سعيد محمد سعيد

أعداء الشعب… أعداء الحكومة قطعا!

 

يخطئ من يظن أنه لا «أعداء» في الداخل للحكومة والشعب على حد سواء في هذا البلد! يخطئ كثيرا من يحمل هذا الاعتقاد، لأنه بذلك سيقع ذات يوم من شاهق، وسيرتطم بأقسى حقيقة باعتباره واحدا من مئات المخدوعين والمغرر بهم!

في بلادنا، لفيف غريب من الأعداء الذين يتفننون في توجيه قذائف التدمير للمجتمع لتصيب أضرارها الفتاكة الناس أولا، ثم يأتي دور إصابة الحكومة بعدهم مباشرة… وقد وضعت تصنيفا في هذا المكان ذات يوم، لأولئك الأعداء، ومنهم كتّاب في الصحافة ومسئولون كبار وصغار، ومشايخ وعلماء دين من الطائفتين، وبينهم أيضا نواب وناشطون في مختلف الاتجاهات.

المهم، أن الطامة الكبرى، هي أن أولئك الأعداء الذين يكيدون الكيد لأهل البلد، يخطئون – من حيث يحتسبون أو لا يحتسبون – في تقدير الأمور من باب الظهور بمظهر الموالي العظيم الذي يفني نفسه وأهله وماله من أجل البلد، وهو لا يعدو كونه مجرد باحث عن مصالح ومناصب ومال وجاه… وهذا التقدير الخاطئ مؤداه أنهم يهينون الحكومة في كثير من الأطروحات التي يقدمونها على أنها (كشف عظيم) لا تعلم عنه الحكومة ومسئوليها وكأنهم نيام!

لقد أخطأ الكثير من أولئك «الأعداء للبلد وللحكومة» حينما ملأوا الصحف، وظهروا في التلفزيون مرات ومرات، وتحدثوا في الإذاعة مرات ومرات عن انتعاش اقتصاد البلد وارتفاع معدلات النمو الاستثماري، وتنفيذ المشروعات الجبارة وتقديم التسهيلات كافة للمستثمرين، ومضوا على هذا المنوال طيلة سنوات! والناس، وأولهم المستثمرون، كانوا يعلمون بأن هناك «خللا» يدمر اقتصاد البلد يبدأ بالعقبات والعراقيل، وينتهي «بتطفيش» المستثمر، وأولئك الأعداء «طايحين مديح وهمي كاذب»، كشفته مبادرة سمو ولي العهد التي استجاب لها جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء، والمرتبطة بتعطيل تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي.

وللحكومة نقول، هم أولئك الكتّاب والنواب وبعض وجهاء وخبراء تحدثوا وأثنوا وامتدحوا النجاح المبهر في تنفيذ المشروعات الاقتصادية، واستخدموا الكذبة سنين طويلة حتى انكشفت! هم أنفسهم يا حكومة، الذين يحرضونك ضد الشعب وضد مطالب الناس، وضد رغبة المواطن البحريني في العيش عزيزا في بلاده كونه مواطنا من الدرجة الأولى.

هم ذاتهم الذين يحرضون الحكومة اليوم على المواطن طبقا لانتمائه المذهبي، فإن كان هواهم يتطلب الضرب في الشيعة فعلوا! وإن كان هواهم الضرب في السنة فعلوا أيضا! هم ذاتهم الذين ينعم عليهم بعض المسئولين بالهبات والأعطيات والسيارات والأراضي والشيكات والسفرات وركلات الجزاء ضد غيرهم من المواطنين.

في قرارة نفسي، أريد من الحكومة، وأنا مواطن من رعاياها، أن تتبع المقولة الرائعة : «صديقك من صدقك»! لأنهم – يا حكومتنا – لا يحبونك ولا «يطيقونك»، ويكذبون وسيكذبون عليك في أعمدتهم التي تهاجم «الوفاق» و»حق» كما تهاجم «العدالة والتنمية» و»الأصالة» بحق وبغير وجه حق! وتهاجم كل بحريني «مصدق نفسه» ويتحدث بكل حرية منتقدا تارة ومتذمرا تارة أخرى، ويعتبرونه إرهابيا مدمرا للأوطان…

اليوم يمتدحون «التجنيس العشوائي» وغدا ستغضبين عليهم… اليوم، ينكرون «التمييز والطائفية» وغدا ستكتشفين زيفهم وكذبهم… يا حكومة، هم لا يحبون إلا (خزنتش المليانة)… تأكدي أنهم منافقون علاماتهم ثلاث شهيرة: إذا حدثوا كذبوا، وإذا ائتمنوا خانوا، وإذا وعدوا أخلفوا!

يا حكومة… «شوتيهم شوته قوية، وستربحين»!

سعيد محمد سعيد

نقاش بشأن «الداخلية»!

