سعيد محمد سعيد

كتب ومطبوعات تكفيرية

 

لا يبدو أن العملية ستتوقف! فمنذ سنين، وتوزيع المطبوعات والكتب والتسجيلات التكفيرية والطائفية مستمر من أجل «الثواب والجزاء الكبير من رب العالمين»، ولابد من القول إن هناك مشكلة في البحرين تستدعي فتح موضوع الكتب الطائفية! فالمجتمع الذي ينادي بالديمقراطية ويطالب بحرية الرأي والتعبير، عليه أن يتقبل كل الممارسات القانونية المرتبطة بحق كل مواطن في التعبير عن رأيه، لكن أن يصل التمادي حد تكفير المسلمين أو تسفيههم أو إخراجهم من الملة واعتبار ذلك من ضمن محيط حرية التعبير، فهذا ما يوجب إثبات وجود الأجهزة الحكومية المعنية بدءا من وزارة العدل والشئون الإسلامية مرورا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية انتهاء عند وزارة الإعلام.

أيضا، حري بنا أن نكون من الشجاعة بحيث نوجه الاتهام الى بعض الجمعيات واللجان الإسلامية التي أصدرت ولاتزال تصدر مثل تلك المطبوعات، فهي يجب أن تتعرض للمساءلة القانونية، أيا كان انتماؤها الطائفي، فالفعل السيئ الذي تقوم به بعض الجمعيات الإسلامية من نشر للمطبوعات التي تهيج الشارع وتؤلب المواقف ضد أهل البلد… أهل البيت الواحد… هو فعل لا يمكن أن يكون صادرا بحسن نية… إطلاقا.

وأعتقد أنه من الضرورة بمكان أن يتم التشهير بمثل تلك المطبوعات، لا إخفاؤها والإعلان عن اتخاذ إجراءات حيالها، لأن التعريف بها والتحذير منها يدخل ضمن التحرك القانوني لفضح هذه الممارسات المريضة التي ما إن تختفي حينا حتى تعود من جديد… وبلا سبب.

ويعلم الكثير من القراء، أن هناك كتبا من الطائفتين، لا يصلح لها أن تكون في السوق متوافرة! ففيها الكثير من الأمور السيئة من الجانبين، وفي المقابل هناك كتب طيبة ومضامينها قيمة مؤثرة، وهي ما يجب أن نركز عليه ونروج له.

هناك من يدعي أنه مفتش تابع لوزارة الإعلام، ويهجم على بعض المكتبات التي يعمل بها الآسيويون أو بسطاء المواطنين، ليصادر كل كتاب لا يتماشى مع مزاجه وطينته، ويثير المشكلات ويحرر المخالفات… بل يصل الأمر إلى حد مصادرة المجلات النسائية والفنية… ثم يختفي ذلك «الفارس المغوار» بعد أن قام بفعل عظيم يستحق عليه الثناء، وينتظر من رب العالمين خير الجزاء!

بلادنا صغيرة، وشوارعنا مزدحمة، والنفوس «بها ما بها»، والقلوب «يعلم الله ما تحمل»، فلسنا يا جماعة الخير نمتلك القدرة والصبر على رؤية كتيبات ومنشورات وأشرطة مجهولة المصدر، تصب على النار الوقود!

سعيد محمد سعيد

هل تصدقينهم يا حكومة!

 

مجموعة نادرة من أصحاب «الولاءات» الحقيقية ورافعي راية «حب الوطن» والانتماء الصادق المخلص تعيش في الصحف منذ مدة من الزمن، ومدة العيش هذه – وإن كانت قصيرة نسبيا – إلا أنها جعلت الكثير من المواطنين (بل والمقيمين أيضا) من المتابعين للصحف يعرفونهم عن ظهر قلب وذلك طبقا للممارسات الآتية:

– استخدام بعض الصحف لإصدار تصريحات ثناء ومدح في الحكومة من جهة، وتصريحات ذم وقذح في آخرين، سواء كانوا من الناشطين أو من المعارضين أو ممن يختلفون معهم في الرأي، تقربا للسلطة وتزلفا إلى ما تشتهي نفوسهم.

– كتابة المقالات «الولائية» في الصحف التي تمهد لهم وتسمح بذلك، وليس في تلك المقالات مضمون أو محتوى أو معنى سوى القول للقيادة والحكومة: «أنا فقط البحريني الذي أوالي حكومتي… أنا الوحيد في البحرين الذي يقدس الدولة… أنا الوحيد الذي أفدي دمي لوطني»، عدا ذلك، لن تجد سوى متلازمة دائمة من النفاق والنفاق والنفاق».

