سعيد محمد سعيد

خيبة أمل الموظفين!

 

يبدو أنه من المحتم على ديوان الخدمة المدنية أن يعيد النظر في بضع حالات معدودة موعودة بتعديل الدرجات لكنها (لم تنل ما تتمنى)! وهذه دعوة للبت في طلبات حضرت أم لم تحضر إلى مكتب رئيس الديوان، لإحقاق الحق ولإزالة ردة الفعل السيئة وحالة الشعور بخيبة أمل لدى أولئك الموظفين، الذين يدرك مدراؤهم قبل غيرهم أنهم وصلوا إلى استحقاق الدرجة التنفيذية، لكن ذلك لم يحصل… لماذا؟

لقد كانت الخطوات سريعة هذه المرة، متتالية وموفقة من جانب ديوان الخدمة المدنية لتعديل أوضاع الكثير من الموظفين على الدرجات العمومية ممن يستحقون الترفيع إلى درجات أعلى أو الانتقال إلى الدرجة التنفيذية، لكننا نريد من الأخوة في الديوان أن يبلغونا بسبب حرمان (مجموعة) من الموظفين الذين يقومون بمهام تنفيذية وهم في مناصب تنفيذية إلا أنهم من ذوي الدرجات العمومية؟ حتى أن أحد الموظفين ذوي الخبرة ويعتبر ركنا مهما من أركان مكتب (وزيره) ويؤدي مهام منصب إداري رفيع يقول: «يعمل معي اثنان من الموظفين، هما الآن أعلى مني درجة ورتبة وراتبا… فكيف بالله يمكن أن يقبل أي موظف مثل هذا الإجحاف والجحود وغياب العدالة؟!».

لكن، قبل أن نرسل الرسالة إلى ديوان الخدمة المدنية… ماذا فعل أولئك الموظفون أنفسهم؟ هل جلسوا ينظرون إلى الدرجات وهي تجري لآخرين وهم ينظرون بحسرة؟ أو توجعوا وتألموا فقط وصمتوا؟ أم أنهم تكلموا ورفعوا الصوت مطالبين بالحق، مسددين بالقرائن والأدلة التي تؤكد حقهم في الحصول على الدرجة التنفيذية؟

يقال، إن ديوان الخدمة المدنية أهمل هذه المجموعة مع علمه وإدراكه بأهميتها؟ لكن لا أحد يستطيع أن يؤكد ذلك أو يوجه هذا الكلام إلى الديوان؟ ومن قائل إن الطلبات وصلت إلى مكتب الرئيس وأهملت ولم يتم حتى الآن حتى التعاطف معها بنظرة؟ وهذا الكلام أيضا نسمعه كثيرا، لكن المؤكد والمهم، هو أن يبلغنا أحد المسئولين بالديوان عن وضعية أولئك الموظفين المستحقين، ولماذا حرموا من الدرجات العليا سواء من عمومية أو تخصصية إلى عمومية أو تخصصية أعلى، أم إلى عمومية إلى تنفيذية…

ويدرك الأخوة في الديوان، أن المستحق يجب أن يحصل على ترقيته من دون مرحلة المرور بالشعور بالغضب والحنق والحزن وخيبة الأمل.

سعيد محمد سعيد

سنواصل مطالبنا يا «حكومة»!

 

ليس صحيحا إطلاقا، لا على المستوى الشعبي، ولا على المستوى الرسمي، ولا على مستوى النشاط والحراك السياسي في البلد، أن يتوقف المواطن عن المطالبة بحقوقه المشروعة لسبب وجود احتقان ما، أو إسقاطا على ظرف مستجد أو استجواب يناقشه مجلس النواب، أو توجيهات من قيادة البلاد، أو لجملة من الأسباب التي قد نعلمها أو لا نعلمها.

