سعيد محمد سعيد

حقوق الإنسان في الخليج

 

من باب المراجعة الزمنية، رغبت في دراسة توصيات الورشة الإقليمية لحقوق الإنسان في المنهج المدرسي بدول مجلس التعاون الخليجي التي اقيمت في شهر فبراير/ شباط من العام 2004 في العاصمة القطرية الدوحة، وعلى رغم أن الورشة اعتمدت عدداً من التوصيات، فإن المعضلة التي تواجهها الجهات الأهلية المهتمة في المنطقة، هي اغلاق الباب من جانب الحكومة!

كان محور السياسات التربوية الخاصة بحقوق الإنسان من أهم المحاور التي تم التركيز عليها وكانت التوصية بضرورة تضمين السياسات التربوية وما ورد من مواثيق مصدق عليها وتشجيع الدول الخليجية للتصديق على الاتفاقات والمواثيق والمعاهدات الدولية، لذلك، كانت الدعوة إلى مراجعة التشريعات الوطنية وتعديلها بما يتناسب والاتفاقات الموقعة، بالإضافة الى إعادة النظر في التحفظات التي أبدتها الدول على بعض نصوص الاتفاق، ومن ثم الإسراع في اعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الطفل وهما ميثاقان وقعتهما بلادنا.

لكن ما لم يشهد أي جديد حتى الآن، هو دعوات إلى حث دول الخليج على حماية وتعزيز حقوق الإنسان بحملات توعوية وتثقيفية واشراك المنظمات الإقليمية الحكومية والأهلية والمنظمات الدولية والإعلام العربي لدعم نشر ثقافة حقوق الإنسان وتنسيق جهودها في مجال التربية على حقوق الإنسان.

واليوم، لم يفتأ المهتمون في مجال حقوق الإنسان عن الحديث عن تضمين التشريعات الوطنية للنظام التربوي مبادئ تعليم حقوق الإنسان، ونحن نضم أصواتنا معهم رغبة في تحريك هذا الجانب المهم وتشجيع دول الخليج على تطوير مجموعة من المعايير لقياس أداء المؤسسات التربوية في تحقيق أهداف تعليم حقوق الإنسان، ونتمنى أن نشهد إنشاء وحدات مرجعية تعنى بالتنسيق بين الأطراف الوطنية المختلفة في مجال تنفيذ السياسات الخاصة بالتعليم في مجال حقوق الإنسان وتضمين مبادئ وأهداف تعليم حقوق الإنسان في القوانين واللوائح التعليمية بما يتفق والمادة (29) من اتفاق حقوق الطفل الذي صدقت عليه جميع الدول العربية، وهو تشمل باختصار وثيقة الحقوق الكاملة للطفل بدءاً من حقه في العيش حياة كريمة وانتهاءً عند حمايته وحفظ حقوقه.

لكن لابد من القول إن محور التخطيط لتعليم حقوق الإنسان ضمن النظام التربوي في دول الخليج لايزال مهملاً الى درجة مقلقة، فحتى اليوم، لم تبادر وزارات التعليم والمعارف، بل ولا الأمانة العامة لمجلس وزراء التربية بدول الخليج لإعداد خطط وطنية لتعليم حقوق الإنسان وفق الفئات العمرية وقطاعات التعليم المختلفة، مع أن الوقت قد حان

سعيد محمد سعيد

لقطات من الصيف الماضي

 

أتمنى أن تسنح لنا الفرصة عبر هذه الأسطر لنروِّح عن أنفسنا قليلاً في أحاديث تبعدنا عن الطاحونة التي ابتلي بها المجتمع البحريني (…)! ولأن الوقت بدأ «يحتر» شيئاً فشيئاً، فإن الحاجة الى ما يبرّد أصبحت مراد الكثيرين منا، فلن ينفعنا حين تضربنا الشمس الغاضبة على الرؤوس أحد، ولن نستفيد شيئاً من حرق الأعصاب والغضب في موضوعات لا طائل من ورائها.

