سعيد محمد سعيد

من سجلات جامعة «خليجية»

 

بعيدا عن الجدل الدائر في الوقت الراهن بشأن موقف دولة الكويت الشقيقة من بعض الجامعات الخاصة في البحرين، واقترابا من نماذج الإصرار على تخطي أعتى العواصف التي تمر بها أية مؤسسة أكاديمية في العالم، سنحت الفرصة لزيارة جامعة الخليج العربي في أمسية رمضانية شملت لقاء بين رئيسة الجامعة وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية بها، وكذلك مجموعة من طلبتها وعدد من المدعوين من كبار الضيوف الذين كانت لهم مواقف مشرفة في مساندة هذه الجامعة في أحلك الظروف التي مرت بها، لكن الملاحظة الأكثر إثارة للدهشة والاستغراب، أن رئيسة الجامعة رفيعة عبيد غباش، تمكنت من تحقيق نقلة، كما يقول أساتذة الجامعة وإداريوها وطلبتها، وعلى رغم قوة تلك النقلة لكنها تمت في صمت.

كيف هو الصمت؟ ولماذا الصمت؟

لا يمكن أن يفهم الصمت على أنه حال من الركود والغياب والعزوف عن ديناميكية التجدد العملي، بل هو صمت يصفه أحد الأساتذة بكلمة «القناعة» في أن تنتقل الجامعة من درجة الى درجة أعلى من دون ضجيج إعلامي أو بهرجة خطابية أو ما شابه. وربما اعتبرت أنا، وربما غيري، هذا الكلام من قبيل المديح «النفاقي» أو من باب «مسكة باليس» كما يحلو للكثيرين استخدامها شعبيا لوصف كلام من يكيل المديح! غير أن الأمر اختلف تماما حينما قدم طالب أحد الطلبة وهو أحمد درويش شهادة تجربته في عدد من الجامعات التي واصل فيها دراسته، وهو بالمناسبة يثير الدهشة في إصراره على استكشاف الجامعات، في أوروبا واستراليا وكذلك الصين! ليعبر عن تمثيل حقيقي لمستوى طلبة الجامعة حينما ينقل شهادة طلبة وأساتذة و «بروفيسورية» الجامعات هناك بأن جامعة الخليج العربي، تلك التجربة الخليجية الوحيدة التي نجحت، لها مكانتها العلمية والأكاديمية وكذلك سمعتها التي بلغت الآفاق.

في الحقيقة، لا يسع مثلي، وهناك أيضا غيري من الناس، إلا الشعور بالغبطة لإنجازات هذه الجامعة وإصرارها على المضي قدما وتجاوز صفحة الأزمة المالية التي عصفت بها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، وتكالب القريب والغريب على إجهاض التجربة! حتى أن الكثيرين توقعوا أن يغلق الفصل الأخير من حياة الجامعة بتعيين رفيعة غباش خلفا لعبدالله مبارك الرفاعي، ‘ذ كانت ستحمل – بلا شفقة – تركة ثقيلة، ثقيلة جدا.

لكن الجامعة لم تمت يا هذا! لقد دبت فيها الحياة من جديد ليعود إليها شبابها الدائم… بعطائها العلمي… إذا، ليس جميلا أن ننكر الجميل، ولا نقول، كما قالت إدارة الجامعة، لكل من ساند هذا الصرح، شكرا جزيلا، سيبقى الأمل في أن يحصل أولاد البلد على فرصة للدراسة في جامعة تحتضنهم ويحتضنونها.

سعيد محمد سعيد

مبروك… عمك أصمخ!

 

لو تحدثنا مع بعضنا بعضا بصراحة «عابرة»… أي بمستوى من الصراحة الذي لا يمكن أن تكون صراحة حقيقية إن جاز لنا التعبير… لو تحدثنا بتلك الصورة، لوجدنا أنفسنا نهاجم بعضنا الآخر بسبب الاكتشافات المهولة التي نعلم بها في قرارة أنفسنا لكننا لا نظهرها، وطامتنا الكبرى في هذه البلد، أن الشعارات تتقدم وتتسيد وتتصدر كل شاردة وواردة، لكن إن جئت للعمل الحقيقي، فعمك أصمخ يا سيدي، ومبروك علينا هذه النعمة.

