سعيد محمد سعيد

لا تدعوا الظلام يعمي القلوب والعيون!

 

لا تبارح الصورة ذاكرتي، بل إنني أجزم أنها لا تبارح ذاكرة الكثير من المواطنين ممن اعتادوا على زيارة موقع مدفع الإفطار في منطقة النعيم في شهر رمضان المبارك، والذي يتحلق حوله في العادة مواطنون ومقيمون، كبارا وصغارا، لينتظروا بطول صبر ورغبة قوية لحظة الإطلاق التي تزداد مع اقترابها القلوب دقا والعيون اتساعا… ثم تأتي اللحظة… ثلاثة اثنان واحد، او واحد اثنان ثلاثة… لا فرق… أطلق! تنطلق القنبلة الصوتية مدوية ثم ما هي إلا لحظات حتى يتفرق الناس في سرعة في كل اتجاهات تاركين خلفهم غمام الغبار والأتربة وأصوات أبواق السيارات في حال الاحتكاك والاختناق المروري الذي يسببه تكدس السيارات عند مخرج معين…

لكن في الغالب الأعم، تكون الوجوه كلها مبتسمة ومسرورة… أولا لأن الأطفال فرحوا بالمشهد المحبوب، ثانيا، والأهم، هو أن الصائم سيفرح بعيده الأول حينما يصلي ويفطر وتمتلئ المعدة بما لذ وطاب من الطعام، ولا شأن لخلق الله لنا بعد ذلك.

هلا تذكرتم هذا المشهد الجميل؟

ماذا لو طبقنا هذا المشهد على ما يجري في بلادنا اليوم؟! من البديهي أننا سنجد مدفعا في مكان ما شاهرا ظاهرا، وربما لن نتمكن من ذلك حينما يكون المدفع مخبوءا في مكان ما في الحفظ والصون، وسيبقى، في كلتا الحالين، الناس في انتظار لحظة مجهولة، ولربما كانت لحظة الإطلاق آتية آتية لا محالة، وهذا ما لا يتمناه أحد، ولربما كانت مجرد قنبلة صوتية، تتفرقع ثواني ثم تنتهي تاركة الغبار.

وكم هو مؤسف أن تعيش البلاد على مجاميع من المقولات السرية، والمعلومات السرية، والتحركات السرية والنوايا السرية والتقارير السرية وكل ما هو سري، والأشد في ذلك هو أن أي تآمر على هذا الشعب سيكون مصيره الفشل، لكنه لن يصل الى مرحلة إقباره قبل أن يذيقنا جميعا، حكومة وشعبا، الويلات والويلات!

نتخبط… هكذا يبدو؟ أليس كذلك؟ تتخبط الدولة… تتخبط مؤسسات المجتمع المدني… تتخبط المعارضة… تتخبط نفسياتنا… تتخبط علاقاتنا مع بعضنا بعضا، لكنهم هم دون غيرهم، من يخططون لإشعال فتيل الفتنة والنار التي يعلمون أثرها ولا نعلم، يبغونها ولا نبغي، تسعدهم ولا تسعدنا… هم وحدهم الذين لا يتخبطون أبدا.

واذا كان الأمر تقصيرا، فالكل مقصر، ولا بد من الاعتراف! فالدولة قصرت كثيرا في التعاطي مع الملفات الحساسة الى درجة إبقائها معلقة بلا إجابات، والمعارضة مقصرة أيضا في الثبات على منهجية العمل الموحد والقرار الموحد في اتجاه العمل مع نظام الدولة دونما إعطاء فرصة للآخرين لأن يشككوا في الانتماء ابتداء، إلى الولاء انتهاء… المثقفون وعلماء الدين والناشطون والوجهاء… الكل مقصر، وإلا لكنا انتهينا منذ أمد طويل من 30 أو 60 أو حتى الآلاف من أولئك الذين يخططون لزعزعة استقرار المجتمع بعد أن نعرفهم وأؤكد (نعرفهم) أولا من هم، وماذا يريدون؟ وما الذي فعلوه وما الذي سيفعلونه؟ سواء تدربوا على رمي الحجارة أو استخدموا بطاريات إطلاق سكود!

لا أحد يمكنه التكهن بما ستكون عليه الأحوال مستقبلا… ستار الظلام الكثيف يعمي القلوب والعيون، ولن تكون لحظة الإطلاق – إن صدق الزعم – إلا علامة على الدخول في نفق أكثر إظلاما إن اكتفت السلطة والمعارضة بالتعامل الإنشائي، وإن تركت بعض الصحف ترقص (بلا سروال) فكيف اذا كانت (مسرولة)، لتجعل الناس يتابعون بدقة، ما جاء في الأوراق الماضية، من خطوات وخطط وبنود، وليزداد الوجل والترقب وغليان الصدور.

وتبدو المحاولات لإحاطة البيت البحريني بالحنان والمودة والعاطفة معدومة، وإن كان بعضها قائما، فهو لا يخلو من افتراض سوء النية… والله لا أدري لماذا، لكنه أمر قائم ولا يستطيع أحد، صادق في تحليله، أن يخالفني في ذلك، ولكن لا بد من القول إن هناك حاجة الى مكاشفة ووضوح تجاه ما تشهده بلادنا من احتقان خفي، ويجب على السلطة أن تبادر… نعم أن تبادر وتقول ما تشاء لشعبها، فبلادنا حرة مستقلة وحكومتنا الخليفية شرعية ودستورية ومؤسساتنا قائمة، فلن يهمنا بعد ذلك أن قلنا الخطر الصفوي (جبنا وتغليفا) أم (الإيراني) جرأة وقوة، أو أصبحنا نقول البحريني الموالي (سني) والخائن المخطط (شيعي)، ولن نخاف من أن نرفع الصوت في وجه كل من يحاول زرع الفتيل الناسف تحت أقدامنا.

التهم متبادلة اليوم، وهذا يعني أن مرحلة ساخنة من الإخلال بالأمن الاجتماعي في البلاد بدأت تظهر رويدا رويدا، وقد كتبت سابقا مشيرا الى أن السجال شديد، ويبدو أن بعض حملة الأقلام والمفكرين والمثقفين والكتاب الذين هم نخبة الأمة، بدأوا يعودون الى مرحلة مص الأصبع في الطفولة انتظارا لمرحلة الحبو ومن ثم الوقوف والسقوط لحين اشتداد العظم!

بعض أولئك، من سنة وشيعة، بدأوا يتفننون في كيفية إلصاق تهمة العار بالآخر… إن من المهم في هذه المرحلة، وفي هذا الظرف بالذات، أن يخنق أحد الطرفين الآخر… وأمام الحكومة، في طقوس سيئة لتقديم قربان الولاء والطاعة والامتثال في جو من الألم المقلق يلف بلادنا من أقصاها الى أدناها.

أقصر السبل لدى بعض المتسلقين وكتبة الأوراق السرية وموظفي الأعمدة الصحافية مدفوعة الأجر أن تلقي التهمة على «ولاء الشيعة أولا» وتجردهم من «الدم البحريني الخالص» المشترك بين السنة والشيعة، لتبدأ بعد ذلك عملية غرس أنياب فتنة القصد منها وضع الشيعة في لائحة الاتهام… فهم الذين يحرقون «وهذا ليس بجديد على الرافضة منذ قديم الزمان»، وهم الذين يفجرون اسطوانات الغاز، وهم الذين يحرقون الإطارات وإشارات المرور، وهم الذين يرفعون صور الخامنئي وبن لادن، وهم كذلك الذين يجلسون على الأرصفة لبيع ولائهم… هذا ما يردده البعض لكن بصياغات مختلفة!