 

في البدء، أعتذر أولا للإخوة القراء الذين بعثوا برسائلهم وتعقيباتهم على موضوع: «الضباط ليسوا فوق القانون» الذي نشر الخميس 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولابد من التنويه إلى أن هذه الردود لا تهمل أبدا من باب سياسة صحيفتكم في فتح المجال لطرح الآراء بحرية، لكن الحوادث تفرض نفسها أحيانا في اختيار الموضوع المراد طرحه.

وسنبدأ بالرسالة الواردة من القارئ الذي رمز لنفسه باسم «بحريني وبس»، الذي أشار فيها إلى أن تصرفات بعض المسئولين الأمنيين، يجب ألا تستخدم أداة للإساءة إلى كل الضباط ورجال الأمن! حرام أن نظلم الجميع بسبب تصرفات بعض قليل… في مواقف كثيرة حدثت معي وجدت من الضباط البحرينيين – وبعضهم ضباط جدد من الشباب الخريجين حديثا – تعاملا لم نكن نحلم به في يوم من الأيام على عهد قانون «أمن الدولة» المقبور، وإذا كان البعض يوجه النقد اللاذع إلى وزارة الداخلية ووزيرها، فيجب ألا ينسى هذا (البعض) أن على عاتق الوزير تقع مسئولية (جبارة) إن جاز لنا التعبير، ولابد، كما كتبت في مقالك، أن نعترف بأن وزارة الداخلية اليوم، ليست هي وزارة الأمس! وإذا اختلطت ممارسات بعض المجموعات الأمنية، فلابد من أن نكشف أولا إلى أية جهة تنتمي…

مع تقديري للجميع، واحترامي لكل النواب المخلصين والناشطين السياسيين المعتدلين.

أما القراء: علي الديري، أم نوف، عارف الملا، وجعفر معتوق، فإن المحور الذي اشتركت فيه تعقيباتهم يدور حول مسئولية أفراد المجتمع في الحفاظ على الأمن وتوجيه الشباب، لكن في الوقت ذاته، الاعتماد على الضباط والمسئولين الأمنيين البحرينيين الأكفاء ذوي الخبرة في التعامل مع أية أزمة أو موقف أو ظرف محتقن، لأن هذا الصنف من المسئولين هو وحده القادر على استخدام لغة البلد وفهم ظروف البلد والتعامل وفقا لتبعات المرحلة.

أما رسالة القارئ الدائم «بو أحمد» الذي يرسل تعليقاته من خلال الموقع الإلكتروني «قضايا»، فقد كتب تعليقا قال فيه: «نريد معك أن نوصل إلى سعادة الوزير أنه كما يوجد من الضباط الأكفاء من البحرينيين بلباقتهم وحسن تصرفهم… (وبعضهم على درجة عالية من التعليم، وهؤلاء هم المعول عليهم في إدارة الأزمات، حتى وإن كان الشارع محتقنا)، هناك أيضا ممن هم على شاكلة من ضرب شقيقك (على بطنه)، وهم أيضا كثر! بل حتى الذين أنزل منهم درجة يقومون بممارسة الفعل نفسه وهم يخلطون بين تأدية واجبهم في حفظ النظام ونزعاتهم الشخصية من عدم رضاهم بهذه الأعمال… وهنا المشكلة والمدخل لخرق القانون! لأنه يجب على أفراد الأمن تطبيق القانون بعيدا عن النزعات الشخصية… أكره هذا الشخص أو أحب ذاك.. لو طبق هذا، لن ترى إنسانا يركل ويطرح أرضا من غير جرم ارتكبه سوى أنه مر بالطريق (الذي فيه مشاكل)… ولن ترى إنسانا ينزل من سيارته ويشبع ضربا لمجرد شك الضابط أو رجل الأمن العادي فيه».

سعيد محمد سعيد

لا خير في «حياة»… ليس فيها اسم حسين!

 

سيدي أبا عبدالله…

أشهد الله جل وعلا وأنا أقف بين يديه، أنني لا أعبدك ولا أعبد قبرك أو تربتك، ولكنني أعشقك عشقا لا حد له، وأهيم في رياضك بجنون لا مثيل له… لا أعبدك سيدي، فأنا عبد الله وحده، فأنت الذي سفكت دماك الطاهرة ودماء كواكب الأرض كلها في يوم العاشر من المحرم العام 61 للهجرة من أجل إعلاء كلمة لا إله الا الله محمدا رسول الله…

وقدمت الدماء الطاهرة قربانا قدسيا، لكي يعبد الناس الله وحده لا شريك له.

سيدي أبا عبدالله…

لا خير في حياة ليس فيها اسمك… ولا خير في دين لا يعرفك، ولا خير في عبادة لا تمتثل لأوامر الله ورسوله: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى»… وأنت سيدي «قربى».. وأنت سيدي الذي يحبك الله… شهادة على لسان الحبيب المصطفى: «حسين مني وأنا من حسين… أحب الله من أحب حسينا».

سيدي أبا عبدالله…

وقفت الدنيا كلها، وستقف في هذه الأيام وكلها شوق وأمل ورغبة في أن تنحني!

