سعيد محمد سعيد

قصة «العيلم الفطحل»!

 

يحكى أن رجلا من عامة الناس، طمع في التقرب من السلطان، إذ المال والجاه والأعطيات والموائد والذهب والجواهر ورغد العيش، فما كان منه إلا أن أعد العدة بادئا بضرب الأخماس بالأسداس يفكر ويخطط، وما هي إلا بضع سنوات، حتى وجد الرجل طريقه العظيم…

كان يدرك جيدا، أن السبيل الأوحد للوصول إلى السلطان، هو أن يصبح إمام جماعة أو خطيبا أو أن يكون واعظا يخطب في الناس أيا كانت الخطبة… المهم خطبة والسلام…

مرت الأيام تلو الأيام، والسنون تلو السنون، ونال ذلك الرجل ما تمنى، واعتلى المنبر حينا وصلى على الأموات حينا آخر… حج بالناس واعتمر… إلى أن تحقق مناه بالوصول على البلاط السلطاني العظيم، ومن هناك، تفتحت أبواب الدنيا له، بل وكان يعلم في قرارة نفسه بأن أبواب الآخرة أيضا تفتحت له، فراح يضرب الأخماس بالأسداس من جديد، ولكن بفعل لا يأتيه إلا الشياطين…

كلما اقترب ذلك الرجل من السلطان، كلما ازداد فسوقا، لكنه كان يدرك جيدا أن السلطان، طيب القلب… رحيم الفؤاد… أصيل المعدن… يحب أهل سلطنته، فما راق هذا الأمر لنفر من الناس كانوا من بطانة السلطان نفسه. والأمر كذلك، قررت تلك البطانة، أن تعتبر ذلك الرجل الواعظ الخطيب (العيلم الفطحل) صيدا ثمينا ينفذ ما يريدون من سوء، لتأليب أهل السلطنة ضد بعضهم بعضا، وضد السلطان وضد أنفسهم إذا تطلب الأمر.

قبل الرجل مسرورا، طالما أن هذا هو الجسر الذي سيعبر من خلاله إلى بحبوحة العيش، وما من شيء صعب في الأمر، كل ما عليه فعله أن يشعل الحرائق كل يوم… هنا وهناك… بلسانه وبقلمه أو ببشته وهو أضعف الإيمان…

وهكذا فعل، بل واستمر سادرا في غيه، فأصبح بين ليلة وضحاها من نكرة طمع يوما في التقرب من السلطان، إلى شيء هلامي كبير ضخم… وألقى هذا الأمر الضيق في نفوس البعض: «كيف لهذا أن يكبر وأن يجعل السلطنة تقف على رجلها؟ من هو حتى يفعل كل ذلك؟ أين من هم أهل للكرامة؟»… لكن أهل السلطنة، كانوا على وعي وإدراك، فقالوا: «ليس هو من يفعل الفعلة فيختفي تارة ويظهر تارة أخرى… إن وراء الأكمة ما وراءها… وخلف هذا النكرة الضعيف، قوة أكبر».

فقرروا أن يوصلوا الأمر إلى السلطان نفسه… فلربما كان غافلا من شدة انشغاله بشئون السلطنة عن أمر هذا النكرة، ومن هم خلفه، من يريدون بالبلاد والعباد شرا…

تم الأمر، وقام علية القوم وكبراؤهم بالمهمة على أكمل وجه، فما كان من السلطان إلا أن طيب خاطرهم ووعدهم خيرا، فتلاشى ذلك النكرة مختفيا، لكن السؤال الذي شغل فكر أهل السلطنة: «هو نكرة وتحول إلى اسم علم… لكن علينا أن نكشف من هم خلفه… فهم الأخطر والأشد بلاء».

راقت الفكرة للجميع، لكن الوقت قد حان للنوم، فهذه مجرد حكاية قبل النوم…

تصبحون على خير.

سعيد محمد سعيد

أقبح صور الطائفية

 

يبدو أن توجيهات جلالة عاهل البلاد وما تركته من آثار ذات صدى طيب في المجتمع البحريني، لم ترق للبعض ولم تمسح على قلبه بما يرضى! فوجد في نفسه الغضب الشديد والحنق والمرارة وكأنه فقد الشريان الذي يمده بالحياة، وهو شريان «الطائفية البغيض».

