سعيد محمد سعيد

النصر الطائفي

 

بكل أناة وهدوء، تحدث ذلك الرجل ذو الخمسين عاماً، وهو من أهالي قرية الديه، ليعبر عما يجيش بنفسه من ألم بسبب ما يقرأه في بعض صحفنا من هجوم على (الطائفة) ذلك لأن صورة من صور منتصف التسعينات عادت من جديد!

ولأن أولئك الكتاب المهاجمين – على حد وصفه – لا يمتلكون القدرة على العمل كصحافيين محترفين يحددون بالضبط من هم أولئك الذين يعبثون بأمن البلد، ولماذا يقومون بهذه الأعمال، ومن يقف وراءهم، والى أية جهة ينتمون، ويطلعون القارئ على وثائق وحقائق، فإنهم يكتفون بالجلوس في مكاتبهم واطلاق التهم على أهالي القرى، ويطالبون بعدم الرأفة معهم وانزال أشد العقوبات بهم…

هم يقصدون من تثبت عليه التهم… نحن ندرك ذلك، لكن الرابط الخطير، هو ما يتناوله بعض الكتاب من مزج بين حوادث منتصف التسعينات وبين الحوادث التي وقعت منذ حوادث المطار وما تبعها وكأنه ليس هناك في البلد من عابثين ومخربين مجهولين أو مندسين إلا في القرى! وكأن مثل هذه الحوادث الإجرامية، لا يرتكبها الا من ينتمي الى القرية.

حديث هذا المواطن، الذي كان يعلق على بعض الكتابات السطحية المجوفة الفارغة، وينظر أيضاً الى تصريحات المسئولين، وآخرها تصريح وزير الخارجية الذي أكد مرجعية الشيعة لدولتهم وحكامهم الشرعيين، والتصريح المهم لوزير الداخلية عن حادث تعرض دورية شرطة لهجوم، يضع حداً فاصلاً بين تصريحي المسئولين الكبيرين وكيف جاءا ليحملا رسالة الى كل المجتمع، وبين كتابات يقرؤها الناس في الصحف وليس فيها أدنى شعور بالمسئولية… كل ما ينتج عنها إنما هو حصاد تربية طائفية بغيضة، واذا كانت الفرص مواتية اليوم لتحقيق (نصر طائفي)، فليس من باب الاحتراف التصيد في ظرف يوجب على الجميع التخلي عن العباءة الطائفية والتمسك برداء الوطن الذي يظلل الجميع.

حين يريد البعض أن يظهر مهاراته وعبقريته، فليتحرك كصحافي محترف، ليقدم الحقائق للدولة وللناس، وليكشف كيف هي معقدة خيوط المعضلة التي نعيشها على يد الإرهاب… أياً كان مصدره

سعيد محمد سعيد

من يخنق الآخر؟!

 

السجال شديد، ويبدو أن بعض حملة الأقلام والمفكرين والمثقفين والكتاب الذين هم نخبة الأمة، بدأوا يعودون الى مرحلة مص الأصبع في الطفولة انتظاراً لمرحلة الحبو ومن ثم الوقوف والسقوط لحين اشتداد العظم!

بعض أولئك، من سنة وشيعة، بدأوا يتفننون في كيفية إلصاق تهمة العار بالآخر… إن من المهم في هذه المرحلة، وفي هذا الظرف بالذات، مع رفع صور أسامة بن لادن وحرق سيارات الشرطة واستحضار صورة ارشيفية من قرية باربار ونشرها بمناسبة وغير مناسبة، أن يخنق أحد الطرفين الآخر… وأمام الحكومة، في طقوس سيئة لتقديم قربان الولاء والطاعة والامتثال في جو من الألم المقلق يلف بلادنا من أقصاها الى أدناها.

أقصر السبل لدى بعض أولئك الكتاب، ومنهم رؤساء تحرير، أن تلقي التهمة على (ولاء الشيعة أولاً) وتجردهم من (الدم البحريني الخالص) المشترك بين السنة والشيعة، لتبدأ بعد ذلك في غرس أنياب فتنة، القصد منها وضع الشيعة في لائحة الاتهام… فهم الذين يحرقون (وهذا ليس بجديد على الرافضة منذ قديم الزمان)، وهم الذين يفجرون اسطوانات الغاز، وهم الذين يحرقون الإطارات واشارات المرور، وهم الذين يرفعون صور الخامنئي وبن لادن، وهم كذلك الذين يجلسون على الأرصفة لبيع ولائهم… هذا ما يردده البعض، لكن بصياغات مختلفة!

