سعيد محمد سعيد

في «عشكم»… ثعبان (1) (منوعات)

 

قبل ما يربو على 60 عاما، حذر أحد الضباط الإنجليز، في فترة منتصف الخمسينيات، المناضل الكبير عبدالعزيز الشملان في لحظة من لحظات النقاش بشأن الاتهامات التي وجهت إلى مناضلي هيئة الاتحاد الوطني ورغبة المناضلين في محاكمة علنية أمام الناس… حذره الضابط الإنجليزي بالقول: «في عشكم ثعبان لا تعرفونه».

ولا أدري كيف تجرأ الضابط الإنجليزي وقتذاك بقول هذه العبارة لشخصية أصبحت ركنا من أركان «حب البحرين»؟! لأن الثعبان المقصود، معروف، وهل يخفى على رموز الحركة الوطنية… بل رواد الحركة الوطنية ذلك الثعبان الشهير؟

المهم، أن المناضلين رحلوا… والإنجليز رحلوا… والثعبان المقصود حينذاك… رحل أيضا… وحب البحرين الحقيقي رحل، اللهم إلا من النزر القليل القليل وحل محله الحب الاستعراضي… بل يؤسفني القول إن الصادقين والمخلصين لخدمة البلاد والحركة الوطنية التي تعزز اللحمة بين الحاكم والمحكوم، وبين السلطة الشعب… أيضا رحلوا…

من الذي بقي إذا؟

مع شديد الأسف، الثعابين هي التي بقيت؟

فلم يعد في العش ثعبان واحد… هناك أكثر من ثعبان، على رغم صغر عشنا… بلادنا الغالية قطعا!

سيكون الحديث عن الثعابين طويلا، لكن ليتسع صدر المسئولين وكذلك عامة الناس الطيبين من أهل هذه البلاد الطيبة لأن يكون الكلام رمزيا… لأن في قول الحقيقة ما يؤلم، وما يجعل من مخالفة القانون التهمة التي تحوم على رأسي، لذلك ألتمس العذر… لكن، لن يطول المقام في كشف الثعابين كثيرا.

هل نبدأ؟ إذا، تفضلوا…

أول مقتل حقيقي، بحسب نظري، هو مقتل ثعابين مدينة المحرق الزاهرة، وذلك المقتل لم يفنهم ولم يقطع رؤوسهم، لكن بقياس الخناعة والذل والهوان وسوء النوايا، فإن هروبهم من أمام الضربة الموجعة التي تلقوها من وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، جعلتهم يختبئون وسيمكثون في مخبئهم إلى أن يجدوا فرصة أخرى للظهور.

فلقاء الوزير مع مجموعة من أهالي مدينة المحرق، ممثلين في أهالي حالة بوماهر، وذلك الموقف الشجاع والوطني الكريم الذي وقفه الوزير أمام أسرته المحرقية، ليعلن رفضه لكل ما يسيء إلى السلم الاجتماعي والنسيج الوطني، هو ذاته موقف القيادة… ولأن القيادة تدرك خطر تلك الثعابين، فليس أشد من أن يجدوا وزير الداخلية وقد فتح صدره ليستمع من الناس ما يريدون قوله، ثم لتعود الأمور إلى نصابها، لأن الأهالي، لم يكونوا يوما يعادون بعضهم بعضا إلا حينما نشطت «الثعابين».

تلك الثعابين كانت تحوم خارج مجلس الشيخ راشد المريخي حينما استضاف ذات ليلة سيدعبدالله الغريفي في لقاء بحريني أصيل طالما حفظه أهل البحرين واحترموه – أقصد اللقاء بين أبناء الطائفتين الكريمتين – وطالما أشادت به قيادة البلاد ورحبت… فـ «الشيوخ» لا يمكنهم أبدا تقديم الثعابين، على أناس طيبين لا يريدون الا مصلحة البلاد والعباد.

لكن، لا عزاء للثعابين؟ وللحديث صلة.

سعيد محمد سعيد

صوت «القهر» في حياة المواطن البحريني

 

لو كنت من أولئك الذين يحملون رأسا كبيرا، وصوتا قويا، ومكانة مرموقة لدى حكومتنا التي نحبها ونواليها ونحترمها كثيرا، لقلت لحكومتي: «الله يرضى عليك يا حكومة، انظري بعين فاحصة لحال المواطن البحريني الذي يعيش حالا من القهر والغيظ والحنق في كل ساعة من ساعات يومه»، ولربما وجد نفسه مضطرا إلى أن يغضب أكثر كلما ضاقت عليه ظروف الحياة وداهمته صروف الدهر، وبالتالي، ربما يغيب صوته، لكن لن يخفى قهره.