كلنا يعلم، بأن تلك الممارسات المؤدلجة حينا والمنظمة حينا آخر والمفتعلة أحيان أخرى والساذجة في بعضها، تصدر من أناس كثيرين، وتصنيفاتهم كثيرة، ولكنهم اليوم، أيا كان انتماؤهم المذهبي، لا يجب أن يكونوا في حل من المساءلة حال إثبات تهمة تأجيج الطائفية عليهم…

ومن المبشر أيضا أن يكون هناك من الناس، من يصدق مع نفسه ومع غيره في التصدي لممارسات الطائفية…لكن، هل تريدون قصة حدثت في الصباح الباكر بأحد المستشفيات المرموقة لتعرفوا حقيقة العلاقة بين أهل البلد مع بعضهم من جهة، ووجود مرضى الطائفية من جهة أخرى؟ حسنا تفضلوا لنتعرف على صنف من الناس لا يزال يعتقد بأنه يمتلك مهارات لإثارة الطائفية بأسلوب «مقنن»…

في صباح يوم الأربعاء الماضي، أوقف حراس المستشفى سيارة «مواطن» قبل الدخول، فما كان من أحد «المدنيين» إلا أن طلب من السائق تسليم الصور المتدلية من المرآة العاكسة، وكانت عبارة عن مجسم صغير يحمل صور عدد من الرموز الدينية التي اعتاد البعض أن يعلقها في كل مكان… تساءل المواطن :»لماذا تريد الصور؟»، فأبلغه الشخص بأن هذا ممنوع! وعليه تسليم الصور ثم العودة لتسلمها حال خروجه من المستشفى وهذا ما حدث… دخل المواطن المستشفى ليوصل صديقه ووالدته المريضة، وبعد المراجعة عاد الجميع إلى السيارة وانطلقوا ليقفوا بالقرب من البوابة إذ أراد السائق استعادة الصور، فرفض «المدني المذكور» تسليم تلك الصور رفضا قاطعا! الشاهد هنا، أن السائق كان من طائفة، أما صديقه ووالدته فكانا من الطائفة الأخرى وهم جيران يعيشون في حي واحد بمدينة حمد، فما كان من الشاب إلا أن استشاط غضبا على ما فعله ذلك «المدني» باعتبار أن ليس في الأمر خطأ وأن هذا (مذهب صديقه ومعتقده) ولا شأن لذلك الشخص في التدخل في معتقده… وقعت مشادة كلامية بين الجميع، لكن في اليوم التالي، ذهب الشاب صاحب القضية ليشكي إلى المسئول ما حدث، فاستقبله برحابة صدر واعتذر له مؤكدا أن ما حدث تصرف شخصي من «المدني» الذي أحضره المسئول ليعتذر إلى المواطن على فعلته التي لا غاية من ورائها إلا إثارة الفتنة.

شخصيا، أنا ضد رفع صور الرموز الدينية (غير البحرينية) بمناسبة وبغير مناسبة، وضد استخدام البعض لهذه الصور من أجل إثارة واستفزاز الطرف الآخر بعقلية صبيانية صغيرة… وهذا الأمر تناولته على مدى سنوات طويلة، ليس لأنه يعكس انتماء لدولة أخرى فهذا الكلام من «الهراء»، فالمرجعية الدينية شيء والولاء والمواطنة شيء آخر! لكن، أنا مؤمن بأن من حق أي إنسان أن يعلق في بيته وفي سيارته ما يشاء من صور على ألا يتعدى ذلك للأماكن العامة والشوارع! فالقانون قانون يجب أن يسري على الجميع… أما أن يفتعل البعض المشكلات الطائفية ويتصيد ليثير النزاع، فهذه ممارسة لا تنتهي بالاعتذار، بل بمحاسبة من قام بالفعل محاسبة تردعه عن تكرار ما فعل…

سعيد محمد سعيد

المقربون من الرؤوس الكبيرة

 

إذا أردت أن تتفتح لك أبواب الفرج – إن كانت مغلقة في وجهك – وأنت من الناس الذين لديهم أفكار ومشروعات ودراسات تنفع البلد، وليس في مقدورك أن تصل إلى الشخص المسئول لتحصل على الدعم، فأمامك طريق واحد، وهو: البحث عن واسطة قوية تأخذ بيدك إلى مكتب المسئول…

ومن الخطأ أن تعتقد في قرارة نفسك بأن الواسطة يجب أن تكون كبيرة وذات نفوذ! أبدا أبدا…اعتقادك غير صحيح، وكل ما عليك فعله هو أن تبحث عن شخص له «حظوة» ومقرب جدا من المسئول… و «يمون» عليه كما نقول بالعامية… فقد يكون ذلك الشخص إنسانا بسيطا لكن المسئول يحبه ولا يرفض له طلبا… فتواضع قليلا، واترك عنك المفاخرة بعلمك وشهاداتك الأكاديمية، وابحث عن ذلك الشخص… فالمقربون من الرؤوس الكبيرة اليوم، يمتلكون المقدرة على تسهيل الطريق أمامك… وماذا في ذلك؟ لا عيب إطلاقا مادام أصحاب العقول والأفكار والمبادرات الإبداعية استسلموا للتهميش… فلا تستسلم، ولعل هذه المقامات توضح لك الفكرة أكثر:

قال الراوي يا سادة يا كرام، بعد أن صلى على سيد الأنام، محمد عليه وعلى آله وصحبه الكرام السلام، أن مواطنا بحرينيا طموحا أراد أن يقدم مشروعا يخدم فيه بلاده، ويعود نفعه على أهل البلد وعليه وعلى أولاده، فسهر الليالي يخطط ويكتب، ويعيد النظر مرة تلو الأخرى ويجدد أفكاره ويرتب، حتى أصبحت خطة المشروع مكتملة من كل النواحي، وفائدته مضمونة للمواطنين في كل المدن والضواحي، ولم تكن تنقصه إلا خطوة… يقابل فيها مسئولا ليناقش معه فكرة المشروع، فيحصل على السند والقوة.