لأن من حق المواطن أن يطالب بحقه، والآن… واليوم، أكثر من أية حقبة مرت بها البلاد، يصبح لون المطالبة بالحقوق الذي يصونه الدستور والقوانين هو اللون المفضل! ذلك لأننا جميعا نعلم بأن المواطن يحمل أثقالا لا تطاق من الهموم والمشكلات والبلايا وهي أثقال يعلم بها أول من يعلم، قيادة البلاد، ثم، وإن تباينت مواقف الوزراء والمسئولين في التعامل مع هموم المواطنين بين مهمل لحق المواطن وآخر حافظ له، سيكون أمامنا الكثير الكثير من العمل في هذه البلاد للوصول الى ما يمكن الوصول إليه من نتائج إيجابية، بعد سنوات طويلة من العمل المضني والشقاء والتعب وتراكم الملفات وغياب العيون الرقابية وحجب العمل البرلماني وتكدس الآلام فوق الآلام… سيكون هناك الكثير، كلما بقي المجتمع مصغيا يستمع إلى صوت العقل، ويمزج المطالبة بالمواطنة، والمواطنة بالولاء، والولاء بالحقوق والواجبات.

هل يمكن أن نغمض أعيننا ونستعيد شريط ذكريات ثلاثة أسابيع أو شهر كامل مضى؟! تتوالى المشاهد عبر ذلك الشريط لكن الصورة الأهم هي تلك الآفاق التي نأمل أن تتسع بين السلطة ومؤسسات المجتمع المدني والشعب، فهناك تصريحات مهمة للقيادة تتعلق بمستقبل البلاد، وهناك اهتمام بالزيارات التي يقوم بها سمو رئيس الوزراء، وهناك زيارات المحافظين للمجالس الأهلية، وهناك اللقاءات التي تعقد في القرى مع المسئولين، وهناك الأحضان التي تفتح للشباب بغرض إغلاق منافذ العنف والاضطراب الأمني، لكن كل ذلك يتطلب نوايا مخلصة لعمل حقيقي وليس لشعارات.

سنواصل مطالبنا يا حكومة عبر الوسائل السلمية… هكذا هي العبارة التي يجب أن يحملها كل مواطن يواجه معاناة… وكلنا كذلك! فلم تعد هناك فائدة للحرائق والدخان وتصنيفات الملثمين والمجهولين والمخربين وتصنيفات أخرى للمطالبين/ المظلومين/ المحرومين/ المسحوقين… هناك في هذه البلاد حقوق وواجبات، وسنطالب بحقوقنا مؤمنين بواجباتنا، لكن على كل الأطراف أن تكون صادقة، فالصدق منجاة… للبلاد وأهلها!

سعيد محمد سعيد

طائفيون متهمون بـ «التمييز»

 

كانت زيارة صاحب السمو رئيس الوزراء للمحافظة الشمالية يوم الأربعاء الماضي، هي الزيارة التاريخية الفريدة من نوعها التي تطرح للمرة الأولى – بحسب علمي – وبكل صراحة وشفافية وسعة صدر، قضية مهمة وحساسة وخطيرة يعاني منها مجتمعنا منذ عقود طويلة: ألا وهي قضية التمييز بين المواطنين ونوابعها الطائفية وتوابعها التجزيئية.

ولربما لم يكن طرح النائب الشيخ حسن سلطان طرحا يدخل من باب استخدام وسائل الدعايات الانتخابية أو إثارة الرأي العام وكسب وده، وإنما انطلق من كون القضية مهمة للجميع: للقيادة والشعب على حد سواء، ولأنه أمام قيادة الدولة… ما يفتح طريقا ميسرا لصراحة تقابلها صراحة، ولهذا أبلغ سمو رئيس الوزراء الجميع بأنه لا يرضى بالتمييز ولا يوافق عليه، ضاربا المثل بالعاملين في ديوانه الذين يمثلون صورة مصغرة للمجتمع.

وقطعا، هذا هو كلام «الرئيس»، وتلك تأكيداته وذلك هو مبدأه أيضا… إذا، من يا ترى الذي يمارس التمييز والطائفية؟ وكيف عاشت هذه الفكرة في عقول ونفوس فئة كبيرة جدا من الشعب البحريني؟ ولماذا لم تسقط وتتهاوى طوال عقود مضت؟

ولعل السؤال الأهم هو: من الذي يحق له أن «يميز» بين أبناء الشعب البحريني في الوظائف والخدمات والأوسمة والهبات والأعطيات وأسلوب التعامل حتى أصبحنا نعاني من مشكلة الطائفية في كل جزء من الثانية في حياتنا اليومية، والأمر لا يحتاج إلى تفصيل؟