ولست أجد نفسي مكترثا بمن يحمل لواء إلقاء تهم التأليب وزعزعة الأمن والاستقرار والخروج على ولاة الأمر حين ينفس مواطن ما عن نفسه… بل أنا على يقين، على رغم كل تلك الملفات الشائكة والمتشعبة وأوقات الشد والتشكيك التي نعيشها بين حين وآخر، وأمام حملات توزيع صكوك الولاء والانتماء والتجييش الطائفي وفقاعات التآمر… وقائمة تطول لا أعرف آخرها… أقول أنا على يقين بأنه ليس هناك مواطن بحريني يكره بلده؟ ومن يكره البحرين يا ناس؟ وعلى يقين أكثر بأن شعارات العداء للحكومة ما هي إلا نتيجة عكسية لقوة وشدة طرقات مطارق المعيشة الصعبة على رؤوس المواطن… بل أنا على يقين، بأن شعبا مسالما ودودا طيبا ينسى ويصفح ويلملم جروحه مثل شعب البحرين، لا يمكن أن يسعى بتلقائية لحرق إطار هنا وتفجير إسطوانة غاز هناك أو يسعى من يسعى لإشعال فتيل الغضب إلا بسبب حدوث انخراط قوي ومتتابع في حلقات عقد العلاقة بين الدولة وشعبها.

أشكال الغضب التي يعيشها المواطن البحريني كثيرة، أولها أنه ليس من المعقول إطلاقا أن يبقى متوسط دخل المواطن البحريني يقارب 13 ألف دولار في السنة في دولة نفطية قادرة على التوسع في الموارد وتنمية الاقتصاد، وليس من المعقول أن ننتظر صرف علاوة الغلاء كما ينتظر المنكوبين في المناطق المبتلية بالمجاعات والحروب والتهجير، كما نشاهد على شاشات التلفاز قطعا، وصول شاحنات الإغاثة.

لسنا نعيش في دولة لا يمكنها أن تضع الحلول لكل تلك المشكلات والمصاعب التي تحيط بنا من كل جانب… أستغرب كثيرا أن تنشط مشروعات جبارة في البر والبحر، وترتفع إيرادات مبيعات النفط، ولا يشعر المواطن بحلاوة كل ذلك في جيبه… في جيبه وليس في أي شيء آخر! حتى لو لم يحصل على الدواء الذي أصبح يشح فجأة بين ليلة وضحاها من رفوف صيدليات المؤسسات الطبية، وحتى إذا لم يرضَ عن مستوى التعليم المجاني، ولم يحصل على الوظائف التي تضمن له ظروفها العيش في استقرار اجتماعي، وحتى إذا لم يحصل على أشياء أخرى كثيرة ناضل من أجلها كما هو الحال بالنسبة إلى برلمانه ومجالسه البلدية…

لب الموضوع هو الجيب يا حكومتنا الموقرة، الذي لن تملأه طبعا علاوة الغلاء الذي يشعل بيوتنا جميعا، ولن تسعده الحلول المؤقتة والترقيعية، بل تنقذه استراتيجية نشطة لتحسين المعيشة بدءا بالنهوض بالأجور المتدنية انتهاء بالحفاظ على حقوقه… وبعد ذلك، لن نجد تقاطعا بين الحقوق والواجبات التي يجب على كل مواطن أن يقوم بها تجاه وطنه الغالي.

لن يفلح أولئك الذين يسعون لاعتبار كل صوت يطالب بحق من حقوقه المشروعة على أنه صوت تآمري يضمر الشر للبلاد والعباد… صوت القهر والغضب هو حال ظاهرة في مجتمعنا اليوم، وحكومتنا الرشيدة بقيادتها التي نكن لها الولاء والشرعية المطلقة، هي من يجب أن ينتشلنا مما نحن فيه.

كل همومنا يمكن أن تزال بشكل مرحلي، مع إقرار خطة استراتيجية محورها الرئيسي هو منح كل مواطن حقه في العيش الكريم بعيدا عن «مانشيتات» الصحف التي تملأ عيوننا لكنها تفشل في إقناعنا بأن كل شيء يسير على ما يرام.

وللحديث صلة

سعيد محمد سعيد

كلمة لكم يا أهالي المحرق

 

ليس في مقدوري أن أحدد رقما بالضبط، لكن الاتصالات التي وردت من الأحبة أهالي مدينة المحرق العامرة كثيرة ليس بإمكاني عدها… لكنها المرة الأولى التي أتسلم فيها مكالمات يومية بهذا الحجم، والسبب، أو الدافع وراء تلك المكالمات التي وردت من الطائفتين الكريمتين هو توجيه كلمة شكر متبوعة بتأييد… ولكن على ماذا؟

القصة باختصار، ترجعنا إلى قبل أسبوع مضى عندما نظمت «جمعية الهدى الإسلامية» في قرية الدير، لقاء تحت عنوان «التعايش بين الطائفتين في مدينة المحرق» حضره الكثير من أبناء المدينة من الطائفتين، وتحدث فيه الشيخ راشد المريخي، وهو اللقاء الذي جاء بمناسبة إحياء ذكرى مولد الإمام الحسين بن علي (ع) في جامع الدير الغربي.

