سعيد محمد سعيد

ليست مجرد «مطرقة»

 

أثار موضوع يوم الخميس الماضي «مطرقة.. يا موظفات»، حفيظة الكثيرين من جهة، واعتراض البعض الآخر من جهة أخرى!

أول المعترضين كان عدد من المسئولين بوزارة العمل الذين غضبوا «بلطف» من ذكر اسم الوزارة ونسب قضية أحد المسئولين الذي تحرش بموظفة إلى وزارة العمل في حين أن الحادث وقع في وزارة أخرى! فالمسئول وموظفته يعملان لدى وزارة أخرى، ولابد من التنويه والتوضيح بأن وزارة العمل بريئة من هذه التهمة، لذلك وجب التنويه والاعتذار عن هذا الخطأ غير المقصود.

سيل التعقيبات والردود تركزت على مسألة التستر على المسئولين الذين يرتكبون مثل هذه الممارسات السيئة! فعلى رغم محدودية القصص التي تم إثرها تشكيل لجان، أو وصلت إلى القضاء، فإن هناك مشكلة تتجاوز موضوع الممارسات السيئة ومنها التحرش، إذ يشير القارئ «بو أحمد» إلى أنه يتوجب إنزال العقوبات على المسئولين الذين يتجاوزون حدودهم بالتحرش بموظفات – متزوجات أو غير متزوجات – لكن على الموظفة أن تدرك بأن التزامها وانضباطها سيمنع من دون جدال المسئول الذي تسول له نفسه من أن يفكر في التحرش، وقد يكون هناك البعض منهم ممن لا يهمه الالتزام أو غيره، ويعتقد، لأنه مسئول، أن كل ما في إدارته أو قسمه ملك شخصي له وربما لعائلته، فيتخذ من القرارات التنظيمية ما يشاء، ويفعل ما يشاء.

لم يكن الموضوع «مجرد مطرقة»! فبعض الأخوة القراء، يعيب استخدام الأسلوب الساخر في طرح قضايا مهمة كما يرى، لكن أود التأكيد أن طبيعة يوم الخميس، بالنسبة إلي على الأقل، تتطلب أسلوبا خفيفا في الكتابة، فليس للناس صبر وجلد على قراءة الثقيل من الكتابة كل يوم طيلة العام، ثم ان الكتابة الساخرة، أسلوب ليتني أمتلك المقدرة على إجادته، وعموما، كان للأخ القارئ «فؤاد»، وجهة نظر خاصة، وهي أن موضوع التحرش بالموظفات ظاهرة خطيرة تتوجب معالجتها بأسلوب جاد، لا بالأسلوب الساخر الذي يخرجها من مضمونها حتى تصل إلى أصحاب القرار، وبالنسبة إلى الأخ «فؤاد» أقول إن الأمر لم يصل إلى حد «ظاهرة»، ثم أن تناول الموضوع المهم – أيا كان الأسلوب – سيعتمد على مدى قدرة المتلقي على التجاوب معه… التجاوب هنا هو بيت القصيد.

على أية حال، تركزت بقية الردود على غياب المحاسبة، ومعاقبة المسئولين المخطئين، وذهب آخر إلى رفض الموضوع من أصله، وأنه ليس هناك من المسئولين من يفعل مثل هذا الفعل الفاحش في مجتمع إسلامي له تقاليده وعاداته وأخلاقه، ومن قائل إن المسئولين الأجانب هم أكثر من يفعل هذه الأفعال ويجب معاقبتهم بطردهم من الوظائف وإحلال البحرينيين مكانهم… لكن على أية حال، جميل أن يكون بيننا هذا التواصل، والأهم، أن تصل الرسالة من وراء القصد… والله من وراء القصد.

سعيد محمد سعيد

مطرقة… يا موظفات!

 

سيتوجب عليك، أختي الموظفة، يا من تعرضت أكثر من مرة لتحرش من جانب رئيسك، أن تتبعي الخطوات التي سنطلعك عليها هنا لكي تضمني حقك وتصوني عرضك، فالظاهر أن المسئول «سيئ الصيت وقليل الأدب»، عادة ما يلقى من يدافع عنه… سواء من جانب المسئولين الأعلى منه في العمل، أو من جانب جمعيات وجماعات، أو حتى من جانب الموظفين، من تعودوا على شهادة الزور خوفا على لقمة العيش.