إن صدقتهم الحكومة فهي مخطئة، وإن اعتقدت في كلامهم، فقد رمت نفسها بمقتل!

لم تنته القائمة النفاقية، فأساليب زمرة المنافقين تتلون وتحاكي كل حدث يطرأ على الساحة المحلية، فبالإضافة إلى التصريحات والمقالات السالفة الذكر، لديهم وسائل أخرى مهمة:

– تشكيل اللجان والجمعيات الطائفية «لمحاربة الطائفية»!.

– تنظيم اللقاءات الأهلية والاجتماعية التضامنية مع الحكومة، ضد أطراف أو جماعة أخرى، وليس من نتيجة تذكر وراء تلك اللقاءات المهرجانية إلا ابلاغ الحكومة الموقرة برسالة من الموالين ضد الأعداء بائعي الوطن، فيلهبون المشاعر وينتخون، تاركين في الطرف الآخر رغبة في مواجهة من نوع سيئ كريه، تبلغ نتائجها السيئة حد زرع فتيل طائفي قد ينفجر في أية لحظة.

– أحيانا يبدع منهم من يكتب القصائد العصماء ذات اللون النفاقي الشهير.

إن صدقتهم الحكومة فهي مخطئة، لأنهم أنفسهم يعلمون جيدا أن الحكومة لن تصدقهم.. فالشيوخ لا يحبون النفاق والتزلف الرخيص!

على أي حال، قد نقرأ اليوم أو غدا، أو قد نسمع، أو قد نرى ونسمع في الصحافة أو في الندوات أو في التلفزيون أحد أولئك المعروفين الذين تعرفهم الحكومة أفضل منا… لكن، هل ستصدقهم؟

ويا حسرة على البلاد والعباد إن صدقت حكومة زمرة النفاق المتزلفين من أجل المصالح على حساب الوطن، فلا يمكن أن يصدق من يريد أن يحول البلد إلى «معسكرين» أحدهما يقوده النفاق والآخر يقوده الشقاق.

سعيد محمد سعيد

لطمة على الوجه!

 

لماذا يزداد إهمال الكثير من الأجهزة الحكومية لعملها وينخفض مستوى أدائها ويتدهور شكل ومضمون إنتاجها، على رغم المتابعة التي دخلت حيز «الرقابة» من جانب الحكومة، بل ومن جانب سمو رئيس الوزراء شخصيا بتأسيس خطاب جديد: هو خطاب إداري نحتاج إليه؟! المحاسبة، الرقابة، المساءلة، التقييم، تيسير إجراءات المواطنين… كل ذلك كان محط اهتمام الحكومة، فلماذا تميل الأمور جهة مؤشر الأداء المقبول أو الضعيف؟!

ولماذا تلمع الإنجازات في الصحف والتصريحات وفي التقارير السنوية فقط؟ في حين أن كاتب الفصول في تقرير سنوي هنا أو هناك، يتحدث «سرا» لبعض أصحابه (أنه أَلَّفَ الكثير ورمى في قلب التقارير والتلميعات إنجازات ضخمة عملاقة)، والحال، أن هناك أجهزة سادرة «غيها» وتحتاج فعلا إلى من يلطمها على وجهها لتستيقظ، ونريد من القضاء البحريني النزيه العادل الشريف، أن يكون هو المبادر وهو صاحب الفضل.

لا يمكننا أن نتدخل في الأحكام القضائية أيا كانت سلامتها من عدمها… قوتها أم ضعفها… لكن، ليس من المعقول أن تخرج الكثير من الجهات الحكومية المسئولة والمتورطة في قضايا إهمال وسوء أداء وتجاوزات من بعض القضايا التي ينظرها القضاء، ويقع اللوم على المواطن… سواء كان بسيطا من ذوي الدخل المحدود كما يحدث بالنسبة إلى المادة رقم (4) القديمة الجديدة لأي موظف خدمات أوقع خطأ، أو رجل أعمال كما حدث بالنسبة إلى المواطن عبدالله الكبيسي الذي وجد نفسه واقفا أمام حكم بعشر سنوات في قضية غرق «بانوش الدانة»، وهو الذي يعترف بشجاعة ببعض الخطأ، ويقر ببعض الخطأ ومستعد – كما أعلن مرارا – لتحمل الخطأ الذي ارتكبه هو، أما الأخطاء التي ارتكبها غيره من أجهزة وإدارات حكومية، ومن قبل الراكب الإنجليزي وشركته السياحية، وكذلك الخطأ الذي ارتكبه القبطان… كل تلك الأخطاء، تشكل أرتالا لا طاقة لإنسان على تحملها وحده، في حين أن هناك آخرين يجب أن يحملوا وأن ينالوا جزاء ما فعلوا من خطأ.