وأعتقد أن الكثيرين قرأوا وتابعوا ما نشرته «الوسط» كتغطية لذلك اللقاء الذي وجدته مهما للغاية، ونافعا وصادقا ويتماشى مع تطلعات القيادة في توحيد الصفوف وإزالة أسباب الفرقة والخلاف بين أبناء البلد، فاللقاء جاء لإحياء مناسبة دينية هي خاصة بأبناء الطائفة الجعفرية، لكن وجود إخوانهم من الطائفة السنية الكريمة في لقاء يعقد في بيت من بيوت الله، وتحت شعار «الأخوة الإسلامية» لهو شيء مهم حتى وإن انتقص الآخرون من مثل هذا اللقاء ووصفوا كل المتحدثين والحضور بأنهم من «المنحرفين عقائديا» وهي الفكرة التي ترسخت في نفوس ذوي العقول الصدئة الذي يرون في أنفسهم أوصياء على الدين وأنهم حماته.

ليس أولئك هم من يهمنا، فالذي يهم هو أن يكون التعامل مع هذه القضية نابعا من صدق وإخلاص وليس مجرد شعارات جوفاء… لقد كانت الاتصالات التي وردت ولاتزال، تعقب على مداخلة قدمتها في اللقاء بعد انتهاء محاضرة الشيخ المريخي، التي ركزت فيها على حاجتنا إلى التعامل الصادق لعلاج «الطائفية» من جانب علماء الأمة من الطائفتين، كما أن على جميع المواطنين أن يتصدوا للأفكار المنحرفة التي تصدر عن كل طائفة، سواء إن اتجهت هذه الطائفة اتجاه شتم الصحابة وأمهات المسلمين لإشعال العداوات والكراهية والفتنة، أو اتجهت تلك الطائفة إلى تكفير الشيعة والضرب في معتقداتهم وإخراجهم من ملة الإسلام… متى ما توقف هؤلاء وأولئك عن هذا العمل القبيح، ستجد الباحثين عن الفتنة يتلفتون يمنة ويسرة بحثا عن أي شيء يعيدون به إشعال فتيل النزاع والتقاتل من جديد.

وحين يتفق معي غالبية من حضر اللقاء من أهالي المحرق من الطائفتين الكريمتين، أو حين يتصل أحد المسئولين ليؤكد الحاجة إلى أهداف مثل ذلك اللقاء، وأنه أنموذج لفعاليات مكثفة قادمة يجب أن تستمر، فإنني لا أدعي كوني قياديا ضمن هذا المسار التوحيدي الوطني المخلص، ولكنني كنت ومازلت مجرد مواطن حضر اللقاء، وقال ما قدره الله أن يقوله من كلام، ولست أجد نفسي مبتعدا عن الكتابة عن موضوع «الطائفية» أبدا، لأنني وجدت ثماره يانعة… فأصحاب النفوس الطيبة يزدادون تألقا وكرما، وأصحاب النفوس الدنيئة يتمرغون في وحل العفن والأحقاد.

سعيد محمد سعيد

يا جماعة… احذروا كاميرات «المرور»!

 

وكأنه التحذير الأكثر أهمية بالنسبة إلى المواطنين! ففي أكثر من منتدى إلكتروني ومواقع للدردشة المحلية، انبرى أحد الشباب الغيورين على مصلحة “الوطن والمواطن” ليحذر الناس من كاميرات ضبط السرعة بالرادار، ويحدد مواقعها بالضبط وربما كان مصيبا في أوقات تشغيلها، ليتجاوب معه آخرون بالتثنية على كلامه وتحذيره، وزيادة للبركة والخير، لابد من شتم الكاميرا وشتم رجال المرور، بل وشتم الحاضر والغائب، من علم بالتحذير، ولم يعمل به، وضبطه الرادار مسرعا فوقع في الفخ.

أما الفئة الثانية، فهي فئة المشاركين المعترضين على هذا التحذير، الذين صاغوا تحذيرا في قالب آخر مضمونه أن على المتهورين من السواق، وخصوصا الشباب، أن يحذروا من السرعة التي أفنت الكثير من الشباب في عمر الزهور، وأن يكون التحذير الحقيقي نابعا من حرص على سلامة السائق وسلامة مستخدمي الطريق، وليس التحذير من كاميرا ضبط السرعة وكأنها شر مستطير سيلحق الأذى بالسائق الملتزم والسائق المتهور على حد سواء.

في الأيام القليلة الماضية، فقدنا ثلاثة شبان، اثنان منهما بحرينيان في العشرين من العمر، أحدهما من قرية البلاد القديم والثاني من قرية عراد، والثالث خليجي توفي فجر يوم الجمعة قبل الماضي، وأصيب في الحادث الذي وقع على شارع جابر الأحمد الصباح في التقاطع المؤدي الى سترة أربعة أشخاص…

ذلك التحذير الأهوج الذي يدل على صغر عقل بعض الشباب المتهورين من يعرضون أنفسهم وغيرهم لخطر الموت، يكشف عن حقيقة مؤلمة، وهي أن الكثير من السواق، وخصوصا قليلو الخبرة منهم، لا يمكن أن يرتدعوا إلا بتوقيع العقوبات المشددة عليهم حال تكرار مخالفات السرعة، وأن المشكلة ليست في الرادار ولا كاميراته، بل في تلك العقليات التي لا ينفع معها حملات توعية ولا يحزنون، بل لا يردعهم سوى تطبيق القانون عليهم وعلى غيرهم من يغامرون بأرواحهم وأرواح الناس.