كل ما حولنا أصبح يسير وفقا لشعارات المرحلة، وشعارات النائب، وشعارات العضو البلدي، وشعارات المؤسسة الدينية وشعارات الموالين وشعارات المعارضين، وربما ظهرت موجة جديدة من شعارات المجنسين، وأخرى من الباحثين عن المجد والصمود والرفعة بلا «وطنية حقيقية» ولا يحزنون، لكن ما يحزننا حقا، أنه أمام الحقائق، ندير رؤوسنا ونخفيها في التراب!

وبمناسبة إخفاء الرؤوس في التراب، ومن باب الترفيه عن أنفسنا مع قرائنا الأعزاء، أود التنويه إلى معلومة، وأعتقد أن الكثيرين علموا بها، وهي أن مجموعة من علماء الحيوان نفوا أن تكون النعامة، خلاف ما عرفه الناس عنها، تخفي رأسها في الرمال حينما تواجه خطرا.

المدهش في الأمر، أن علماء السلوك راقبوا النعامة جيدا… أخافوها بالسلاح فلم تستجب لهم… هددوها بالقتل وإهدار الدم، فلم تخف! وضعوها في القائمة السوداء… منعوا عنها رزقها ورزق عيالها… أرضخوها لقوانين أمن الدولة… أرهبوها بالتسفير… رغبوها في المناصب… كل هذه الأمور لم تمكن العلماء من إثبات حقيقة أنها تدفن رأسها في الرمال إطلاقا، بل حتى عندما ثبت بالدليل القاطع أنها متورطة في قضايا فساد مالي وأخلاقي، لم تدفن رأسها في الرمال، بل هي كالصخرة!

فعلماء الحيوان يقولون إن النعامة لا تدفن رأسها في الرمال، بل منحها الله القدرة على الجلوس وإخفاء قدميها ثم ضم رأسها تحت جناحها لتصبح لمن يراها من بعيد وكأنها صخرة، لكي تتقي الخطر وتنجو.

في ظني أن تلك القصة القصيرة المقحمة إقحاما، كافية لنفهم السلوك «الزوبعي» الذي يتمتع به الكثيرون في بلادنا! حتى أصبح الظاهر من العمل والمقصود من الفعل هو الكيد والتآمر! ومع شديد الأسف، فإن الكثير من الأسئلة النيابية ولجان التحقيق، والكثير من المنتديات والمحاضرات والملتقيات، بدت وكأنها جزء من كيد خفي، ليس من ورائه تحقيق المصلحة العليا للوطن ولا الأمر يدخل في إطار الحركة المطلبية ولا يحزنون.

الطامة الكبرى، وخصوصا بالنسبة إلى النواب، هي أن الآلاف من الناس المخدوعين اكتشفوا الآن أنهم خدعوا، والويل لمن خدعهم

سعيد محمد سعيد

حراس المدارس… المحبطون!

 

وردت تعقيبات واتصالات كثيرة من قبل حراس المدارس على العمود المعنون بـ «حراس المدارس… الحلقة المفقودة»، بيد أن نقطة الارتكاز التي اتفقت عليها الردود هي الآمال المعقودة على مسئولي الوزارة في النظر بشكل جدي في «الأزمة القائمة والمستمرة» بين الحراس وإدارتهم!

ونستعرض هنا بعض التعقيبات التي يلزم إيصالها إلى المسئولين في الوزارة، وخصوصا أننا نستبشر خيرا بتواصلهم معنا، فأحد الحراس يقول معقبا: «أتمنى أن تصل الرسالة إلى وزير التربية والتعليم فيما يخص حراس المدارس، نعم… لقد وصلت درجات الإحباط والحال النفسية السيئة للحراس من قرار التدوير المستمر (كعب داير) لفقدان الاستقرار الوظيفي والمعاملة السيئة للحراس. وحقيقة الأمر في تطفيش الحراس ترتكز على غياب تنظيم هذا القطاع على أسس إدارية سليمة، وايجاد قنوات اتصال بين الحراس والإدارة، لكننا نتمنى تدخل الوزير لإنهاء هذا الوضع السيئ».