الصيف في البحرين – كما تعرف الغالبية – هو صيف لا يرحم. وعلى رغم أن صيف العام الماضي لم يكن شديد الحرارة، وكان الطقس في معظم أيام الموسم الماضي ذا حرارة مقبولة، أي أن الحرارة لم تتجاوز حاجز الخمسين درجة، فإنه كان صيفاً على أية حال، والمشاهد فيه تكثر… هناك، وعلى سبيل المثال، لم يكن المرء يصدق تلك الأجساد التي تكدست في مسبح عين عذاري بالمئات. وكان شكل النهر (الساب) غريباً والأطفال تقفز فيه، فيما بعض النسوة فضلن النزول الى الساب مع أطفالهن بعباءاتهن. فكل ما هو مطلوب، إطفاء تلك النار التي اشتعلت في الأجساد وتبخرت من حرارتها أدمغة البعض.

والوضع في بلاج الجزاير، لم يكن يبعث على الفرح والسرور، فقد كان الهواء عليلاً والساحل نظيفاً والتراب ناعماً لكن «العرشان» تعبانة وألعاب الأطفال «رايحة عليها»، والأوساخ تملأ المكان.. ومع ذلك، فقد وجد عدد كبير من المواطنين والمقيمين الفرصة للاستحمام في ذلك البحر الجميل. هذا يصرخ من قطعة زجاج دخلت في قدمه، وذاك يحمل في يده قطعة خشب في رأسها مسمار وهو يقول: «زين محد داس عليه»، وآخر يجري وهو يحمل طفلاً بحثاً عن دورة مياه.. والكل يحلف برأس مكان اسمه «بلاج الجزاير».

اما سواحل القرى فهي مدعاة أيضاً للتفكه… ساحل باربار الذي تملكه الأهالي من حقه أن يفرح ويفتخر. فأمام ذلك المنظر البديع، لن تجد أجمل من اللحظات الهادئة في سكون الليل أمام ذلك الموج الهادئ.

لكن يا جماعة، وأطلنا الحديث، كيف سيكون الوضع هذا الصيف؟ لا عين عذاري ولا بلاج الجزاير ولا سواحل نتجه اليها… لماذا لم يفكر أحد في راحة المواطن

سعيد محمد سعيد

كارثة الحقنة!

 

يبدو أن ملف «قرارك بيدك» الذي تناولت فيه «الوسط» القاء الضوء على حملة مكافحة المخدرات وتطرقت الى مشكلة المخدرات في البحرين يوم الثلثاء الماضي كان له أثر كبير في تحقيق تجاوب لا بأس به من جانب القراء، فبالإضافة الى رسالة الأمس التي نشرناها هنا والتي وردت من إحدى الأمهات، بعث أحد القراء، من سكنة الرفاع الشرقي، رسالة خاصة، رغب في ايصالها الى القراء.

يقول محدثنا الذي فضل أن نطلق عليه اسم «بوعبدالرحمن» ان لديه صديقاً عزيزاً، كانت تربطه به علاقة صداقة قوية منذ المرحلة الإعدادية، وقد تخرجا معاً وعملا في سلك العمل نفسه، إلا أن ذلك الصديق، وقع في شر أعماله عندما تعرف على مجموعة من الوافدات العربيات اللاتي عشن في البلاد لفترة ثم سافرن الى بلدانهن، ونظراً إلى تعلقه بإحداهن، كان يسافر اليها كثيراً. ساءت حاله وتدهورت حياته بسبب تلك العلاقة التي ثبت أنها ارتبطت بالكثير من الأعمال السيئة ومنها تعاطي المخدرات.

كان صديقي – والكلام لـ «بوعبدالرحمن» – يرغب في العودة الى حياته الطبيعية و خصوصاً بعد أن أصابه ما أصابه بسبب تلك العلاقة السيئة، والتي لا طائل من ورائها الا كارثة الحقنة والكيف المدمر. حاولنا مراراً وتكراراً أن نساعده ونثنيه عما هو مقدم عليه عندما أعلن أنه سيسافر ليتزوج من تلك الفتاة ويحضرها مرة أخرى الى البلاد، وقد نصحناه معارضين تلك الفكرة وخصوصاً أنه سيقترن بفتاة سيئة السمعة!