مع شديد الأسف، هناك من يجري مقارنات لا منطقية حينما يعبر عن امتعاضه الشديد لوجود الدوريات وكاميرات ضبط السرعة على الشوارع الرئيسية، ويعتبرها شكلا من أشكال المضايقة على المواطنين، وفي الوقت ذاته، يعود ليطالب بالدوريات في حال وقوع حادث قريب من منزله!

ولأولئك الذين وجدوا أن من الأمانة والمسئولية تحذير بعضهم بعضا من كاميرات السرعة، الذين نتمنى لهم وللجميع السلامة والأمان، نذكرهم بإحصاءات العام الماضي (2007) التي تشير الى أن معدلات الوفاة بين المواطنين نتيجة الحوادث المرورية، والسرعة على أعلى قائمتها، بلغت 87 حالة وفاة تركزت أعلى نسبة وفيات منها في أوساط الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاما، وعدد المتوفين من هذه الفئة 20، وهناك 19 حالة وفاة سجلت بين الفئة العمرية من 10 إلى 19 سنة.

ترى، أيهما أهم: التحذير من كاميرات ضبط السرعة؟ أم التحذير والتذكير بالشباب والناشئة والأطفال في عمر الزهور ممن راحوا ضحية للسرعة القاتلة وتركوا في قلوبنا حسرة؟

سعيد محمد سعيد

أنقذونا من الغلاء!

 

لن يموت مواطن بحريني من الجوع، فالبلاد وقيادتها وأهلها بخير، لكن موجة الغلاء الطاحنة التي تسحقنا سحقا باعتبارنا مواطنين – ومقيمين أيضا – كل يوم، ستؤثر كثيرا على كيان الأسرة البحرينية المعيشي من عدة نواح… أهمها مستوى تعليم أبنائها وتنمية مصادر دخلها وزيادة قدرتها على العمل من أجل حياة أفضل… ليست مرفهة بمعنى الرفاهية المطلق، ولكن مستقرة وآمنة وكريمة تضمن لها الاستقرار.

ليس لدينا نحن المواطنين بعد الله سبحانه وتعالى، إلا جلالة الملك حفظه الله، لينقذنا مما نحن فيه من كمد بسبب قلة ذات اليد من جهة، واستمرار موجة الغلاء «محليا» من جهة أخرى، فالعاهل الذي نتشرف بأن يكون أبا للأسرة البحرينية، ما تأخر يوما عن إشاعة الطمأنينة والسرور في نفوس أسرته، كبيرها وصغيرها، ليعيش الجميع بكرامة…

مؤلمة للغاية كانت صورة الآلاف من المواطنين الذين تزاحموا ليقدموا التظلم من أجل نيل علاوة الغلاء، أما الصورة الأكثر إيلاما فهي تلك التي بقيت خبيئة بين الأضلاع وربما الدموع، بسبب ظروف الحياة المعيشية الصعبة والارتفاع المستمر لأسعار السلع، ولاشك في أن جلالة الملك القريب من شعبه يلمس هذه المعاناة، ولم يأل جهدا يوما في إزالة كل ما من شأنه التأثير على معيشة المواطن، لذلك تتعلق الآمال في يديه الكريمتين لأن يحظى المواطن بالمزيد من الفرح عبر تحسين الأجور في القطاعين العام والخاص، وصوغ برامج وطنية لتحسين المعيشة، ولا يمكننا أبدا إغفال الجهد الذي يبذله مجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله، للبحث عن الوسائل التي تسهم في تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين، وننتظر تسريع خطوات برنامج الدعم الحكومي للسلع الرئيسة كاللحوم والدواجن والطحين لرفع الدعم الحالي من 17 مليون دينار إلى 30 مليونا، والعمل على تنفيذ خطط دعم وتحسين الإنتاج الزراعي والحيواني من خلال مشروعات التنمية الإنتاجية في هذين القطاعين المهمين لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.