ونحن في الوقت الذي ندعو فيه إلى تكريم أي جهاز حكومي استطاع أن ينجز ويحقق ما نفخر ويفخر به من عمل، لا يمكن أن نقبل بأن تصدر الأحكام القضائية ونتائج لجان التحقيق لكي تسدل الستار عن أخطاء ارتكبها جهاز حكومي، لأن في ذلك خطر علينا حاضرا ومستقبلا، وانظروا في كثرة الأخطاء، لكن قبل أن تنظروا، أريد توجيه كلمة إلى كل الأحبة: لا تنظروا في كثرة الأخطاء، أعتذر، اطلعوا فقط على تقرير ديوان الرقابة.

سعيد محمد سعيد

القوم… يا سيدي!

 

ما أغرب فعلهم وما أعجب قولهم…

القوم يا سيدي – نحن وهم وأولئك – يعرفونك أنت أنت… الشاب الوطني المناضل الشريف «المعمم» الطيب الوقور الهادئ… الذي حمل هم بلاده وناسه، سنة كانوا أم شيعة، ويدرون أنك أنت «الإنسان» قبل ذلك وبعده، ولكنهم يا سيدي تناسوا لحظة، على حين غرة أو «لا»، أن لك ما للإنسان السوي أو غير السوي، من الإحساس بالألم والحزن والفرح والضيق والراحة واليسر والعسر…

بالأمس يا سيدي، كانت صورك تملأ جدران قريتنا الشامخة بكبريائها الذي سرعان ما انكشف، لأنها حين تتنازل سريعا عن أمثالك، وتأوي إلى الارتفاع على سلالم من ورق، فإنها تنكشف: فلا الديمقراطية تعرف، ولا الحق تقول ولا «الموت» الذي يردده الكثيرون بتحد وقوة… يمكن أن يجعلهم ينهضون من القبور إلى الحياة!

القوم يا سيدي، لا رأي لهم… ما أشد هذا الوضع! فهم تارة يرفعون صورتك ويهتفون باسمك، وتارة أخرى يقبلون شاشات التلفاز التي تظهر عليها، وتارة لا ينفض أي سامر في مجلس، أو محاضرة في محفل، بل وصلاة في مسجد، إلا بعد أن تذكر ويذكر فضلك ويأتي من معاناتك ونضالك الشيء الكثير.

واليوم، أنت أشهر من يشتم في الملتقيات الصبيانية العفيفة الطاهرة المنزهة التي يفتي فيها صغار الرؤوس (كبار الألسنة) ممن امتهن على الدوام مهنة الهجوم والشتائم والصياح والتشويه، من وراء «الشاشات»، يفعل ذلك وهو يرفع رأسه مفتخرا بالتزامه الديني والأخلاقي، وبتفقهه في أمور الدين والدنيا، ولكن لا بأس من أن يشتمك قليلا أم كثيرا.

ليس للمواقف المستقلة مكان في حياتنا… «إمعات» نذهب هنا وهناك… في مقدورنا الصياح بأقوى مراكز الحناجر صلابة في المسيرات والاعتصامات والمظاهرات، سلمية أم غير سلمية، لأننا نرى في جمعنا الكثير من الناس/ القوم، لكن كلمة «الحق» لا تخرج من أفواهنا الا بالشديد القوي… ونحن فرادى، إذ يغمرنا النفاق.

القوم يا سيدي، أكلوا لحمك نهشا نهشا… ورأوا في أنفسهم/ أنفسنا، قمة الصلاح والإصلاح والصمود والقوة والعزة والنبل والفخر، غضبوا لأنك لم تشارك وغضبوا لأنك شاركت! شتموك لأنك لم تصبر على البلاء يوما، وشتموك لأنك صبرت!