من السهل أن نلصق التهمة في أهالي قرية أبوصيبع لأن سيارة الشرطة احترقت أمام قريتهم! ومن السهل أيضاً رمي التهمة على أهالي قرية الديه لأن حرائق ليالي الجمعة تحدث أمام قريتهم؟ لكن سيكون مستحيلاً أن توجه الإتهام لأهالي قرية البديع أو الجسرة أو الحد أو البسيتين حين ترى اطارات مشتعلة ترتفع منها النيران… أليس كذلك؟ لأنك ستسأل عن الفاعل!

حقاً، ذلك هو السؤال: «لماذا لم نسأل عن الفاعل الحقيقي الذي حرق الإطارات ووضع القنابل الصوتية وأحرق الممتلكات الخاصة والعامة لكي ننظر بمنظور يختلف عن (تهمة التسعينات العامة على الشيعة)؟ أم أن هذا صعب والأسهل القاء التهمة على الطرف الذي يجب أن يختنق؟

سألنا بعض رجال الأمن: «هل تعتقدون أن هناك (طائفة معينة) يقوم بعض أبنائها بهذه الأعمال؟»، فكانت الإجابة تتمحور على مبدأ البحث والتحقيق والتحري للتأكد، فالقضية حساسة للغاية… فلربما ليس هناك (طائفة معينة) ولكن هناك مجموعة من المجرمين، أياً كان انتماؤهم المذهبي والفكري، يخططون لكل ما يجري… وبدقة أيضاً!

اذن، من العبث أن يحاول بعض كتابنا الأفاضل القاء التهمة، كاملة على الشيعة… فذلك هو أيسر السبل وأقصرها للعاجزين

سعيد محمد سعيد

عصابات النار!

 

«ليس في وسع أحد التصدي للغرباء أو الملثمين أو أفراد العصابة. ما من أحد يأمن على حياته منهم. فغداً، قد يحرقون سيارته وربما بيته، وربما تعرض هو وأفراد أسرته لهجمة ما مثلها هجمة. لندع الأمر الى رجال الأمن وهم ثقة. قوات الأمن هي وحدها القادرة على ردعهم».

تلك العبارة، غالباً ما تطلق حينما يوجه سؤال الى أي منا عن السبب في ترك «العصابات الصغيرة» كما نفضل تسميتها، تثير الخراب والدمار في القرى، أمام سكوت وتردد العدد الكبير من الرجال والشباب الشجعان الأقوياء! وعادة ما تجر الإجابة، إجابات أخرى فرعية تدور في فلك الخوف من أولئك المجهولين. ومن يكونون؟ وربما يكونون مسلحين بأسلحة أخرى يستخدمونها في حال واجههم الأهالي.

لكن كل ذلك، يجعلنا أمام نقطة حساسة للغاية. فتلك الحوادث التي بدأت بحرق الإطارات والحاويات وانتقلت بسرعة الى حرق سيارات رجال الأمن والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، تنفذها عصابات صغيرة من دون شك، وهذه العصابات المجهولة، لن تنكشف بجهود رجال الأمن وحدهم الذين أصبحوا هم أيضاً عرضة للهجمات بالدرجة الأولى وكأننا نتحدث عن «عصابات» جاءت من العراق لتنفذ المخطط ذاته. فهناك يهاجم الإرهابيون رجال الحرس الوطني والأمن قصداً، وهنا، يقع رجال الأمن في كمائن أولئك المجهولين!

الأمر غريب للغاية، لكن، ليس من نافلة القول أن ما يحدث سيعرض الجميع لألسنة اللهب في يوم ما لا نريده أن يأتي. وعلى ذلك، أصبح الدور الشبابي اليوم، مهماً أكثر من السابق، بل هو لا يتطابق مع الدور في حوادث منتصف التسعينات، لأن المطالبة آنذاك مشروعة وتختلف عن حرائق اليوم الإجرامية، ما يستدعي أن يكون شباب القرى (ومعظمهم من الرياضيين الشجعان) أن يثبتوا رجولتهم ووجودهم أمام أولئك، وحدث ذلك فعلاً في قرى الدراز والسنابس والبلاد القديم وفي سترة أيضاً.