لم يأبه لنصائح القريبين وكان يسافر ويعود وهو في أسوأ حالاته بسبب إدمان المخدرات والكحول، وكانت حاله تسوء يوماً بعد يوم الى أن كان يوم الكارثة. وهو اليوم الذي اكتشفنا فيه اصابته بالايدز.

مات صاحبي قبل ثلاث سنوات، وهو واحد من المسجلين في كشوف المصابين بالايدز، تاركاً حسرة في قلوبنا على شاب له مستقبل طيب. والآن، يقول بوعبدالرحمن لكل الشباب: «احذروا رفقة السوء. واحذروا الفتيات المشبوهات واحذروا المخدرات فسلامتكم وصحتكم تهمنا والبلد بحاجة اليكم».

انتهت سطور رسالة بوعبدالرحمن، لكن معنى الرسالة لم ينته

سعيد محمد سعيد

الضحايا

 

في رسالة مؤثرة، تقول والدة أحد الشباب الذين لقوا حتفهم بسبب تعاطي إدمان المخدرات، انها فقدت ذلك الشاب في مرحلة من عمرها تشعر أنها بحاجة اليه كثيراً، وليست هي وحدها، فذلك الشاب الذي رحل مخلفاً حسرة عميقة، متزوج وله ابنة لم تتجاوز الثلاث سنوات، لكن، دمرت تلك العادة القاتلة كل الأحلام التي كانت الوالدة تحملها وكذلك الحال بالنسبة للزوجة والطفلة الصغيرة اليتيمة.

والوالدة، حالها حال أي أم، تشعر بالفاجعة لفقد شاب في عمر الزهور، لكنها تريد أن تقول لكل الأمهات: «انتبهن الى فلذات أكبادكن ولا تتركنهم يقعون في احضان رفقاء السوء وراقبنهم ما أن يبلغوا مرحلة المراهقة».، فهي تعترف بأنها دللته كثيراً ولم ترفض له طلباً ولم تكن تمانع من أن يسافر ويعيش حياته بالطريقة التي يرغب فيها، لكن دلالها الزائد منعها من أن تقف في وجهه حينما تشعر بأنه يأتي بأفعال قد تجر عليه الويل، ومنها مرافقة أصحاب السوء من أولئك الذين لا يؤمن جانبهم، فكانت تترك له الحبل على الغارب.

المهم، أن وقوع الشباب والمراهقين في شرك المخدرات هي في واقعها مشكلة يجب أن تكون حاضرة في كل بيت، واذا كانت الحملة الوطنية الشبابية الثانية للوقاية من المخدرات أرادت ايصال رسالة واضحة الى المجتمع، وعملت من أجل الوصول الى الشباب رغبةً في تحذيرهم من هذه العادة المدمرة، إلا أنه من المهم مشاركة كافة أفراد الأسرة، بل كافة أفراد المجتمع في التصدي لهذه المشكلة المدمرة خصوصاً وأن الكثير من الناشئة والصغار أصبحوا عرضة لهذا

الخطر بوجود من يروج لأنواع مختلفة من العقاقير والمواد المخدرة، والمسئولية لا يمكن أن تقع على الجهاز الأمني وحده، فالمشاركة الاجتماعية بالنصح والمراقبة والتوجيه مطلوبة.

ونجحت مثل هذه الأنشطة، فهناك لجان متواضعة بدأت تعمل في بعض القرى وأخرى منبثقة عن لجان وجمعيات اجتماعية وبمشاركة باحثين اجتماعيين وبالإستعانة بزمالة المدمن المجهول في حماية الكثير من الشباب، ولا يمكن أن ننسى تجربة قرية باربار التي استطاعت حماية شباب القرية بعمل جماعي مشترك من كافة الأطراف.

نتمنى للحملة الوطنية النجاح، ونتمنى أن نضيف الى رصيدنا مهارات كافية في التعامل مع شريحة الشباب وحمايتهم من الضياع بسبب سموم يتاجر فيها أصحاب الضمائر الميتة ليدمروا أمل البلاد

سعيد محمد سعيد

الكهوف السوداء… حيث الزهور تموت!