هناك من ينتظر الإجابة، ولكن ممن؟ فالحكومة كانت واضحة في التأكيد بأنها لا «تميز»؟ ولعلني املك جزءا من الإجابة، وهو أن هناك أقطابا من كبار الرؤوس في البلد هم المتهمون بالطائفية والتمييز، وهم الذين يمارسون هذا الفعل، وإذا كانت هناك ستائر تسترهم وحصون تحصنهم، فإن لديهم أبواقا من وعاظ السلاطين من التكفيريين والطائفيين، ولديهم جيش من مثيري الفتنة (بفلوس طبعا) ومئات العناصر السرية التي تعمل هنا وهناك…

لكن، ما الحل؟

وأجيب على هذا السؤال من وجهة نظري الخاصة! فليس أمامنا وأمام كل من يشتكي من التمييز إلا أن يكون شجاعا مقداما؟ وإذا ما ضبط ممارسة تمييزية وقعت عليه في عمله، أو وقعت على غيره، فليكن أمامنا القانون نستعين به، ودعونا نجرب، ونرفع الدعوى إثر الدعوى، معززة بالدلائل والوثائق والقرائن وكل ما يقع في أيدينا ويمكننا استخدامه، لنقدم الطائفي إلى المحاكمة، فليس هناك ما يمنع يا جماعة الخير… طالما قيادة البلد ترفض التمييز ولا توافق عليه.

سعيد محمد سعيد

خرب… يخرب… مخربا!

 

لعلني أميل إلى الصوت الذي يطالب بالاستماع الى ما يريده الشباب الذين توجه إليهم أصابع الاتهام بالحرق والتخريب وإشعال البلاد، في تأجيج مسرف تجاه تغييب الاطمئنان وبث الشعور بالخوف والرهبة وعدم الأمان… أقول إنني أميل إلى ذلك الصوت من ناحية استخدام مفردة «الاستماع»، لكن ليس من المعقول أن يكونوا هم الطرف المقابل للتحاور أو للاستماع… هذا لا يمكن إطلاقا من عدة نواح أهمها:

– أنه، ومن باب معرفة وقرب وتفهم، فإن أولئك الشباب في بعض قرانا وأحيائنا السكنية ليسوا سوى طلبة مدارس إعدادية وثانوية ويشاركهم أحيانا بعض طلبة المرحلة الابتدائية، وفي بعض الأحيان يشاركهم المتسربون من التعليم وقليل من العاطلين «الصغار في السن»… فالمسألة لم تتعد مساحة إيجاد برنامج للتنفيس يكون مهربا من الوضع المعيشي أو الأسري من خلال دوي اسطوانات الغاز أو لون دخان الإطارات المشتعلة.

– ثانيا، وهذا جانب مهم، هو أنك ستعرف حينا من يكون أولئك الفاعلون الملثمون، وستسمع حينا آخر أنهم ينتسبون إلى هذه الجهة أو تلك، وهنا، فمن واجب الأهالي أولا إيقاف الشباب الذين يلوذون بالحرائق – بتصرفهم – من دون موجه أو قيادة علمائية، وثانيا، العمل على القبض على المشتبه بهم ممن يقول البعض عنهم إنهم ينتسبون إلى الداخلية أو المخابرات أو أية جهة. نعم، ما المانع من أن يقبض عليهم الشباب الأشداء في القرى وهم كفء لهذا العمل، ثم يقدمونهم للمساءلة القانونية بمعرفة الوجهاء وممثلي الشعب؟

على أن ما تقدم، لا يحرم هذه الفئة، التي تود أن توصل صوتا، هو من حقها في المطالبة المشروعة، ولكن ليس من خلال تدمير ذاتهم ومستقبلهم ومجتمعهم وبلادهم. لقد تابعنا الشباب الأربعة الذين اعتصموا بسلام أمام وزارة الداخلية يطالبون بوظائفهم… ألم يصلوا إلى نتيجة بهدوئهم ووجدوا من يأخذ بيدهم؟

نحن، نريد أن نوصل صوت من له مطالب، ولكن من خلال التحاور بين النواب والناشطين والوجهاء والعلماء، ومن حقنا أن نتحدث عن البطالة والفقر وسوء الحال المعيشي، وليس صحيحا أن نجلس مع طلبة تسربوا من التعليم وفضلوا طريق التسكع والعنف لنسبغ عليهم صفة البطولات ثم نتورط بهم وهم يتحكمون في الديرة… بل يقارعون حتى علماء الدين.