والآن يا سيدي، أيها الشاب الطيب، يا أبا مجتبي، يا «علي سلمان» الشيخ، ليس أمامك سوى أن تبقى أنت أنت… ودع القوم يا سيدي/ نحن/ هم/ أولئك، يتمزقون – حقدا وكرها – شر ممزق!

سعيد محمد سعيد

في البحرين…عشرات القتلى ومئات الجرحى!

 

يسقط في البحرين يوميا عشرات القتلى، فيما تضيق الدنيا على مئات الجرحى والمصابين، وتواجه الحكومة مشكلة كبرى في التعامل مع هذا الوضع المقلق والمخيف الذي قد يقضي على أهل البحرين عن بكرة أبيهم، والسبب في ذلك كله «الازدحامات والاختناقات المرورية!».

في كل يوم، تتيح لك الظروف لتلقي الأنباء المؤسفة عن أولئك القتلى والجرحى/ نحن/ هم/ أولئك! فعندما تكون جالسا في عملك، قد يبادرك زميلك أو زميلتك بالدخول مباشرة بنفخة كبيرة في الوجنتين وعيون يتطاير منها الشرر ليقول/ تقول: «قتلني الازدحام.. ذبحني الاختناق المروري»، فيما تجد الكثير من المصابين والجرحى الذين تلتقيهم في المسجد أو في المجلس أو في النادي ليبلغك أحدهم أنه أصيب بجرح غائر بينما كان يحاول الرجوع إلى الخلف فشتمه أحدهم طالبا منه أن «يفتح عينيه»، أو لربما وجدت الجرح أكبر من ذلك حينما يعتدي أحدهم بالضرب مثلا على زوجتك أو أختك بسبب خلاف على أحقية السير! ولربما كان من الملائم أن تتحدث عن إصاباتك وجروحك التي أصبت بها أثناء خروجك من مواقف سيارات مجمع السلمانية الطبي ماشيا على قدميك لينزل عليك الذراع الآلي للدخول غلى المواقف، أو يباغتك أحدهم بالرجوع إلى الخلف من دون أن يضع لك اعتبارا.

المهم، أن السجلات المتوافرة تشير إلى استمرار القتلى والصرعى والجرحى في مختلف شوارع البلاد، فحسب ما أعلنته الإدارة العامة للمرور، فإن أعمال التوسعة والتحسين والإنشاءات التي تشهدها الشوارع والطرق، وخصوصا في العاصمة وضواحيها، ستمتد إلى عامين، وهذا يعني أننا سنموت يوميا ولن تكون الجروح والإصابات الطفيفة هي القضية، لكن قد نتفاجأ يوما بارتفاع حالات الانهيار العصبي والصرع و… (أم الديفان).

صحيح، ستكون الشوارع أفضل بكثير بعد أن تنتهي هذه المشروعات طبقا للوعود والأمنيات والأحلام الجميلة التي تدور على رؤوسنا ونحن نموت ونموت بلا مكيف في وقت الظهيرة أحيانا، وبلا حول ولا قوة للراديتر التعبان أحيانا أخرى، لكن إذا كان الفرج بعد الصبر سيكون بمثابة صبرنا واحتمالنا لمشروع إزالة دوار السلمانية وتحويله إلى اشارات ضوئية زادت الطين بلة، فإن أعداد الشهداء في البلاد ستفوق بلد المليون شهيد لأن الواحد منا يموت شهيدا في اليوم أكثر من مرة!

سعيد محمد سعيد

كفاك نوما!

 

كما وعدتكم يوم الأحد الماضي، بأنني في هذا اليوم الخميس «الأنيس»، سأكمل تفاصيل الحلم «الكابوس» الذي فزع منه الكثير من القراء بعدما قرأوه! فعلى رغم أن بعضهم وصفه بأنه (فيلم هندي) لم يتردد آخر في القول إنه (فيلم أميركي) أما ثالث فاكتفى بالقول (كفاك نوما واستيقظ من أحلامك وكوابيسك)، ولست والله أرى ذلك الكابوس، الذي مثلت فيه دور الموظف في مكتبة للتقارير المثيرة، إلا حالة من حالات الإنبعاث الشعوري اللاارادي السمبثاوي، كما يقول علماء النفس بارك الله فيهم.