من السهل أن نلصق التهمة بأهالي قرية أبو صيبع وبني جمرة، ومن السهل أيضا رمي التهمة على أهالي قرية «الديه» لأن حرائق ليالي الجمعة تحدث أمام قريتهم؟ لكن سيكون مستحيلا أن يوجه الاتهام إلى أهالي قرية البديع أو الجسرة أو الحد أو البسيتين حين ترى إطارات مشتعلة ترتفع منها النيران… أليس كذلك؟ لأنك ستسأل عن الفاعل!

ليس هناك وقت لنستمع الى العد التصاعدي أو التنازلي… من الواحد إلى الثلاثة، لكي نشاهد لحظة إطلاق «القذيفة»، لكن على أية حال، ليس هناك ما يوحي بأن الوضع يسر… أو الحال مطمئن، ولم نعد نسمع الناس تكرر كثيرا عبارة ما أجملها: يسرك الحال!

سعيد محمد سعيد

أبناء الشيوخ!

 

هناك زاوية من زوايا ذكرى عاشوراء الحسين (ع) ليست ظاهرة إلا فيما ندر، وقد لا يسردها إلا كبار السن من «شياب» القرى وقلة من الشباب، وهي تعتبر من الأمور الطبيعية عند البعض، فيما يجدها البعض الآخر حالا من الحالات الخاصة، ألا وهي اهتمام شيوخ العائلة الحاكمة بذكرى عاشوراء الحسين عليه السلام والمشاركة فيها بوسائل مختلفة.

سأل صديق خليجي: «هل يحضر الشيوخ مراسم عاشوراء؟»، ولعلني أجد أن الحضور الأول هو المشاركة السنوية من جانب الديوان الملكي بتقديم المساعدات السنوية للمآتم، ثم لا يمكن إغفال التسهيلات التي تقدمها الدولة من قبيل توجيه الأجهزة الخدمية والمحافظات والمجالس البلدية لتوفير ما يلزم لإحياء هذه الذكرى… هذه كلها يمكن أن تدخل تحت عنوان «الحضور»، هذا اذا أضفنا اليها أمورا أخرى لا نعلمها كما هي الحال بالنسبة الى المشاركة السنية من جانب بعض أبناء العائلة الحاكمة في تقديم ما تجود به اليد تبركا بهذه الذكرى.

ثم هناك صورة أخرى، وهي المشاركة الفكرية، فوكيل وزارة الشئون الإسلامية السابق الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة قدم على مدى السنوات الثلاث رسائل للإمام علي ولسيد الشهداء (ع) ضمنهما مشاعر مختلطة من الحب والأسى والحزن والاعتزاز والشوق والدعوة الصادقة الى الله سبحانه وتعالى لنيل مرضاته بحب عترة المصطفى (ص)، ثم نأتي اليوم لنقرأ تصريحات وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي الذي أراد تأكيد رسالته المتكررة بجعل موسم عاشوراء موسما لزيادة النسيج الاجتماعي قوة والوحدة الوطنية التحاما ليفهم خلق الله تلك الرسالة على أنها تعكس موقف الدولة من دون شك. أحد الشباب يقول: «وقعت مغشيا عليَّ في صبيحة أحد أيام عاشوراء لشدة الهول الذي أصابني بسبب رؤية مشهد ما… ولم أفتح عيني إلا وأنا بين يدي أحد الشباب يسقيني ماء بعد أن حملني مجموعة من الشباب… وكان ذلك الشاب من أبناء «الشيوخ» وكان يدرس معنا في المرحلة الثانوية». المهم يا جماعة الخير، أن محمد (ص) وأهل بيته عليهم السلام وصحابته الكرام، يجمعون أصحاب القلوب الطيبة البيضاء، واذا كان الجميع في ضيافة الحسين (ع) فنور على نور.

سعيد محمد سعيد

رافضي… ناصبي!

 

إذا أردتم أن تؤكدوا للعالم، يا معشر المسلمين، أنكم فعلا عباد الله الصالحين، وأبناء خير أمة أخرجت للناس ممن آمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر، أقول إذا أردتم، وإذا أردت أنا، وإذا أردت أنت يا أخي الكريم، فلتعترفوا / لنعترف، بأننا أخطأنا طوال قرون مضت في فهم الإسلام، ووجدنا أنفسنا أمام صيحات وصرخات ودعوات للاعتدال والوسطية والعودة إلى المنهج الإسلامي المحمدي الصحيح، بعد أن نتمكن من إحراق كل الصفحات السوداء ممن تكدست في عقول وقلوب الناس بسبب مشايخ وعلماء و«مفكرين» و«مثقفين» سمّموا الأمة.

أعترف شخصيا، بأن المخزون الطائفي كبير جدا وقد بني على أكثر النماذج العلمية والاستنباطية والاستنتاجية والتحليلية دقة في الأوساط العلمية، حتى أن البعض أصبح يرفع شعار (من كتبهم… ومن كتبكم)، ولا أدري هل نحن كمسلمين، سنة وشيعة، ملزمون عقلا وتكليفا، بكل ما جاء في تلك الكتب؟ يعني باختصار، هل أنا ملزم بما قاله العالم «فلان» في شأن رضيعة أو وديعة لأنني جعفري؟ وهل يجب تطبيق وصايا العالم «فلان» في شأن التكفير والتفجير فقط لأنني سني؟

والله أيها الأحبة وجدت الكثير من الناس اليوم لا يعرفون من هو الرافضي ومن هو الناصبي… فصار الرافضي هو الشيعي… كل الشيعة، والناصبي هو السني… كل السنة! والسبب في ذلك زمرة ممن صدقت الأمة بأنهم علماء دين وأهل علم ومشايخ فضيلة وتقوى.

السؤال موجه إلى كل من يصله صوتي: «هل أنت رافضي أم ناصبي؟» لك أن لا تجيب إن لم ترغب في ذلك، لكن دعوني أوضح أمرا للتوضيح… الناصبي، هو الشخص الذي يعلن العداء والكراهية والبغض والحقد لأهل بيت رسول الله، من القدامى أم ممن يعيشون في وقتنا الحاضر، ولم يرد غير هذا الشرح في أي من كتب فقهاء الشيعة بحسب علمي، حتى يخرج علينا من يقول إن الشيعة يقصدون بالنواصب كل السنة.

كيف كل السنة، ومن له عقل، هل يقبل بذلك؟ دعونا من هذا الأمر، ولنعش ليالي الحسين (ع) في المحرق والمنامة، ولنسحق صراع الروافض والنواصب تحت أقدام المواطنين والمقيمين الشيعة والسنة (الذين يشاركون هذا العام بصورة ملفتة في المحاضرات والفعاليات الحسينية)، ودع الكلاب تنبح هناك في المزابل الأموية.

سعيد محمد سعيد

«غوغل» بن سبأ و«ياهو» الصفوي!