الصحيح، هو أن العلماء والوجهاء والفئات المثقفة في هذه القرية أو تلك، أعلم بمطالب الناس ومبتغاهم، ويدركون أسباب أية ممارسة ودوافعها وحلولها، وهؤلاء من يجب أن يكونوا طرفا مهما لدى السلطة… للحوار!

سعيد محمد سعيد

الهجوم بيد من حديد… يا الحبيب!

 

على طاري «الضرب بيد من حديد»… هل يمكن تخيل الألم الذي يمكن أن يجعلنا «نتعفرت» من الوجع لو – لا قدر الله – ضربنا أحد يملك يدا حديدا على يدنا أو على كتفنا أو جاء «سطار» مباغت من تلك اليد على أحد الساطرين الأيمن أو الأيسر، أو حتى «مشع شعرنا» بها؟ وهل نستطيع تقييم مدى البشاعة في مثل هذه العبارة التي تستخدمها كثيرا دول عربية وإسلامية وغيرها لتحذير شعوبها من العقاب سوء العاقبة (في حين أنها لا تنبس ببنت كلمة في وجه أعدائها وأسيادها الذين يهددون استقلالها)؟ هل يعقل أن يكون مثل هذا الخطاب الحديدي الناري شكلا من أشكال الممارسة الديكتاتورية المغلفة بالديمقراطية؟

في ظني، أن هذا المصطلح سيدفن في غضون سنوات قليلة في كل المجتمعات… حتى الديكتاتورية منها؟ لكن ما لنا وما لهم، دعونا نتحدث في همنا نحن يا جماعة، وبعد ذلك يحل مشكلة اليد الحديد ألف حلال؟!

هذه المقدمة، أريد منها الإشارة الى العتاب واللوم والهجوم القوي الحديدي تارة، والمهادن تارة أخرى… والصراخ الرفيعة حناجره تارة، والخفيضة تارة أخرى، على ما طرحه الكثير من الكتاب، ونحن منهم، بشأن الاضطرابات الأخيرة والمواجهات التي كان لها العنف شعارا والتخريب والحرائق والتحريض محركا، حتى أن البعض اتهمنا بأوصاف وكلمات لا يمكن قبولها، ونحن في الحقيقة، نلتمس العذر لكل الإخوة والأخوات الذين اتصلوا متفاعلين وراغبين في تقديم وجهة نظر في شأن الحوادث.

وللأمانة، وعلى رغم أن الأحبة يحملون مسئولية استمرار وتصاعد العنف للطرفين المتقابلين في الميدان، إلا أن هناك اتفاقا أيضا على أن الأخطاء يجب أن تخضع للتشريح… فمن جهة، لا يمكن أن يتلكأ الناشطون وأصحاب الأصوات المؤثرة ومنهم العلماء الأفاضل، ويغيبوا عن الساحة لتوجيه الشباب وإعادة إرسال ما نهوا عنه من أعمال عنف وحرائق، كما يجب على الدولة أن تتحدث بلسان المواطنة والحقوق للجميع، كما هو شأن الواجبات على الجميع.

ولسنا نختلف مع هذا الطرح، ولكن لابد من التذكير بأننا وقفنا ولانزال متمسكين بموقفنا الداعم للمسيرات والمطالبات والاعتصامات السلمية التي تحظى بالتغطية الإعلامية والمتابعة والدعم من خلال المقالات والأعمدة، بيد أنه من الصعب أن نرى البلد تحترق ولا نعرف أصلا من هؤلاء المجهولين/ الملثمين/ المخربين/ الفاسدين/ المغررين… والقائمة تطول، لكن الذي نعرفه جيدا أنه ليس في الصالح العام إعلان الفرح بحريق هنا واسطوانة غاز تنفجر هناك… وهذا الشباب موجه إلى الشباب! كما أننا، نعرف جيدا أيضا، أن على الدولة أن تبادر، وكما أوصى عاهل البلاد بالشباب، فإن الرسالة الواضحة المرسلة إلى جميع المسئولين هي: انظروا إلى كل المجتمع…

فهل من نظرة حقيقية يا مسئولينا الأعزاء؟

سعيد محمد سعيد

رأس الرفاع وقلب السنابس!