يقف أهل الدنيا كلهم… ممن عرفك حق معرفتك، في شرق الأرض وغربها، شمالها وجنوبها… يقفون من أجل أن ينحنوا لك إكبارا وإجلالا وتقديسا… ينحنون بين يديك، لأنك من علمهم ألا ينحنوا لسلطان جائر مستحل لحرم الله… وألا يكونوا… إن لم يكونوا يخافون الميعاد، وليس لهم دين… إلا أحرارا في دنياهم.

سيدي أبا عبدالله… إنك لم تخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا، بل خرجت تريد الإصلاح في أمة جدك… تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر… وها أنت سيدي في ضمير الإنسانية منذ ذلك اليوم الذي قلت فيه هذه العبارة وأنت تشد الرحال من مكة المكرمة إلى كربلاء رمز الإصلاح وأسد الإنسانية ومثال كل شيء جميل رائع.

أكتب هذه الرسالة سيدي والعالم يستقبل العام الهجري الجديد كما هو في كل عام… مستبسلا ببسالتك، كريما بكرمك… طاهرا بطهارتك… شجاعا بشجاعتك… مجيدا بمجدك… لكنه لن يكون أبدا وحيدا كوحدتك… غريبا كغربتك… مظلوما كظلامتك… لقد أنرت يا سيدي بدماك الطريق للسائرين على دين جدك محمد بن عبدالله (ص)، ورفعت رأس الأمة عاليا، وعلمتها أن ترفض الظلم والجور… كما هو رأسك مرفوع على رمح رفيع… وهو يتلو القرآن… لأنك يا سيدي، نور الكتاب الرافض للظلم والجور والكفر…

سيدي أبا عبدالله…

لايزال أبناء بن ذي الجوشن وابن ربعي وابن الأشعث وحرامل الدنيا كلها، وآباء الحتوف بلا استثناء، ومعهم الآلاف من هوازن وكنده، وقبائل وأفخاذ وأحقاد… تبحث عمن يأتيك مجيبا: «هل من ناصر ينصرنا»! فيسفكون دماءهم وينحرون رؤوسهم… ولايزال الآلاف من أبناء بن مظاهر والقين والصائدي والبجلي، وأصحاب الكفوف العباسية والهامات الأكبرية والصدور القاسمية، ومعهم نساء العطاء الفاطمي والصمود الزينبي، يواجهون السيوف والخيول الأعوجية، لأنهم يعلمون أنك لم تمت، ولم يمت أولئك الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم…

سيدي حسين، مات السيف، ولم يمت نحرك… فعليك منا جميعا السلام

سعيد محمد سعيد

هل أنت «مسئول طائفي»؟

 

ترى، ماذا لو تم تنظيم حملة وطنية بإشراف جهة حكومية لتنظيف كل الوزارات والمؤسسات الحكومية، وكذلك الخاصة، من المسئولين ذوي الميول الطائفية والنزعة التفكيكية؟ لنتخيل، مجرد تخيل لا أكثر ولا أقل، أن تلك الحملة، ستفتح المجال أمام جميع الموظفين والموظفات والمواطنين والمقيمين للتقدم بشكاوى موثقة بالأدلة والقرائن للجنة العليا المشرفة على الحملة ضد المسئول أو «الشخص» الذي يتمتع بممارسة طائفية في كل تصرفاته، فيميز بين هذا المواطن ومواطن آخر، وينكل بموظف أو موظفة لا تتلاقى انتماءاتهم المذهبية مع أهوائه؟ هل سيكون العدد كبيرا؟ من الطائفتين؟ وهل سيجرؤ المواطن المسكين المتضرر من الممارسات الطائفية أن يخطوَ هذه الخطوة بكل جرأة وأمان وثقة؟ أم سيطلب العافية وعفا الله عما سلف؟ في ظني، لو قدر لتلك الحملة «الوهمية» المتخيلة أن تتم، لصارت طوابير خلق الله المتضررين من الأفعال الطائفية البغيضة في كثير من المواقع شبيهة بوضعية الحجاج الفلسطينيين الذين عاشوا أزمة ظالمة على يد قوات الاحتلال الصهيوني في الأيام الماضية؟ وربما، ربما أصبح الوضع شبيها بأزمة الشاحنات على جسر الملك فهد!

وفي ظني أيضا، أنه لو خصص لكل مواطن تضرر ذات يوم، أو لا يزال يتضرر، من ممارسة طائفية مدة ساعة كاملة ليتحدث عما واجه من معاناة، فإن تلك الساعة لن تكفي!

ذات يوم، تحدثت مع واحد من كبار المسئولين عن معاناتنا كمواطنين من استمرار أشكال التمييز الطائفي في كثير من الجهات، وكأن هذه الممارسة الشائنة لا علاقة لها بدستور البلاد وعبارته الرئيسة الكبيرة (المواطنون سواسية)، فما كان منه إلا أن رفض بشدة هذا الكلام مؤكدا أن للمواطن، أي مواطن، الحق في شعوره بإنسانيته ومواطنته وحقوقه، وأن مثل هذه الأفكار من شأنها أن تحدث تأثيرا سيئا على مستوى العلاقات الاجتماعية!