حمل المواطن أوراقه، مليئا بالحماس والطاقة، وتوجه إلى المسئول الأول، فتفاجأ بأنه ليس في مقدوره أن يدخل ويتفضل، وجاءه الجواب بالرفض قبل أن يسأل… لكنه لم ييأس أو يتردد، ووجد في البحث عن مسئول آخر خطوة جيدة تزيل ما يمكن أن يتعقد، وراح إلى المسئول الثاني، فأمطره بالكلام المعسول والأماني، وأخبره بأنه سيتصل، وسيكون النقاش في الفكرة «متصل»… وخرج مسرورا لكنه لم يرجع… فلا المسئول عنه سأل ولا سكرتيره اتصل…

لم يفقد الأمل بسبب ما قد حصل، فقصد المسئول الثالث والرابع، وتبعه الخامس والسادس والسابع، لكن المواطن فقد حماسه، وعاد يكرر قوله عن التعس والنحاسة… قال محدثا نفسه: «انتكست والله شر نكسة! فأقصى ما أتمنى خدمة بلادي، وأنفع الناس قبل نفسي وأولادي»… وحينها قرر صرف النظر، ليقبل القضاء والقدر! وهكذا حال الكثير مثله، اللاحقون بعده والسابقون قبله…

لكنه فوجئ ذات يوم… بفكرة أزاحت الهموم، قال له صديقه القديم: «إذا أردت يا أخي النعيم، وتضرب الضربة في الصميم، اذهب إلى فلان فهو الواسطة، وهو سيعطيك دروب الخريطة… فاسمع له يا صاحبي ما يقول… ونسأل الله لك القبول… فلان يا صاحبي صهر الوزير… وهو خدوم، ناصح قدير… يحبه الصغير والكبير».

وجاء يوم الموعد المحدد، فصوب المواطن وسدد… أهدافه بحكمة ورقة، شارحا الفكرة في دقة، لكنه شاهد صهر الوزير… مبرطما يكرر الزفير… فقال يا صاحبي ما ترى من فكرة يحتاجها الورى؟ فجاءه رد من البرود… لكنه كصفعة الخدود.. عاتبه صهر الوزير ساعة، قال له لا ترتجي الشفاعة… مشروعك حبر على ورق… تفوحه وتشرب المرق.

سعيد محمد سعيد

ليست سوى «خيالات مقلقة»!

 

لم تكن «أزمة» مواد البناء، التي ما كانت لتطرأ على بال الكثيرين «صورة خيالية»… كانت ولاتزال حقيقة قائمة، ولانزال نجهل كيف ستكون الحلول على رغم التحرك الحكومي! ونجهل أيضا، هل ستكون الحلول، علمية واقعية موضوعية، أم هي «ترقيعية» والسلام؟

لا أحد من أهل البلد يتمنى السوء لبلاده أبدا، ولكن، ذلك لا يمنع من أن نعترف بأن الصعود على السلالم الورقية والادعاء بأن الأمور في البلاد دائما وأبدا على خير ما يرام سيجعلنا نسقط السقطة تلو الأخرى، ثم نهب للبحث عن الحلول، وقد عزت… بعد فوات الأوان، أو حتى في أوان الفوت، لن يكون في مقدورنا التحرك لضمان الحلول المطمئنة… إذا، ما الحل؟

الحل ببساطة، أن نعترف، بأن الكثير من الأجهزة الحكومية ينقصها التخطيط الإستراتيجي، وهي حين تدعي دائما تحقيق المراتب الأولى، بل والأولى من نوعها، فإنها لن تصبح وحدها حطاما تحت جبل من المشكلات والأزمات، بل سنكون كلنا تحت ذلك الحطام لا قدر الله.

الوقت ليس مناسبا للحديث عما حققناه من إنجازات والركون إلى العافية، وكأننا لا نستطيع التحرر من مقولات ولدنا وتربينا عليها من قبيل أن العرب تسيدوا العالم… وعلماء المسلمين اكتشفوا الابتكارات قبل أن يكتشفها الغرب… وكنا، وكنا، وكنا، في السابق… في الماضي من الأيام… أما عن اليوم الحاضر، فلا شيء لدينا إلا الفخر بإنجازات الماضي، وأننا لانزال، منذ القدم، في المقدمة.