أما الخطوات يا سيدتي فهي كالآتي:

– اختاري حقيبة يد تكون ذات سعة أكبر، فالحقائب الصغيرة لم تعد مناسبة للظروف والاحتمالات الطارئة.

– مع توفير الحقيبة المناسبة، اطلبي من زوجك أو أحد أشقائك أن يبتاع لك (مطرقة)، جيدة الصنع، قوية الرأس، شديدة البأس، لا يمكن أن يكون لها إحساس… أبدا.

– احتفظي بالمطرقة في الحقيبة وقت الدوام، وكلما وجدت المسئول إياه «يقترب من مكتبك، أو يطلبك في مكتبه»، احملي الحقيبة، وتخيلي دائما أنك تضعين اصبعك على زناد مسدس… وبكل إحكام لكي تنطلق الطلقة… مجرد تخيل، لكن الوضع يصلح للمطرقة أيضا.

– بمجرد أن تشعري بأن المسئول إياه بدأ في «سواد الوجه»، أعيدي تخيل الاصبع على زناد المسدس وتخيلي الطلقة في الرأس، ولكن واقعا، ادخلي يدك في حقيبتك واخرجي «المطرقة إياها»، وكما تخيلت الرصاصة في الرأس، دعي المطرقة تهوي على «جافوخه» مباشرة، مع فرق أن الرصاصة تقتل مباشرة، لكنك هنا، ستكونين حذرة لأن لا تكون الضربة «قاضية»… فقط، أسيلي من رأسه الدماء، ودعيه «يتعفرت» بعض الوقت الى أن تصل سيارة الإسعاف أو يذهب هو بنفسه إلى المستشفى.

– الخطوة الأخيرة، عليك أن تكوني شجاعة لأن تستخدمي عبارة: «دفاعا عن النفس والشرف»، حينما يسألونك: «ويش سويتين، بطيتين راس الرجال»؟!

شر البلية ما يضحك!

يبدو لي أن حادث الموظفة التي تحرش بها رئيسها بوزارة العمل، ليس هو الحادث الأول أو الأخير، وإنما خشيت كثير من الموظفات المساس بشرفهن إن تقدموا بالشكوى، لكن لابد من الشكوى، ولابد من فضح هؤلاء المسئولين إن ثبتت عليهم التهم، لكي تعاملهم الدولة معاملة من لم يحمل الأمانة الوطنية بصدق، وتبعده عن منصبه الذي لا يستحقه، ويتوجب على الموظفات المتعرضات للتحرش ألا يسكتن أبدا.

يا جماعة، مونيكا لوينيسكي، فضحت كلينتون، وهو رئيس الولايات المتحدة حينها، فضحته على مستوى العالم… فلماذا لا تفعلن، وما المانع، وخصوصا أننا في مجتمع يتحدث ويأكل ويشرب وينام ويتنفس… ديمقراطية؟!

سعيد محمد سعيد

حايرة… والشوق بين «عيونش»!

 

بالنسبة لي شخصيا، كان الأسبوع الماضي أسبوعا شديد الحرارة، وليست الحرارة هنا حرارة الطقس فحسب، بل هي حرارة الحوادث والمفاجآت والمواقف، فمن اختفاء الطفل بدر إلى فتنة شريعتمداري إلى حوادث خليج توبلي ومكتشفاته النادرة من مخططات للبيع إلى نتائج «الحكم الصالح» وغيرها الكثير قد لا أتذكر جزئياته، وصولا إلى سيارة تقف أمامنا مباشرة – أنا وزميل لي – عند إشارة ضوئية، ليضحك زميلي فجأة ويشير إلى الزجاج الخلفي فأصاب أنا أيضا بحال من الضحك عندما قرأنا على زجاج السيارة عبارة أغنية مشهورة لمطرب عراقي مشهور لكنه كتبها باللهجة القروية البحرينية :«حايرة… والشوق بين عيونش».