 

هل تذكرون قائدا افغانيا – كان يا ما كان – اسمه «قلب الدين حكمتيار»!

لاشك في أن الكثيرين منا يتذكرونه، ويتذكر بعضنا أن هناك من أطلق عليه عبارة «قلب الدين وحكم الديار» في إشارة إلى قدرة الرجل على اللعب بالسياسة والدين والمال والمخدرات والعلاقات السرية والجهرية… ولدينا من «حكمتيار» نماذج على ما يبدو، ليست تعشق إلا السير عكس إرادة القيادة والشعب!

وإلا، ما الذي يدفع فضيلة الشيخ الجليل النائب المحترم المبجل، سعادة النائب جاسم السعيدي لأن يتجه، وفي وقت حرج، إلى استخدام عبارات وصور كلامية توغر الصدور وتشعل نار الغضب! ما الذي يدفعه إلى تقديم مداخلات لا تمت للمسئولية بصلة ولا تعرف للوطنية وصفا ولا لدرء المفاسد طرفا؟

إن المقارنة المشوبة بالطائفية، التي طرحها النائب جاسم السعيدي بين الرفاع والسنابس، وتهديده «المسرحي» بأنه سيحول الرفاع إلى سنابس أخرى، يضع الرفاع «وهي الرأس والفخر والرمز» في موضع لا يليق بها، ويهين السنابس «وهي القلب والطيبة والفضل» إهانة لا يقبلها إلا الوضيع السفيه!

ويبدو أن السعيدي، كان نائما طوال الأسبوع الماضي إذ بذل وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة جهدا كريما من خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف اليومية للعمل على علاج الاضطراب الأمني الذي يشهده الشارع بين الفينة والأخرى، كان من أكبر ثماره أن عاهل البلاد أصدر توجيهاته الكريمة للعمل على رعاية مصالح الشباب وتحريك المحافظات للقاء الأهالي والوجهاء والشخصيات.

يأتي كلام السعيدي في الوقت الذي قدم فيه أهالي السنابس نموذجا طيبا بدخولهم في خط جديد وهو عدم قبول أية عملية جر قسرية للعنف في القرية، وكذلك قدم أهالي أبوصيبع والبلاد القديم وبعض قرى المنطقة الغربية.

وفي الوقت الذي نسعى بوصفنا صحافة وناشطين ومواطنين للامتثال بما اتفق عليه من خلال لقائي وزير الداخلية، ويتحرك المسئولون في المحافظات وكذلك النواب والوجهاء لاحتواء الظرف وإخماد النار، نجد نائبا محترما يحاول إشعال الحريق من جديد، ويجب ألا نستهين بالأمر، لأن التصريحات والكلام الاستفزازي يأتي بعواقب وخيمة شديدة الأثر.

وإذا كنا متفقين على أن هناك من يحرض على العنف ويدفع الشباب إلى أتون النار… فهناك من يدفع إلى مزيد من العنف من خلال التصريحات والكلام اللامسئول وخصوصا إذا كان نائبا للشعب… فالمحرضان كلاهما يستحق العقاب بناء على ذلك!

مفرح هو كلام رئيس مجلس الشورى علي الصالح في شأن الطائفية، ولكنه مخيف في الوقت ذاته! فإذا قلنا إنها ستنتهي قريبا فهذا يعني أنها «موجودة» ونحن الذي نكرنا وجودها سنين طويلة، وإذا توقعنا القضاء عليها قريبا، فهذا ممكن، لأنها ليست فطرة نما عليها شعب البحرين، وإنما هي سلوك تآمري متجدد… لكن النتيجة هي: نريد أن ننجح في محاربة الطائفية من خلال تقديم كل طائفي إلى المحاكمة، فلن نحاربها بالتصريحات والكلام المعسول.

سعيد محمد سعيد

من أي باب سندخل؟

 

هو بيت واحد، يحوي غرفا كثيرة… كبر أم صغر ذلك البيت، ففي ليوانه مساحة، وفي شرفاته إطلالة لابد أن تبقى جميلة، وفي أمان جميع ساكنيه، أمان لأساساته وأعمدته، وفي سرائه وضرائه، مواقف تجمع الأسرة.