 

ذات مساء، وجدت وصديق عزيز أن نعيش لحظات من الفنتازيا الكوميدية تغييرا لمزاج عكر مضطرب سببه سيل من الكتابات والمقالات الصحافية والصراعات في المنتديات الإلكترونية البحرينية غير المسئولة ما يمكننا تسميته وصفا: «اجتهادات عباقرة البعث المنكوب واساطين السلفية المنتكسة وتهويشات جعفرية مردودة» من نوع ذلك الخطاب الصبياني التصادمي الفارغ المحتوى والمتسيد – مع شديد الأسف – على الخطاب المعتدل قوميا واسلاميا (سنيا وجعفريا) وسطيا معقولا مقبولا، والمغيب – مع شديد الأسف – بسبب سطوة وقوة الخطاب التآمري سيئ القصد مع اختلاف مصادره.

سألني صاحبي مازحا: «بم تشعر، بصراحة، وأنت تطالع ذلك الخطاب المندس والمبرمج؟ ألا يراودك شعور ورغبة في أن تضع يدك في الكهرباء «لتشطف بك»، أو «تتعلق في البانكة»، أو ترمي نفسك من جسر المشاة بشارع الملك فيصل على سيارة كامري؟ أو تذهب طوعا الى الطوارئ أو مستشفى الطب النفسي وتصرخ :»الحقوني.. أصابني فيروس عضوة مجلس الشورى، أو عضتني أفعى خرجت من بين أوراق صحيفة (…)، أو هاجمني وحش صفوي خرج من أرضي… أو… أو قل لهم ان جنيا مسلحا اندعس معك في اللحاف وطالبك بأن تعترف من أي صنف من البحرينيين أنت وإلا سيركبك ولن ينفع معك (ملا بلال) حتى لو اخرجت له جواز سفرك وحلفت بأنك بحريني أبا عن جد!».

هذا البحريني ما تغلبونه!

بصراحة، كل الخيارات التي طرحها صاحبي ما كانت تروق لي! ولكن، ولأن المسألة «فنتازيا فكاهة» لا أكثر ولا أقل، فقد أبلغته بأنني سأكون في غاية السعادة والسرور والغبطة والرضا إن استطعت أن أخيط ثوبا باللونين الأبيض والأحمر وأدور في شوارع الديرة في سيارة جيب لكزس أو لاندكروز أو «هامر» إن وجدت وأنا أصرخ في سماعة صغيرة :»هذا البحريني ما تغلبونه»… إلى أن تسقط بلاعيمي!

ويبدو أن صاحبي أعجب بالفكرة، وقرر أن يشترك معي في الكرنفال الثنائي المتخيل، على أن يكرر «كوبليها» يختلف عن «كوبليهي» اختاره هو: «من فتحت عيني… وانتي نظر عيني… يا نبع لحنيني»… يكفي أن نضع نقطة بعد أن نزيح هما جاثما ببضع ضحكات… لكن لحظة، هل في مقدورنا تخيل حجم الهم الجاثم على صدور الناس هذه الأيام إثر حال الاحتقان الخفية الظاهرة التي نعيشها في أكثر من صورة ومظهر في بلادنا!

يبدو الأمر صعبا… أليس كذلك؟

إذا صرفنا النظر عن الأعمدة الصحافية الهشة، والكتابات القائمة على الافتراضات غير العلمية التي تفتقد منطق الاستدلال والحقائق، أو تلك التي عرفها الناس على أنها بضاعة طائفية رخيصة، وإذا اعتبرنا الكثير من الكتابات في المنتديات إنما هي صورة تبحث عن إطار أكبر من إثارة الضغائن والعداوة والتناحر بين أبناء الطائفتين الكريمتين، فلن نستطيع صرف النظر عن غياب دور السلطة والوجهاء والرموز في تقديم مبادرة حقيقية تضع حدا للانفلات الذي ينذر بالدمار.. منقولا كما قلنا أكثر من مرة، من العراق ولبنان وإيران وأفغانستان وربما من أقطار عربية أخرى، مع العلم، بأن كل القنوات متاحة.. أم أن القضية/ الحالة الراهنة في البلاد، لا تستحق قبضة حديدية تحمي ثوابتنا ونسيجنا الاجتماعي؟

هلال أم منجل يسفك الدماء؟

هي الصورة ذاتها، من غوغل عبدالله بن سبأ وأحفاده ومصادره المعلوماتية المهولة المتعددة الاتجاهات والهوى والغايات، الى «ياهو» الصفوي القادم ضمن هلال شيعي، ليس هو من الأهلة التي هي مواقيت للناس والحج، بل منجل يسفك الدماء منتقما! يجعل السني يضع يده على رقبته تارة وعلى قلبه تارة أخرى خائفا وجلا على مصيره ومصير أهله، ويصور الشيعي وهو يظهر على حقيقته السبئية اليهودية المجوسية، وهو يشتم صحابة رسول الله، خير القرون، ويرفع علامة النصر وهو يبتسم للكيان الصهيوني معتزا مفتخرا..

نرى رأي العين ما يظهر وما يختفي في بلادنا، ويعز علي أن أقول ان الكل خائف من الكل… السلطة من الناس والناس من بعضهم البعض… بل ربما بلغ الخوف مبلغا من أبناء الطائفة الواحدة، فالتفتيت الغريب المريب في هذا المجتمع لا يقتصر على طائفتين فحسب… ذلك هو التفتيت الرئيس، أما تفرعاته فتدخل إلى كل طائفة وملة ليصبح للصراع هناك حسابات أخرى.

حتى اليوم، تستمر معنا النكسة! فيلتقي علماء الأمة، في أسوأ ظرف وأشد مراحل الأمة خطرا، ليشاهدوا «الهلال»، الذي اتفقوا عليه وهم… من هم؟ علماء الأمة وكبارها وعظماؤها وما ادراك… الذين لم يتفقوا يوما على هلال شهر رمضان المبارك، أو صدقوا في استهلال عيد.. جاءوا اليوم بشتم الصحابة مع الهلال الذي شاهدوه بالعين المجردة.

من للسنة والشيعة في هذا البلد، إذا كان الرابط بين رموز الطائفتين الدينية هو رابط التشكيك والخلاف الطائفي، واذا كان الوسط الديني، وأجزم، هو المسبب والمحرك والحاضن لتأجيج الخلاف واشعال الفتنة بسبب تقدم المتشددين والمعصبين وتأخر المعتدلين والعقلاء…

من للسنة والشيعة؟ أنا سأجيب :»لهم حكومتهم فهم رعاياها، وهي – أي الحكومة – المرجعية الأولى هنا في استحقاق المواطنة وحماية ميزان الحقوق والواجبات، ودرء الشر!».

عفوا… تخلصنا فجأة من كل الخلافات ولله الحمد، وطابت النفوس واستقامت الحياة، ولم يبق أمامنا إلا معضلة واحدة كبرى هي القاصمة: شتم الصحابة!! وارجو المعذرة أيضا، إن قلت أن مشكلا قديما جديدا دخل على الخط، لن يجمع أهل البيت الواحد، سنة وشيعة، إلا إذا انتهى الا وهو :«شتم الصحابة»!! أيها السادة، يا علماء الأمة أصدقوا، وخذوها صريحة… مثلما ورد شتم الصحابة في كتب بعض قليل قليل من علماء شيعة، ورد الشتم ذاته من بعض قليل قليل من علماء سنة… أم أنكم لا تعرفون!! وتريدون عناوين كتب وأسماء علماء! هلا كففتم عن خداع الأمة وتضليلها!

شيعة… آخر موديل!