يبدو أن ما يكتب على زجاج السيارات، وعلى رغم أنني لست من مؤيديه بسبب ما يثيره أحيانا من نعرات طائفية – يبدو أنه يزيل في بعض الأحيان احتقانا يرتفع من الأقدام إلى الرأس مرورا بالبلاعيم، ولأن زميلي أكمل دندنته مع الأغنية التي كان يحفظها عن ظهر قلب :« حايرة والشوق بين عيونش… خايفة تحبين ويلومونش…» لكن تغير ليغير معه كلمات الأغنية ويمثل أدوار الفنان الكوميدي علي مهنا حينما أكمل :«واقفة بوسط الدرب وأنا موداري.. ويش سوينه لك يا شريعتمداري.. خبصتنا.. خبصتنا والله خبصة… ترى والله أكيد ترى راسك بنقصه ».

في اعتقادي لو أننا تحولنا إلى استراحة فكاهية في نقاشاتنا الحامية اليومية اللامنتهية في هذا المجتمع الصغير المليء بالملفات الخطيرة والحساسة، لتمكنا من إزالة الكثير من الاحتقان، لكن المشكلة الكبرى التي أصبحت لصيقة بشعب البحرين هي أنه أثناء الحوار، أو قل ما يسمى بالحوار، يكره كل طرف الآخر! في الندوات والمحاضرات والنقاشات والحلقات الحوارية، تعودنا على سماع الكلمات الجاهزة الترحيبية والوصفية والعرفانية في الطرف الآخر واحترام الطرف الآخر وتقديرنا للطرف الآخر، لكن ما أن يبدأ الحوار حتى تكتشف صراحة، أن كل ما قيل عبارة عن كذب في كذب، فلا هذا يحترم ذاك والعكس صحيح.

(مو بس في الزرايب).. هذه مقولة زميل آخر حين يصف حوار البهائم، فبالنسبة له، لا يختلف الوضع، أثناء النقاش بين بني البشر والذي يتحول إلى حال من النزاع والفوضى والتشكيك وارتفاع الأصوات، فهذه الحال، لا تحدث فقط في مجتمع البهائم والحظائر، بل تحدث بين بعض أصناف البشر.

تلطيف الحوار، وتصفية القلوب لا يعني اطلاقا تحويل أي نقاش جاد إلى هزل… على العكس من ذلك، نتمنى أن تكون نقاشاتنا بقلوب صافية مرتاحة غير محتقنة، إذا أردنا أن تكون للنقاش فائدة.

سعيد محمد سعيد

تعلموا من أهل سترة

 

دعوا شريعتمداري ومن لف لفه، واتجهوا مباشرة صوب سترة. قد أكون غير منصف إن ذكرت أهل سترة تحديدا وتجاهلت أهل البحرين قاطبة من المحرق حتى الزلاق، ولكن الحال واحد. فما حدث في سترة، ليس درسا لشريعتمداري أو أقطاب التوسع والنفوذ أينما كانوا، بل درس لنا، وهو درس للصحافة والإعلام البحريني الذي له «نفرة» ما مثلها «نفرة»، لكنها في الغالب، تلعب على العواطف والمواقف، وتستحث الهمم والشمم، لكنها تبعد أيما بعد عن الاستدلال المنطقي وتشكيل موقف «الحدث» المبني على المعلومات والحقائق والمواقف الوطنية الصادقة، لا المواقف اللامعة على صفحات الصحف، فالافتراءات التي تصدر من بعض المسئولين والكتاب الإيرانيين بين الحين والحين بشأن تبعية بلادنا إليهم، ليست جديدة، ولعلها تشبه إلى حد بعيد (عشم إبليس في الجنة).

عودوا الى سترة… نحن الآن في العام 1970، وهذه الذكريات يسوقها سمو رئيس الوزراء في عزاء المغفور له بإذن الله تعالى والد الجميع العلامة الشيخ عبدالأمير الجمري، حين قال سموه نصا نقلته «الوسط»: «أتذكر حاجا ضريرا اسمه «رضي» جاء من سترة في العام 1970 ليلتقي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة – حينها – فيتوريو وينسبير جويشاردي، الذي جاء للتعرف إلى آراء شعب البحرين – فيما يتعلق بمستقبله وسيادته وتبعيته إلى البحرين لا إلى إيران – وأدلى الحاج رضي برأيه لصالح استقلال البحرين بالشكل الذي حصل، وهذا يؤكد أن كل البحرينيين وقفوا مع بعضهم بعضا وحققوا الإنجازات بصورة مشتركة».