وإذا كان وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، اطلق تصريحه أمس من باب المسئولية، ولم يغفل أبواب الحوار الهادف ورفض ما يمكن وصفه بالخروج على الإجماع الوطني، وإذا كانت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية دعت بكل وطنية وشجاعة المواطنين لتجنب الاشتراك في مثل هذه الممارسات الفاقدة لكل الموازين الشرعية والوطنية والبعيدة عن الأطر السلمية، فإن هناك دوراً مهماً لشباب القرى، على الأقل، نلقم الأفواه التي تشكك في ولاء ووطنية الشيعة تحديداً

سعيد محمد سعيد

لأنها مرحلة «انتقال»!

 

لايزال مجتمع البحرين يموج بالكثير من الملفات والقضايا، وهي – من دون أدنى شك – لن تحل بين ليلة وضحاها، لكن ما يثير القلق والتشاؤم، هي أن تتضارب الاتجاهات بين القطاعات النشطة سياسياً في المجتمع، وبين قنوات الدولة، واذا ساد مبدأ التحدي من الطرفين، فإن تلك الملفات ستفتح وتغلق وتفتح وتغلق، دونما نتيجة.

إذاً، هناك حاجة إلى قنوات مفتوحة بين الطرفين… مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني… لكن، هل يصح هذا القول على موضوع تطبيق العدالة الانتقالية؟ في اعتقادي، أن هذا الملف على وجه التحديد، وأكثر من غيره، هو الذي ينتظر المبادرات الإيجابية من الطرفين.

ليس من المهم أن يتضاعف التركيز على مفهوم العدالة الانتقالية الذي يرتبط بمراحل انتقال سياسي في أي مجتمع من أجل وضع وتفعيل استراتيجية عمل لمواجهة ارث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وتحليل هذه الاستراتيجيات وتطبيقها عملياً بهدف خلق مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية. لابد من أن يظهر الناشطون الذين يحملون هذه التوجه، وهم أدرى مني قطعاً، أن التعامل مع ذلك الارث، ونحن نعيش مرحلة جديدة في تاريخ المملكة، يوجب تضمين العدالة الجنائية وعدالة اصلاح الضرر والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وهذا لا يمكن أن يتم من دون التفكير في تأسيس اتجاه التباحث بشأن التدابير لمحاسبة المتورطين في جرائم الماضي والتعامل مع ملف أبيض لمنع وقوعها مستقبلاً.

من هذا المنطلق، لا يمكن اعتبار مطالبة النائب جاسم السعيدي ولجنته لتعويض من اسماهم ضحايا ارهاب التسعينات باطلة! فكما لدى لجنة ضحايا التعذيب الحق في المطالبة بتعويض من تعرض للتعذيب ابان مرحلة أمن الدولة من المعتقلين، فإن للسعيدي الحق في رفع مطالبته، على أن يكون القانون هو الفيصل في حفظ تلك الحقوق.

ثم إن الجهة التي تتجه لها المطالبتان (تعويض ضحايا التعذيب وتعويض المتضررين من حوادث التسعينات) هي جهة واحدة… الدولة. ومن هنا، يصبح الهدف نحو الجهة الأم ملزماً بتطبيق خطوات فاعلة للوصول إلى الهدف، واذا كانت وزارة العدل اليوم هي ليست وزارة العدل أيام التسعينات، ووزارة الداخلية اليوم تختلف اختلافاً تاماً من ناحية المنهج والأسلوب والاستراتيجية عن «داخلية التسعينات»، فإن الأبواب مفتوحة والفرص متاحة، وليس أفضل من الالتقاء بين الطرفين (الدولة ومؤسسات المجتمع المدني) للوصول إلى صيغة تحترم القانون أولاً وتضع الاعتبار لأوضاع ومصلحة البلد ثانياً وترضي جميع الأطراف ثالثاً، لكن العمل يتطلب جهداً من دون شك

سعيد محمد سعيد

الرجل الذي قال (لا)

 

إذا أردت أن تصاب بحالة من الانتكاسة النفسية الشديدة، فما عليك سوى التحدث مع بعض الموظفين في قطاعات مختلفة… حكومية كانت أم خاصة، ولا تسألهم عن الراتب و(حجمه) فهذا الموضوع أصبح قديماً… ولا تسألهم عن الترقيات والدرجات، فتلك (فلتة) وقى الله الموظفين شرها… ولكن اسألهم عن حقوقهم وعن تعامل كبار ومتوسطي وصغار المسئولين معهم واجمع من القصص ما تشاء… املأ جيوبك وسر على بركة الله!