أليس هو البيت البحريني، الذين يعيش فيه المواطنون في غرف متعددة، تحت سقف واحد، حفظ حق الجميع. فلماذا نعجز اليوم يا ترى عن رأب الصدع؟ وما الذي يجعلنا نعيش في دوامة من الخلاف والاختلاف تظهر تارة في هيئة اضطراب أمني، وتارة في هيئة شكوك في النوايا، وتارات تتلون بالصدام الطائفي، لتصبح الحرائق في شوارعنا وقرانا ومرافقنا لها اسم، ويصبح للتخريب أكثر من اسم، وتتعقد الأمور تحت مسميات كثيرة لتمتد الأيدي فتغلق الأبواب التي من الممكن أن تبقى مفتوحة أمام الراعي والرعية لنصل الى بر الأمان؟

أمام صور مثيرة للمخاوف، نعيشها بين الحين والآخر، لن يكون السلم الاجتماعي في مأمن، فلا الأبواب الموصدة ستنجينا، ولا العنف والحرائق والتخريب سيضفي على حياتنا الأمل في يوم الخلاص من الملفات المؤرقة، ولن يكون التحريض على استمرار المطالبة بالحقوق وسيلة تؤتي ثمارها يوما… أبدا.

الحوادث الأخيرة التي مررنا بها أعادتنا الى نقطة لا يرغب مواطن واحد في العودة اليها أو استذكارها، وليس أشد من أن تعيش القرى حالا من الرعب والخوف والعنف، ولربما ازداد الوضع سوءا مع تقديم خيار جر الساحة الى العنف، ولكن هل من حل؟

أيا كانت دوافع ومسببات العودة الى العنف، واستمراره، وتشعباته الخطيرة، فلن نجني من الاضطراب سوى المزيد من النتائج السلبية وسوء العاقبة، في الوقت الذي لا يمكن فيه أن نتجاهل أن دفع الشباب والصبية الى مواجهات أرهقت المواطنين وكدرت صفو العيش في البلاد سيضاعف من هوة الخلاف، واذا استمر ابتعاد أصحاب الكلمة المسموعة والمؤثرة عبر الاستفادة من القنوات المتاحة أمامهم للتواصل مع مؤسسة الحكم، وتم افساح المجال لثقافة التحريض وتضييع حاضر ومستقبل الشباب ومستقبل المجتمع بأسره، فإن ثمة دلائل على أن الخسائر لن يتحملها طرف واحد فقط: لن تتحملها الحكومة وحدها ولن يتحملها الاقتصاد وحده ولن يتحملها رجال الأعمال وحدهم ولن يهرب المستثمر ليضيف الى من يعتقد أنه كسب جولة نقاط انتصار جديدة… الخسائر ستقع على رؤوس الجميع قطعا.

في ظني أن الفرص مازالت مواتية، واذا كان اللقاء الأخير الذي جمع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مع رؤساء تحرير الصحف اليومية فيه تبيان واضح للظرف الذي تمر به البلاد، فإن في اليد فرصا أخرى للمطالبة وايصال الصوت بالوسائل السلمية، ومنح السلطة التشريعية والجمعيات السياسية وعلماء الدين مساحة هادئة لفتح جميع الملفات الرئيسية من خلال الحوار والتواصل مع السلطة، ليغلق الباب أمام التحريض والعنف والدخان الأسود، ولندخل بقناعة بين كل الأطراف الى بوابة الحلول السياسية الهادئة أيضا لأن الأطراف المسئولة كلها – إن لم تعطِ الاهتمام الكافي للتوافق – فإن ترك المجال أمام الطائفية والتخريب والحرائق والتحريض وتأجيج الساحة بالحديد والنار، سيصيبنا بمقتل.

سعيد محمد سعيد

غدا ستنفجر «قنبلة» جديدة!