ويذهب حارس آخر إلى القول إنه أحد الحراس الذين واكبوا بداية التجربة منذ صدور توجيهات سمو رئيس الوزراء لحل مشكلة العاطلين وإعطاء الفرصة للبحريني لإثبات وجوده في هذا المجال… لن أتكلم عن السابق فتلك حقبة ذهبت وذهب معها ماضيها، ولكنني أريد القول إن تجربة التدوير، هي في حقيقتها تعطيل للجهاز! ظهرت آثارها في صورة نفسية سيئة، وليست كثرة الإجازات من الحراس تعود إلى حاجتهم إلى الإجازة، بل بسبب سوء الحال النفسية.

وهناك آراء مضادة، فهذا حارس يقول إنه منذ بدء تجربة التدوير والجهاز يعيش حال اضطراب، ويوجه خطابه إلى زملائه الحراس بالقول: «انتبهوا إلى أنفسكم وإلى أرزاقكم واحمدوا ربكم»، وينتقد تصرفات بعض الحراس في تجميع «الربع» في المدرسة، وهذا لا يشمل كل الحراس طبعا، كما ينتقد أيضا إهمال بعض الحراس مستشهدا بحادث سرقة أربعة مكيفات في ليلة واحدة، وفي الليلة التالية تتعرض أنابيب الحمامات للسرقة، فأين الحارس؟

ومن بين الردود، ما كتبه أحد الحراس مشيرا إلى أن هناك مشكلة جديدة تتعلق بالإجازات السنوية لما مجموعه 12 حارسا، من طلب منهم أن تكون مدة الإجازة شهرا كاملا من دون نقصان أو زيادة.

على أية حال، وعلى رغم كثرة الردود، فإن إجماع العدد الأكبر من الحراس على سوء الحال النفسية، والتذمر المستمر والتخبط الذي يعيشه جهاز حراسة المدارس، يستدعي أن تكون هناك حلول يبادر بتقديمها المسئولون قبل الحراس، ولا نعتقد أبدا أن هناك مشكلة في إيجاد الوسائل التي تمكن المسئولين والممثلين عن الحراس من وضع حد لكل هذه المشكلات، حتى لا نخسر تجربة استبشرنا بها واعتبرناها واحدة من التجارب الرائدة في تشغيل الباحثين عن عمل… علنا نسمع كلاما طيبا بدلا من الصمت المطبق من قبل المسئولين.

سعيد محمد سعيد

«المولوتوف» الجديد!

 

إذا كان من باب الحرص على المجتمع، والدفاع عن الدين وصيانة الشريعة السماوية والحفاظ على وحدة الأمة العمل على إلقاء القنابل وزجاجات (المولوتوف ذات الطراز الجديد) في المساجد ودور العبادة وفي المنتديات وفي كل مكان، وعلى رأس كل من هب ودب، فذلك من عجيب صنع الشيطان في عقول ونفوس بعض مثيري الفتن في بلادنا.

والأعجب أنهم كثر، ونحن نقللهم! وهم أقوياء ونحن نضعفهم، وهم أذكياء ونحن ندعي غباءهم! وبالتأكيد، هم يمتلكون المال والقوة، ونحن نسخر منهم!

وليس للعجب أو الاستغراب من كلامي طريق!

إن الحديث عن زجاجات حارقة جديدة، لم يأت من قبيل إشاعة حال من التشاؤم، أو المبالغة، فالحقيقة التي نعرفها ونعمل على طمسها أو ندعي الجهل بها، هي نشأة صنف جديد من البشر في المجتمع، أعطى ذلك الصنف لنفسه الحق في توزيع صكوك غفران على خلق الله، وذهب إلى أبعد من ذلك لتحديد الصح من الخطأ في العبادات والمعاملات، بل ولم يشبع حتى يومنا هذا من تصنيف الولاءات ومستوى المواطنة لدى كل مواطن.

لكن، كيف ولدت هذه الفئة ومن أين جاءت؟! هل هي صنف أصيل من تراب البحرين أم دخيل؟ والمصيبة، أن تلك الفئة مزيج بين أصيل ودخيل، وإن كانت النتيجة هي فرع هجين من الناس، إلا أن خطورة تلك الفئة تتضاعف يوما بعد يوم… فهي لا تقتصر على طائفة دون أخرى، وعلى ملة من الملل دون سواها، ولا على منطقة من المناطق دون غيرها.

ويبدو أن رغبة هذا الفريق في نشر التعاسة في عقول الشباب والناشئة لها ما ينميها أيضا!