قال أحدهم: أردت أن أكون كبش فداء، لأجل عيون زملائي في العمل… فأنا شاب حديث التخرج والفرص أمامي كثيرة حتى وإن كانت خلاف ما أتمنى… وهم آباء وعليهم مسئوليات منزل وأسرة… لكن ما هي القصة؟ القصة تدور حول شخصية المدير الذي لاهم له سوى التنكيل بالموظفين وإطعامهم العلقم منذ الصباح الباكر حتى المساء، والأصعب منذ ذلك، أنه يكتب التقارير السيئة حتى عن الموظفين المجدين!

المهم، قررت أن أكون الرجل الذي قال (لا)، والكلام لمحدّثي، إذ جاء ذات يوم ضمن جولته اليومية الاستفزازية، والتي لا يتركها حتى وإن كان عزرائيل يعالج آخر سكراته… فجاء صارخاً معترضاً على أداء الأسبوع الماضي والذي كان بحسب وصفه أسوء من (خيشة فحم)، فما كان مني إلا أن وقفت وتكلمت معه بهدوء في بادئ الأمر، وعندما وجه لي السؤال: «ألا تعرف من أنا؟»، قررت أن أقولها… «لا… فلست أخافك، ويكفي أن أخاف الله»… وما تفعله أنت لا يرضي الله اطلاقاً، فاتق الله في هؤلاء الموظفين.

هاج وماج وخرج وهو يكرر: «زين… زين… يصير خير!»، واستدعاني لمكتبه حتى يحكي حكاية طويلة حول كيفية وصوله الى هذا المنصب و… و…»، فلم أجب إلاّ بكلمة واحدة: تستاهل ما أعطاك الله، لكن لا تتفلسف! وهنا هاج من جديد ليقول: اعتبر نفسك منقولاً إلى قسم آخر… وهذا ما جرى.

وليست قصة هذا الموظف هي الوحيدة، فهناك العشرات، إلا أنه بالنسبة إلينا في البحرين، فيتوجب علينا أن نعرف متى نقول (لا)… فهي في محلها وفي وقتها تصبح نافعة، وحتى نتعلم كيف نكون إيجابيين حتى في أسوأ الظروف

سعيد محمد سعيد

أيها المواطنون: صلوا على النبي!

 

المشهد الأول: نحن الآن في الصباح الباكر والازدحامات بالقرب من المدارس في صورتها اليومية طيلة العام تكاد تفتك بأعصاب الجميع. ينحرف أحد السواق بعد أن ودع أطفاله من دون انتباه ليفاجئ السائق الآخر لكن من دون تصادم، يتطاير الشرر ويعلو الصراخ وتشتبك الأيدي و«عينك ما تشوف الا النور» حسب قول أخينا عادل إمام.

المشهد الثاني: «سكنير»، يمين، يسار، دوس ريس، ليتات، كانت تلك كلمات الفاحص الفني الذي بدأ يفحص احدى السيارات وخلفه طابور طويل جداً والشمس تلهب الرؤوس. عن طريق الخطأ… مرقت سيارة صغيرة تريد العبور من وسط الطابور الى الجهة الأخرى، فما كان من السائق الآخر الا أن سد الطريق بسيارته الكبيرة أمام تلك (العربانة) التي لا حول لها ولا قوة. صاحبها أيضاً لا حول له ولا قوة، لكنه شرس على ما يبدو… فخرج بقامته القصيرة وعيناه محمرتان ليوبخ (الآخر) الذي لم يساعده فصرخ: هكذا تعامل الناس من دون احترام؟ ماذا سيحدث لو أنك أعطيتني فرصة؟ ترجل الآخر ليجد صاحبنا القصير وكأنه رقم (صفر) يقف بالقرب من رقم (واحد)… ومع ذلك… «تهاوشو»!