 

«لم تكن ليلة هادئة… كانت منذ عصريتها وهي توحي بأن أمرا جلل سيقع، وكما أن ليالي العيد تبان من عصاريها، بان سوء تلك الليلة من وقت العصر، فأظلمت الديرة على أهلها ولم تكن ليلة من ليالي العيد أبدا، بل كانت ليلة من أشد ليالي البلد حزنا، حينما انفجرت القنبلة التي تحدث عنها الجميع… وحذر منها الجميع… وعرفها الجميع… وحدد مكانها الجميع، وأدرك الجميع كيف يبطل مفعولها… لكن الجميع، إلا بعضه، فضل العافية، وفضل إغلاق العينين وسد الأذنين لحين انتهاء انفجار القنبلة»…

لست أعلم إن كانت تلك المقدمة تصلح لرواية قد يكتبها أحدنا مستقبلا… ولماذا رواية، فلتكن قصة قصيرة أو خاطرة على الأقل، فرحم الله من زار وخفف! وقد تكون هذه الرواية الأكثر مبيعا وخصوصا أننا أصبحنا سلعا كثيرة تعرض للبيع حتى أصبح الوطن كله عرضة لمثل هذه الأفكار… أفكار المتاجرة والبيع والشراء.

الحال اليوم سيئ بلا شك، والأسوأ منه أن هناك حالا من المتاجرة في التصريحات الداعية إلى التصدي للعنف والتخريب، تشمل المطالبة بإلقاء القبض على المخربين وتوقيع أشد العقوبات عليهم، وحماية الأرواح والممتلكات والحفاظ على الأمن والسلم، ومنع الدخلاء والمدسوسين من العبث في بلادنا! وخذ على هذه الشاكلة الكثير.

لكن، إلى من توجه هذه التصريحات؟ من الطبيعي أن تكون موجهة إلى وزارة الداخلية وكوادرها ورجالها، وكأن ما يحدث في البلد يجب أن يعالج أمنيا وليس سياسيا! وكأنه الواجب على الوزارة أن تستعرض أمامنا اليوم ونحن نشاهد ونكتفي بالفرجة. وكأن مؤسسات المجتمع المدني يجب ألا تتكلم، وكأن على علماء الدين الأفاضل ألا ينتقدوا الممارسات العنيفة الخارجة عن رضا وموافقة العلماء لسبب اتجاهها خارج حدود السلمية. وكأن فيلم «الأكشن» يجب ألا ينتهي إلا بانفجار قنبلة مدوية قد تيقظنا من سباتنا، لكننا سنجد أنفسنا مصابين بالعاهات والإصابات الخطرة!

الوضع في البلد في غاية الحساسية، لكن ليس من العقل أن تتحرك وزارة الداخلية وحدها لإبطال مفعول «القنبلة»، وعلى تجار التصريحات المصاغة جيدا أن يدركوا بأن الأدوار موزعة على الجميع، وأن يكون خطاب التهدئة يشمل كل الأطراف، بعد أن يقضي على كل أسباب ودوافع العنف والعنف المضاد.

وللحديث بقية قطعا

سعيد محمد سعيد

ملف الحراس

 

النقاش في أوضاع الحراس البحرينيين، في كل مكان: وزارة البلديات والزراعة، وزارة التربية والتعليم، في الشركات والمؤسسات وكذلك في المنشآت… نقاش لا ينتهي على ما يبدو، وقد يتطلب ملفا كبيرا.

هناك أزمة ثقة بين الطرفين للأسف الشديد مردها – بحسب وجهة نظري – الحاجة إلى تقوية الهيكل الإداري من أساسه، بمعنى إيجاد لائحة إدارية وقوانين منظمة تضمن حقوق ثلاثة أطراف: الحراس – المسئولين والجهة التي يعملون على حمايتها.

ويعترف الكثير من حراس المدارس بأن هناك من يتسبب في الإضرار بالآخرين، كمن ينام في السيارة ليلا أثناء نوبة «آخر ليل»، أو من يأتي «سرا» بطبق استقبال وتلفاز ليقضي الليل في مشاهدة القنوات، فيما يتعمد البعض ترك موقعه بلا أدنى إحساس بالمسئولية وهو الأمر الذي دفع، بالاتفاق مع وزارة الداخلية، إلى تفتيش المواقع بدلا من مفتشي التربية والتعليم.

هذا من ناحية الاعتراف، لكن من ناحية المطالب، فإن الشريحة الكبرى من الحراس يريدون تطبيق الآية الكريمة «ولا تزر وازرة وزر أخرى» إذ إن الشريحة الكبرى الملتزمة بأنظمة العمل ليس عليها وزر الجماعة الذين يتجاوزون القوانين، ويعتقدون بأن المهمة الكبرى التي يريدون من ديوان الوزارة القيام بها، هي إعادة تنظيم الهيكل الإداري بالصورة التي تضمن أداء ما يقارب من 800 حارس، طبقا لأهداف مشروع الحراسة المدرسية.