ما يهمنا الآن هو تكملة الكابوس/ الحلم، فعبد أن اجتث الوالي الحكيم الوقور رؤوس الفساد ورمي بهم وبتقاريرهم في غياهب السجون، تفجرت الآبار الجافة بالماء العذب وجرت الأنهار وغردت العصافير في البساتين الجميلة، وازهر الربيع وطاب العيش للناس في بلادهم التي سقوها من دماهم قبل عرقهم، وما تبقى من الأحقاد في القلوب، زال بعد التصافي والتحابب والانشراح.

هذا ما كان من أحوال الرعية. أما ما كان من أحوال وعاظ السلاطين وحراس البلاط والمطبلين والمكذبين والمنافقين، فقد دارت عليهم الدوائر وجارت عليهم أنفسهم قبل الزمن، إذ ذاقوا الوبال بسبب نفاقهم وكذبهم وتأليبهم العباد والبلاد، وإشعالهم نيران الفتنة والمساهمة في كتابة فصول من التقارير وبنود من التعابير وملفات لا تحملها الأضابير، فرماهم الوالي الحكيم بعيدا عن الأرض الطاهرة، فلا يعودوا إليها أبدا حتى ولو اغتسلوا في أقدس الأنهار، وأعلنوا التوبة والاعتذار.

ووقف الوالي مخاطبا بعضا آخر من الوعاظ فقال لهم: «أيها الناس، أنتم الأمناء، فلم تكن لكم أمانة، وأنتم حراس الدين وحماته فلم تكن لكم حمية لا على دينكم ولا على وطنكم ولا على أنفسكم حتى… وأنتم من يصلح بين الراعي والرعية، فلم يكن ديدنكم إلا الموائد الدسمة، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وكان الناس ينتظرون منكم كلمة حق لله فيها رضا، ولي ولكم فيها صلاح، فما تكلمتم وخنتم أماناتكم، فاسمعوا وعوا: إما أن تعودوا إلى رشدكم وتقوموني إن انحرفت، وإما أن… أو… على… متى… أين… قد… برأت منكم الذمة».

والحمد لله… الحمد لله أنني استيقظت من النوم، ولا أدري أكان ذلك قبل أذان الفجر أم بعده، فخفت أن أقول ذلك، فيعتبرني البعض كذابا إن كان كابوسي قبل الأذان، ويعتبرني البعض الآخر، كذابا أيضا، إن كان كابوسي… بعد الأذان.

سعيد محمد سعيد

لا حولَ ولا قوةَ إلاّ بالله العلي العظيم

 

لا أدري ما هي قصتي مع «الكوابيس المفزعة»! فهاهو كابوس آخر يفجر كل خلية في جسدي خوفا وفزعا وهلعا… فقد رأيت فيما يرى النائم – اللهم اجعله خيرا – أنني كنت أعمل ذات يوم في مكتبة كبيرة عامرة، كان يطلق عليها اسم «مكتبة التقارير المثيرة»، وكانت فعلا اسما على مسمى، ولابدّ من القول، إنني ترددت بادئ ذي بدء من العمل في هذه المكتبة، فليست لي قوة ولاقدرة على احتمال «تقرير مثير» واحد، فكيف يا (بعد عمري) أعمل في مكتبة كلها تقارير مثيرة!

وكان من جميل صنع الله في جميع أهل تلك البلاد، أن وقعت صاعقة على تلك المكتبة، وتطايرت التقارير وانكشف كل ما فيها، بعد أن هوت عروش تلك المكتبة، وتبين بعد ذلك، أن تلك الأوراق التي تتكدس على بعضها بعضا «بالملايين»، ويسيل حبرها أنهارا، ما هي إلا حاضنات لأخطر أنواع الفيروسات فتكا بالبشرية، فهناك فيروس «ط» القاتل، ومجموعة من فئة «ت» الجرثومية الفتاكة، وحاضنات أخرى لا مثيل لها من المزارع البكتيرية التي تحوي بكتيريا (ف) و(ح) و(إق) بالإضافة الى الملايين من باعثات الأوبئة من فصيلة (د) وتوابعها، ولست أدري ما معني تلك الأحرف الفيروسية، لكن شاء الله أن يشرح للإيمان قلبي فعرفت أن تلك الأحرف تعني الآتي (ط: طائفية، ت: تخوين، ف: فساد، ح: حرمان، إق: إقصاء، و(د) وهو الأخطر وينتشر عادة في آخر المطاف، وهو يرمز إلى (دمار).