المشهد الثالث: من حق السيدة أن تأخذ فرصتها خارج طابور البنك. لكن أخونا صاحب الثوب الأنيق والعطر النفاذ والحذاء اللامع والنظارة الثمينة لم يعجبه ذلك، فدخل في موضوع عميق عميق جداً، تبغون مساواة، مسامحة الشيخة، طابور! لم تتحدث السيدة لكن النخوة العربية دفعت احد الواقفين في الطابور للرد: يا أخي عيب عليك. اعتبرها بمثابة أختك! وبين كلمة (لماذا تتدخل) وكلمة «مو شغلك» أصاب العقال «ويل بالانس».

المشهد الرابع: فجأة، تتطاير البشوت وترتفع درجة حرارة الراديترات، وتنتفخ الوجنات وترتجف الأوصال، وتلمع فلاشات الكاميرات، وتثور الثائرة، و… «أرى رؤوساً قد أينعت»… واذا هي حال من الحالات المتكررة في مجلس النواب!

أيها المواطنون الكرام… صلوا على النبي رحم الله والديكم

سعيد محمد سعيد

كذابون!

 

الالتقاء بالقيادة في الاحتفالات أو الزيارات الميدانية أو استضافات المجالس وكذلك اللقاءات التي تتم في دواوين الشيوخ هي من أكثر الأمور أهمية بالنسبة للكثير من المواطنين ولاسيما أولئك الذين يعملون في القطاعات التطوعية والاجتماعية والشبابية، لأن تشرفهم بالسلام على القادة، يفتح لهم المجال واسعاً أيضاً لطرح الكثير من النقاط المهمة والملاحظات والمطالب التي لم تتحقق منذ سنين.

لكن، من أين يأتي أولئك الكذابون الذين يحرمون البعض من المشاركة في هذه الزيارات واللقاءات بحجة أن التعليمات جاءت هكذا، والأوامر تقضي بذلك، و… و…؟! مع العلم واليقين بأن القيادة لا تمانع من الالتقاء بأي مواطن ضمن الوفود التي تأتي من القرى والمدن ومن الجمعيات السياسية والدينية والصناديق الخيرية والمراكز الشبابية. بمعنى آخر، ان كل من يأتي للزيارة ضمن الوفد هو مرحب به. فمن أين تأتي اليد التي تشطب هذا الاسم أو توافق عليه؟

حدث وأن تم حرمان أحد الزملاء الاعلاميين من التشرف بالالتقاء بالقيادة عدة مرات، وعلى رغم أنه عضو رئيس في الوفد، لكنه يحرم من الحضور مع بقية زملائه، وعندما اعترض بعض الأعضاء وتساءلوا عن سبب منع ذلك العضو، كانت الإجابة: لا ندري، لا يوجد أي مانع. ربما كان ذلك المنع جاء من وزارة الاعلام؟ وربما وربما؟

لكن بعد ذلك، وعن طريق التحقيق والتحري، تبين أن (رئيس) الوفد هو الذي لا يريد أن يرافق الوفد ذلك (الشخص المنبوذ ابن الغسالة) للتشرف بالالتقاء بالشيوخ. فقط بمزاجه هو!

أولئك الكذابون، في أماكن عدة، ومنهم رؤساء جمعيات، يؤثرون أنفسهم وأصحابهم على غيرهم. فيضعون العراقيل للآخرين لكي يكونوا هم في الصدارة، فيكذبون ولا مانع اطلاقاً من الكذب، فهم ما تعودوا الصدق يوماً، لكن «حبل الكذب قصير» دائماً. هكذا يقول المثل، وهكذا تتضح الصورة للقيادة يوماً بعد يوم

سعيد محمد سعيد

مؤسسات وهمية لتجارة رابحة

 

لم تعد مشكلة العمالة السائبة، أو ما يطلق عليها تسمية الـ «فري فيزا»، محدودة المخاطر… فقد تعدت اطار الإشكال القانوني الاعتيادي من إقامة غير رسمية وممارسة أعمال بلا ضوابط، الى مشكلة أكبر… تلك العمالة أصبحت تهدد أمن واستقرار المجتمع والدليل على ذلك، ما تورطت فيه من جرائم اعتداءات جنسية وسرقة وتهريب وقتل.

أضف الى ذلك، أن عدد الاشخاص الذين يطلق عليهم «الفري فيزا» يبلغ 45 ألفا، وهو رقم كبير يمتص خيرات البلاد لصالح طفيلية تستعبد فئة من الناس الذين يتم استجلابهم إلى البحرين بأساليب ملتوية.