يعتقد الكثير من كبار المسئولين، وأصحاب القرار، أنهم بتكرار العظيم المنجز كل يوم، إنما هم بذلك يفرحون القيادة السياسية، ويعتقدون أيضا، أنه من العيب أن نتحدث بصراحة عن أوجه الخلل واستقراء المستقبل بعقول متفتحة تنجينا مما لا تحمد عواقبه، إذا، هم بذلك يخدعون القيادة ويخدعون الدولة ويخدعون الشعب كله! متناسين مسئوليتهم أمام الله وأمام القيادة بأن عليهم أن يكونوا صادقين، وإلا فإنهم سيغضبون القيادة وسيغضبون الشعب كلما وقعت واقعة.

لنتخيل، من باب التخيل الحر فقط الآتي:

– كيف سيكون وضعنا لو تكررت أزمة «الاثنين الأسود» وانقطعت الكهرباء عن البلاد مجددا؟

– لو لا سمح الله، تعطلت محطات تحلية المياه، ما المخزون لدينا، والى أي مدى يمكن أن يصمد؟

– ماذا لو استمرت أزمة مواد البناء، وانقطع المدد القادم عبر جسر الملك فهد لسنوات مقبلة؟

– ليس لدينا أمن غذائي إطلاقا… فلا ثروة زراعية ولا حيوانية، ولا مصانع أغذية تتوافر موادها الخام محليا… ماذا لو اشتدت أزمة الغذاء العالمي، كيف سيكون وضعنا؟

– بين حين وحين، نواجه أزمة دوائية، ودائما الحلول موجودة وناجحة، لكن ما هي؟

– ما مصادر الدخل القومي المستقبلية القادرة على الإيفاء باحتياجات الأجيال المقبلة… زادت أسعار النفط أم تدهورت؟

– نستورد كل شيء من الخارج… متى سنحصن أنفسنا داخليا؟ ماذا لو نشبت الحرب، ومرة أخرى، انقطع المدد القادم من الخارج؟

لاشك في أن كل الحلول موجودة لدينا، لكن أين وكيف ومتى؟

قد نراها مجرد «أوهام»، لكن لا يمكن أن يكون التخطيط الإستراتيجي الحقيقي وهما؟

سعيد محمد سعيد

ثلاثة وزراء… في السجن!

 

كثيرة هي القصص اللطيفة التي تستحق منا التأمل…

لقد أصبحت مراسلاتنا الإلكترونية مع بعضنا بعضا، وبشكل يومي في بعض الأحيان، جزءا من التنفيس والتلطيف في وجه مشاق تلاحقنا في كل لحظة… هذه القصة، عجيبة عجيبة… وتتطلب منا جميعا لحظات من التأمل، وهي ليست مقتصرة على فئة معينة، لكنها تشمل الكل… الوزير والخفير كما يقولون… لا بأس، لنقرأها معا:

في يوم من الأيام استدعى أحد الملوك وزراءه وكانوا ثلاثة، فطلب منهم طلبا غريبا: يجب على كل واحد منهم أن يأخذ كيسا ويذهب إلى بستان القصر، ويملأ ذلك الكيس بمختلف طيبات الثمار والزروع ويحضره إلى الملك، على ألا يستعين بأحد في هذه المهمة، ولا يسندها إلى أحد آخر… استغرب الوزراء من طلب الملك، لكن كل واحد منهم أخذ كيسه وانطلق إلى البستان.

فأما الوزير الأول فقد حرص على أن يرضي الملك! فجمع من كل الثمرات أفضلها وأجودها، وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملأ الكيس… أما الوزير الثاني، فقد كان مقتنعا بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاج إليها لنفسه، وأنه لن يتفحص الثمار، فقام بجمع الثمار بكسل وإهمال فلم يتحر الطيب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق!

الوزير الثالث، لم يعتقد إطلاقا أن الملك سيهتم بمحتوى الكيس أصلا، فملأه بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار. وفي اليوم التالي، أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها، فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك جنوده بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة ويسجنوهم (انفراديا) كل واحد منهم مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد، وأن يمنع عنهم الأكل والشراب.

فأما الوزير الأول، فظل يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة، وأما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمدا على ما صلح فقط من الثمار التي جمعها… أما الوزير الثالث فقد مات جوعا قبل أن ينقضي الشهر الأول.

وحتى نبتعد عن السياسة وبلاويها، نختتم الرسالة بهذه العبارة: «هكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت؟ فأنت الآن في بستان الدنيا لك حرية أن تجمع من الأعمال ما تشاء… طيبها وخبيثها، ولكن غدا، عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك، في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك، ماذا تعتقد سينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا؟

سعيد محمد سعيد

هل من تواصل بين الديوان الملكي وعلماء الشيعة؟

 

هل يمكن أن يكون الطريق معبدا!