لكن اللوم كله علينا نحن، العوام… لكننا نملك عقلا… الصغار، لكننا نكبر… الغافلون لكننا نصحو… سألني صديق من أهل السنة: «هل يشتم الشيعة الصحابة كأساس من أسس المذهب؟»، فقلت أنني اليوم قاربت من الأربعين من العمر، والله لم أسمع منذ عقلت، في مجالس حسينية ومحاضرات، سوى قلة لا تذكر من المواقف التي فيها شتم للصحابة، وفي المقابل، سمعت الكثير الكثير من خطباء وعلماء ما يمكن اعتباره جزما، تحذيرا من شتم الصحابة، وإذا كنا نقول إن الجهال من العوام هو من يشتم، فإن ما أشرت اليه من «بضع علماء من السنة والشيعة في كتبهم تحوي شتما للصحابة» يعتبر كارثة، مغطاة تستخدم اليوم كورقة لمصطلحات مخيفة: تهجير… تصفية عرقية… تكفير… تفجير وتهديد بالسلاح، وكأنما الناس تصحو وتنام وتتنفس «شتم صحابة… دفاع عن صحابة»!

بالمناسبة، حتى فئات الشيعة، أصبحنا اليوم نسمع عن «شيعة» يبدو أنهم قدموا من كوكب آخر بعضهم تغلغل حتى في عمق الكيان الصهيوني ليسرب المعلومات إلى حزب الله، وفئة أخرى تتحصن في قلاع لتمارس طقوسها في بعض الدول، وفئة ثالثة لها (ذيل) من الخلف، ونوع من الشيعة يمارس الفاحشة الجماعية بعد مراسم ليلة العاشر من المحرم! ومنها نوع يجب الحذر من النقاش معه؛ لأنه يستخدم السحر في التأثير على الناس وتحويل مذهبهم!

و… هناك أيضا (نوعية من الشيعة) تعيش في مدن تحت الأرض، وربما.. ربما هناك نوعية فضائية من الجعفرية تنزل في أيام محددة من السنة آذانهم طويلة وعيونهم عبارة عن مصابيح مضيئة الكترونيا سيحتلون الكرة الأرضية يوما ما، وأعتقد أن آخر نوع من الشيعة نزل الى الأسواق العالمية، عبارة عن كائنات معدلة وراثيا لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ويعتقد أن هذا النوع هو المتسبب في انتشار مرض انفلونزا الطيور وسارز، وجنون البقر.

سعيد محمد سعيد

اللغز الأكبر… وأي لغز؟!

 

صبلادنا البحرين… هي اللغز… يا أهل البحرين، من منا يقبل العيش في «لغز»؟! من يقبل أصلا أن تكون البحرين الغالية لغزا؟

سيكون من السهل أن نفكك ألغازا وألغازا، إذا ما تجردت المواقف من التآمر وسوء النوايا والارتهان إلى الحقائق التاريخية؛ ليصبح القوم الذين ما فتئوا تدويل الدولة وتقسيم الجولة وتعليل العلة على أساس خطاب يدمر ثوابت العلاقة بين السلطة والشعب.. فليس من قبيل المواطنة الحقيقية التغني بشعار فردي، عبر تصريحات صحافية وخطب وأوراق صفراء تنتشر هنا وهناك، يجعل صاحبه مرجعا في الولاء للقيادة السياسية، وسواه، ليسوا سوى مشاغبين ينفذون المخطط الصفوي المزعوم المقبول والمقدس من جانب طائفة بأكملها، ما عادت تعرف معنى الولاء للوطن وللقيادة، فاستبدلتها بممارسات سياسية خطرة تقوض الأمن الوطني ؛لتفرح يوما ما بانهيار كياننا البحريني، ويفرح معها قادتها هناك ممن أمدهم بالمال والسلاح وشهور العسل الطويلة الطويلة!

لن نرضى بإهانة دولتنا!

ولعل اللغز المحير الأكبر هو المؤسس على هذا السؤال :»هل هي غافلة الدولة، بكل أجهزتها وأنظمتها وعقولها وإمكاناتها ونسيجها الاجتماعي لتعجز عن كشف الآتي:

– مخطط خطير لتقويض نظام الدولة مستمد من إيران والعراق ولبنان.

– حركة تعبئة بتخزين أسلحة في المآتم.

– تنامي مشروع سري تاريخي لاحتلال أراضٍ من البلاد.

– الترويج للدفاع عن حقوق الغالبية بوسائل عنف مسلح.

– التدرب على كيفية تنظيم الاعتصامات والتجمعات ونقل خبرة دولة عربية كجزء من أساسيات نجاح إسقاط الحكومات.

ترى، هل هي الدولة غافلة وغائبة في سباتها؛ لتنتظر من بعض كتاب ونواب وخبراء إصدار التقارير السرية والتصريحات الصحافية النووية ليطلوا كل يوم بكشف خطير دفعهم إليه ولاؤهم وتفانيهم في خدمة البلاد؟ وما يصعب فهمه، لماذا تجد مثل تلك الممارسات التآمرية المشبوهة آذانا صاغية وتداولا بين البعض لتزداد هوة الشقاق والتخوين والصدام الطائفي الخفي حينا والظاهر حينا آخر؟

خطأ خبراء الألغاز

يخطئ خبراء الألغاز العاملون في الخفاء خطأ استراتيجيا كبيرا حينما يجعلون الدولة بكيانها في موقع الغفلة؛ ليبادروا هم بالتنبيه والتوجيه ونسج التقارير كخدمة وطنية، وإن صرفت قبل استحقاقها الشيكات المغرية، لكن الخطأ الأكبر أن تبقى الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني، في حالة من انعدام الثقة، هنا، تصبح البيئة مناسبة ؛لتكوين طرفي صراع: الدولة والشعب، أما الطرف الثالث، المحرك التآمري، فيبقى طرفا معززا ومعتزا لا يضيره الموت البطئ لقيم بحرينية أصيلة مشتركة بين السلطة، وأقولها بكل صراحة، ممثلة في الحكام الشرعيين من «آل خليفة»، وبين شعب يضم سنة وشيعة وعجما ويهودا ومسيحا بل ومواطنين جددا استحقوا جنسية البلد طبقا لقانون البلد. فك اللغز، هو أن أولئك الوصاة السريين، أيا كانت تنظيماتهم: مدفوعة الأجر.. صفوية… دخلاء… مرتزقة، ليسوا سوى أدوات هدم لم يتمكنوا من قراءة تاريخ وحاضر البحرين ولا يمكنهم أبدا أن يصدقوا أن يكون هناك «شيعي» واحد صادق في ولائه لشيوخه الخليفيين، وهو يتظلل بظلال صور قيادات دينية وسياسية طبعت في أحلى حلة في إيران والعراق ولبنان، ولن يقبلوا مواقف الرموز الدينية والسياسية والوجهاء والمسئولين والمثقفين البحرينيين الشيعة الخالصة في وطنيتها، ويكتفوا بالتصرفات الهوجاء والممارسات المتكررة التي يرفضها ويتصدى لها العلماء والعقلاء وسيجدون في الشعائر العقائدية كعاشوراء مرتعا للتصيد الخصب؛ لأن في تقديم نموذج بحريني شيعي موال ٍللحكم، إضعافا لتفاصيل البنود التآمرية المربوطة بالمخطط الصفوي والتطهير العرقي المزعوم والهدف السري للنيل من إخواننا السنة… بل النيل من نظامنا وسلطتنا؟ بالنسبة لهم، لن يكون هينا السماح بتعزيز قنوات المواطنة والولاء بين المواطنين «الشيعة» والسلطة؛ ليمضي ذلك على نواب شعب ورموز دينية وسياسية ووجهاء ومسئولين يخدمون بلادهم… إذا، لتمض الخطة التشكيكية: أولئك أعداء لولاة الأمر استنادا على ولائهم الخارجي، فلتتقطع القنوات وإن اتصلت… ذلك هو الخطأ الاستراتيجي أيها المغفلون يا صناع الألغاز المخزية: أن توجهوا الإهانة إلى الدولة والشعب.