سيتعين علينا أن نشكر وزارة التجارة والصناعة على جهودها في إعداد التقارير والدراسات الدورية وعمليات المسح المستمرة للأسواق لاستقراء أوضاع السوق ومعرفة التغيرات الطارئة عليه، إضافة إلى جمع أسعار ما يزيد على 1500 سلعة بشكل شهري ليتم تحليلها وفق آلية علمية مدروسة، لكن نأمل في أن يكون صدر المسئولين في الوزارة واسعا حين نقول إننا ننتظر تغيرا ملموسا على أرض الواقع في السوق وقتما نشعر بأن هناك انخفاضا فعليا في الأسعار، وكذلك التأكيد على الجهود الرقابية التي تكفل حصول المواطنين على السلع وبأسعار مناسبة، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحفاظ على أسعارها المدعومة، وإنزال العقوبات على من يتلاعب بالأسعار من التجار والمستوردين، مع الاعتبار لما يحتاج إليه هذا القطاع من تسهيلات تقدمها الحكومة.

كلنا ثقة وإيمان بأن جلالة العاهل وحكومته الرشيدة، يريدان أن يشاهدا المواطن البحريني يعيش في راحة بال على لقمة عيشه وعيش عياله، ويسعد العاهل وحكومته أن يضع المواطن رأسه على مخدته لينام مطمئنا لا تتقاذفه الهموم والخوف والقلق.

قلنا مرارا وسنقول: «شكرا جلالة العاهل على كل ما تقدموه لأبناء شعبكم، وسنقولها مرارا… لن نتوقف عن رفع معاناتنا إلى جلالتكم لأنكم والد هذه الأسرة».

سعيد محمد سعيد

هيا نقدم لهم الورود

 

لو قدر لي شخصيا أن أنظم حملة وطنية كبرى لتوزيع الورود والرياحين على كل المسئولين في الدولة، فسيكون من دواعي السرور والغبطة، والشرف العظيم، أن نجمع في الحملة جيشا من المواطنين صغارا وكبارا، يجولون كل الوزارات والأجهزة الحكومية، فيقدمون لكل مسئول وردة، ويطبعون على جبينه قبلة.

سيحدث ذلك شريطة أن تتوافر في كل مسئول سيحصل على وردة وقبلة الشروط الآتية:

– ألا يكون دائم الانشغال في اللقاءات والاجتماعات الكثيرة التي تجعل من بابه مغلقا دائما… ربما طيلة العام، ويترك الأمر إلى أحد الموظفين لكي يستقبل المواطنين ذوي الحاجات بوجه مكفهر وعيون يتطاير منها الشرر.

– ألا يلبس أكثر من وجه، ويتفنن في لبس الأقنعة طبقا للظروف، ويملأ جيب مواطن يعيش الويل وضيق الحال، بالكلام المعسول الذي لا يقدم ولا يؤخر.

– ألا يكون طائفيا، أيا كان انتماؤه المذهبي، ويصدق مع جميع المواطنين من دون تمييز.

– ألا يطبق القانون مع من لا يطيقه من الموظفين والموظفات، ويقفز على كل القوانين بحرية تامة، ويتجاوز عمن يهوى قلبه، وتصبح عينه قريرة على كل خطأ وفضيحة يتورط فيها أحد المقربين منه، ويصب جام غضبه على موظف أو موظفة لأي خطأ صغير يصدر منهما.

– أن يكون أمينا على المال العام، وحريصا على مراقبة الله وحمل المسئولية الوطنية بكل أمانة.

– ألا يخرج بين حين وحين في الصحافة وفي أجهزة الإعلام مفتخرا بإنجازات عظيمة لم ولن يشعر بها أي مواطن منا.

– ألا يتسلم الرسالة تلو الرسالة، والخطاب تلو الخطاب من المواطنين الذي يعيشون أسوأ الظروف المعيشية، ويكدسها في مكتبه «كوثائق تاريخية»، يمكن أن تصبح كشفا عظيما في المستقبل.

– أن يطبق توجيهات القيادة بكل صدق، وأن يدرك تماما أن القيادة تريد لمواطنيها الاستقرار والعيش الكريم، ولا تريد ديباجة النفاق والتملق وتحقيق المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.

حين تتوافر كل تلك الشروط في هذا المسئول أو ذاك، لن نحتاج إلى الحملة إياها، لأن المواطن البحريني دمث الأخلاق، طيب القلب ويشكر من يقدم له أقل القليل… وليس هذا يعني أنه ليس هناك من المسئولين من يستحق الشكر والتقدير – حتى وإن سلمنا بأنه يقوم بواجبه تجاه المواطن بتكليف من القيادة – لكن، لا يشكر الله من لا يشكر الناس.

شعب البحرين عموما، ليس شعبا عدوانيا وليس شعبا صداميا يهوى النزاع مع المسئولين، بل هو شعب ينسى كل الهوائل والمصائب التي ألمت به بمجرد أن يشعر بصدق التعامل، وأن مكانته كونه مواطنا لها تقديرها، وهو في الوقت ذاته، يقدم حسن النية على سوئها، لكنه لا يقبل بأن تهان كرامته.