وحين سألته عما إذا كانت العلاقات الاجتماعية تلك التي يتحدث عنها، قائمة على الحقوق والواجبات، وأنه لا ولم يضار مواطن من إقصاء أو تمييز بسبب انتمائه المذهبي ومعتقده، قال: «ولماذا يرضى المتضرر بهذا الوضع؟ لماذا لا يتقدم بشكوى ضد ذلك المسئول الذي سيكون حتما فوقه مسئول أكبر».

لوهلة، ظننت أن المسألة بسيطة جدا… أنا مواطن، أساء المسئول الطائفي معاملته لي متعمدا… فتوجهت إلى المسئول الأكبر وشكوت له ظلامتي فأعاد حقي! لكن عدت لأقول، إن كل هذا… أضغاث أحلام.

وفي ظني أيضا، أن كل مسئول طائفي يعلم، وهو في غاية الإطمئنان، أن لا أحد يجرؤ على الشكوى ضده، وإن حدث ذلك، فإن هذه الشكوى ستكون في عداد الملفات المغلقة، وسيدخل الشاكي في دوامة جديدة وشديدة من التنكيل والتقصد والحرمان من الترقيات؛ إذ سيعمد ذلك المسئول إلى «غسل شراعه» في كل واردة وشاردة، ومع هذا، فما المانع من التجربة؟ كثيرة هي الشكاوى من الممارسات الطائفية الصادرة عن بعض المسئولين في مواقع مختلفة، لكن قلة هم أولئك الذين يرفضون هذه الممارسات ويتبعون الإجراءات والوسائل القانونية لرفض تلك الممارسات!

وبعيدا عن تلك الحملة المتخيلة، على الأقل، يتوجب على المسئول الطائفي أن يراقب الله، ويلتمس العذر لذلك الإنسان الذي يصب عليه جام طائفيته من باب «لقمة العيش»…

أما بالنسبة لي، سأتريث قليلا مع أي مسئول يتعمد الإساءة لي طائفيا.

لكنني لن أسكت عنه طويلا!

سعيد محمد سعيد

بن رجب الشيعي وعطية الله السني

 

لبعض القراء الحق في نشر ردودهم، لكن ليسمح البعض الآخر، من الذين تطاولوا على أنفسهم وعلى أهلهم وعلى أخلاقهم، أن مثل تلك الآراء والتعقيبات لا يمكن أن «تحترم» طالما هي مغلفة بالشتائم والسباب والكلام القبيح هناك، سواء كان للحكومة أم لأبناء الطائفتين في البلد… لسنا ناقصين المزيد من النيران!

وتعقيبا على عمود يوم الثلثاء الأول من يناير/ كانون الثاني (شعب تهيأ كي ينتقم)، أفاض القارئ بدر السعيد من مشاعره ما أراده أن يصل إلى كل القراء، فهو يرى أنه كونه بحرينيا لن يتغير ولن يغير علاقته بأهله سنة وشيعة، لكنه يوجه تحذيره إلى النواب وإلى المشايخ وإلى المسئولين الذين يشعلون الفتنة، وخصوصا حينما يكون استجواب وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب لأنه «شيعي» من خلال الدوافع الطائفية والحرب المستميتة من قبل بعض الكتّاب والنواب، وحينما يكون استجواب الشيخ أحمد بن عطية الله لأنه «سني من العائلة الحاكمة» بعيدا عن المسوغات والأسباب والدوافع…

أنا في السادسة والأربعين من العمر، لكنني لم أعش مرحلة من التردي في العلاقات بين أهل البحرين كما هي الآن ودمتم سالمين.

علي القرقوش

الى الأخ سعيد، لم يكن بين شعب البحرين حب ولا وئام بل كان هناك صمت مطبق! وتحررت الآن العقول وظهرت الحقيقة، فلو كان هناك حب ومحبة (كما تقول) لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه! لقد غابت الحكمة وصوت العقل ونحن نعيش في عصر الظلمات والفتن.

محب البحرين

عزيزي لو بقينا شيعة وسنة (يمكن، يحتمل) ما كانت الأمور تصل إلى هذه الصورة المأسوية، لكن أريد لنا التعاسة بينما السعادة للقادمين من كل حدب وصوب، حتى صارت بلادنا بلد المليون مجنس «بدلا من وصفها ببلد المليون نخلة»، وبدلا من وصفها بأنها «الجزيرة الهادئة الوديعة»، وصرنا نأكل في بعض، بينما هم وطوائفهم يأكلون الشهد. أتمنى تعديل قافية القصيدة لتشمل المجنسين (البهرينيين) لأنهم الكل في الكل في هالبلد (المعطاء).

بو خالد

الأخ العزيز شكرا على هذا التوصيف الواقعى، وإن لم يعجب البعض!