ولماذا يجب ألا يكون كذلك؟ هل هي من المسلمات أو الحقائق النهائية غير القابلة للنقض أو التفنيد، أن نسلم إلى أنه من المستحيل أن تكون هناك قنوات تواصل بين علماء الطائفة الجعفرية في البلاد، وبين الديوان الملكي ممثلا في القيادة الشرعية للبلاد ولو من باب العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟

سأكون ممتنا جدا لمن يقدم لي إجابة واضحة ومنطقية لسؤال أجده، وأعتقد أن غيري يجده مهما أيضا وهو: «هل يمكن أن يتحقق التباحث والتوافق بين الطرفين في القضايا الحساسة والملفات المرهقة، وأولها على الإطلاق، قضية علاقة الطائفة بمؤسسة الحكم، في ظل انتفاء الرابط بين الجهتين؟ ولماذا نقبل ببقاء هذه القطيعة؟ وكيف يمكن أن نخطو خطوة للأمام والسبل مقطعة؟

تبدو حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد اليوم، أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، فالتحولات الإقليمية القريبة ضاعفت التعقيد بدرجات أعلى، فيما لن تكون نذر الحرب في المنطقة بتوجيه ضربة عسكرية أميركية إلى إيران ذات تبعات أقل خطورة! والأهم من ذلك، أن الأوان قد آن، لكي يكون لرموز الطائفة الجعفرية في البلاد آلية تواصل مع قيادة البلاد ممثلة في جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو

ولي العهد نائب القائد الأعلى، فليس من المعقول أن تبقى «القطيعة «أيا كانت المبررات وأيا كانت شاكلة العلاقة بين الطرفين، فأعضاء المجلس العلمائي يمتلكون الخبرة والدراية والتجربة لأن يكون لهم إسهام حقيقي ومؤثر في مجريات الأمور في البلاد نحو الأفضل، ونحو حوار وطني مستمر مع القيادة، ولا يمكن أن تتحرر هذه العلاقة من القيود ما لم تكن هناك مبادرات، من الطرفين، للإتفاق على إنهاء مرحلة «القطيعة» والسير في اتجاه العمل لتحقيق مصلحة الوطن والمواطنين، وليس عصيا طرح كل القضايا ذات

الأولوية العليا على طاولة الحوار.

من المؤسف القول، إن الرموز العلمائية والشخصيات الشيعية في كل دول الخليج لها علاقات متميزة مع الأنظمة الحاكمة، عدانا نحن!

ولدينا أبرز مثالين على مستوى الخليج:الشيخ حسن الصفار القطيفي وطد العلاقة بين المواطنين السعوديين الشيعة مع مؤسسة الحكم، حتى أعلن مرارا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كرس نهج الحوار الوطني والمساواة بين المواطنين وأعلن حربه على الفقر ورعايته للفقراء وتعهد بإنجاز خطوات الاصلاح التي يتطلع اليها المواطنون.

أما في دولة الكويت، فاستطاع أمين عام تجمع العلماء المسلمين الشيعة في الكويت السيد محمد باقر المهري ترسيخ الخصوصية الكويتية الأصيلة لشيعة الكويت من خلال صوته الذي يصل الى أمير البلاد مباشرة، مستندا على حقيقة أن الولاء الأول والأخير للكويت والموقف هو ذاته موقف الحكومة الكويتية والقيادة السياسية للبلد.

وإذا كان ثمة استدراك يراه البعض، في عدم دقة المقارنة واختلاف الملفات والقضايا بيننا وبين الآخرين، فإنه مهما يكن الأمر، فلا يمكن تحقيق تقدم على صعيد قضايانا المتنوعة والمتعددة والمعقدة، ما لم يكن هناك تواصل بين علماء الشيعة الذين يمتلكون نفوذا في الشارع السياسي والقيادة السياسية، يتخذ من الحوار الوطني جسرا للحديث بصراحة وثقة متبادلة بين الطرفين تضع نهاية لكل هذه الأوجاع التي يعاني منها جسد الوطن.

سعيد محمد سعيد

مرة أخرى: هل الحكومة تريد ذلك؟

 

سنعود معا إلى يوم الخميس 12 يونيو/ حزيران الجاري، لنعيد قراءة الموضوع المعنون بعنوان: «هل الحكومة تريد ذلك؟»، الذي أشرت في بدايته إلى أن موضوع التحشيد الطائفي أصبح من الموضوعات القديمة والمملة والمكررة في البلد، لكنه مع ذلك، لا يجد تعاملا صارما، وقبضة «حديد» من جانب الدولة… دولة القانون والمؤسسات، لكي تلقم كل طائفي حجرا، ما جعل الكثير من الناس يقولون: «إن الدولة تريد ذلك».