ولعلهم كانوا من الذكاء بحيث يستخدمون الصبية والشباب لزجهم في (ميادين الشهادة)، فيوزعون الكتيبات الطائفية تارة، ويجهزون للتلفظ على خطباء الجمعة وعلى خطباء المنبر تارة أخرى، وغدا، سيعلم أولئك الذين أعدوهم وأمدوهم بالمال والعتاد واللسان السليط والتعامل الصلف في المجتمع، إنما هم أطعموا وحشا صغيرا بدأ يكبر شيئا فشيئا… لتنفتح شهيته الوحشية بلا رحمة.

سعيد محمد سعيد

حراس «التربية»… الحلقة المفقودة!

 

من الواضح أن هناك حلقة كبيرة مفقودة بين حراس وزارة التربية والتعليم، وبين المسئولين عنهم، وبين المسئولين عن المسئولين عنهم! وإلا، لكان من المفترض أن تنتهي المشكلات التي تظهر (كل لحظة) منذ سنين… وخصوصا أن التجربة بدأت قوية، منظمة، وناجحة، ثم ما لبثت المشكلات أن تظهر.

ما يحير هو أن هناك طرفا واحدا، وهم الحراس، يريد من الطرف الثاني، وهو الوزارة، أن تستمع! أضف إلى ذلك أن ما يكتب في الصحافة عن أوضاع الحراس لا يحظى إلا بالتجاوب (الهاتفي) غير الموثق، من جانب مشرف واحد فقط يعمل لدى الوزارة في هذا القطاع… وأعتقد أن الوقت أصبح ملائما لأن يتدخل الوزير شخصيا لوضع حد لمشكلات هذا القطاع.

بعض الحراس يقولون إنهم يجهلون موقف الوزارة (منهم) ومن الهدف وراء سياسة «التطفيش والتطنيش» بحسب وصفهم! وقد وجدت رسالة طويلة استلمتها شخصيا بغرض ايصال الأمر إلى الوزارة، وعلى رأسها الوزير الذي عهدنا صدره يتسع لمثل هذه المشكلات ولا يهملها، وفي هذه الرسالة إشارة الى أن الحراس يريدون وضع حد للحال النفسية السيئة والقلق الدائم الذي يتضاعف مع إصدار التعاميم غير المدروسة، وآخرها تعميم تدوير الحراس على مدارس البحرين، كسبا للخبرة كما قيل، في الوقت الذي يتمسك مديرو المدارس بالحراس العاملين لديهم، كونهم أصبحوا أكثر إلماما بأوضاع المدرسة ومتطلبات العمل! والغريب أن من أصدر التعميم قارن بين تدوير الحراس وتدوير المديرين والمدرسين.

وهنا يشير الحراس الى أنه على رغم أن تدوير المديرين أو المدرسين هو لمصلحة العملية التعليمية وإثراء التعليم بخبرات المديرين والمدرسين، ولكننا نجهل الهدف من تدوير (الحراس) على رغم تمسك أكثر المديرين بهم في المدارس، لمعرفتهم بجميع أمور المدرسة! وأن التدوير يسبب لهم إرباكا!

وأنا لست مع الحراس حينما يقولون: «مازلنا نجهل السبب الحقيقي وراء هذا التدوير؟ وهل أصبحت مدارس المملكة تحتوي على متفجرات وصواريخ كاتيوشا وأجهزة تنصت وعمليات إرهابية يريدون من الحارس أن يكتشفها لتزداد خبرته كما جاء في التعميم؟» إذ من المهم تأكيد أن الأنظمة الإدارية لها أبعادها على مستوى الإدارة، وخططها، لكنني أتفق مع الحراس في أن القرار يجب أن يصدر بتوافق وقبول كل الأطراف ذات العلاقة إذا أريد له النجاح، وأتفق معهم أيضا في أن المضايقات لا تثمر نتائج عملية تنعكس بشكل إيجابي على مستوى الأداء والعمل والخدمة، كما أن شيوع فكرة «تطفيش الحراس» بين الكثيرين منهم، هو أمر ذو خطورة، على الوزارة أن تنتبه إليه، وعلى الإدارة المعنية بالأمن أن تبلغنا بالتطورات والمستجدات وما حقيقة هذا الخلاف المستمر بين الحراس وبينها!

سعيد محمد سعيد

سامحنا… يا شهر الله!