هل يدمرون بيتنا؟

وإن من كلمة في الختام لأهل البيت البحريني، سنة وشيعة وطوائف أخرى: لا تتركوهم يدمرون بيتكم؟ اجمعوا تصريحاتهم النارية في الصحافة وخطبهم وأوراقهم، أيا كان مصدرها: نائب يعمل بالريموت كونترول، أو خطيب شيعي «مصرقع» أو إمام سني «مشدخ»، أو سياسي «طوخ»… أو حتى مسئول يتلذذ بالفتنة… أو خبراء الجحور السريين… اجمعوها ولا تحرقوها… فقط القوا بها في أقرب سلة زبالة _أعزكم الله_.

من منا يمتلك الشجاعة، والمسئولية تجاه بلاده… لدى كل واحد منا إجابة حتما…

أما أنا، فلن أعيش في خوف وقلق على أهل بلادي ،وعلى نفسي وأولادي؛ لأنني لا أنخدع بالصياغة القوية للتقارير، والصبغة العلمية المصطنعة، ولن انقطع عن أصدقائي في الحد ،ولن أرضى بعلامة حزن على صديق لي في البديع… ولن تسقط مكانة المحرق من قلبي.

سعيد محمد سعيد

أفلام «رعب» في صحافة بحرينية!

 

البحرين دائما في دائرة الضوء… شيء يفرحنا ويملأنا غبطة وسرورا حين تكون تلك الدائرة دائرة ريادة وتميز ونهضة، أما أن تكون في دائرة ضوء أفلام الرعب الخاطفة التي تبرق حينما يكون المشهد مفزعا وتزداد ابراقا كلما زاد الموقف افزاعا وخوفا، بين إظلام مرعب وإضاءة مبهرة بوجوه قبيحة مخيفة، فذلك مما لا يسر من دون شك!

دائرة الضوء الريادي الذي قصدت، هي ترسيخ ثوابت وطنية أصيلة على مستوى بناء الدولة بكل مؤسساتها واقتصادها ووجودها على خريطة العالم، وتقديم نموذج لعلاقة الشراكة السياسية بين السلطة والشعب، لكن كل ذلك يتلاشى أمام الأضواء المرعبة! في الشأن الداخلي هناك الكثير من الإرهاق للدولة والمواطن والحاضر والمستقبل مرده الإسقاطات الاقليمية التي تجعل من بلادنا الصغيرة محل تهديد لم يتوقف يوما… يقض مضجعها التآمر الخارجي، فتدور في فلك التهويشات والويل والثبور، ويزيدها خوفا ما يجري بين أبناء الشعب الواحد… الأسرة الواحدة… النسيج المتماسك مما لا تجده في الحياة الاجتماعية العامة بين الناس، سنة وشيعة، عربا وعجما، مجنسين وسكانا أصليين… والقائمة قد تطول بين ما أعرف وما لا أعرف، لكن لنتتبع أفلام الرعب ومصدر البث… ولنترك المخفي الذي لا يعلمه إلا الله، ولنتتبع الظاهر، مما يخيف ويقلق من خلال الصحافة البحرينية… التي تكللها هالة من الأمانة والمسئولية الوطنية، ولنراقب الخيوط من بين العناوين والمقالات والمضامين. هل لنا أن نجرب يوما أو بضع أيام لنتأكد من أن كل ما يثار – في إطار المسئولة الوطنية المفترضة شعارا والغائبة واقعا – خطوط ليس من الصعب الإمساك بها.

نعلم أن في بلادنا ست صحف يومية ناطقة باللغة العربية، ونعلم أن القيادة تعتز بها وتفاخر وتجعلها شريكا رئيسيا في البناء والعمل الوطني، لكن، من بين تلك الصحف الست، صحيفتان فقط تبثان أفلام رعب يومية، أو ربما أسبوعية، في محاولة تنجح حينا وتفشل حينا آخر في تشكيل مواقف وتأليب مواقف وإرسال إشارات وإطلاق بالونات اختبار، ليس في مساحة القضايا التي تهم الأمة بصدق النوايا، وإنما في إشعال فتيل طائفي… طائفي.. طائفي ولا شيء سواه.

إحداها تلبس ثوب القومية بأزرار بعثية واضحة، فتصطاد فيروسات مدمرة من العراق ولبنان تحديدا، وتنشرها بدرجة أخطر من فيروس «تروجان هورس» وقلبي على أبناء الطائفة السنية الكريمة الذين يشاهدون أفلام الرعب التي يكون ضحاياها أهل السنة والجماعة هناك، تفعل فيهم فرق الموت فعلها، فتسفك دماءهم وتتقصد تصفية عرقية ما شهد لها التاريخ مثيلا في بلد لم يعرف أهله الطائفية إلاّ حينما حل الدمار الأميركي مسنودا بجماعات وميليشيات ما ان تحفظ اسم احداها حتى تأتيك المزيد من الأسماء مما لا تستطيع تذكره. وتواصل بث الأفلام المخيفة لتجعل البعض يخرج عن عقاله فيحذر في المنابر وصلاة الجماعة والمنتديات من خطر «الرافضة» الذين لا مؤامرة لديهم أهم من سفك دماء أهل السنة! وليس أولئك القتلة إلا من الطائفة الشيعية، تحذر منهم هناك، وتضاعف التحذير منهم هنا في هذا البلد الصغير.

أما الصحيفة الأخرى، فهي ماثلة في وجدان الوطن، والوطن في وجدانها ولا أغلى من ترابه وشعبه وحكومته ومصلحته العليا، لكن هكذا تنظر إلى الدور الوطني والمسئولية تجاه الوطن العزيز… ففي كل يوم يستيقظ ضميرها الذي ما غفا لتأخذ كل أدوار البطولة في أفلامها المرعبة، بدءا بما يحدث وراء كواليس تصاغ فيها الأوامر وترسل من مدينة قم المقدسة إلى أجناد لها في البلد، معممين وغير معممين… ولاؤهم ليس للبحرين، بل هو مقدّس في تلك الجمهورية! ثم تعبر شيئا فشيئا إلى المخططات «الصفوية»، وتنقل أخبار شخصيات دينية شيعية في العراق أو في الكويت أو في لبنان، وتكرر المشاهد الأكثر إرعابا والتي تظهر أراضي بلادنا وقد سلبت بعروض بيع مغرية تساندها أموال لا حصر لها، وتعيد مشهد الجمعيات الإسلامية وهي تنهش في جسد الوطن، وتنتظر ساعة الصفر لتسحق المواطنين السنة وتشرب من دمائهم! فلهفي عليكم يا أهل المحرق، ومدينة عيسى، والرفاع، ومدينة حمد، وعليكم كلكم من الحد الى الزلاق، وأنتم تعيشون في سلام طائفتين، لتشاهدوا هذه الأفلام فيتأثر بها البعض إلى حد تدمير العلاقات الطيبة مع أهله وأصدقائه، وليعيش حالا جديدة من التوتر والقلق والخوف على نفسه وأهله ومستقبل أبنائه… كل يوم.