نموذج المرحوم الحاج ملا رضي محمد آل طوق الذي ذكره سمو رئيس الوزراء، هو نموذج لكل البحرينيين الشرفاء المخلصين على اختلاف طوائفهم ومشاربهم، ففي الثامن والعشرين من مارس/ آذار من العام 1970، صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة بيان رسمي بصدد مهمة ممثله الشخصي في البحرين، هذا نصه: «نتيجة للمباحثات التي تمت بين المندوب الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة والأمين العام، بشأن ممارسة الأخير مساعيه الحميدة في الخلاف بين بريطانيا وإيران والبحرين، تقدم في 9 مارس من العام 1970، المندوب الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة طالبا من الأمين العام، أن يمارس مساعيه الحميدة لحل الخلاف بين إيران وبريطانيا بطريقة تضمن التحقق من الرغبات الحقيقية لشعب البحرين، فيما يتعلق بمستقبل الجزر وذلك بتعيين ممثل شخصي لإنجاز هذه المهمة»، فكان الصوت البحريني… بحرينيا فحسب.

أما حسين شريعتمداري ومروجو العبارة المضحكة «بحرين مال مو»، فلن يكون في مقدورهم البوح بالكثير.

سعيد محمد سعيد

ألف دينار… عيش يا عمي!

 

ذات مرة، سنحت لي فرصة سانحة ذهبية ثمينة، أن أطلع على رواتب عدد من الموظفين (غير البحرينيين) في بعض القطاعات، وفي وظائف (أبصم بالعشرين) على أن المئات من الكوادر البحرينية قادرة على أداء مهماتها بسهولة ويسر، ويمتلكون الخبرة العملية والمؤهل العلمي لتبوئها بجدارة، فشعرت بحال من الغضب لم تهدأ الا عندما طيبت النفس بالقول: «يارزاق»!

ففي مؤسسة إعلامية، يتقاضى أحد الإخوة العرب راتبا أساسيا يصل الى ثلاثة آلاف دينار، مضاف اليها بعض الامتيازات والبدلات التي تضيف الى الراتب مبلغا يصل الى 600 دينار، وعندما فشل ذلك الخبير في ادارة المؤسسة على مدى عامين كاملين، جاء دور (بحريني) ليتم ترشيحه بالإجماع لكفاءته وقدرته على إدارة المؤسسة بأفكار مبدعة، لكن المشكلة الوحيدة التي جعلته يرفض بقوة ذلك العرض، هو أن الراتب الذي سيتقاضاه لا يشبه اطلاقا راتب سلفه، فهو راتب قدره 750 دينارا فقط لا غير!

مؤسسة أخرى، أكاديمية هذه المرة، يبلغ أجر مدير العلاقات العامة الأجنبي فيها نحو 4 آلاف دينار، الأخ لا يداوم أكثر من خمس ساعات في اليوم، ويسافر كل ثلاثة أسابيع على (ظهر) المؤسسة ويتعلم أولاده على حساب المؤسسة، ومع ذلك، ضحكت له الدنيا (مسكين) بعرض مغر في دولة خليجية مجاورة براتب يصل الى 6 آلاف دينار، ولم يكن من المعقول أن تبق المؤسسة من دون مدير علاقات عامة، وهناك شاب بحريني قادر على تبوء المنصب وبراتب مغر أيضا يبلغ 1150 دينارا فقط لا غير.

والسؤال المحير هو: لماذا يستحق غير البحريني كل تلك الرواتب الضخمة والامتيازات الرائعة، ويحرم منها البحريني المؤهل؟ ولا أدري لماذا لا يأتي دور البحريني الا بعد أن يفشل الأجنبي (ولد الباليوزة)؟

لو قدر لك أن تختار عينة عشوائية من الموظفين والموظفات البحرينيات وتقدم لهم عرضا وظيفيا براتب ألف دينار، ستجد أولئك الناس وقد احولت عيونهم ودار رأسهم وارتجفت اوصالهم وسال لعابهم فقط لراتب ألف دينار! وربما لم يتمكنوا من النوم بمجرد سماع ذلك العرض، بل وستجدهم في حال من التهجد والعبادة وتوزيع الحلويات وعقد النذور للنعمة التي نزلت عليهم، وستجدهم يقضون كل أيامهم في العمل المضني الذي لا راحة فيها حفاظا على راتب الألف دينار. فما بالك اذا تجاوز الراتب أكثر من ذلك؟

شاب بحريني، طبيب استشاري مبدع، لم يصدق الخبر الذي نزل عليه كالصاعقة حينما حصل على عقد عمل في أحد المستشفيات الخليجية براتب 5 آلاف دينار، ولم يضيع دقيقة واحدة في تقديم استقالته وتجهيز حقائبه والسفر طلبا للرزق تاركا هما ثقيلا في وظيفة استشاري لا يتجاوز راتبها 1150 دينارا.