ولو رجعت إلى الردود سترى كم من المحبط أن نرى الناس على يقين بأن لا أمل في التعديل! عموما، الطرح المتزن يعير ويجير دائما، ولكن سيظل الوطن وطنا للكل (سني وشيعي)… مقيم وزائر، كما أرجو أن يكون مقالك المقبل أعمق لقلب الحقيقة وهى رفض ترويع الآمنين واتلاف الممتلكات الخاصة والعامة، فالوطن للمواطن أولا وأخيرا لا للحكومات المتعاقبة! فمن باب أولى المحافظة على هذه المنجزات والمقدرات… شكرا مرة أخرى.

سعيد محمد سعيد

شعب تهيأ كي ينتقم؟!

 

يبدو أن كل ما تبقى لدينا من علاقات طيبة ومحبة كوننا مواطنين نعيش في كنف بلادنا الغالية سوى حكايات الأجداد، وقصص النسيج الاجتماعي المتماسك بين أهل البلد في زمان ولى ومضى! وشرفة نرى منها أياما رائعة مضت حين نقرأ عن «رحلات المقيظ بين السنة والشيعة» للكاتب حمد النعيمي، وحين يطرب مسامعنا كبار السن في الطائفتين حين يروون لنا «كان يا ما كان» يحيي قلوبهم، وربما… ربما حين نشاهد «مسلسل سعدون»!

أينما تذهب سترى الوجه الحقيقي أمامك: خطب جمعة… تصريحات نارية… مقالات طائفية… حرائق وسلندرات… شهداء وضحايا… أوراق سرية وأخرى علنية… سوق يجد فيها تجار المصالح مساحات لا تنتهي لبيع بضائع من جميع الأصناف… لزبائن من جميع الفئات.

والأدهى من ذلك، أن الكل ضد الطائفية، والكل ضد العبث بمنجزات البلاد، والكل ضد تصنيف المواطنين وتلوين ولاءاتهم، والكل يتحدث عن الحقوق والواجبات، والكل، الكل بلا استثناء، يحملون هموم الوطن!

في لحظات، قد تسنح الفرصة «للمواطن» لأن يفكر في وضع الوطن وأهل الوطن وتراب الوطن… وينظر إلى حقيقة الأوضاع في هذا المجتمع الصغير الذي نفرح أن نطلق عليه اسم «البيت العود» الذي يجمع السنة والشيعة، المسيح واليهود.. العرب والعجم، العابر والمقيم… ولكن هناك «أكذوبة» ورثناها، وحقيقة أردنا لها أن تتوارى خلف المجهول، وهي شرارة، إن كبرت يوما واشتد أوارها، قل علينا جميعا السلام… صراع خطير يمزق الأوصال… ليس في فمي ماء، ولكن في قصيدتي المتواضعة شجون:

يلوح من البعد جور الزمن

وبالقرب تبدو بقايا وطن

وشعب تهيأ كي ينتقم

من الأخ والجار وقت المحن

فبالأمس قالوا لنا بيتنا

كبير ولن يعتريه وهن

فإن كنت «شيعي»… فشيعتنا

وإن كنت «سني» ففيك السنن

ولكن سقطنا بلا عثرة

فنحن جميعا نحب «الحسن»

ونجنح «للصلح» حين نرى

معاوية ما دس سم اللبن

ويسحقنا ظلم تاريخنا

ويجرفنا في الخلافة «فن»

وقالوا وقلنا كفانا أسى

ألا إننا جبل من ضغن

فنعشق تكسير أطرافنا

ونفرح حين نبيع العفن

وما أسعد الناس وقت الحريق

ووقت النعيق ووقت الفتن

وتؤلمنا شنشنات «الغريب»

يتاجر فينا بأغلى ثمن

كذبنا على بعضنا كذبة

بأنا جميعا فداء الوطن

وهل يصدق القول وقت النفاق؟

عضيدي أمامي وخلفي طعن؟

كذبنا على بعضنا كذبة

فأين الحقيقة… أين الوطن؟

سعيد محمد سعيد

الضباط ليسوا فوق القانون!

 

قبل سنوات طويلة مضت، لا أعادها الله، كان بعض المسئولين الأمنيين من ضباط ومن هم أقل منهم رتبة، يعيشون في أبراج عاجية! وكان في إمكان الواحد منهم، ممن لا يحترمون القانون ولا يحترمون أمانتهم، أن يقول لمواطن ما: «سأرمي بك خلف الشمس، ولن تتحرك في جسدي شعرة»، فكان من السهولة بمكان أن يلبسك أحدهم تهمة تأخذك إلى غياهب السجون من دون أدنى حق لك في أن تعرف ما جرمك!