فلنجرب، ونتابع يوميا تلكما الصحيفتين فقط، ثم لنعد إلى قراءة الصحف الأربع الأخرى، ولنضع علامة على أفلام الرعب، وعلى المخرجين والممثلين والكومبارس وخطة التسويق، وأجزم أننا سنسجل قاعتي عرض سينمائي لا مثيل لهما، ونشطب على قيم العمل الصحافي والأمانة والصدق والموضوعية وكل المعايير الكلاسيكية والحديثة في العمل الصحافي منهما، ويكفينا إخلاص الصحف الأربع… ففيها الخير.

على مدى أشهر، وجدت من المتيسر تتبع النقاشات الحادة التي تحدث في أماكن العمل أو في المقاهي أو حتى في المجالس التي يرتادها المواطنون سنة وشيعة، ليكون مصدر النقاش الحاد الساخن، هو فيلم شاهده الناس في واحدة منهما…

الأفلام لم تعد جديدة وهي مكررة: المد الصفوي (رعب)… مأساة السنة (رعب + تراجيديا)… قصة الولاء المباع (رعب + دراما اجتماعية)… مصب الإسلام العظيم (ارشيفي وثائقي قديم)… بائعو الوطن (رعب + سياسة)، ولا بأس إن مل الإنسان، أن يشاهد الأفلام الكوميدية الآتية: أبناء السلندرات… عمامة الشيطان… اعتصام في الحمام… حسون الملعون وعباسوه الصفوي.

أعجبني كلام الفنّان السعودي عبدالله السدحان، الذي تمنى في مشهد من مشاهد المسلسل الشهير المبهر نجاحا وانتشارا «طاش ما طاش»، أن يتحدّ المسلمون في مذهب واحد اسمه «مذهب الشنة».

كل ما قلته «كلام… إن لم يعجبكم اعتبروه ثرثرة»! ولكن لنأخذ المواقف فردا فردا… ولينظر كل مواطن شيعي إلى صديقه أو نسيبه السني… ولينظر كل سني إلى صديقه أو نسيبه الشيعي… جيران وزملاء عمل ومعارف وشلة مقهى، وليسقط ما شاء من إسقاطات، من تلك الأفلام، ليحدد ما يدخل عقله منها، وليرفض ما يرفض، ويكفي هذا الوطن جروح دامية… لله درك أيها الوطن العزيز.

سعيد محمد سعيد

مذكرات «قنصوه الغوري البحريني»

 

لعله كان يستحق لقب «جابر عثرات الكرام»، لكن لا بأس من اختيار اسم آخر… لاحقا! بعد مرور أربعة أعوام ونيف، وبعد أن جمعت قصاصات كثيرة مثيرة غزيرة مما يصلح لأن يصبح لونا أدبيا جديدا يضاف إلى عالم الآداب للكاتب الفذ العظيم الذي صال وجال تحت قبة البرلمان، وأبلى بلاء حسنا! شهدت على حسنه بعض الصحف وأشاد به كتاب ونقاد آخرون، وجدت نفسي عاجزا عن اختيار اسم لذلك اللون الجديد من الأدبيات المكتوبة في صنفها الأول، والمقروءة في صنفها الثاني، والخطابية في صنفها الثالث. المهم أنني عجزت عن اختيار الاسم المناسب، لكن لا بأس من أن نتداول نتفا من تلك اليوميات لأن فيها ما يهم مصلحة الوطن والمواطن، وتلامس في كثير من الأحيان الحياة الاجتماعية والمسار السياسي في البلاد النائم الذي استيقظ ذات يوم، استيقظ من نومه مفزوعا… كئيبا مخنوقا متألما على ما ألم بالمجتمع من مشاعر أخوية ومن مبادرات طيبة لرأب الصدع وإصلاح ذات البين بين أهل البلد، وكأن الكابوس المرعب الذي حل عليه في تلك الليلة، أفقده ما تبقى من صواب! فراح يكتب ويرسل إلى الصحف – كما تعود أن يفعل – ليقول للناس: «علينا بطاعة أولي الأمر… لن نطيع غيرهم… طاعة ولي الأمر واجبة»! لكن الناس العقلاء، كل الناس العقلاء، كانوا يعلمون أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن ذلك «النائم» استيقظ كالفتنة، وهي لم تنم أصلا لا في عقله ولا في قلبه! فجأة، وجد أن المواطنين ضحايا إرهاب التسعينات يجب أن يحصلوا على حقوقهم من الدولة، لأنهم سقطوا ضحايا لممارسة البعض أعمال العنف والإرهاب بحق المواطنين والمقيمين الأبرياء، الذين ذهبت أرواحهم في سبيل الوطن، ودفاعا عن مكتسباته وانجازاته التي انتهكت من قبل أيدي الظلم والإرهاب، ومن هذا المنطلق فلابد للسلطات والمجتمع، من فتح هذا الملف وإعادة النظر في تفاصيله المختلفة والآثار المترتبة عليه. فهناك العشرات من المواطنين والمقيمين تضرروا كثيرا نتيجة حوادث التسعينات، وبعضهم راح ضحية أداء الواجب الوطني، وآخرون ذهبوا ضحية قيام البعض بالتخريب وتدمير المنشآت العامة والخاصة، وهؤلاء جميعا يجب أن تعاد حقوقهم المسلوبة.

فساد وتوظيف عنصري طبعا، لا يمكن أن يسكت عن العنصرية والتمييز وهو من لا يخشى في الله لومة لائم! فقد وجد أن الوزير (…) والوزير (…) في حاجة إلى تأديبٍ بسبب الفساد والتوظيف العنصري وغير العادل في وزارتيهما، لا سيما مع وجود عصابات وحنث لليمين الدستورية التي لم يحترمها ذانك الوزيران، ولم يحترما قسمهما عند تولي منصبيهما، ولأنه ليس مهيئا لتقديم دروس في الوحدة الوطنية من «بواب»… فقد ألقم حجرا. كل ذلك مما ذكر وأكثر، جعل «قنصوه» يضج غضبا.. فمن جهة، كشفه المجتمع بأسره اللهم إلا من قبل مريديه و»دافعيه» المختفين الذين يعلمون هم أصلا حقيقة فعله وعمله وبأمر من يأتمر، ومن جهة أخرى، لم يرق أداؤه للكبير الذي علّمه السحر، فما كان منه إلا أن صبّ جام غضبه على اليهود والنصاري و… الرافضة! نعم، لا يقبل صاحب الجبين المقدس إلاّ الدفاع عن الإسلام وبني الإسلام، وجاءت العبارة رنانة في خطبته: «اللهم العن اليهود والنصارى والرافضة، وأرني فيهم يوما أسود». القصاصات كثيرة، ومتنوعة، ومختلفة اللون والرائحة لكنها من صنف واحد… وقد وجدت أنه من الحكمة عدم التطرق إلى بعضها، لأن فيها من السم ما يمكن أن يودي بحياة الإنسان بمجرد النظر! لكن السؤال الأهم والأكبر: «لماذا جمعت تلك المذكرات؟ والإجابة هي لأنني حاولت مرارا وتكرارا أن أفهم… لماذا يفعل قنصوه الغوري البحريني كل هذا؟ ولمصلحة من؟ وما الذي حققه حتى الآن سوى المزيد من الألم له ولغيره، وجعل القلوب، التي يريدها ولي الأمر مؤتلفة.. وبسبب أفكار «قنصوه» مختلفة متفرقة. هل يمكن أن يقضي الواحد منا بعض الوقت ليقرأ بتمعن تلك القصاصات/ المذكرات ليحدّد ما يناسب منها المجتمع ويحدّد خطوط التنافر والتقارب؟ ثم يتحفنا بالعبرة والخلاصة. المهم، تلك كانت بضع قراءات سريعة من قصاصات «قنصوه الغوري» البحريني… فيها الكثير مما يمكن اكتشافه ونتف آخر مما لا يمكن… والغريب في الأمر، أن هذا الغوري لديه نائبه «طومان باي»… كالصنو للصنو، لكن من هو قنصوه الغوري ومن هو طومان باي؟ يا صديقي… جولة عبر «غوغال» تكفيك العناء!