باختصار، شهدت السنوات الماضية هجرة لطاقات بحرينية خلاقة لم تجد الفرصة للعيش براحة نتيجة ظروف العمل السيئة والراتب الهزيل، ولكن السؤال: هل نرخص كفاءات بحرينية ونودعها لتهاجر من دون أسف، ونحن في أمس الحاجة اليها؟

الجواب قد يكون لدى من يصرف الكثير الكثير على غير البحريني، ويستكثر على ولد البلد الذي سهر وتعب مجرد راتب خيالي اسمه «ألف دينار».. عيش يا عمي والرزق على الله.

سعيد محمد سعيد

فديتك يا (بو صفعة)!

 

كانت الصفعة يوم أمس شاهرة ظاهرة، بل أشهر من نار على علم! فما إن أصبح الناس الصباح وقرأوا الصحف حتى ثارت ثائرة بعضهم… ورقص البعض الآخر تشفيا وتسفيها وتكفيرا… وانتفخت أوداج بعض ثالث، وزعل نفر هنا، واستاء نفر هناك بسبب تلك القصة التي تناقلتها الألسن عندما اقترب أحد علماء الدين من امرأة وهي تتجول في مكتبة بالقرب من منطقة جدحفص وسألها مباشرة (حار بحار) عما اذا كانت مطلقة أم لا ليتزوجها زواجا منقطعا؟! فما كان منها الا أن «صفعته» صفعة فلملم بشته وولى هاربا.

البعض استهزأ بالفعلة، والبعض استهزأ بالخبر نفسه، والبعض الآخر حول القضية إلى سجال طائفي، فيما كان بعض الناس على أهبة الاستعداد لإضافة المزيد إلى القصة، ففصل واحد لا يكفي، ونخشى أن يختفي البطل من بداية القصة إلى نهايتها.

سألني بعض الناس ما رأيك في الخبر؟ ولم أجب مباشرة، لأنني أردت أن أقول إن الكثير من الناس في المجتمع يصدقون أي شيء وكل شيء يكتب في الصحف، وبعضهم لا يريد أن يستخدم عقله حتى في الاستدلال المنطقي لما يقرأ، وهذا لا يعني أن كل ما يكتب خطأ، ولكن للاستدلال والتحليل المنطقي لما بين السطور ما هو أهم، ثم أن كل لون من ألوان الكتابة الخبرية يتطلب مصدرا، وإن كان مغيبا حفاظا على حقوقه… والأهم من ذلك، هناك قراءة ما قبل النشر، التي تعطي أية صحيفة مكانة لأنها توقعت النتائج فأوقفت نشر هذا الخبر أم ذاك.

المهم، أن القصة أثارت فرصة للنقاش! لكنني وجدت مدخل القصة في «احترام الإنسان لنفسه» سواء كان عالم دين أو صبيا في مزرعة! المدخل هو أن رجلا بريطانيا من مدينة تشيلسي حوكم قضائيا بغرامة ومراقبة (سلوك) لمدة عام، لأنه كان يجلس في القطار واضعا على أذنيه سماعات الموسيقى و(رافعا رجليه) على الكرسي الذي أمامه… يعني اعتبروه الجماعة هناك «قليل أدب»! ووصل به الأمر إلى المحاكمة.

أما بعض مدعي التدين والالتزام والانضباط والعلم في مجتمعاتنا، فما أكثر أخطاءهم الفادحة! ومع ذلك نحن أمام أمرين مهمين: الأول هو التبين والتأكد مما يردنا من معلومات وأنباء وأخبار بعقل متفتح، أما الأمر الثاني، فرحم الله والديكم، اخلعوا رداء التدين والقدسية اذا كان الدين بالنسبة إليكم فقط: متعة -مسيار – عرفي – اكرنبج – بطيخ و… كراهية تسقم البدن!