رأيت الناس أول الأمر تتقاتل مع بعضها بعضا، ويحلو للجار أن يشرب من دم جاره وعرضه وماله، وصارت السكاكين والخناجر وأسلحة أخرى، تظهر في أيدي بعضهم، حتى ظهر الفساد في البر والبحر، وخاف الراعي كما خافت الرعية، واضطربت القلوب، وحمى الوطيس، فجاءت رحمة الله، إذ تنبه الراعي الحكيم الوقور، إلى أن ما يحدث الآن وسيحدث غدا ليس من فعل مكتبة التقارير المثيرة، إنما هي من فعل من كون الحاضنات وباعثات الأوبئة في الأدراج وفي القلوب وفي العقول وفي كل مكان تنظر فيه عين وينبض فيه قلب، فبقبضة واحدة قوية، فالصاعقة كفت الناس في تلك المكتبة شر القتال، لكن الوالي، لم ينم لحظة مذ عرف الحقيقة، ولم يخف في الله لومة لائم، فاجتث كل من أراد بالأمة سوءا وأذاقهم نار الحامية.

استيقظت من النوم فزعا؛ لأقرأ فصلا مقلقا، لكن ذلك لم يكن في الحلم، بل في اليقظة، وسنتحدث عنه الخميس المقبل إن شاء الله.

سعيد محمد سعيد

وداعا للغلاء وارتفاع الأسعار

 

حمدا لله… لن يشكو مواطن واحد من غلاء الأسعار بعد اليوم، فثمة «حزمة» من القرارات والإجراءات والأخبار المنشورة والمنثورة في الصحافة، تسمن وتغني من جوع ومن أسعار مرتفعة.

جميل كان الرد المفصل الذي ورد من وزارة الصناعة والتجارة الموقرة ونشر في هذه الصفحة أمس، وإن لم يخرج من إطار ما نعرفه من خلال القراءة الإنشائية للاستهلاك الإعلامي والعبارات التوبيخية المعتادة في ردود إدارات العلاقات العامة بالدولة الفاضحة لعدم الفهم، والماضية في قلة الإدراك، فكل تلك الخطوات المذكورة في الرد هي على العين والرأس، لكن على مستوى معاناة المواطن اليومية من ارتفاع الأسعار، فإن كل ما ذكر يكاد لا يسد رمق جائع!

والجميل في الرد/ التوضيح/ التعقيب/ الديباجة، أنه يطالب بالعودة إلى كل ما كتب بشأن قضية الأسعار، لكن لا أدري ما الذي يجب علي قراءته! (فإذا كان لا يتابع ولم يقرأ ما كتبته «الوسط» والصحف الأخرى في البحرين على مدى أكثر من شهرين، فهذه مشكلة وطامة كبرى، وإذا كان قد قرأ وتابع، فالمشكلة أكبر، إذ تتعلق هذه المرة بمسألة الفهم والوعي والإدراك)، وأود القول إنني هنا لا أكتفي بالقراءة من الصحف، بل الحق، هو القراءة الميدانية لما يحدث في السوق. وإذا كانت القراءة هي المقياس، فإن الشكاوى التي تنشرها الصحافة بشأن معاناة المواطنين والمقيمين من الارتفاع المذهل للأسعار، تغمر ما تنشره الوزارة الموقرة من (جهود) لمكافحة تلك الزيادة، وهذا يعني أن الوزارة – هي الأخرى – تقرأ ما تنشره هي من بيانات، ولا تقرأ ما يكتبه المواطنون والصحافيون! عموما، لست الوحيد ممن يكتب يوميا في الصحافة بشأن ارتفاع الأسعار، فكلنا نيام، ماعدا الوزارة وكوادرها، متيقظة الأعين، والفارق الوحيد، أن الكل يشكو من ارتفاع الأسعار إلا الوزارة!

والأهم من ذلك، أن الرد أشار نصا بالقول (فقضية الأسعار ومتابعتها منذ البداية كانت تحت يد الحكومة الموقرة، التي يطالب الكاتب الوزارة بالاستعانة بها في حال الاعتراف بفشل اللجنة التي شكلت من قبل «الحكومة نفسها» وكلفت وزارة الصناعة والتجارة برئاستها ومتابعة كل ما يتعلق بهذه القضية) هي عبارة مقحمة وكأنما يراد منها تلميع اللجنة ونسبها إلى الحكومة حتى وإن فشلت! فليس في ذلك عيب! لكنني أريد التوضيح مستعينا بكلام سمو رئيس الوزراء، الذي أعلن بكل صراحة في زيارته للمحافظة الشمالية يوم الأربعاء 2 مايو /أيار الجاري، إذ شدد في حديثه على لقاء عقده سموه مع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية لمناقشة موضوع ارتفاع الأسعار وما يعانيه المواطن من غلاء المعيشة، فالمشكلة ليست مشكلة اجتماعات وإجراءات ونشر في الصحافة، بل مشكلة بلد بكاملها، والمواطن يريد أن يلمس تحسنا في الأسعار ولا يريد قراءة بيانات فهي لا تشبعه!