سعيد محمد سعيد

من تجربة الطائفتين إلى «طأفنة» التجربتين!

 

الوقت صباحاً… قبيل السابعة بقليل: كم هي مربكة تلك الصورة. الازدحامات المرورية ترفع 10 درجات من ضغط الدم. التشاجر والتشنج أمام المدارس والقلق من التأخر عن الوصول إلى العمل يرفع عشراً أخرى. صوت المذيعة في «صباح الخير يا بحرين» تدعو بعبارات موفقة تارةً وتائهة تاراتٍ أخرى إلى الابتسام والشعور بالسعادة وترك البغضاء والكراهية. يأتي الوطن على القمة، هو دائماً على القمة: لنعمل من أجل الوطن، هو الروح، هو الحياة، هو نحن ونحن هو. ينخفض ضغط الدم قليلاً. تقرأ المذيعة عناوين الصحف… أوووه… لماذا يا أختاه لم تشطبي تلك العناوين الطائفية؟ بضع عناوين تشكّك وأخرى تثير القلق وثالثة توحي بأننا نعيش في مجتمع متناحر. يضرب مقياس الضغط حد الحد!

صباح الخير يا وطن… كيف أحوال أهلك اليوم؟ كيف كانت أمس؟ وكيف ستكون غداً؟

ثمة حقيقة خانقة قاتلة، تلك التي صبتنا في قوالب طائفية حددت شكل وأسلوب التفكير العقلي والعاطفي وأذابت مفهوم المواطنة لتجعله سلعةً في أيدي الكثيرين مختلفة السعر كما هي مختلفة النوع والجنس، لكن الأزمة الكبرى التي لا مناص من تفكيك قالبها هي أزمة العلاقات داخل المجتمع التي باتت تنذر بما هو أعتى من العواصف المدمرة، فهل سيكون للسلطة موقفٌ جديدٌ وصريحٌ ومسئولٌ لوقف سيل التفكيك الجارف، فالبيت البحريني في خطر داهم؟

فرز يمتد ويشتد!

بون شاسع يفصل فصلاً مذهلاً بين الثوابت البحرينية التي قامت على أسس النسيج والوَحدة الوطنية المترابطة من قبيل شعار الأسرة الواحدة والتعايش والتلاحم، ومترادفات حميمة تقلب مضامين ومعاني الولاء والانتماء وتفرزها فرزاً كريهاً سفيهاً يمتد إلى ما شاء له أساسه الثقافي والفكري والطائفي أن يمتد. وتشتد إلى الدرجة التي يشاء لها المريدون أن تمتد. بمعنى أدق وأوضح، أن نقبل نتيجة الفرز بين سنة وشيعة لكل منهما أجندته المحصورة في مترادفتين مفروضتين على هذا البيت: موالاة ومعارضة، ولابد أن يكون طرف واحد فقط لا ثاني له هو البحريني، وهو البحرين، وهو المواطنة بتعريفها اللغوي والعملي والحقيقي، أما الطرف الآخر فلابد له من الخروج من زمان ومكان هذا التراب، فلا حق له في الوجود. لكن السؤال الأكثر إثارةً للحيرة: من هو ذلك الطرف؟

في تجربة الطائفتين، الأولى في العام 2002 والثانية في العام 2006 وأمام الاستحقاق الانتخابي وشرعية التوافق لتعزيز تجربة ديمقراطية جديدة أولدها المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة عاهل البلاد، ما يمكنني تسميته إقصاءً ملغماً لثوابت جمعت الطائفتين تحت مظلة الحكم، فبرزت تداعيات خطيرة تجزيئية لن يكون من السهل استئصالها إن بقي المفهوم المفروض بقوة الفرز يربط مواطناً بالانتماء والولاء، ويفصل مواطناً آخرَ بتهمة اللا ولاء! بعيداً عن المرجعية الدستورية التي حفظت لكل مواطن حقوقه وواجباته.

التحول القسري إلى «الطأفنة»

اليوم، وأمام حقائق واضحة مستلهمة من تجربة الطائفتين الكريمتين على مدى عقود من التعايش والعمل المشترك للمصلحة الوطنية، سنتحول قسراً إلى «طأفنة» التجربتين الانتخابيتين تأثراً حيناً بتيارات لها حضورها الكبير والمؤثر في المجتمع، وتأثراً حيناً آخرَ بالأوضاع الإقليمية كالعراق مثالاً، وتأثراً بالمشروعات السرية المزعومة للسيطرة ومؤامرات الولاء للخارج وبيانات الصحافة المغرضة ومهارات تأليب السلطة على الشعب، ورفع شعارات مخيفة ونشر بيانات سرية عنيفة، ليجد هذا المجتمع الصغير نفسه مقطع الأوصال منهوك القوى، يعيش على وجل من حاضره ومستقبله.

الغلبة اليوم – مع شديد الأسف – لمن يمتلك القدرة على صوغ خطاب طائفي لا رادع له، وينتظر العشرات من المتلهفين قراءة بضع تصريحات صحافية مجللة بصدق الولاء وطاعة ولي الأمر وبليغة الأثر في شق الصف لأسماء من نواب وكتّاب ومن لف لفهم صارت مألوفةً معروفةً. ترى، أين ستلقي بنا هذه الموجة؟

كنا طائفيين في الخفاء، والآن أصبحنا نجاهر بالطائفية. كنا نخشى كثيراً من قول كلمة، كلمة واحدة، قد تؤثر على الاستقرار الاجتماعي وتماسك العلاقات بين الطائفتين، واليوم أصبحنا نؤلف كتباً وقصائدَ ومرثياتٍ وأدبياتٍ ومن يحزن فليضرب رأسه في الحائط! كنا نحترم معتقدات بعضنا بعضاً فأصبحنا نوزع صكوك غفران ومفاتيح أبواب الجنان، ونرمي الآخرين في نار جهنم الحامية. ترى، من الذي يتوجب عليه أن ينهض ويحمينا مما نحن فيه من بلاء؟

ما كان المأمول من تجربتنا الديمقراطية أن تمنحنا القوة للتسقيط، وليس من باب السعادة والسرور أن نتباهى بصراع طائفي نيابي وتقارير كتبت بالنار والحديد، وليس من المقبول أن تستمر حرب الخطب الدينية الطائفية ونشر الحقد والضغينة، لكن إذا لم تقف البلاد، سلطةً ومؤسساتً، وقفة مراجعة حقيقية دقيقة لمجريات الأمور بمنظار بعيد عن العواطف وافتراض سوء النية، فستزداد الأمور تعقيداً سيئاً، ولعل الوجهاء والرموز الدينية والسياسية المعتدلة، لديها من الفرص ما يمكن أن تستفيد منه لبناء شراكة حقيقية مع السلطة، بتواصلها مع السلطة وانفتاح السلطة عليها، وإذا كانت دول قريبة استشعرت الخطر وفتحت قنوات «اللقاء الوطني» منعاً مما يحمله المجهول من مجهول، فنحن أجدر وأولى؛ لأن البحرين، كما عرفها العالم، حكومةً وشعباً، ليس فيها من يبيع ترابها بثمن بخس?