سعيد محمد سعيد

أنت سني… لو شيعي؟!

 

ربما كان بعض الصالحين المخلصين من أبناء هذه البلاد الطيبة يعتقدون فيما مضى من السنين، وخصوصا في الثمانينات أو التسعينات أو ربما في الألفية الجديدة… كانوا يعتقدون أن الطائفية والسؤال عن مذهب المرء أثناء تقدمه للعمل في سلك العسكرية، وتصنيف الناس وفقا للإنتماء الطائفي ستختفي في المقبل من السنوات، إذ العقول ستكبر، والوعي سيزداد، والعداوة ستنتهي… و… و… !

لكنهم – يا حبة عيني – ما كانوا يدرون بأن الأمور ستزداد سوءا، لأن تلك القلوب الصالحة المخلصة التي راودتها الفكرة، كانت صافية طيبة، وبعد ذلك، ازداد توزيع القلوب السيئة بملايين النسخ، وليس هناك من فكرة مفجعة أكثر من أن عباد الله، يعلمون أن التقوى هي مقياس القرب إلى الله تعالى، لكنهم، مع ذلك، يجدون الفعل الطائفي والممارسة الطائفية والتكفيرية والتفتيتية هي أقوم وأفضل من التقوى… وأن الانصياع لتوصيات مؤتمرات الخداع والفتنة من تحت الطاولات وفوقها هي أدسم وأوجب أن تتبع.

والآن… هل أنت سني أم شيعي؟

صحيح، لن يصل الأمر إلى أن يسألني الطبيب قبل أن يعالجني هذا السؤال، ولن أجد نفسي مضطرا إلى أن أجيب على سؤال مماثل إذا ذهبت لشراء «النخي والباجلة»، ولن أتورط في استجواب مباشر من جانب شخص يجلس بجانبي في السينما يسألني ويسألك عن مذهبنا، ولربما كانت المصيبة الكبرى هي أن أجد نفسي مرغما على إشهار مذهبي حين يدفعني العطش إلى دكان بقالة لشراء الماء، فلا يبيعني البائع قنينة ماء إلا بعد أن يتعرف على مذهبي… فإن كان مني وأنا منه باعني، وإن لم أكن كذلك اشتراني، وفي كلتا الحالتين، سيبيع ويشتري في الناس!

بالمناسبة، عاش اثنان من الزملاء أسبوعا كاملا في جو جميل أثناء حضورهما دورة تدريبية في إحدى الدول العربية… أحدهما من البحرين والآخر من المملكة العربية السعودية… أبلغني الأول أن الأمور سارت على ما يرام من أول يوم تعرفنا فيه مع بداية الدورة حتى اليوم قبل الأخير، عندما مدحني وشكر الله على هذه الصداقة، لكنه أقسم علي أن أجيب على سؤال واحد: «هل أنا سني أم شيعي»؟!

يا إخواني، لن أوجه خطابا من نوع الخطاب المعتاد الممل بشأن مكافحة الطائفية والدعوة إلى تقريب القلوب والنفوس، أو الحذر من مؤامرات الأعداء… لن أتحدث في هذا الموضوع، ولكنني أحذركم، وأولكم نفسي الجانية: لا تهملوا الراديتر أو تتركوا الإطار الاحتياطي معطوبا، ولا تنسوا غاز تبريد السيارة في هذا الصيف والأصياف المقبلة… فلربما وجدت نفسك ترتجف أمام الميكانيكي الذي يلوح بالـ «بيب سبانه» في وجهك وهو يصرخ: هل أنت سني أم شيعي… قل، ثكلتك أمك؟

سعيد محمد سعيد

لمن يعرف حق والديه!