في الختام، أسأل: هل نكتفي بقراءة الأخبار التي تنشرها الوزارة عن اللجنة وإجراءاتها لنطمئن ونقول إن الأسعار مستقرة؟ أم نصدق معاناتنا اليومية وتلك السطوة الحامية في ارتفاع الأسعار، وخصوصا على مستوى السلع الأساسية، واستنزاف القدرة المالية لذوي الدخل المحدود؟ من نصدق يا ترى؟ والإجابة واضحة قطعا (لا يد للحكومة الموقرة فيها) بحسب الرد. قريبا، سنكون أمام حقائق مهمة ومعلومات كبيرة بشأن وضع الأسعار في السوق المحلية، وموقف الوزارة وغرفة الصناعة منها.

سعيد محمد سعيد

يهمكم الأمر قطعا

 

ليست هذه سوى رسائل قصيرة، لكنها قطعا تهمنا جميعا:

الأولى: للأخ حسن مشيمع

بعد أمر عاهل البلاد، تغير الأمر كثيرا لكنه اصبح أكبر ثقلا من ناحية تحمل المسئولية… موقفكما واضح للعيان، فمن حقكما، أنت والأخ عبدالهادي الخواجة، أن تحصلا على (ضمانات) يطمئن لها قلبيكما تنسيقا وتدقيقا وتوفيقا بين حقوق المواطنة وواجباتها على ما أظن ، لكن من حق المجتمع عليكما، وأنتما تصرحان بالتحرك السلمي واستمراريته، أن تحذرا الكثيرين، ممن لا يدري بعضهم ولا يعرف ما يجري، من همجية الفعل وسطوة الممارسة في طرقات قرانا التي تتحول بين ليلة وضحاها الى خربشات على جدران البيوت… لا فرق بين بيوت الله وبيوت الناس، ثم تشتعل حاويات القمامة والكوارتين وتتبعثر القاذورات في الشوارع وتجمع الأخشاب ومخلفات البناء في طريق خلق الله…

لستم أنتم من تريدون فتح الملفات المهمة وحدكم في هذه البلاد… نحن أيضا والكثير من أبناء البلاد نريد ذلك، لكننا – قطعا – لا نريد زمرة من الصبية تحركنا هنا وهناك لنهرب من الدخان والحاويات والخوف مما يمكن أن يكون اسطوانة غاز…

حسنا: ما الذي استفدناه من المناوشات المخفية التي تحدث داخل القرى سوى تضرر الأهالي أولا وأخيرا؟ اعتقد أن الوقت مناسب لكي يتم تحديد مسار «التحرك السلمي»؟

ثانيا: الحكومة ستوافق!

اذا لم تخني الذاكرة، فإن عدد موظفي الحكومة من ذوي الدرجات العمومية يصل الى 30 ألف موظف وموظفة، وهؤلاء اليوم، وأمس وغدا، ينامون ويستيقظون على أمل الحصول على الزيادة المعلنة من قبل مجلس الوزراء وهي 15 في المئة، واقول لكم: ستوافق الحكومة على الزيادة، فابشروا بالخير، فليس هذا القرار صادر عن ديوان الخدمة المدنية، أو مرتبط بتصريح نائب هنا أو هناك… أبدا، القيادة تريد ذلك، والفضل في ذلك لله، ثم لسمو رئيس الوزراء، لكن نرجو الإسراع في اقرارها باعتبار أن الفرحة التي ينتظرها الآلاف من الموظفين وأسرهم مدفوعة بالمصاعب المعيشية وغلاء الأسعار وكثرة الالتزامات المالية على هذا المواطن المتعب بالأقساط، والمسكون بالخوف على مستقبل أطفاله.