هناك فئة من المسئولين، لا أظن أنهم يفهمون توجيهات القيادة، أو أنهم يفهمون ويتجاهلون! وفي المقابل، هناك عدد من الوزراء وكبار المسئولين في الدولة، يستحقون الشكر، لا على قيامهم بواجبهم فحسب، بل لاحترامهم وتقديرهم للمواطنين، وهؤلاء لا ينتظرون كلمة شكر ووردة وقبلة على الجبين، ولست في حاجة إلى كتابة قائمة بأسمائهم، فهم يعرفون أنفسهم ويعرفهم المواطنون، وتعرفهم القيادة جيدا، ذلك لأنهم قلة نادرة نسأل الله أن يكثر من أمثالها.

سعيد محمد سعيد

«لا» حوار!

 

كثيرا ما تتصدر هذه العبارة، وغيرها من العبارات الشبيهة المصاغة بأساليب وتراكيب مختلفة، بعض اللقاءات السياسية المحدودة، وكتابات المنتديات الإلكترونية ذات الأسماء المستعارة المخفية، في إشارة إلى اليأس من الحوار مع الحكومة…

لكنني أرى أن الحكومة، وإن سلمنا إلى ما يقوله البعض من أنها ليست أهلا للحوار، لكنها لن تكون ماضية في إغلاق الأبواب أمام الأصوات الوطنية الصادقة، وإذا سلمنا إلى أن كلمة الحكومة تشير صراحة إلى السلطة، فإن الملك قد قدم المبادرة الأخيرة وهي واضحة، لكنني اليوم، لن أعاتب الحكومة، بل سأعاتب علماء الدين الذين يجب عليهم أن يكونوا أكثر قوة وحرصا في تأكيد مبدأ الحوار، وإزالة المعوقات أيا كانت.

قد يصاب البعض بحال من الغضب أو الهستيريا حينما يستمع إلى وجهة نظر إنسان تجاه أحد العلماء أو المفكرين أو المثقفين أو الكتاب، سواء كان أولئك من المحترمين أم من غير المحترمين، وتصبح النار أشد أوارا حينما يدور حديث يتعلق بأحد الرموز الدينية، ويدخل الحوار في منعطف تقييم الأداء أو الدور الحقيقي، ويقع الصدام حينما تختلف وجهات النظر بشأن مدى وجدية وقوة الأداء، وهل كان أداء مقتصرا على زيارات الحج والعمرة، وصلاة الجمعة، وقراءة الأدعية، أم تجاوز كل ذلك إلى قول الحق، والسعي من أجل صلاح العباد والبلاد.

ولا شك في أن لقاء جلالة الملك مع المهتمين بالشأن الديني، يعد واحدا من اللقاءات المهمة والمبشرة والباعثة على الأمل، إلا أنني من الناس الذين لم يعد لديهم مساحة واسعة من التفاؤل في شأن آليات التنفيذ… ليس لأنني من المتشائمين التقليديين أبدا، وليس لأنني من الذين يضعون العصا في الدواليب، بل لأنني كثيرا ما وجدت التوجيهات السامية والمواقف التي تصدر عن القيادة في جانب، وأداء (الآخرين)… الذين تقع عليهم المسئولية العملية والتنفيذية في جانب آخر…

وبصيغة أخرى، يحدث في الغالب العكس، فحين تطالب القيادة بتيسير إجراءات المواطنين وتسهيل أمورهم ومعاملاتهم، فإن الذي يحدث في مختلف الأجهزة هو مزيد من التعقيد والتطفيش والتعذيب لخلق الله! وحين تدعو القيادة إلى نشر التسامح والمحبة ومواجهة الطائفية البغيضة، فإن الطائفية تنفخ صدرها وتستعرض عضلاتها وتظهر على الملأ بصورة أقبح من سابقتها… وحينما تدعو القيادة إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، والإسراع في تنفيذ المشروعات، فإن النتيجة هي: ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تعثر مشاريع الإسكان، الفصل التعسفي لمجموعات من المواطنين، نقص في الأدوية، ومشاكل أخرى لا حصر لها.

حسنا، والنتيجة؟

النتيجة أيها الأحبة، هو أن نعترف بأن سلبية المجتمع تتضاعف يوما بعد يوم، والمتصدون للشأن الديني والكثير من الناشطين، ليس لديهم إلا الخطاب اللساني، أما الفعل المترجم على أرض الواقع من خلال التواصل مع جلالة الملك بشكل مستمر، والتوجه إلى سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد للحديث وبصراحة مع القيادة في شئوننا وقضيانا… فهذا ليس موجودا…

أخاف أن أقول: «أسد عليّ وفي الحروب نعامة».

سعيد محمد سعيد

حوار ديني يرعاه الملك

 

سيكون علماء الدين من الطائفتين الكريمتين في البلاد أمام امتحان صعب… لا خيار آخر أمامهم جميعا غير النجاح في ذلك اللقاء الذي أعلن رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة الترتيب لعقده قريبا برعاية جلالة عاهل البلاد، ولابد من إعداد العدة من الآن لهذا الحدث الذي لا أعتقد أن أحدا يريده محاطا بالمجاملات والتنميق وإطلاق التوصيات التي تذهب أدراج الرياح، أو الاكتفاء بمظهرية الشعارات التي شبعنا منها كثيرا إلى درجة أن المواطن البسيط صار ينفر منها، لأنها لا تغني ولا تسمن من جوع.

