحافظة يوم أمس الأول (الثلثاء)، ألا يقع أحد في أتون النيران المشتعلة هنا وهناك بلا سبب في غالبها… تمنينا ألا يقع شاب واحد في أحضان (النار)، مهما كانت سماكة لثامه وقوة عضلاته وشديد بأسه. ولسنا وحدنا الذين نتمنى، فنحن ندرك أن هناك الآلاف من المواطنين الذين يتمنون ألا تعود أيام شقاء منتصف التسعينات بكل صورها الأليمة، وكذلك الحال بالنسبة لهؤلاء الملثمين، الذين ارتبطت بهم «الوسط» ارتباطاً واضحاً حينما فتحت ملف «الملثمون» حتى ظن البعض أن المسألة لا تعدو كونها «حركة مسرحية»، حتى مع نهاية السلسلة التي استضفنا فيها مجموعة منهم ولم نرغب في نشر الصور والأسماء على رغم موافقة المجموعة على ذلك. ليست المسألة «حركة مسرحية» بقدر كونها خطوة وطنية لإيصال صوت غائب لم يجرؤ أحد على تمثيله بالصورة التي مثلته فيها «الوسط».

كان لقاء الأهالي بالمحافظة الشمالية، يعكس اتفاق المواطنين، بأن العمل الذي يندرج تحت مسمى «الأعمال الخارجة عن القانون» ليست هي القاعدة، إنما هي الاستثناء طبعاً، لكن الأمنية الكبرى هي أن تنتهي مثل هذه الأعمال، وأن تستمر المطالب الدستورية المشروعة مهما كان صنفها. والثقة كبيرة في أن الحكومة ستستمع لمطالب الناس المشروعة وستفتح صدرها وأذنيها وستكون صريحة وواضحة كما كان لقاء الشيخ دعيج بالأهالي، واضحاً وصريحاً ومباشراً، وهذا ما نرغب في أن نؤسسه كقناة للتواصل بين المواطن والمسئول

سعيد محمد سعيد

رؤوس أطفال في «كارتون»!

 

في كثير من الملفات السرية تجد العجب العجاب، وخصوصاً تلك ذات الطابع الأسري. ففي الوقت الذي تدور فيه رحى قانون الأحكام الأسرية، ويشتعل الأوار بين مؤيد ومعارض، ومراقب ومتجنب، تدور أيضاً المشكلات في بعض البيوت لتصل الى أقسام الشرطة ثم الى النيابة العامة ثم الى المحاكم، لتضيع الأسرة و«يتبهدل» أفرادها.

اليوم، وطبقاً للنظام المتبع بين الزوجين المنفصلين، فإن الالتقاء بالأطفال يتم في المراكز الاجتماعية، خلافاً لما كان في السابق إذ كان الزوجان المنفصلان، يلتقيان بأطفالهما في مراكز الشرطة. وجاء النظام الجديد حفظاً لأمور كثيرة منها خصوصية الحالة والاعتبار الى نفسيات الأطفال والآباء والأمهات. لكن، ومع شديد الأسف، فإن القصص التي تدور في تلك المراكز هي في حد ذاتها مصائب!

لنأخذ هذه القصة: يرفض الأب إحضار الأطفال للالتقاء بوالدتهم التي انفصل عنها، وعلى رغم صدور الأمر القضائي ودعوة المكتب المختص بالمركز الاجتماعي لذلك الأب بضرورة احضار الأطفال في اليوم المحدد للالتقاء بوالدتهم، فإن الأب يرفض باستمرار، وكان يستخدم عبارة لا يقولها إنسان عاقل إطلاقاً: «اذا ارادت أن ترى أطفالها فسأحضر لها رؤوسهم في كارتون»!