 

من أفضل ما وردني من رسائل الكترونية، هذه الرسالة القادمة في الأسطر الآتية، التي ربما كشفت لنا جوانب مظلمة، فأضاءت ولمعت في عقولنا وارتاحت لها قلوبنا من البلاء الذي نعيش فيه ليل نهار في هذا المجتمع… لا ريب عندي في أنها هي السبب وراء جفائنا وطائفيتنا، غرورنا وكبريائنا المزيف، كذبنا وخداعنا، سوء حالنا الذي يزداد يوما بعد يوم:

جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي (ع) فقال: إني أجد في رزقي ضيقا، فقال له (ع): لعلك تكتب بقلم معقود؟ فقال: لا! قال (ع): لعلك تمشط بمشط مكسور؟ فقال: لا! قال (ع): لعلك تمشي أمام من هو أكبر منك سنا؟ فقال: لا! قال (ع): لعلك تنام بعد الفجر؟ فقال: لا! قال (ع): لعلك تركت الدعاء للوالدين؟… قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال (ع): فاذكرهما فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: ترك الدعاء للوالدين يقطع الرزق.

هل هناك وقت، ولو لمدة دقيقة واحدة نفكر فيها ونتأمل نوعية حياتنا! نجري جريا وقد لا نفلح… بل ولا نفلح في كثير من الأحيان، فيما نمتلك كنوزا من التعاليم الدينية تسهل علينا الطريق… ما رأيكم لو خصصنا هذا اليوم للدعاء للوالدين… فاليوم الخميس الأنيس، والليلة هي ليلة الجمعة المباركة، فنسأل الله لنا التوفيق جميعا:

«اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، ندعوك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، أن تبسط على والديّ من بركاتك ورحمتك ورزقك، اللهم ألبسهما العافية حتى يهنئا بالمعيشة، واختم لهما بالمغفرة حتى لا تضرهما الذنوب… اللهم اكفهما كل هول دون الجنة حتى تُبَلِّغْهما إياها… برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اعنا على الإحسان إليهما في كبرهما… اللهم وارضهما علينا… اللهم ولا تتوفاهما إلا وهما راضيان عنا تمام الرضا، اللهم وأعنا على خدمتهما كما ينبغي لهما علينا… اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما.

سعيد محمد سعيد

«بيان… تاريخي»

 

نحن الموقعين أدناه، راعنا ما يحدث لأهل السنة والجماعة في كل بقاع الدنيا، وما يحل على الشيعة الجعفرية من مصائب أينما حلوا، وما يعانيه الأباضية والأشاعرة والزيدية والصوفية وما نعرف وما لا نعرف من طوائف ومذاهب، من هم وغم وويل طفح معه الكيل، وما يجري على بني البشر في شمال الكرة الأرضية وجنوبها وشرقها وغربها من بلاء عظيم، وضياع حقوق الإنسان والحيوان على حد سواء.

وساءنا تدمير الغابات وسرقة البحار والساحات، والمتاجرة بالإرهاب برخص الكباب، وأحزننا إهمال ثقب الأوزون في الوقت الذي تزداد فيه مخاطر الاحتباس الحراري، وزادنا ضجرا ما يتعرض له تراث البشرية من انتهاك، فلا سور الصين العظيم يجد من يجري له صيانة وصباغة، ولا حدائق بابل المعلقة تجد من ينزلها إلى الأرض، ولا أهرامات الجيزة وتمثال أبي الهول تجد من يرعاها بالجبس والإسمنت…

نحن الموقعين أدناه، إذ ننظر ما ننظر ونعيش ما نعيش، لا يمكننا أبدا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام سقوط كل قيم الأخوة الإنسانية، وعطاء الأمة الإسلامية، ونحن أهل البحرين الذين عرف عنا رفضنا للحقد والمؤامرات الطائفية والبيانات الخفية، نعلن رفضنا التام وموقفنا العام، لكل موقف تفوح منه روائح الكراهية والتفتيت وشق العصا وتفريق الجماعة لمآرب ومقاصد مدفوعة بإسقاطات من العراق، وهرطقات من إيران، وهمهمات من لبنان، وإشارات من التاميل وصعدة والشيشان… فعلاوة على كل ما ساءنا ويسوءنا، ندعو إلى حماية البحرين وأهل البحرين، وحب البحرين وأهل البحرين، والرفق بالبحرين وأهل البحرين:

جمعية الراية البحرينية (لا سنية ولا شيعية)، مركز الحنينية لنشر المحبة والإخاء، بيت البحرين لأهل البحرين، هيئة سترة والرفاع والمحرق ودار كليب لمحاربة الطائفية، المصب العظيم لعطاء البحرين الكريم، اللجنة البحرينية للولاء والإنتماء، فرقة غلوم الصفوي وعبود البحريني لأغاني الفتنة، مؤسسة «ستار أكاديمي» لرعاية نجوم البحرين المخلصين، «كله من الزمن» لإغاثة المنكوبين، «كله بثمن» لمكافحة الفساد والسلوك الرخيص، جمعية «لا تلعب بالنار» الإرشادية، مؤسسة مكي وحمانيه لصيانة النفوس الآيلة إلى السقوط، اتحاد شباب البحرين الخائف من المستقبل، التجمع الفنتاسي للمذاهب والملل والكشف عن الخلل، هيئة «رحنا ملح» للخدمات العاجلة، المركز الوطواطي لكشف أصحاب الفكر الواطي.

سائلين المولى العلي القدير أن يمدنا بالصدق والإخلاص والإدراك ويجنبنا الوقوع في حفر الهلاك.

سعيد محمد سعيد

التكفيري… ذات يوم!

 

«لنبحث عن علماء آخرين… ولنكفر البعض الآخر»…

سأعود معك عزيزي القارئ إلى يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول 2007 حين كتبت عمودا عنوانه «التكفيري»، نقلت فيه قول محدثنا التكفيري (الصريح جدا)، أنه في ذات الله وفي سبيل الله ومن أجل كلمة الحق لا تأخذه في الله لومة لائم… هذا الرجل (التائب) كما يقول هو عن نفسه، لا يألو جهدا في مخاطبة الكتاب والصحافيين والإعلاميين والنشطاء حال قراءته موضوع يرى أنه يملك فيه رأيا.

واليوم، أجدني متعمدا أعيد الحديث في الموضوع نفسه.. لا لغاية في نفس يعقوب، وإنما بصراحة، لأن الشيخ عادل المعاودة، لا يمكن إلا أن يكون واحدا أساسيا من أفراد البيت البحريني… أيا كان المذهب.

آنذاك، في ديسمبر 2007، أشار محدثي التكفيري إلى أن «المنهج التكفيري» بحاجة إلى معالجة جذرية، فقد تحول هذا التيار إلى مرحلة جديدة وهي تكفير الدولة، وخصوصا منذ مطلع عقد التسعينات عند دخول القوات الأميركية إلى دول الخليج واتهام ولاة الأمر بالعمالة، بعد ذلك أصدرت لجنة عليا للإفتاء في إحدى دول الخليج فتوى تجيز دخول القوات الأميركية، لكن حصل أن نشط ذلك التيار في إسقاط العلماء، إذ كانت البداية بإسقاط اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء، ونعني بالإسقاط هو «إسقاط المهابة» عنهم بحيث يقل احترامهم بين الناس، وبدأت الأوصاف السيئة تنهال على هيئة كبار العلماء بأنهم لا يفقهون الواقع وينبغي علينا (أن نبحث عن علماء آخرين غير هؤلاء العلماء)!

يرى محدثنا أنه للتصدي لهذا التيار يجب أن نركز على الشباب وصغار السن ونوعيهم بخطر هذه التيارات ومدى خطورة الإندفاع نحوها، ويجب أن نتابع متابعة دقيقة الكتب والأشرطة في الأسواق، كما يجب أن يتفق علماء المسلمين وخطباؤهم من كل الطوائف على السير في الطريق الصواب، لا النزاع والتفرق والتشرذم وتجزيء الأمة إلى طوائف!

وبودي أن أقول للمسئولين بوزارات الشئون الإسلامية في الخليج – والكلام لصاحبنا – احرصوا على انتقاء الدعاة المميزين، أصحاب المناهج السليمة، والتنسيق مع الأجهزة الإعلامية لاستضافة أولئك الدعاة والمشايخ، لتوضح المعتقدات الصحيحة المعتدلة من كل مذهب، من باب حرية ممارسة المعتقدات والشعائر.

حتى الآن، هو يرى أن علماء الأمة ومثقفيها لا يعملون بجد لتنوير المجتمع وللتصدي لمثل هذه الأفكار، لاسيما بعد أن تعرض عدد من الكتاب والمثقفين والمفكرين لمثل هذه الموجة من الإرهاب، وتعرض بعضهم للاغتيال في بعض الدول، ويبدو له أن هذا ما جعل علماء الأمة ومشايخها في سكوت غريب مريب… أليس بينهم عالم عامل شجاع؟!