ثم، لسنا نتمنع من دعوة مجلس الوزراء، الى فتح ملف الترقيات، والنظر في قضية الموظفين الذين حرموا من الانتقال الى الدرجات العليا سواء كانت تخصصية أم عمومية، فيبدو أن ديوان الخدمة المدنية، يعمل بصمت… بصمت رهيب!

ثالثا: البحث عن «معجزة»

يا وزارة الصناعة والتجارة، هل تعتقدين أن المواطنين والمقيمين ينتظرون «معجزة» تخلصهم من موجة الأسعار النارية التي تشعل جيوب وقلوب الناس! أين أنتم؟ وأين لجانكم؟ وأين كلامكم وتصريحاتكم؟ اذا فشلتم في التوصل الى آليات تحمي المواطن من هذه الموجة الفتاكة من الغلاء، فلا بأس من أن تعترفوا؟ وتطالبوا بالعون من الحكومة لعلها تنقذكم وتنقذنا؟

سعيد محمد سعيد

في الانتظار… «فيلم الترقيات»

 

استكمالا للحديث في موضوع الموظفين الحكوميين الذين حرموا من الترقي إلى الدرجات التنفيذية أو إلى الدرجات العمومية أو التخصصية الأعلى، ولم يشملهم القرار الصادر عن سمو رئيس الوزراء بترفيع المستحقين، وهم مستحقون، فإن هناك الكثير من القصص التي يجب إيصالها إلى ديوان الخدمة المدنية.

لكن قبل سرد القصص، نسأل: «ما الذي يمكن للموظف أو الموظفة المستحق للترقية حينما يريد المطالبة بحقه؟»، وهنا، ستكون الإجابة من دون شك، أن تأتي الترقية عبر مديريه الذي بدوره يرفعها إلى إدارات شئون الموظفين ثم إلى ديوان الخدمة المدنية أو إلى الإدارة المختصة حين تكون جهة ما منفصلة عن ديوان الخدمة المدنية.

وهنا مربط الفرس كما يقولون! فتارة ترسل خطابات الترشيح للدرجات إلى ديوان الخدمة المدنية وتتعطل، وتارة لا تجد أيدي تستقبلها، وتارة تبقى في الحفظ والصون… داخل الأدراج! هنا، نسأل أيضا: «من الذي يمكنه تحريك موضوع هذا الموظف الذي يصبح مستحقا، ثم مطالبا، ثم مسكينا، ثم مقهورا، وبعد ذلك نصل إلى أن نصفه بخائب الأمل أو المتحطم أو اليائس! ويصبح من أعرق المشاركين في الفيلم التراجيدي البحريني «الترقيات»، وهو مزيج من النمط المأسوي (تراجيديا) والدراما الاجتماعية بشيء من الرعب.

ليس المجال للنكتة، بقدر ما هو مسئولية نجد من الضروري أن يتحدث عنها المسئولون في ديوان الخدمة المدنية بصوت مسموع… واذا كانت هناك أخطاء، فليست هناك جهة لا تخطئ، وهذه طبيعة البشر، أنهم خطاءون، ومن الممكن تصحيح أي خطأ يقع، لكن أن يتحدث الموظفون الذين لم يحصلوا على الترقيات، والذين تهافتت اتصالاتهم على «الوسط» مطالبين باستمرار طرح الموضوع لأن مسئوليهم يتلكأون تارة، ويماطلون تارة، ويقدمون الأسباب غير المقنعة الواحد تلو الآخر، فهذه من الأمور التي تسبب وستسبب مستقبلا في المزيد من الترهل في الأداء وضعفه، وستكون هي الأخرى واجهة لبطالة مقنعة.

ثم، وهذه إضافة يمكن احتسابها قراءة خاطئة إن شاء البعض، أن هناك من المسئولين من يعتقدون أن من حقهم التلاعب في قوانين وأنظمة الخدمة المدنية على هواهم وكيفهم، ذلك لأنهم لا يجدون من يجادلهم بالقانون من الموظفين خوفا على لقمة العيش طبعا.

أما الآن، هل تريدون سماع قصص الموظفين؟! لم لا، هي قصة واحدة مشتركة: كان يا ما كان، موظف وموظفة ينتظران الترقية على أحر من الجمر، جاءت لغيرهما وذهبت عنهما… يعني طارت الطيور بأرزاقها… ومرت الأيام والأيام والأيام، وهما لا يزالان في انتظار كلمة واحدة من ديوان الخدمة المدنية… جواب بس جواب!