 

«جاءكم شهر هو عند الله من أفضل الشهور»… هكذا يصف المصطفى محمد (ص) مكانة شهر رمضان عند رب العزة والجلال… مبارك عليكم الشهر، وجعلنا الله وإياكم من الفائزين بخيراته وعطاياه السنية.

منذ صغرنا، ونحن نقرأ في كتب القراءة ونشاهد في برامج الأطفال، ونسمع من بعض المعلمين والمشايخ فضائل هذا الشهر العظيم، وتتوالى أمامنا قائمة من القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، حتى كبر الكثيرون منا واصطدموا بواقع مرير لا يوجد له مثيل إلا في المجتمعات الإسلامية، والسبب في ذلك كله التشدد، والإعلام المتشدد، وقابلية المجتمع… بل لنقل قابلية غالبية فئات المجتمع، لأن تصبح أداة للهدم لا للبناء… وخصوصا في شهر الله المعظم.

شهر رمضان الذي يهل علينا اليوم، سبقته عاصفة خفيفة سببها المسلسل «المفترض» قبل إلغائه «للخطايا ثمن»، وما ثارت عاصفته لأنه يعيد ترتيب منهج التفكير المتعقل في القضايا الراهنة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي، بل لأن هناك – وراء الكواليس – تختفي الأيدي الممولة ذات النوايا الخبيثة! وتختفي جماعات قوية السيطرة (مالا وإعلاما) من أجل أن تبث في المجتمع الإسلامي، الخليجي خصوصا، والعربي والإسلامي عموما – وفي شهر الله الكريم، سموما فتاكة، ستكون بلا شك أشد فتكا من برنامج «الحوار الصريح بعد التراويح» الذي بثته في ما بين العامين 2003 و2004 قناة «المستقلة» الفضائية وناقش خلافات المسلمين سنة وشيعة بأسلوب (دعهم يتناحرون واشرب نخب الانتصار).

مختصر القول، إن شهر رمضان الكريم أصبح موسما خصبا تستعد له «مافيا» الطائفية والتكفير والتشدد لكي تعيد (نشر الفضائل والقيم الإسلامية المعاصرة) التي تبدأ بالتسفيه والتسقيط، وتمر بالتنكيل والتهديد، وتنتهي بالتقتيل والتفجير! قاتلكم الله، من أين أتيتم بكل هذه الأفكار الهدامة وأنتم حتى يوم الناس هذا، لم تتمكنوا من تعلم كيفية الظهور أمام الناس بـ «لباس» يعكس شخصية ونظافة وإيمان وتحضر وطهارة الإنسان المسلم؟ فيصبح الوجه المكفهر المشوه بالعيون الحمراء والجباه المقطبة، واليد الغليظة والجسم المنتفخ والكرش الكبير والأقدام (الملحة) هي الهندام الإسلامي الذي تفوح منه روائح المسك ودهن العود!

أحبائي، نحن من نتحمل المسئولية وليس أولئك «المتشيخين» علينا! ولننظر على مدى السنوات الماضية كيف سببت أعمال تلفزيونية وكتب وكتيبات ومنشورات في تدمير علاقات الكثيرين مع بعضهم بعضا، لأن غالبيتنا يا أعزائي، نتحرك بحمية الطائفة، وعاطفة الطائفة، وصمود الطائفة وتسيد الطائفة، ثم بعد ذلك، يجلس الأكاديميون والمثقفون الذين تعلق عليهم الآمال لكي يهزوا رؤوسهم موافقين على كلمة سفيه خاطب الأطفال بالقول: «أين ذهبتم في إجازتكم الماضية؟ فرد بعض الأطفال بأنهم ذهبوا إلى مهرجان الجنادرية الثقافي مع أهاليهم؟ فرد وهو يمثل دور الباكي الكذاب المزيف: «إخوانكم يذهبون إلى الجهاد وأنتم تذهبون إلى الجنادرية».. فعلا، قاتلك الله، وقاتل معك من هز رأسه متأثرا موافقا على ما تقول، و… أنعم الله على جميع من يقرأ هذه الأسطر، بخير وبركات شهر رمضان المعظم..

مبارك عليكم الشهر…

سعيد محمد سعيد

حكومة «تخاف»على مواطنيها!