إذاً، الظاهرة كبيرة، والمشكلات المترتبة عليها على أكثر من صعيد لا يمكن تجاهلها…

هنا، نريد أن نشير الى أن هناك منشآت تجارية وهمية دخلت المسار لكي تتاجر في العمالة السائبة، وهذه أيضاً خطوة أخرى خطيرة! إذ يقوم بعض المتنفذين، بل وبعض المواطنين العاديين، بالمتاجرة في التأشيرات بيعاً وشراءً لتتراوح اسعارها بين 800 و1000 دينار وربما أكثر، وهذا ما أكدته عمليات الضبط الأخيرة التي قامت بها الوزارة والتي ضبطت فيها نحو 783 عاملاً أجنبياً بينهم 691 من العمالة السائبة حملة الفيزة الحرة.

واذا ما أردنا استشعار خطر هذه العمالة، سننتقل الى السجلات التجارية… فهناك أكثر ما يقارب من 60 ألف سجل تجاري، من بينها 19 ألف سجل (لمؤسسات تجارية وهمية لا تعمل)! واذا علمنا بأن السجل التجاري لنشاط المقاولات يمنح صاحبه نحو 10 تأشيرات فإنه سيبيع الواحدة منها بسعر يتراوح بين 1000 و1500 دينار ليربح 10 إلى 15 ألف دينار بكل سهولة!

لكن أين سيذهب أولئك الذين جاءوا الى البلاد عبر التأشيرة المشتراة من سجل وهمي… في هذا الملف سنتناول المزيد.

هل يمكن أن نقف على تعريف لمصطلح عمالة التأشيرات الحرة؟ أو ما يعرفون اليوم باسم الـ «فري فيزا»؟ وهل هذه التأشيرة مدرجة على قائمة التأشيرات التي تصدرها الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة؟ وهي تحدد حين اصدار السجل التجاري؟

بحسب قول المسئولين، فإنه لا يوجد أصلاً ما يسمى بـ «التأشيرة الحرة»، ولكن هؤلاء العمال الذين دخلوا البلاد بطريقة شرعية، ليسوا سوى عمال مستقدمين من خلال تأشيرة تمنح لصاحب السجل التجاري طبقاً للنشاط المراد مزاولته، وبعد ذلك، يتصرف صاحب السجل ببيع التأشيرات على أجانب ومواطنين ليعيشوا في البلاد سنوات تحت مسمى «العمالة السائبة».

يعمل أولئك العمال في قطاعات كثيرة ومتعددة… من تغسيل السيارات الى البيع والشراء بالجملة والمفرد، وليس ذلك بالأمر السهل، فالجهات المعنية تشن منذ فترة طويلة حملات لضبط أولئك العمال (غير القانونيين) دون جدوى… لكنك تستطيع أن تشاهد بين الفترة والأخرى، مجموعة من الآسيويين يركضون يميناً ويساراً امام مدخل ميناء سلمان أو في شارع اللؤلؤ أو بالقرب من محطة النقل العام بالمحرق

سعيد محمد سعيد

أبوالولاء العظيم!

 

بعض الناس، ومن أجل أن يظهر حبه لوطنه ومقدار مقام الوطن والقيادة في نفسه، فإنه يقوم بفعل غريب، يشكك في ولاء الآخرين ليؤكد ولاءه هو!

ذلك المواطن، أبوالولاء العظيم، يمتلك قدرات مختلفة وخارقة في مجال الظهور، لكنه ينسى في كثير من الأحيان أن حب الوطن والانتماء إلى الوطن لا يوجب المساهمة بشكل أو بآخر، في زرع الكراهية والأحقاد بين الناس والعمل على تأليب المواقف وشحن النفوس والدفع في اتجاه تخويف أبناء الطائفتين الكريمتين من بعضهما بعضاً.