لكن الوضع تغير كثيرا فيما بعد، وأتذكر أن شقيقي الأصغر تعرض ذات مرة لموقف مع أحد الضباط بعد مشاجرة وقعت مع مجموعة من الشباب، فشقيقي يعمل «رجل أمن» في أحد المجمعات التجارية التابعة لوزارة حكومية، وحدث أن وقع خلاف بينه وبين مجموعة من الشباب الذين كانوا يثيرون المشكلات مع الزبائن من الفتيات، وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي وصل إلى مركز الشرطة، فاستعان أحد الشباب بمعارف لديه لينكلوا بشقيقي وهذا ما حدث… فقد وقف أمام الضابط الذي لم يتأخر في توجيه لكمة إليه في بطنه وهو يستجوبه! ويبدو أن ذلك الضابط تناسى أن زمن «تسلط المسئول الأمني» قد ولى! لذلك، تحركنا مع والدي – رحمه الله – رافضين هذا التصرف الذي وصل إلى أعلى مستوى وعرض الضابط نفسه للمساءلة على فعلته «الشنيعة» مع مواطن له حقوق، بل إن أحد الوزراء، المسئول عن الوزارة التي يعمل بها شقيقي، طالب بالتحقيق في القضية ومساءلة الضابط قانونيا ليقف معتذرا متأسفا لشقيقي.

اليوم، نعيش حالة من القلق الشديد بسبب ما تشهده بلادنا من توتر سياسي وأمني، ويبدو أن على وزير الداخلية، الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، يقع الثقل الأكبر باعتباره المسئول الأول، لذلك، ليعذرنا الوزير إن غضب بعضنا وصرخ بعضنا الآخر، وانبرى البعض الثالث مطالبا بفتح التحقيق فيما يحدث ولاسيما أن هذا الظرف هو الوقت الأمثل لإبراز ثمار التغير النوعي في فلسفة وزارة الداخلية من ناحية تعزيز حقوق الإنسان ومكافحة الفساد ومساءلة أي مسئول تجاوز القانون، وهي نواح إيجابية لاشك تحسب للوزير وشهدنا بوادرها منذ تولى الوزير هذه الوزارة الحساسة.

الضباط والمسئولون الأمنيون ليسوا فوق القانون! وهذا هو موضوع النقاش الذي دار بيني وبين أحد كبار المسئولين في الوزارة بشأن الشكوى من تعرض عدد من المواطنين للأذى والإهانة وسوء المعاملة من جانب بعض الضباط، وهي صورة لا يمكن أن تتماشى مع مسار النظرة الجديدة للوزارة، فكان رده يتمحور حول أن الأبواب مفتوحة أمام أي مواطن ليتقدم بالشكوى ضد أي ضابط أو مسئول أمني أو رجل أمن تجاوز حدوده، أو من خلال أية قناة قانونية يراها المجني عليه مناسبة، ليأخذ طريق المساءلة القانونية مساره الصحيح في التحقيق، وجاء على لسان المسئول: «أؤكد لك، أنك لن ترى الضابط الذي تثبت الشكوى ضده في مكانه».

وللأمانة، فإن بعض الضباط والمسئولين الأمنيين من أبناء البلد يتعاملون بروح وطنية عالية على رغم شدة المواقف في بعض الأحيان، وهنا يبرز الدور الحقيقي لكفاءة الضابط البحريني الذي يتمكن من خلال معرفته بنفسية ومزاج أهل البلد من إعادة الهدوء والاستقرار إلى منطقة توتر من خلال أسلوبه في التعامل مع الناس… سواء كانوا معتصمين أو متظاهرين، وهذا ما حدث في اعتصام أهالي بني جمرة قبل ليلتين حينما تمكن الضابط (البحريني) بأسلوبه وكلامه فقط من ضمان الهدوء لمسيرة سلمية هادئة بلا عنف، وتكرر الوضع مساء يوم الثلثاء حينما تواصلت المسيرة من نقطة انطلاقها إلى نهايتها، بصورة حضارية وبشعارات معتدلة، بل ولم يكن هناك وجود لأية قوات أمنية.

حين أتحدث، فإنني أتحدث باعتباري مواطنا، منحني دستور البلاد حقي في المطالبة بالوسائل السلمية، ولست مع العنف من أي طرف كان، ولا أجد في حرق الإطارات وحاويات القمامة داخل الأحياء السكنية إلا ضررا يلحق بالأهالي، وحالة سيئة من الخلاف بين الأهالي أنفسهم، وليسمح لي من يختلف معي من الشباب المغرمين بالعنف أن أقول: يصبح الموقف أقوى حينما نستند إلى القانون، فتكون المسيرة مرخصة ويكون التجمهر مرخصا وذا هدف أرفع من الدخان والحجارة، وحين يتجاوز أي مسئول أمني حدوده، ويقلب عاليها سافلها، فبالقانون يمكن أن نحجه، فهو ليس فوق القانون.

وللضابط البحريني الأصيل الذي قال للمتظاهرين: «أنا بحريني مثلكم ولا أحب أن يتعرض أحدكم لسوء» نقول لك: كثر الله من أمثالك. وللجميع: الوطن أمانة

سعيد محمد سعيد

حياة كريمة للجميع

 

الأمن الاجتماعي واستقرار المعيشة ورخاء الوطن والمواطن، هو كل ما نطمح إليه… إذن، سيكون أمام الدولة، على مدى السنوات الخمس المقبلة، مسئولية على قدر كبير من الحساسية والأهمية، في الوقت الذي يجب فيه البحث عن آلية سريعة جدا لتفعيل الجوانب الآتية بشكل عاجل:

– منح المزيد من الصلاحيات والدعم للمؤسسة التشريعية الممثلة في البرلمان من خلال تجاوب منجز يبني ثقة، أو لنقل «يزرع ثقة» ليست موجودة أصلا بين المواطنين ونوابهم، ولاسيما في مشروعات التوظيف والإسكان وتحسين مستوى المعيشة.