سعيد محمد سعيد

أي معنى لك؟

 

عيدكم مبارك… وعساكم من عواده… ها نحن نعيش عيداً من أعياد المسلمين المجيدة مبتهلين لله سبحانه وتعالى حمداً وشكراً على نعمة اتمام صيام شهره العظيم… شهر رمضان المبارك الذي لم يكن هذا العام كغيره من الأعوام السابقة بالنسبة إلى البيت البحريني… ثمة أوراق تناثرت هنا وهناك، وثمة مفاجآت هي في حقيقتها أكبر من المفاجأة شكلاً ومضموناً… لكن أهل البلد تماسكوا وتمسكوا بحق الجميع في العيش في هذا البلد الكريم بسلام…

أي معنى لعيد الفطر المبارك أكبر وأعم من التلاحم والتكاتف وإعادة حسابات صعبة لا تكتمل من دونها معادلة المصير المشترك والدور المشترك والمسئولية المشتركة في لملمة الجروح وتطييب النفوس.

هي أيام عيد مبارك سعيد… فعلاوة على معانيه الإنسانية والإسلامية السامية، تهل علينا هذه الأيام لتشرع أذرعتها في مجتمع البحرين… مجتمع الأسرة الواحدة… فإذا كان من إحساس بضيم أو شعور بغصة أو ترقب، فإن القلوب والعقول تكون في أفضل حالات التسامح والتكافل وسط اشراقات هذه المناسبة.

وعلى رغم الاحتقان الظاهر والخفي، وعلى رغم الظرف الحساس… بل قل: الأكثر حساسية، فإن القادم من الايام يحمل في أفقه الكثير من التحديات والتمنيات وربما المزيد من المفاجآت! فعلى أبواب استحقاق دستوري أصبح قاب قوسين أو أدنى مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية والنيابية، سنكون على موعد مع ملفات كثيرة يلزم أن تتعامل معها السلطة والشعب بكل أطيافه وضمن حراكه الوطني بمسئولية وطنية كبرى، فليست الانتخابات الوشيكة مشابهة في مكنوناتها لمرحلة انتخابات 2002، فهناك الكثير من القضايا وهناك الكثير من الأسئلة وهناك الكثير الكثير من المغيبات التي ما عادت مغيبة، وهناك الكثير من المغلفات التي ما عادت مغلفة، وكلها تضع الدولة أمام امتحان صعب… صعب للغاية.

ولأنه يوم عيد… ولأنها نفحات فرح وسرور، فإن الأمنيات تشرق بغد يحمل أعياداً وفصولاً مهمة في حركة المجتمع نحو الديمقراطية والحقوق والواجبات، ولأن القادم من الأيام مهم أيما أهمية، فإن الرهان الأكبر في هذا البلد معقود على تماسك المجتمع في وجه أي محاولات للتفكيك والتجزيء والنيل من الاستقرار الاجتماعي والسلام الذي سنبقى ننعم به على رغم أنف من لا يدرك أن أهل البحرين يتعانقون في السراء والضراء…

وأخيراً… سحابات الصيف كثيرة، وأياً كان ثقلها فإنها تزول. و… عيدكم مبارك

سعيد محمد سعيد

رسائل الناس

 

ليس في مقدور أحد أن ينتقص الجهود التي يبذلها الناشطون الحقوقيون في متابعة رسائل المواطنين التي ترد اليهم وتحمل بين طياتها الكثير من الهموم والمعاناة التي يود أصحابها من الجمعيات ومن الناشطين أن يتحركوا من أجل البحث عن الحلول. ولا يمكن القول إن تلك الرسائل – التي تتضمن شكاوى انتهاك الحقوق والمطالبة برد الاعتبار – موضة تواكب الحراك التي تشهده البلاد، بل يمكن أن تعبر أو تعطي، بصورة أو بأخرى، انطباعاً عن أن الناس بدأوا يمارسون حقهم في المطالبة بحقوقهم كركن مهم من أركان المشروع الإصلاحي الذي تعيشه البلاد… وهذا الأمر له تبعات كبيرة وثقيلة وتتطلب جهداً مضاعفاً.

النماذج كثيرة، ولكن بعض المواطنين بدأوا يشكون من عدم جدوى التوجه الى جمعيات ولجان حقوق الإنسان لتقديم شكاواهم مصحوبة بأوراق ثبوتية ومستندات… ولعل القصة الأخيرة التي نشرتها «الوسط» يوم السبت الماضي بشأن المواطن البحريني الذي هربت زوجته الخليجية مع طفليه ولم ترجعها قوة القانون، يمكن أن تكون صورة من صور المعاناة للطرفين… الجمعية الحقوقية والمواطن! فلا الجمعية في مقدورها فعل شيء ولا المواطن الأب يستطيع أن يتحرك في اتجاه جديد لاستعادة طفليه بعد أن استنفذ كل السبل… وهل هناك سبيل أكثر قوة من صدور أحكام قانون تؤكد حقه في استعادة طفليه.

وليس ذلك فحسب، بل هناك رسائل المواطنين الذين يواجهون مشكلات مع أجهزة ومرافق حكومية، وهناك أيضاً حالات مختلفة ومتنوعة من سلب الحقوق تشمل مختلف الشرائح، وإذا سلمنا الى أن الجمعيات واللجان الحقوقية تبذل قصارى جهدها وتسعى وتتحرك، إلا أنه لابد من الاعتراف بأن تراكم هذه القضايا وتشعبها وتنوعها وصعوبة بعضها يوصل – دون محالة – الى أبواب مغلقة! بل لن نستغرب حين نسمع ناشطاً حقوقياً يقول بصراحة: لم نتمكن من فعل شيء!

الناس، يريدون من الجمعيات الحقوقية أن تكون في موقع قوة بحيث يكون لها صوت مسموع في مختلف الجهات، ولابد لها من أن تكون على وفاق مع تلك الاجهزة لكي تتمكن من انجاز نشاطها التطوعي… ومثال زيارة السجون، يمكن أن يكون منطلقاً مهماً ومبشراً لعمل أكثر فعالية في المستقبل، لكن من يدري، هل سينخفض معدل الرسائل والشكاوى، أم سيزداد؟

إن انخفاضها سيثبت أن المطالبة بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتطويرها تأخذ مؤشراً تصاعدياً مهماً، لكن زيادتها – التي لا نتمناها – ستعطي مؤشراً مثيراً لخيبة الآمال… ولا أحد في بلادنا، وهي عضو في مجلس حقوق الإنسان سيرضى باستمرار الانتهاكات أبداً