 

أن تحذر الحكومة، بكل ثقلها ومقامها، من مغبة رفع الأسعار مع الإعلان عن إقرار زيادة رواتب موظفي الحكومة، وتبادر غرفة تجارة وصناعة البحرين إلى إصدار بيان يتعلق بهذا الموضوع، فإن الأهم من ذلك كله هو ما يجب أن يحدث “بعد تسلم الناس أول راتب بزيادة حقيقية”…

فالمواطن البحريني يريد أن يسمع – ولو لمرة واحدة – عبارة (سنضرب بيد من حديد) على كل من تسول له نفسه الإضرار بالوطن والمواطنين من خلال زيادة الأسعار، واستغلال الظروف استغلالا بشعا لا يعني إلا أمرا واحدا وهو أن هناك من لا يخشى القوانين، ويتصرف وفق هواه!

حسنا، دعونا نناقش فكرة محددة من باب «استطلاع الآراء» ونسأل :«هل تشعر أنت كونك مواطنا بأن حكومتك تخاف عليك؟ وهل تشعر بأنك في كنف حكومة لا ترضى أن يتعرض المواطن للأذى أيا كان شكل ذلك الأذى؟»… في الأوضاع الطبيعية وغير الطبيعية، سنجد أن حب البحرينيين لبلادهم وقيادتهم يجعلهم في كثير من الأحيان يتحملون المذاق المر، ويصارعون مختلف الظروف، وقد يصلون إلى مجالس الشيوخ، ولكنهم بدلا من التعبير عما يحملونه من هم، فإنهم يكررون إعلانهم وتأكيدهم الامتثال لكل ما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

البحرينيون مواطنون لهم قيم وثوابت وطنية عالية، وأنا أقصد صراحة لا تلميحا، كل مواطن تحمل من الضنك والهم والتعب والشقاء ما تحمل، لكنه لم يزايد على وطنه، ولم يستغل الظروف المناسباتية، الحسن منها والسيئ، ولم يكذب على الحكومة، قيادة ومسئولين، ليظهر لهم ولاءه التجاري… البحرينيون الشرفاء لا يرضون بأن يلعب البعض لعبة (عسكر وحرامية) لمجرد حصول المواطنين على «بونس» أو زيادة أو مكرمة من المكرمات..

باختصار، لا يزايد البحرينيون على وطنهم من أجل مصالح شخصية.

الحكومة التي تخاف على مواطنيها، يخاف عليها مواطنوها في المقابل؟! ولذلك، فإن الغالبية العظمى من البحرينيين لا يريدون إلا أن (تضرب بيد من حديد) على المسئولين الذين ليسوا أهلا/ محلا للثقة والأمانة! واذا كان المواطن البسيط مستعدا لأن يتحمل انعكاسات الظروف الاقتصادية محليا وإقليميا وعالميا -وهذا ليس ذنبه قطعا – فإن على المسئولين أن يدركوا أن الأمانة والصدق هما الركنان الأساسيان في حال اطلاع القيادة على واقع الحياة المعيشية في البلاد… من دون تزييف أو كذب أو نفاق.

وإذا كانوا لا يدركون مفهوم المجتمع المستقر الآمن لأنهم (مصلحجية)، فإننا كوننا مواطنين، ندركه جيدا ونعيشه كل يوم بل ونخاف على حكومتنا… وأعتقد أن الرسالة واضحة لأن المقصود بها كل مسئول، يجب عليه أن يخلع رداء الولاء والأمانة والوطنية المزيفة، فالوقت وقت عمل حقيقي لا مساحة فيه لـ «النفاق».

سعيد محمد سعيد

اضرب واهرب!

 

إذا تمكنا من وصف ما يحدث أمام المدارس، منذ بداية العام الدراسي حتى نهايته، من ناحية التوتر المروري والتشنج والشجار الواقع بسبب الازدحام، فليس لدينا إلا أن نقول: «كان الله في عون الجميع»، وأولهم طبعا رجال المرور ومعهم حراس المدارس، والآن، عناصر شرطة المجتمع.