 

«القرار بيدك»… هو شعار الحملة الوطنية الشبابية الثانية للوقاية من المخدرات والتي بدأت يوم العاشر من شهر مايو/ أيار وتستمر حتى يوم السبت المقبل الموافق 19 مايو الجاري، ولأن قرار لا يمكن لأي شاب أن يتخذه مفرداً – خصوصاً حين يكون أسيراً في قبضة المخدرات اللعينة – فإنه يحتاج في هذه الحال الى من يعينه… ولذلك، رفع الشباب شعاراً فرعياً آخر ليقولوا للجميع… من مدمنين ومتعافين وطلاب وعمال وموظفين ومشاركين في الحملة: «كلنا وياكم».

في الأماكن المخيفة، في حظائر ومزارع مهجورة، وكذلك في فلل فخمة ومزارع وقصور منيفة، تتحول المشاهد الى كهوف سوداء حيث تموت الزهور النضرة… تفقد رونقها ومرآها الأخاذ لتتحول الى بقايا رماد… هم أولئك الشباب الذين يذهبون في لحظة… ضحية لتلك السموم القاتلة… المخدرات.

في العام الماضي 2005، فقدت البلاد أكثر من 40 شخصاً معظمهم من الشباب في عمر الزهور، لقوا حتفهم بسبب تعاطي المخدرات، ولسنا هنا ننكر ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها وعمل العصابات التي تتاجر وتكون الثروات من هذه التجارة الآثمة، ولا نستطيع أن ننكر مشاهد كثيرة نراها في بعض المدن والقرى والأحياء السكنية… مجموعات من الشباب اجتمعوا على فعل مشين… تعاطي المخدرات!

ولكن المشكلة، ليست في مجرد حملة انطلقت قبل موعدها بوقت كثير… فلأن العالم كله يحتفل باليوم العالمي لمكافحة المخدرات في السادس والعشرين من شهر يونيو/ حزيران من كل عام، فإن الرسالة التي يتوجب ارسالها كل يوم هي: «مازلنا في حاجة الى تعليق اجراس الإنذار… مازال الكثير من الشباب يموتون في بلادنا بسبب تعاطي المخدرات… ولاتزال تلك السموم تدخل لتهددنا جميعاً… وما زلنا في حاجة الى حائط الصد القوي».

لقد كانت جهود وزارة الداخلية في مجال مكافحة المخدرات مؤثرة، على رغم الصعوبات التي تواجه العاملين في مكافحة المخدرات بسبب تعقد شبكة الاتجار في المخدرات وتداخلها ومهارتها في تنفيذ تكتيك العمل، لكننا اليوم، وأكثر مما مضى، في حاجة الى أن يكون الشباب والناشئة، هم الحائط الأول.

هذه هي الحملة الثانية، ولكنها لن تكون الأخيرة قطعاً، وحتماً سنواصل معاً وكلنا وياكم، ونقول لكل شاب وشابة لاتزال تجري في دمه بضع سموم: «قراركم بيدكم»

سعيد محمد سعيد

المنابر!

 

ليست المشكلة فقط في استخدام المنابر من أجل تحقيق نجاح مبهر للحملات الانتخابية، أو لنيل أكبر عدد من أصوات المصلين المؤمنين الذين يتوافدون على بيوت الله للصلاة ليجدوا الخطيب أو الإمام أو ربما القيم أو عامل النظافة المسئول عن رعاية المسجد وهم يروجون لمرشحين بعينهم!

وليست المشكلة فقط في اعتبار المساجد والجوامع والحسينيات في البحرين أمكنة مباركة تتحقق فيها الآمال… إن المشكلة أيها الأعزاء، تكمن في حرمان الناس من أن يتخذوا قراراتهم بكل استقلالية وثقة بالنفس… إن المتتبع للأمور السيئة التي يقوم بها البعض في المساجد والجوامع والكثير من دور العبادة يلحظ أنها أمر يتنافى مع الخلق الإسلامي.