– اتخاذ إجراءات ضد جميع أشكال الفساد المالي والإداري، وعدم التباطؤ في تقديم المتنفذين والمسئولين الذين يسيئون استغلال مناصبهم ومسئولياتهم بالشكل الذي يضر بالمال العام ويخلق حالة من الغضب والتوتر والتذمر بين المواطنين.

– عدم إهمال الملفات المتراكمة التي تكدست جراء غياب الرادع القانوني المشدد ضد أي شخص يعمل على إثارة الفتن الطائفية والتمييز، أو تلك الملفات التي تسير عكس اتجاه طموح المواطن في العيش حياة كريمة ومستقرة وآمنة لا ينغصها وجود «ممارسين محترفين» لا هم لهم إلا السير عكس التيار والتفنن في تجاوز القوانين والأنظمة بالشكل الذي يلحق ضررا بمصالح الناس.

– الشباب والناشئة، هذه قضية… نعم قضية في غاية الحساسية، فهاتان الفئتان تفرضان وجود خطة رعاية شاملة ليس على مستوى التعليم والرعاية والرياضة، بل على مستوى النظر إلى هذه الفئة على أنها جزء كبير ومؤثر في المجتمع، والمستقبل، والنظر بعين فاحصة إلى ما يمكن أن يؤديه ضياع شباب يافعين في طريق لا نبغيه لهم، وتكون انعكاساته مؤلمة في حياتنا اليومية، بدءا بالانتقام من كل شيء حولهم، انتهاء عند تشكل فئات «مضادة للمجتمع».

– على رغم وجود خطط وبرامج نظرية جيدة على صعيد مكافحة الفقر والعوز ورعاية الأسر الفقيرة، فإن المطلوب توسيع التنفيذ من خلال زيادة المخصصات المالية لانتشال آلاف الأسر من حالة الفقر والحرمان.

أما على مدى السنوات الخمس المقبلة، فأرى من وجهة نظري المتواضعة، أننا في حاجة إلى خطة استراتيجية شاملة تضمن تحقيق تطوير نوعي في مجال: الممارسة الديمقراطية – تعزيز المواطنة من دون أية منغصات طائفية تقوم على أساس تكافؤ الفرص والحقوق – تدارك الأخطاء الناتجة عن التجنيس غير القانوني والاستقدام العشوائي للأجانب بشكل يؤثر على التركيبة الاجتماعية ويحدث خللا في العلاقات داخل المجتمع – النظر بعين الاعتبار إلى المتغيرات المحيطة وانعكاساتها، والاستفادة من مؤشر النمو الاقتصادي في إشعار المواطن بالرفاهية.

ولعل فيما ذكرت جوانب قاصرة، لكن الصورة المكتملة بالنسبة إلي، هي كسب طاقة كل مواطن في هذا البلد ليكون مشاركا في الحياة الكريمة للجميع.

سعيد محمد سعيد

رسالة إلى الشيعة في عيدنا الوطني

 

تحية طيبة وبعد،

بالأصالة عن نفسي، ونيابة عن كل المواطنين الشيعة – إن سمحوا لي – وبالإذن من إخواني المواطنين السنة – إن سمحوا لي أيضا – أتوجه إليكم بهذه الرسالة ونحن نعيش يوم السادس عشر من ديسمبر/ كانون الأول، يوم العيد الوطني الذي يمثل ذكرى الاستقلال والسيادة، لأهنئ البحرين، قيادة وحكومة وشعبا، وأسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل الشرور والبلايا.

إخواني الشيعة…

لا يهزمنكم من يريد النيل من وطنيتكم وولائكم، ولا يجرمنكم شنآن قوم يريدون العلا بالدوس على أجسادكم وكيانكم، ولا تخشوا في الله لومة لائم، فإنكم إن قلتم إنكم «بحرينيون» فأنتم كذلك فثبتوا أقدامكم على ذلك، وأثبتوا في السراء والضراء أنكم أبناء البحرين، العزيزة الغالية، وإن قال عنكم البعض إنكم توالون إيران أو «عمائم» أو «ملالي»، فاضربوا بتلك الترهات عرض الحائط، وارفعوا أصواتكم بالصلاة على محمد وآل محمد، بالحناجر البحرينية والروح البحرينية والدماء البحرينية والتضحية للبحرين كونه واجبا مقدسا.