تلك العبارة وردت نصا في مقدمة الموضوع، لكن وردت الكثير من التعقيبات والتعليقات تجمع كلها في خانة واحدة وهي «أن الدولة راضية فعلا عما يجري من عمل طائفي منظم من قبل مجموعات وأقطاب من ذوي النفوذ ومن مشايخ الفتنة والنواب، والمؤلفة قلوبهم من الذين يعملون مع أولئك في الخفاء… يعني في المنتديات الإلكترونية، أيا كان توجههم وأيا كان الهدف الذي يخدمونه»… بل زاد البعض قوله إنه من الصعب القضاء على تلك الأصوات ما لم تضرب الدولة بقبضة قاسية على كل هؤلاء… أيا كان انتماؤهم.

الحمد لله، على الأقل سأحتفل اليوم مع الأصوات النادرة التي قالت إن هناك مقدرة لدى الحكومة وأجهزتها على منع كل ما هو طائفي، وأنا معهم في هذا الرأي، ولا بأس على أهل البحرين مادام ضمير الأمة… جلالة الملك قد أصدر توجيهاته السامية، وفي نظري، وليس كما يرى البعض، أن الخطوة لم تكن متأخرة، ولكنها وقعت تحت الاختبار والمراقبة حينا من الدهر، وحينما تبين أن لا مجال لأن يرتدع كل من تسول نفسه العبث بأمن واستقرار المجتمع… جاء اللقاء المهم يوم الخميس 19 يونيو بقصر الصافرية، لنقف أمام أول خطوة تستحق الإشادة، وهي إقفال المواقع الإلكترونية التي تبث الفتنة، التي اعتاد الناس على معرفتها أو تسميتها بذلك… مع اختلاف بسيط في وجهات نظر بعض المدافعين والمؤيدين.

بعض أقطاب أحد المنتديات التي أغلقت… أقصد أحد أنشط ناشطيه، أرسل إلي رسالة إلكترونية باسمه المستعار الذي أترفع عن ذكره، قائلا بكل صلافة وقلة ذوق: «سنستمر نفضحكم ونفضح مؤامراتكم، ولن يوقفنا أحد… حتى أكبر رأس في الدولة لا يستطيع أن يوقف هذا المنتدى العظيم الذي لا يجهر إلا بالحق»… فيما كنت ولاأزال، داعيا إلى التعامل مع قضايا الوطن باحترام ورقي، سواء في الحديث عن قيادة البلد ورموزها السياسية، أم عن قضايا العلاقات بين الطائفتين الكريمتين، أم في حال مناقشة أي موضوع له علاقة بحياة المواطنين مباشرة… فأسلوب التهديد والوعيد والبطولات وراء الأسماء المستعارة هي صفة الجبناء قطعا… حتى لو ادعى من ادعى، أن ذلك حقه في التعبير عن رأيه.

النقطة المهمة، هي أننا سنكون طرفا مراقبا لكل ما يجري… من حقي أن أكون مراقبا، وستكون لي كلمة تجاه التجاوزات التي ستحدث… ستحدث من دون شك، لأن هناك من يريد لها أن تحدث!

سعيد محمد سعيد

أقطاب الفتنة… ورؤوس الشر!

 

الغالبية العظمى من أهل البحرين قرأوا صحف يوم الجمعة… وكان محتواها الأكبر على المستوى المحلي، تمثل في ردود فعل متنوعة من شخصيات ورموز سياسية ودينية واقتصادية ووجهاء أيدوا ما جاء في لقاء جلالة عاهل البلاد بحضور سمو رئيس الوزراء بقصر الصافرية يوم الخميس الماضي وحضور الوزراء في ذلك اللقاء المهم، الذي أعاد تأكيد مسئولية الجميع في التصدي للطائفية من باب الالتزام الحقيقي والامتثال الوطني للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي ورفض أصوات التفريق وممارسات السوء.

لذلك، جاء لمعان الصحف، كل الصحف واضحا بعناوين أكثر وضوحا تناغمت مع مسيرة جمعية «الوفاق» ضد الطائفية وضد التعرض للرموز الدينية، لكن أقطاب الفتنة ورؤوس الشر، كما كانوا دائما، ينشطون دونما اكتراث لأي صوت!