طوال سنوات مضت، بعد مرحلة الإصلاح في البلاد وقبلها، لم يجلس علماء الدين في البلاد مع بعضهم بعضا… حتى عندما نشطت «خفافيش الظلام» في تنفيذ محاولات تفكيكية أخذت من الطائفية والتفريق والتأليب شعارا لها، لم تكن للعلماء العاملين ذوي الحضور المقبول في المجتمع أية مبادرة أو تحرك لصد الأفكار السلبية المؤثرة على حياة الناس من الطائفتين الكريمتين في البلد، بل كانت خطابات الشحن وكتابات النزاع هي التي ظهرت وانتشرت، وإن كانت قليلة محدودة، لكن لا يمكن إنكار تأثيرها السيئ.

والحمد لله، أن المبادرة جاءت من جلالة الملك، وكأن العلماء الأفاضل لا يمكنهم أن يمارسوا مسئوليتهم الدينية والاجتماعية والوطنية إلا من خلال التوجيهات الملكية! بلاشك، نحن نحترم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ونحترم كذلك المجلس العلمائي، ونكن التقدير لكل العلماء والمشايخ الذين يحملون هموم الوطن، لكننا في الوقت ذاته، لا يمكننا القبول بحال التباعد التي لا تخفيها اللقاءات الرسمية أو المنتديات الفكرية والدينية، فكثيرا ما وجدنا تلك اللقاءات في جانب، والقضايا الملحة والحساسة على مستوى الهم الوطني في جانب آخر، والكل يعلم أن تأثير ودور علماء الدين في نفوس الناس، له الأثر البالغ والتجاوب الأكبر، لكن لو سألت أي مواطن: كيف ترى دور علماء الدين؟ فإن إجابته لن تتجاوز عبارة: كثر الله خيرهم، وجزاهم الله خير الجزاء، لكن ننتظر منهم المزيد، غير خطب الجمعة، والمحاضرات والبيانات والدروس الفقهية.

كنت قد كتبت ذات يوم، أن حال التباعد والجفاء بين علماء الدين، وخصوصا من الطائفة الجعفرية، وبين الديوان الملكي هي حال سلبية يجب ألا تستمر، لكن بعض الإخوة الأفاضل من القراء الكرام، ادعى أنني لا أرى الصورة واضحة، وهي صورة حصروها في المناسبات كعاشوراء والزيجات الجماعية واللقاءات الدورية في مجالس الشيوخ، لكن لم يستطع أحدا أن يقنعني بأن هناك تواصلا وطنيا للتباحث بشأن قضايا الوطن الحساسة، قد وجدت المبادرة من العلماء، واكتفى البعض بالقول إن العلماء يمدون يدهم لكنهم لا يجدون التجاوب المطلوب!

إن الدعوة التي أعلنها رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة لعدد من المعنيين بالشأن الديني في البلاد، إلى لقاء ودي تحت سقف المصارحة والتحاور الحر المباشر وطرح أمور الدين الحنيف بشفافية وصدق ورؤية قائمة على العلم والبحث النزيه، تتجه نحو خطاب وطني في المجالس والمنابر والجمعيات والصحافة، وفي الحياة العامة عموما كما ورد في البيان، لكننا نتمنى أن يكون هذا اللقاء المرتقب، جسرا نعبر من خلاله إلى ما يشبه «لقاءات الحوار الوطني»، يبدأ بعلماء الدين والرموز الدينية الفاعلة في الساحة، ولا ينتهي إلا بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني مستقبلا، لوضع النقاط على الحروف وبشكل واضح… لإنهاء كل ملفاتنا المؤرقة.

سعيد محمد سعيد

الصراع المفتعل

 

لم يكن أحد يتوقع أن يتفجر الصراع فجأة بين السنة والشيعة، بمثل هذه الحدة والضراوة والشراسة. ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، فحينما صادق مؤتمر القمة الإسلامية في دورته العاشرة، التي عقدت في ماليزيا العام 2003 على «إستراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية» التي أعدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) بالتعاون مع صفوة من العلماء والفقهاء والمفكرين والدارسين المتخصصين الذين يمثلون المذاهب الإسلامية كافة، لم يكن أحد يتوقع أن تطرأ ظروف جديدة تعود بالعالم الإسلامي إلى عصور مضت، يوم أن كان النزاع بين السنة والشيعة يتخذ أشكالا مرعبة، وخصوصا في القرن السادس عشر الميلادي، حين نشبت الحرب بين الدولتين العثمانية السنية والصفوية الشيعية، أو في القرنين السادس والسابع الهجريين، حينما كان السنة والشيعة يتقاتلون في بغداد وفي غيرها من المدن العراقية.