ولسنا هنا في صدد تقييم المواقف أو تحديد نوعية ومستوى وتصنيف المواطنين وفئاتهم، لكن من غير المعقول أن يمارس بعض المحسوبين على الثقافة والفكر من حملة الأقلام ذلك العمل الذي لا يتعدى كونه أكثر من محاولة تملق بائسة لا تريدها السلطة ولا تقبلها إطلاقاً. ففي ظنه، وظن أمثاله، أنه حين يواصل عطاءاته اللامحدودة في ساحة الهمز واللمز الطائفي، وحين ينفخ في نار التفتيت والتفرقة والتمييز (مقدماً عبارات الإطراء والثناء على القيادة وعلى كل المواطنين «أمثاله» وطينته فقط)… يظن أن تلك صفحة مشرقة تضاف إلى رصيده الشخصي عله يظفر يوماً بالغنيمة.

نحمد الله أن قيادة البلاد لا تقبل بأساليب التملق والنفاق والكذب في التعامل مع أبناء هذا البلد… ففي مجالس الشيوخ، يصبح الجميع سواسية، لا يميز دم هذا السني عن دم ذلك الشيعي، لكن بالنسبة إلى البعض، فإن ولاءه هو الأكثر عمقاً وصدقاً في حب الوطن، والآخرون، مهما فعلوا، فهم ليسوا بمواطنين حقيقيين مثله هو (أبوالولاء العظيم)!

كلمة واحدة قد تصلح للخاتمة: «من يصدق أمثال أولئك المنافقين؟»

سعيد محمد سعيد

ماذا عن الدول؟

 

نتحدث هنا عن الدول التي تنتهك حقوق الإنسان… هكذا يمكن إكمال معنى العنوان للدخول مباشرة في الحديث عن موقف الولايات المتحدة الأميركية من مجلس حقوق الإنسان الجديد (التابع للامم المتحدة) الذي لن «تشارك فيه» بمقعد لأسباب حددتها في عدم توافر ضمانات كافية على صعيد الاستقلالية، وأن منتهكي حقوق الإنسان لا يجب أن ينالوا عضوية المجلس. ففي السابع من شهر فبراير/ شباط، صرح نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشئون المنظمات الدولية مارك لاغون أمام تجمع حقوق الإنسان في الكونغرس «أن ما يبعث على الأسى أن دولا مثل السودان وزيمبابوي التي ليست لديها الرغبة في حماية حقوق الإنسان لشعوبها، تحمل مسئولية حماية حقوق الإنسان لكل الشعوب»، وكان لاغون يتحدث أمام كبار أعضاء الكونغرس ليحيطهم علماً بتطورات تشكيل مجلس حقوق الإنسان الجديد التابع للأمم المتحدة باعتباره الهيئة التي ستحل محل لجنة حقوق الإنسان. لكن أميركا قد تنضم لعضوية المجلس في دورة قادمة. مجلس حقوق الإنسان المقترح، يضم عضوية 45 دولة تنتخب بغالبية الثلثين في الجمعية العامة للأمم المتحدة البالغ عدد أعضائها 191 عضواً، والدول التي ستُنتخب لعضوية اللجنة ستخضع لمراجعة سجلها في مجال حقوق الإنسان على الأقل مرة واحدة خلال فترة عضويتها في اللجنة ومدتها 3 سنوات.

لماذا اعترض الأميركان؟

لن نتحدث عما جرى في سجن أبو غريب ولن نتطرق إلى الدعم والمساندة التي يحظى بها الكيان الصهيوني من قبل الولايات المتحدة الأميركية لينتهك حقوق الفلسطينيين، بل سنعرف اسباب اعتراض الأميركيين ومنها المطالبة بالمعايير والمواصفات التي يجب أن تتوافر في كل دولة قبل أن تستحق العضوية في المجلس، ووجود فقرة تتعلق بالاستبعاد تنص على حظر انضمام أي دولة تنتهك حقوق الإنسان إلى المجلس، ومنع الدول التي تطبق عليها عقوبات فرضها مجلس الأمن الدولي بسبب ارتكابها انتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان أو الارهاب من الانضمام إلى المجلس أيضاً.

لكن الجانب الأهم، وبعيداً عن موقف الأميركيين، هو أن هذا المجلس، سيهيئ المجال لاستعادة صدقية الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان لأنه سيكون ذا قابلية أكبر للاستجابة والتصدي لحالات انتهاكات حقوق الإنسان في الوقت الذي تأخذ التحركات منحى الحصول على التفويض لتحديد الأساليب الواجب اتخاذها مع منتهكي حقوق الإنسان بصورة تصل إلى معاقبة الحكومات التي تقهر شعوبها بصفة منتظمة