وربما سيعودون بعد حين…

لكن، في ظني أن هناك ثمة خللا متكرر الحدوث بصورة مربكة، ومثيرة للقلق! فعلى مدى سنوات، كان بعض الكتّاب في الصحافة المحلية، وبعض المشايخ، وبعض السياسيين وعدد من الناشطين، أو كما يسمون أنفسهم، وأسماء مستعارة كثيرة في المنتديات الإلكترونية… كانوا ولايزالون، وسيستمرون، في إشعال فتيل الفتنة…

الخلل الذي قصدته هو ترك من يعبث يعبث، ومن ينعق ينعق، ومن يؤجج يؤجج، دونما محاسبة… علني هنا أشير إلى خطوات عملية يجب اتخاذها – بالقانون – إذا أردنا أن نقطع رؤوس الأفاعي:

– حين يتكرر القول، إن هناك من يريد الفتنة من خلال شتم الصحابة وأمهات المؤمنين في مخطط صفوي ممنهج، يجب على المدعي أن يقدم المدعى عليه للمساءلة القانونية، فهناك من توعد بمراقبة المآتم في شهري محرم وصفر، لكننا لم نجد منهم من تقدم بدعوى قضائية ضد «الشتامين»!

– حين يدعي من يدعي بأن هناك متآمرين يريدون تدمير البلد ويدعون إلى كراهية الحكومة والأسرة الحاكمة، فعليه أن يكون صادق النوايا ويتحرك من خلال مؤسسة القانون.

– حين تكتب كاتبة، أو يصرح نائب، أو يرفع أحدهم صوته محذرا من إخفاء أسلحة، أو يكتشف اكتشافا مذهلا يعرض الأمن القومي للبلاد لخطر فادح، فلزاما عليه أن يتجه إلى وزارة الداخلية أو جهاز الأمن الوطني أو إلى المحاكم، محملا بأدلته وقرائنه، وليس بأكاذيبه وافتراءاته ذات النوايا السيئة.

– بعد الحديث التاريخي المهم لجلالة الملك يوم الخميس الماضي، لم تعد هناك أعذار لكل من يظهر شاهرا ظاهرا في التصريحات والكتابات والخطب على أنه «المواطن الأصيل الصالح» ليلقي قنابله هنا وهناك… عليه أن يحترم القانون، ويتهم بالقانون، ويسائل بالقانون.

أيا كانت انتماءات من تنطبق عليهم النقاط السابقة، لم يعد مقبولا تجاوز القانون في دولة القانون، والمتاجرة بأفكار أناس ترك لهم «إبليس» الدور ليلعبوه نيابة عنه.

سعيد محمد سعيد

بعثات «من حديد»!

 

من الآن فصاعدا، يجب على الدولة أن «تضرب بيد من حديد هذه المرة»… أولئك الناس، مَنْ يطلق عليهم اسم «مسئولون» في قطاعات الدولة المختلفة، مَنْ لا هم لهم إلا تحقيق مصالح شخصية وفئوية وطائفية… على الأقل، نريد أن «نبرد قلوبنا» لنسمع ولو مرة واحدة «أن اليد التي من حديد» ستضرب ولو لمرة واحدة في حياتنا، المسئولين المخطئين والمتورطين والمتجاوزين.

بصراحة، لقد مللنا كثيرا تلك اليد «التي من حديد» من كثر ما ضربت وضربت على أيدي المواطنين! هي مرة واحدة… مرة واحدة «تضرب تلك اليد» مَنْ يعبث بالمال العام، ومَنْ يعبث باستقرار السلم الاجتماعي، ومَنْ يعبث بالقوانين، ومَنْ يعبث بالبعثات والمنح…

مناسبة هذا الكلام، هو أن الناس… الكثير من الناس من مواطنين ومقيمين مستحقين، وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، كانوا يعضون أصابعهم حسرة وألما وندما على فوات البعثات عن أبنائهم وبناتهم المتفوقين، والكارثة، أنه اكتشفوا بعد مضي سنوات طويلة، أن تلك البعثات والمنح لا تذهب كلها إلى متفوقين مستحقين… بل يذهب بعضها إلى «فوقيين» غير مستحقين.

المهم، لا أعتقد أن وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، سيغفل عن إخضاع هذه المهمة السنوية الصعبة للغاية، ألا وهي البعثات، للتدقيق والمراقبة حتى لا يعبث بها من عبث… وعفا الله عما سلف، لكن لا يجب أن يترك «الخلف»… وأقصد هنا من يثبت عليه تلاعبه بالبعثات سواء كان ذلك أمس، أم قبل عامين، أم قبل عشرين عاما، لطالما أن ملف البعثات الآن في أيد أمينة… في الحفظ والصون لدى سمو رئيس الوزراء، كما أعلن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي فاضل عباس عن قيام التجمع بتسليم سموه التقرير الذي أعده التجمع بشأن تجاوزات لجنة وإدارة البعثات بوزارة التربية والتعليم.

على مدى سنوات، ومنذ بداية عملي في مهنة «المتاعب» في العام 1988، التي هي الأخرى تتعرض دائما للضرب بيد من حديد من الذي يسوى والذي لا يسوى، عايشت الكثير الكثير من معاناة المئات من الأسر التي حرم أبناؤها المتفوقون من البعثات… والآن، بدأنا نكتشف المخفي رويدا رويدا!