فلا يمكن اعتبار الأعمال المحبوكة للنيل من الاستقرار الاجتماعي من خلال بث السموم الطائفية أمراً مقبولاً في بيوت الله، ولا يمكن تحمل خطب الجمعة النارية التي تلهب مشاعر الناس تجاه اخوانهم (ومواطنيهم) في البلد بسبب الانتماء الطائفي تارة تحت عنوان منع صلاة الجمعة وتارة تحت عنوان تحريف القرآن وتارة تحت عنوان التحريض على كراهية ولاة الأمر، وعشرات المرات تحت عناوين التكفير والتفسيق… ولا يمكن تحمل خطب أو محاضرات ولو بالهمز واللمز للصحابة أو للتابعين أو للحديث عن موضوعات تاريخية عفا عليها الزمن…

المنابر اليوم، ليست مصدر خوف لأنها توجه الناس التوجيه الحقيقي… نعم، ليس عيباً أن تتناول خطب الجمعة قضايا الناس المعاصرة، وليس خطأ أن تتناول المحاضرات الحسينية معاناة الناس وما يجيش في نفوسهم، ولكن العيب أن نعلم الناشئة والشباب التصويب الخاطئ في فهم الآخرين والإستماع اليهم والتحاور معهم، فما يقوم به بعض الخطباء وبعض الأئمة من شحن طائفي وتأليب للشباب والصغار المساكين، هو أمر سينقلب أول ما ينقلب على أصحابه، ثم على المجتمع الذي ما فتئ يعاني من الويلات.

مجتمعنا صغير، وهو في حاجة الى المنابر الصادقة المخلصة التي تعمل للبناء لا للهدم والتدمير

سعيد محمد سعيد

وماذا بعد؟

 

ليس من اليسير وصول دولة الى مجلس حقوق الإنسان الجديد التابع لهيئة الأمم المتحدة والذي أجرى أول انتخابات لتشكيل عضويته من 47 دولة يوم الثلثاء الماضي 9 مايو/ أيار الجاري…

فبعد نحو 60 عاماً من عمل لجنة حقوق الإنسان السابقة التي امتلأ ملفها بالتجاوزات والانتهاكات، يأتي تشكيل المجلس ليجعل الدول التي رشحت نفسها أولاً في وجه المدفع!

إن آلية العمل الجديدة في المجلس تفرض تحديات لا يمكن اغفالها اطلاقاً في ظل الانحسار الشديد في الالتزام بالمواثيق الدولية من جانب الكثير من الدول… ومنها دول لها رصيد ناصع في صيانة حقوق الإنسان في يوم من الأيام.

لكن، ما الذي يجعل البحرين، تدخل بكل سهولة ويسر الى المجلس وتحقق 134 صوتاً (عدد الأصوات المطلوب للفوز 96 صوتاً)، وهي ضمن قائمة من 19 دولة؟

قال البعض إن هناك «تكتيكاً ما حصل في فترة عمل الحملة»، ونقول: وما العيب في الأمر؟! بل إنه من الواجبات الأساسية لفريق الحملة أن يعمل وفق تكتيك ليحصد أكبر عدد من الأصوات وليتأكد من الدعم اللازم، فيما قال فريق آخر إن هناك دولاً في القائمة لا يمكن لها الفوز بسبب سوء تاريخها في مجال حقوق الإنسان، ولأن العدد الكلي للدول المرشحة 19 دولة تنافست على 13 مقعداً، ولوجود 6 دول ما كانت لتفوز… فإن الطريق أمام البحرين كان مهيئاً للفوز… نقول: وإن كان هذا الافتراض مقبولاً لدى البعض، فلماذا نغفل ورقة المعلومات التي قدمتها البحرين وكذلك ما جرى على أرض الواقع خلال السنوات الخمس الماضية من تحول مهم في مجال حقوق الإنسان؟

على كل حال، وبكلمة ختام، لابد أن نفرح لكل إنجاز تحققه بلادنا، فهذا فخر لنا

سعيد محمد سعيد

ومن الحسرة ما قتل!