لكن نقطة مهمة لابد من أن يدركها الحراس وغيرهم… من حقكم المطالبة بنظام عمل عادل، غير أن ذلك لا يمكن أن يحدث في كفة، وفي الكفة الأخرى إهمال للعمل وعدم احترام للمسئولين والمشرفين – أيا كانت جنسياتهم – وممارسات غير مقبولة يتم تغليفها بكلمة «إحنا مظلومين» والسلام.

نتمنى من وزارة التربية والتعليم، أن تطلعنا على ما يجري في قطاع الحراسة الأمنية، وخصوصا على مستوى الرؤساء، فمع علمنا بالكثير من الأمور من خلال الاتصال المستمر بهم، لكن الرأي الرسمي يمكن أن يكون في إجابة الوزارة على هذا السؤال: «هل أنتم راضون عن نظام الحراسة أم لا؟ ولماذا؟

سعيد محمد سعيد

سعادة الوزير الطائفي!

 

لا شغل لنا في هذا البلد إلا: «الفتنة الطائفية… التوظيف الطائفي… الحشد الطائفي… إدعاء الطائفية… نفي الطائفية… محاربة الطائفية… القضاء على الطائفية… التحذير من الطائفية… المد الطائفي… التصدي للطائفية…»، وتطول قائمة الادعاءات والتحذيرات، إلى أن تتقاذف الأطراف المختلفة والمؤتلفة ما تيسر من اتهامات وما تعسر، لتبعد عن نفسها خطر الإصابة بالطائفية «والعياذ بالله»، كما أصيب بها بعض الوزراء والمسئولين والمثقفين والفنانين وعلماء الدين و… تقع الطامة!

دعونا من ذلك كله، ولننظر إلى المجلس التشريعي وكيفية تعاطيه مع بعض الملفات «الطائفية»، ثم لنمعن النظر أكثر لنحدد أول وأكبر وأهم النواب خبرة وتفننا في «القبض» على الوزراء والمسئولين الطائفيين لا يفوقه مهارة في ذلك إلا «سعادة النائب شارلوك هولمز»، فهو الذي قبض على الوزير الستري سابقا، وهو الذي ضبط الوزير العلوي متلبسا، وهو الذي سيذيق الوزير بن رجب سوء العذاب لأنه طائفي!

لا أشك أبدا في أن لعبة الطائفية في البلد وراءها تخطيط ودراسة وتنفيذ متقن، وليست نابعة من مواقف فردية! أبدا! من يظن ذلك، قد يضحك على نفسه! وليس الدليل في «التقرير المثير» فحسب، بل في ممارسات تصدر عن مؤسساتنا على اختلافها، وأكبرها المؤسسة التشريعية.

كان الوزير العلوي محقا وشجاعا! لقد نجح المشروع الوطني للتوظيف على رغم كثرة الأعداء بشأنه ومنهم (حكوميون أيضا)! ولا نبرئ بعض العاطلين ونضعهم في قفص الاتهام، لأن بعضهم يتعمد تخريب المشروع من خلال بيع بطاقة سكانية بمبلغ لا يتجاوز الخمسين دينارا، فيما يفضل النوم على الجد والبحث عن عمل.

لكن السادة النواب الأفاضل، الثلاثي: الفضالة – السعيدي – العسومي، وإن كانوا «أصحاب نوايا حسنة»، لكن الوزير نجح في توجيه ضربة قاضية فردية لتحالف ثلاثي!

نحن نعلم أن النوايا حسنة جدا جدا جدا… ونعلم أن الشجرة المثمرة هي التي ترمى بالحجر، وندرك أن مشروعا للتوظيف بموازنة 30 مليون ويصرف على نجاحه 4 ملايين دينار فقط، يعطي دلالة على الأمانة في توظيف أبناء البلد من سترة (اذا كانوا عاطلين) ومن المنامة وكرانة والمحرق والحد (إذا كانوا عاطلين أيضا)، فشكرا لسعادة الوزير الطائفي.