الجانب المهم للغاية، بل أعتبره شخصيا حدثا من أهم الحوادث التي شهدناها هذا الأسبوع، هو استقبال سمو رئيس الوزراء مجلس إدارة جمعية التجمع الوطني الديمقراطي للمطالبة بتدخل سموه لمساعدة المتضررين من هذه التجاوزات… الآن، سيجعل أولئك الذي نتمنى من اليد التي من حديد أن تضربهم… من المتورطين طبعا ولا نعني أي إنسان والسلام… لقاء سمو رئيس الوزراء سيجعلهم يتظاهرون بأنهم «قمة في المواطنة والإخلاص للوطن والمواطن والسير على نهج ولي الأمر»

سعيد محمد سعيد

مع الحكومة… ضد الحكومة!

 

إذا تجاوزنا المعادلة التي أفرزها الحراك السياسي في البلاد بما فيها الممارسة البرلمانية بتوزيع الكتل بين موالاة ومعارضة، وصرفنا النظر عن الآثار السلبية التي نتجت عن الممارسة برمتها، والتصنيف برمته، سيبقى أمامنا تصنيف آخر على المستوى الشعبي… أي بين عامة الناس في البلد لتصنيف بعضهم بعضا أيضا بين مواطن شريف «مع الحكومة» وآخر عميل «ضد الحكومة».

وفي نظري، فإن الحكومة ممثلة في القيادة والدولة بوزرائها ومسئوليها وأجهزتها، لا يمكن أن تشغل نفسها بهذه التصنيفات، وإن حدث وانشغل أو اشتغل بعض كبار المسئولين بهذا التصنيف باعتباره قضية «مصيرية»، فإن أمثال هؤلاء لا يستحقون أن يبقوا في مناصبهم، ذلك أنهم يعلمون تماما بأن ما يجري في البلاد على أيدي مثيري هذه التصنيفات ليسوا سوى أطرافا تريد إبقاء فتيل الفتنة مشتعلا، وبالتالي، فإن بقاء المجتمع تحت هذا التصنيف لا يمكن أن يحقق إضافة إيجابية للسلم الاجتماعي، ولاشك في أن ما تبقى من مسميات الوحدة الوطنية والأسرة الواحدة ستكون عرضة للضربات تلو الأخرى… تتعافى من واحدة فتأتيها الأخرى أشد قوة.

مع الحكومة أو ضد الحكومة، ما هي إلا ممارسة وشكل من أشكال التنفيس البغيض في عقول نفر من القوم، من يعرفهم الناس جيدا، سواء كانوا من المسئولين أم من النواب أم من الصحافيين أم من المشايخ والعلماء أم من أتباع التيارات السياسية الذين يحكمون قبضتهم في هذه الوزارة أو تلك…

على أي حال، لن نفتأ نتحدث عن حقيقة الوضع الذي يعيشه المواطنون في البلد، فمن الصعب مراضاة الحكومة بالتطبيل والتصفيق الدائم، لأن في ذلك خيانة للوطن! من جهة أخرى، لا يعني أن انتقاد الحكومة، لابد وأن يأخذ الشكل العنيف القاسي الذي يربك الأوراق ويؤثر حتى على المنهج الوطني السلمي، فوضع اليد على مواطن الخلل والتقصير والتجاوز والفساد هو أمر مطلوب مع أنه لم يجدِ نفعا طوال السنوات الماضية! وهذه حقيقة مرة، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال الركون إلى اليأس والاستسلام برفع شعار: «الحكومة صمّت آذانها»!

ولنبقى في حدود رأي الشارع البحريني… فالغالبية العظمى من المواطنين، أصابهم اليأس… نقصد هنا يأسهم من أن تتبدل الأحوال إلى الأفضل على مستوى الخدمات ومشروعات التطوير وتحسين المستوى المعيشي، ولم يعد انتقاد المواطن موجها إلى الحكومة فحسب، بل طال المؤسسة التشريعية التي لن يمكن سريعا محو صورة أدائها السيئ التي تشكلت في عقل المواطن.

ليس صحيحا أن يصنف المواطن الذي يعبر عن ضيقه وتذمره ومعاناته بأنه ضد الحكومة، ويبقى ذلك الشخص الذي يلمع ويطبل ويصفق ويرقص وكأنه المواطن الصالح الشريف! وليس في الأمر تحريضا للخروج على ولاة الأمر في حال التعبير عن الآراء الناقدة بحرية وشفافية… بل أن القيادة كررت في مناسبات كثيرة، اهتمامها بما تنقله الصحافة الوطنية، باعتبارها الصوت الأول للمواطن في البلد أولا، ولأن دورها مكمل لدور الحكومة وينقل إليها صورة حقيقية عن أوضاع المواطنين ثانيا.

فدعونا من سلسلة «مع وضد» فهي فاشلة «بامتياز».