وهذا الكلام، لم لا يصدق! لم يكن سراً خطيراً من الصعب اكتشافه، بل قاله أمام الموظفة المعنية بالمركز الاجتماعي، وما يزيد الأمور صعوبة، أن هناك من الآباء من يعرض الأطفال للإهانة والتهديد والإرهاب النفسي والتعذيب الجسدي اذا ما رغب أحدهم أو فكر في رؤية والدته المطلقة!

لكن يبدو أن هناك جهة ما… لا ندري من هي، لا تستخدم الحزم والصرامة مع مثل هذه الأمور. لتصبح هذه القضايا واحدة من قضايا كثيرة مهملة في مجتمعنا، لكن بودنا أن نستمع الى ما يمكن أن تقوم به الشئون القانونية بوزارة التنمية الاجتماعية لتصحيح هذا الوضع الخاطئ

سعيد محمد سعيد

التشكيك في ولاء الشيعة…من السر إلى الجهر!

 

لم تكن تصريحات مبارك الأخيرة بشأن الواقع الانتمائي للشيعة ومفهوم الوطنية لديهم هي (الفجيعة) التي ما سبقتها فجيعة بالنسبة الى الشيعة أنفسهم وبالنسبة الى الملايين من الإخوان السنة. إذ كانت مثل هذه المواقف في السابق كثيرة، بل تستعصي على العد ربما، لكنها كانت سرية ومبطنة، وربما كان مبارك من أكثر المعتنقين لفكرة التشكيك في ولاء وانتماء الشيعة لأوطانهم، غير أن في هذا الأمر تبرز حقيقتان واضحتان؛ أولاهما: بروز الصوت الدفاعي من الشيعة عن الدفاع عن انتمائهم لأوطانهم وولائهم لها، وثانيتهما: بروز الصوت المتشفي والحقيقي لمبارك ومعه طبعاً مسار كبير في الوطن العربي مثله النائب جاسم السعيدي، فبين مبارك والسعيدي اتفاق تام في الفكرة، حتى وإن كانت خطأ أو لنقل (حتى لو كانت محدودة الصحة ولا تعدو كونها صورة من الصور الكثيرة لممارسات بعض المواطنين في كل دول الخليج والعالم العربي).

المهم، أن مبارك قال قولة من مقولاته الشهيرة، وهي لا تتجاوز حدود الكثير من المقولات التي أطلقها في شرق العالم العربي وغربه، والأهم أيضاً، أن السعيدي انتهز الفرصة ليقنع الناس، كل الناس وأولهم الشيعة هذه المرة، أنه ليس (طائفياً) كما كان يقول ويؤكد ويكرر ويصرح، حتى جاء تصريحه وكأنه شاشة تلفاز (أسود وأبيض)!

وعلى رغم ما قاله مبارك والسعيدي وأمثالهما، فإن حكومات دول الخليج، لم تترك، منذ حقبة الثمانينات، هذا الموضوع يسري على (عواهنه)، فهناك دلائل عدة تؤكد وطنية وولاء الشيعة لأوطانهم وقد تحدث عنها الكثير من المراجع الكرام ومنهم السيد محمد حسين فضل الله، لكن يتوجب على الشيعة في كل الدول العربية، ولا سيما في دول الخليج، في جزء خطير ومهم، الالتفات الى ممارسات البعض (نقول البعض) الموالية ولاءً كلياً لإيران وغيرها، ثم الانتباه أيضاً الى ترسيخ مفهوم المواطنة الذي بصراحة ليس موجوداً في عقول البعض!

فاتفاق مبارك والسعيدي على أن ولاء العرب الشيعة لإيران هو ولاء مرجعي وليس سياسياً هو أمر صحيح، ولا يجب أن تأخذنا هنا الحمية والحنق بعيداً عن الواقع.

ثم بودنا أن نسأل مبارك سؤالاً: «يموت المصريون حباً في السعودية، ويحلمون بالسفر اليها والاتصال بمشايخها في البرامج الفضائية، فهل يعني هذا أن ولاء المصريين للسعودية؟!»