لكن، هل كل هذا الثقل يقع على عاتق المسئولين عن تنظيم الحركة المرورية، سواء من رجال المرور أم حراس المدارس أم مشاركة شرطة المجتمع معهم؟ هذا السؤال كان مدار نقاش مع بعض الزملاء، وكانت القسمة على اثنين فقط: الأول جلس مرتخيا مؤكدا أنه لا يعاني من هذه المشكلة، والثاني جلس متوترا مكذبا الأول معلنا أن كل الناس تعاني، فلماذا لا تعاني أنت وكيف؟ أجابه ببساطة: «متى تحترق أعصابك؟ بالتأكيد حينما تتأخر عن إيصال الأطفال إلى المدارس وبالتالي عن العمل؟ وتزداد أعصابك احتراقا كلما دخلت في شارع أو طريق تكدست فيه السيارات على بعضها بعضا في طابور طويل… أليس كذلك؟ قال الآخر: نعم. فأجابه زميله بأنه كان يعاني من المشكلة ذاتها، ولم يحمِ أعصابه إلا عندما بكر في الخروج من المنزل مع أطفاله بفارق عشر دقائق عن السابق! إذ كان يخرج من المنزل في السادسة والنصف، فصار يغادره الآن في السادسة والربع، ومع احتمال وجود تأخير، فإن مدة الوصول إلى مكان العمل ستكون أقصر.

وكنت قد تابعت فعلا استعدادات الإدارة العامة للمرور، وتحدثت مباشرة إلى مدير إدارة التوعية المرورية الرائد موسى الدوسري، الذي كان واضحا ومباشرا في تحديد أهم المشكلات المرورية المرتبطة بالعام الدراسي الجديد، وبالتالي، صوغ البرامج والأنشطة وإصدار المطبوعات وتنظيم المحاضرات ضمن حملات التوعية السنوية، لكن يبقى من الطرف الآخر، الذي هو أنا وأنتم ونحن وهم وهؤلاء وأولئك، الالتزام بما يجعلنا في هدوء وراحة أعصاب، ولا يمكن ذلك من دون التعاون مع بعضنا بعضا…

فبدلا من التشاجر وإلقاء الكلمات النابية واستخدام أسلوب «اضرب واهرب»! وجد الكثير من الناس أنفسهم في اتجاه صحيح وآمن، وهو الخروج مبكرا، ثم الخروج مبكرا إذا صار التبكير تأخيرا، لأننا أصبحنا محاصرين بأشد أنواع الحصار وهو: «إنشاءات الطرق والتحويلات والاختناق الحقيقي والمفتعل»، وليس أمامنا إلا الصبر حوالي سنتين كاملتين لحين انتهاء المشروعات، وبعد هاتين السنتين، وإن لم تنته المشكلة، سيكون شعار الجميع: «دودهو من دودهك من طقك»… على ما يبدو.

سعيد محمد سعيد

(لا)… المسكينة!

 

قبل ليلة واحدة، اكتشفت أن الحرف (لا) النافية للجنس، أو الناهية، أو الداهية، أو… أي وصف يقوله النحويون… اكتشفت أنها مسكينة، مسكينة جدا؟!

كان المشهد مخيفا حقا… النيران تتصاعد… أصوات الطلقات تتوالى والناس يهربون من والى وحول الأضرحة المقدسة في كربلاء… هل يكون المشهد عاديا كما هو حال الأخبار التي ينقلها التلفاز المشتغل أمامي من العراق، ومصيبة العراق وجروح العراق، أم أن في الأمر تطورا أخطر؟! فكان ما كان.. لم يكن المشهد يشير الى تورط الإرهابيين ذوي الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والقنص الجبان الخفي، كانت مواجهة خطيرة هي أشد خطورة من الأولى… بين حراس الضريح وعناصر من جيش المهدي؟! هي فترة استراحة للإرهابيين ومن ورائهم، وفترة سماح لممولي الإرهاب ليشاهدوا فيلما سخيفا جدا… اسمه (لا) للاحتلال.. (لا) للطائفية.. (نعم) للمرجعية.

@@@

بئسا… ما الذي يحدث هنا أيضا… الهراوات والعصي الغليظة تنهال ضربا على رؤوس وأكتاف وظهور وأطراف شباب صغار… تلك الخوذات البيضاء والزي الداكن يذكرني بشيء! نعم، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الثمانينات، تفعل ما تفعل من وحشية عرفها العالم واستمرت حتى قبل أن أشاهد ذلك المشهد… تذكرت مشهد تكسير «الأطراف» حينما كانت شاشات التلفزيون تنقل مشهد الشابين، اذ التقطت الكاميرات (كاميرا قناة اخبارية غربية طبعا أما القنوات العربية فلم تكن جريئة وقتذاك)… التقطت المشهد الفظيع الذي هز العالم بمشاهدة أربعة من الجنود الصهاينة يكسرون أكتاف وايدي الشابين بصخرة كبيرة.