 

منذ أن كنا صغاراً، كنا ننظر الى الجماعة «الخواجات» الشقر الذين يعملون في البحرين. وأكثر ما كان يلفت نظرنا هي تلك السيارات الغريبة العجيبة الفارهة. ففي الوقت الذي نرى فيه أباءنا يدفعون مع عدد من الجيران سياراتهم كل صباح (دكة) لتشغيل المحرك، لا سيما في فصل الشتاء حين تكون (الماكينة باردة والبطارية نائمة)، وفي الوقت الذي تتعطل فيه الكثير من أمور الحياة اليومية بسبب سوء سيارة العائلة، كنا نتمنى أن تكون لدينا سيارة كهذه. لا كتلك التي هناك. أو لتكن تلك الحمراء بلون دم الغزال. سيارات فارهة وبعضها رياضية مميزة وبداخلها واحد أشقر أو واحدة شقراء.

كبرنا ومازلنا نرى الشقر في السيارات الفارهة. هذا يعني أن الوظيفة التي يعمل فيها أولئك محترمة، والراتب ضخم كبير من دون شك، والأكثر من ذلك أن بعض الشركات والمصارف والمؤسسات تشتري سيارة خاصة لذلك الأشقر أو لتلك الشقراء، في حين يصعب على المواطن شراء سيارة نقداً، وإن قدر له ذلك، فلن تكون من نوعية تلك السيارات الفخمة! فالراتب المسكين يستغيث والجيوب هي الأخرى تندب حظها.

المراد من ذلك كله، والسؤال الذي يفجر فينا الرغبة للمعرفة أكثر: «هل هناك وظائف وتخصصات، في يومنا هذا، لا تزال حكراً على الشقر ولا يوجد بحرينيون متخصصون فيها؟ هل هناك وظيفة أو تخصص لا يستطيع البحريني اتقانه؟ واذا عدنا ونظرنا الى وظائف الخواجات الشقر التي يتقاضون عليها رواتب خيالية، سنجد من البحرينيين العدد الجيد من المتخصصين في التخصص ذاته، لكنهم إما يعملون في مجالات غير تخصصهم، أو يعملون بدرجات أدنى من الموظف الخواجة الاشقر».

ليس الموضوع موضوع سيارة فارهة فاخرة، بل هو تقدير الكوادر الوطنية التي يحق لها أن تعيش في رفاهية، فما الذي يحدث حين ينتهي عقد ذلك الموظف الأشقر الذي يتقاضى راتباً يصل الى (2000) دينار على سبيل المثال وكمتوسط أجر، يحل محله ابن البلد البحريني براتب (جان فيه خير) يصل الى 1000 دينار! ولن يكون في مقدوره استخدام سيارة الأشقر أو فيلته ذات المسبح الجميل والحديقة الغناء، بل ولربما لن يستطيع الجلوس على مكتبه الوثير… حتى بعد رحيله

سعيد محمد سعيد

حقوق الإنسان «البحريني»

 

لا يستطيع أحد إطلاقاً أن ينكر التجاوزات التي تحدث بين الفينة والأخرى والتي تخالف – من ناحية الممارسة والأسلوب – الأعراف والعهود الدولية المتعلقة بصيانة حقوق الإنسان، لكن لا يمكن القول إن مملكة البحرين واحدة من أسوأ الدول في مجالس حقوق الإنسان كما يشير بعض الإخوة من الناشطين في هذا المجال.

لعل النقطة الأولى التي تخالف تلك المقولة، هي أن عمل الجمعيات الحقوقية يوصف بأنه «حال جديدة من التفاعل مع قضايا المجتمع»، فالجمعيات الحقوقية تعمل واللجان الحقوقية في الجمعيات تعمل أيضاً، واذا كان هناك تسميات جديدة، كالقول إن هناك تصنيفاً لجمعيات حقوق إنسان (مزيفة تدعمها الحكومة) مقابل جمعيات حقوق إنسان (حقيقة تواجه التنكيل والقمع)، فكل ذلك عائد الى مواقف هذه الجمعية أو تلك وكذلك مواقف اتباعها ومريديها.