أحبائي الشيعة…

إن قست الظروف وجارت، وإن تمادى المرجفون وجاروا، وإن اشتد ضنك العيش وازدادت مرارة الحرمان والإقصاء والتمييز، فلا تتركوا لمن أراد بكم شرا أن يظفر بالنصر ويضعكم وراء قضبان التشكيك في الولاء والانتماء، ويؤلب عليكم المواقف ويصفكم بالصفويين تارة، وبالروافض تارة أخرى، وبمن باع وطنه تارات وتارات، فإنكم إن قدمتم إلى أولئك الناس على طبق من ذهب، ما يثبت القول عليكم، فقد سقطتم شر سقطة، لن يقيلكم منها شيء إلا إثبات الانتماء، ولن يجبركم أحد على ذلك، فأنتم جزء من هذا الوطن شاء المرجفون أم أبوا.. قبلوا أم لم يقبلوا.

أعزائي الشيعة… الجميع للوطن والوطن للجميع… أما القول بإثاراتكم التي لا تنتهي بكراهية النظام وزرع البغضاء والعداء لإخوانكم ، والسعي إلى تحقيق «المشروع الوهمي» بالسيطرة على البلاد والعباد، فلا يفنده إلا تعزيز المواطنة، التي لا تحرمكم من المطالبة بالحقوق، لكن مع الاعتبار للواجبات، ولست أراكم، والحاقدون قد تكالبوا عليكم من كل حدب وصوب، إلا أهلا لثقة القيادة وأهلا لأن ترفعوا علم البحرين وجواز البحرين وحب البحرين… وكل عام وأنتم وإخوانكم السنة، وعاهلكم وحكومتكم وكل نسمة أمان وكل حبة تراب بحرينية… بخير. نحبك يا وطن…

سعيد محمد سعيد

مجتمع الانتقامات… البحرين أنموذجا!

 

ليست صورة الأم التي تلطم صدرها أو رأسها وهي تنهار أمام جثة زوجها أو ابنها الشاب في العراق الجريح هي وحدها الصورة التي تبكي المشاهد! آلاف الصور، إن سنحت الفرصة لمشاهدتها في العراق، وفي فلسطين، وفي الخليج، وفي البحرين، تجعلنا نبكي، وسنبكي مرارا في المقبل من السنين!

هكذا، تصبح الصورة المأسوية في العراق، لسيدة سنية كانت أم شيعية، منطلقا لخلاف عقيم سيئ بغيض بين بعض الناس ها هنا في البحرين… فتشتعل من جديد الفتن التاريخية، ويستحضر البعض، الإسقاط المرئي والمسموع والملموس، حتى تنفجر الصدور غضبا، وتتسع مساحة الغضب على يد بعض الكتّاب الصحافيين الكبار في البلد – مع شديد الأسف – لينشروا ترهات نقلت من موقع إلكتروني هنا كتبه مجهول معتوه قليل العقل، أو لرسالة وردت من مجهول صغير العقل أيضا… وخذ ما تشاء من تصريحات صحافية ونقاشات في مجالس وفي أماكن عمل كلها تبحث عن نقطة إشفاء غليل طرف من الآخر.

المهم، أيها الأحبة، أن البحرين أصبحت بكل المقاييس مجتمعا للانتقامات! ولا أبالغ في ذلك أبدا! ولينظر من يريد التأكد كيف هي العلاقة تحت قبة البرلمان بين مختلف الكتل… فإذا كانت المؤسسة التشريعية تقدم إلينا صورة من حب الانتقام والتصادم الطائفي والافتخار بدحر الأعداء وإفشال «مخططاتهم» لتتصدر أخبار هزيمة “الوفاق”، أو فشل “المنبر”، أو سقوط «الأصالة»، أو تورط الكتلة الفلانية، الصفحات الأولى، ويصبح النشر “حبا وكرامة” حينما يكون كيديا وانتقاميا!

وليست الرغبة الانتقامية المتولدة في نفوس الكثيرين هي نتاج حالة مرضية فحسب، بل زد على ذلك أن البغض الطائفي الذي ينتشر كالنار في الهشيم داخل البيت البحريني، يدفع أيضا إلى أن يستمر السؤال عن شاب أو شابة في حال التقدم للعمل في المؤسسة العكسرية: «شيعي لو سني؟!»، وتتضخم حالة الانتقام تلك لتتم عملية تصفية حسابات في موقع عمل ما، حين يقبض الكرسي المسئول السني الجديد ليلعن “شكل” الشيعة، ويصبح السنة في مرمى «القذائف» حين يقبض الكرسي مسئول شيعي، وفي كلتا الحالتين، فإن الكل متهم بالطائفية، لكن النتيجة الجميلة ذات المذاق الطيب هي أن الكل… الكل يعلن أنه (ضد الطائفية)، وضد التمييز في التوظيف، وضد نفسه إذا سولت له العمل بغير الحق!

فمن أين يأتي الطائفيون يا ترى؟ أم أن البلد تسكنها الأرواح الشريرة التي لا ترى بالعين المجردة، وهي التي تثير الطائفية والمشكلات التي يعيشها الناس، فلا مجال لفكها إلا بتعويذة نائب ولي من أولياء الله الصالحين؟!

سنكون أحسن حاليا إن توقفنا عن الكذب على بعضنا بعضا… على الأقل، طلبا للثواب وحسن العاقبة.