كان المشهد مريعا حقا… لكن المشهد اليوم أكثر بشاعة! فقد كان الزي هو زي عسكري لقوات مكافحة الشغب بالسلطة الفلسطينية وكان الشباب فلسطينيين، وكان الصراع وكان وكان ولا يزال بين «حماس» و«فتح».. فقط ذهب الإسرائيليون ليأخذوا قسطا من الراحة وهم يرددون قصيدة الشاعر أحمد مطر متحدثا عن الشيطان ومن يمثل دوره :»دوري أنا… أنتم ستلعبونه».

فلسطينيون في فلسطينيين… من الهراوات الى الركل العنيف الى الضرب الوجع الحاقد على بعضنا بعضا في كل مكان… فـ «لا للاستعمار».

الآن، كيف حالك أيتها الناهية النافية: «لا للطائفية… لا للتجنيس… لا للمنتجات الأميركية… لا للمخدرات… لا للتدخين… لا للتخريب… لا للاقتطاع… لا ولا ولا)، هكذا هي «لا» المسكينة.

لكن ما علينا منها… تعالوا نفرح قليلا… بالمناسبة، ما أخبار الزيادات.. (نعم للزيادات)!.

سعيد محمد سعيد

يقولون… زيادة رواتب!

 

يبدو أن الحديث عن زيادة الرواتب التي كانت مقرة بنسبة 15 في المئة، ثم انخفضت بمعدل واحد في المئة لتصبح 14 في المئة، ثم اختفت رويدا رويدا، ثم ظهرت… ثم اختفت، ثم ظهرت، ثم انسحبت، ثم (انطفت) وبعد ذلك اشتعلت، تماما كحال وضع الطاقة الكهربائية في موسم كل صيف… يبدو أنها ستصيب البحرينيين بالجنون والله أعلم! وخصوصا موظفي الحكومة… يتبعهم (بالدور) موظفو القطاع الخاص… وبالذات، العاملين في تلك المؤسسات التي لا تعرف إداراتها شيئا اسمه «زيادة… مكافأة… بونس… زحرمان… شيء من هذا القبيل».

وحتى لا نموت من القهر ونحن نستقبل أفضل الشهور عند الله… أهله الله علينا جميعا بالخير واليمن والبركات، سنتجول بين مساجلات شعراء الزيادات لنستخرج درر «همومهم… وشجونهم»:

قال الشاعر:

كلما جاء المنادي هاتفا بشراك افرح

فالزيادات قريبة قم صديقي قم لتمرح

ثم بعد الفرح مأتم أرتمي فيه وأسرح

أذكر الأقساط ويلي آه ويلي آه.. وح وح

سمعه أحد الشعراء الصعاليك فرد عليه:

لا توحوح… حالك اليوم خطيرة

لن ترى في العيش إلا الزمهريرة

لا زيادات ولا تحلم بأثواب وثيرة

طاح حظك يا مواطن كسرك ما له جبيرة

تبغي تفرح بالزيادة؟ هاك خذ صفعة كبيرة!

لم يتمالك أحد تلامذة الشاعر ما قاله الشاعر الصعلوك عن أستاذه فقال:

شيل إيدك عن الساطر لا أشوفك تصفعه

والزيادات أكيده قال يوم الأربعه

مو هالأسبوع اللي عقبه الحكومة… تجمعه

يمكن تجيك الزيادة أو… تجيك… مربعه

فوق راسك يالمواطن ياللي ما بك منفعة!

أما الشاعر المليان فكان له كلام آخر:

مفخرة والله معاشي مفخره

آنه عيني «البرتقاله» وانته عينك سنطره

الرواتب ما هي لعبة… الرواتب عنتره

والزيادة يا بعد جبدي… صراحة… مسخره!

مسك الختام:

خل الكلام العدل واسمع كلامي عدل

مش بوز أم التي شافت ظروفك عدل

ويش هالمعاش الذي من يذكرونه انسدح؟

مالت على البمبرة ما ميش «زيادة» عدل!

لم تكن تلك سوى كلمات، من هموم إلى هموم، علنا نرتاح قليلا، وإن غدا لناظره قريب…

الزيادة جايه… جايه!