لكن لابد من القول بصراحة، إن إحداث التغيير المطلوب على مستوى حقوق الإنسان في بلادنا، لن يحدث بين ليلة وضحاها، بيد أنه يكفي القول إن هناك جمعيات ولجاناً تعمل، ولديها أيضاً اتصالات مع قنوات حكومية، ولا يمكن أن نتجاهل موضوع زيارات السجون والنقاط المتفق عليها لتحسين الأوضاع هناك، وكذلك الحال بالنسبة للكثير من القضايا الإنسانية التي يمكن أن تدخل تحت مظلة «حرمان الحقوق»، وهذه كلها تجد القناة المناسبة لتصب فيها.

حقوق الإنسان البحريني، كثروة حقيقة لهذه البلاد كما تصفها القيادة دائماً، تتطلب رؤية تتماشى مع التقييم الواقعي للظروف التي يعيشها المواطن في البحرين، واذا اتفقنا على أن هناك انتهاكات من دون شك، فليكن الهدف المقصود هو التصدي لمثل هذه الانتهاكات على أن نبقى من جانب آخر رافضين لكل ما من شأنه الإساءة لبلادنا ووصفها على أنها واحدة من أكثر الدول انتهاكاً لحقوق الإنسان.

المسئولية ملقاة على الناشطين الحقوقيين في جمعياتنا الموقرة، ففي الوقت الذي لن نرضى بالإساءة لبلادنا على أي منبر كان وعلى لسان كائن من يكون، فلن نرضى أبداً أن تستمر أبسط الانتهاكات لحقوق الإنسان. المواطن والمقيم في الوقت ذاته

سعيد محمد سعيد

الواحة الغنّاء

 

كان ذلك المسافر، من بلد إلى بلد، يحلم بمدينة فاضلة أياً كان شكلها… سواء أكانت لأفلاطون أم للسير توماس مور أم للفارابي… مدينة فاضلة والسلام! ذلك لأنه كان يعلم أنها لن تكون موجودة على وجه الأرض شاء أم أبى!

بحث عنها طويلاً… وعلى مدى سنين، وجد نفسه أمام الكثير من المحن والنوازل الذي جعلت منه شخصاً يعيش أوضاعاً قاسية للغاية، وتحطمت نفسيته مما كان يعيشه من ألم، وقلق، وخوف، بسبب حرمانه من حقوقه، وحرمان الآخرين معه، وبسبب غلظة المتنفذين على رقبته ورقاب الآخرين.

هو لايزال يبحث، ولكنه فقد الأمل في العثور على تلك المدينة فقرر العودة إلى بلاده… تلك البلاد الصغيرة الجميلة البريئة التي تبدو كأنها طائر من طيور الجنة، والشواهين والصقور الجوارح تنهش جسده الصغير.

اعتاد الهم، ولكنه لم يترك مجالاً، لأن تحقق عليه الهموم انتصارها الساحق لتسحقه بلا رحمة، وقال في نفسه ذات يوم: «هذا التراب.. تراب بلادي زكي الراحة، رائع الملمس، دافئ يملأ النفس أماناً… لا والله، إلا هذا التراب… لن ابيع منه ولا حبة واحدة».

كانت الأرجل القاسية تدوس وجنتيه على ذلك التراب فيما مضى من السنين، وكان الدم يسيل من أنفه وفمه على ذلك التراب ذات يوم من شدة التعذيب والتجريح والقمع، وكانت يداه ترتجفان وهما تحاولان رفع جسده على ذلك التراب، وكان كلما سقط أحد عشاق بلاده احتضنه ذلك التراب؛ لينام نومته الأبدية.

«وإن يكن، ألا يستحق هذا التراب أن نحميه بالدماء.. فليكن ما يكن»… قال ذلك وهو يرى بأم عينيه بلاده وهي تحتاج اليه… لا تحتاج إلى دمه، لكنها تحتاج الى قبلة حانية على الجبين وعناق طويل يجعل الأضلاع تلتحم مع بعضها بعضا، وتلتصق القلوب…

إنها الواحة الغناء أيّها الأحبة… فلتبق كذلك