تلك كانت مقدمة بحث قيِّم ومهم للغاية، وقدمته شخصية مهمة ولها مكانتها في العالم العربي والإسلامي وهو المدير العام لمنظمة «ايسيسكو» والأمين العام لاتحاد جامعات العالم الإسلامي عبدالعزيز التويجري، وهو في الوقت ذاته يشير إلى الوثيقة التي صدرت عن المنظمة، التي استغرقت سنوات تخللتها دورتان لندوة التقريب بين المذاهب الإسلامية.

الأمر المؤسف، أن كل توجه للتصدي للطائفية البغيضة في الأمة يكون مصيرها الفشل؟

وددت لو أن التويجري، وهو الذي يعرف أكثر من غيره (أن وراء الأكمة ما وراءها)، واصل مسعاه لكشف ما وراء تلك الأكمة باعتبارها مسئولية، وباعتبار أن الأمة الإسلامية كلها في خطر بسبب محركات الفتن الطائفية التي تحركها وتغذيها في بعض مراحلها دول وجماعات، مع الاعتبار للجهد الذي تبذله المنظمة لرسم الأهداف على المديين القريب والبعيد، ورصد عوامل الوحدة بين كل مذاهب الأمة، وتحديد البؤر الخلافية التي فرقت ولاتزال تفرق صفوف الأمة، وخططت للانتقال بالخلاف بشأن هذه القضايا من إطار (الكفر والإيمان) إلى إطار (الخطأ والصواب)، وتنقية تراث المذاهب الكلامية الإسلامية، وكل مصادر التراث للفرق الإسلامية المختلفة من أحكام وتهم «التكفير» و «التفسيق».

الغريب في الأمر، أن هناك أطرافا أقوى وأكثر تأثيرا من التويجري وأمثاله من المفكرين الذين ينظرون لصالح الأمة، لتصبح كفة أهل الشر من يعيشون في عمق المجتمع الإسلامي لتدميره، أكثر قدرة على الهدم، وربما هم – أي أهل الشر – يتبوءون في المجتمع أعلى مراتب الإيمان والصلاح والتقوى.

سعيد محمد سعيد

سيبقى «القائد» معلما… وسيبقى «شعبه»… طلابه

 

ليس من قبيل استحضار المناقب أو استعراض الرغائب توجيه الشكر والعرفان والامتنان من أي مواطن… أو من أي أسرة… أو من أي إنسان يعيش على أرض البحرين، إلى قيادتها ممثلة في جلالة العاهل، سواء كان رافع الشكر واحدا من أسرة العائدين الثمانية، أو من عوائل الشباب المفرج عنهم في السابق و… «في اللاحق» بعون الله، أو هو مواطن وحسب، بسيط وحسب، صادق وحسب… أراد أن يشكر قيادته وحسب.

ثمة أخلاقيات رفيعة، إسلامية حميدة في معناها الأكبر، بحرينية أصيلة في مغزاها الأوفر، في حال توجيه الشكر والامتنان لأي إنسان، ولهذا، لا يمكن أن تتهاوى قيمة الشكر والعرفان، مهما كانت الظروف والتجاذبات بين الحكومة والشعب، حين يرفع مواطن شكره إلى جلالة الملك، أو حين نتوجه كلنا بالشكر حامدين الله سبحانه وتعالى على الكثير من النعم في بلادنا الغالية، منتظرين المزيد، وذلك المزيد الذي نريد، لن يكون مقيدا بالملفات العالقة، التي أشرت في يوم ما إلى أنها لا يمكن أبدا أن تحظى بالحل دونما تواصل بين العلماء والرموز الدينية المعتبرة، وبين قيادة البلاد، ولن يجدي السباب وقوائم الشتائم المفرغة من القيمة وتحريض الفتنة والطائفية وتأليب المجتمع على بعضه بعضا وعلى قيادته وعلى ما يأمل.

هو من باب القيم الأخلاقية الرفيعة أن يشكر الناس جلالة العاهل، وأن يفيضوا من عبارات العرفان والامتنان للشيخ أحمد العصفور، ولجمعية «الوفاق الوطني الإسلامية»، ولوزير الخارجية ووزير الدولة للشئون الخارجية، ولجميع من كان له إسهام، مهما صغر حجمه في إعادة المواطنين الثمانية، أو في اللقاءات الصريحة للقيادة مع المشرفين على المواقع الإلكترونية، أو حتى في أشد الظروف صعوبة في حاضرنا السياسي والاجتماعي، بل يمكن القول إن من باب المواطنة الأصيلة أن نوجه شكرنا وتقديرنا لجلالة الملك، وأن نقف بين يديه بكل ثقة لنعرض أمام جلالته ما نريد وما نصبو إليه، لذلك، لم يخطئ كل من النائب حسن سلطان ونائب محافظ الشمالية جاسم الوافي والعضو البلدي علي منصور حينما التقاهم جلالة الملك، وعبروا عن امتنانهم وشكرهم لتوجيهات جلالته بضرورة الحفاظ على الوحدة والتماسك الوطني والسير قدما في الألفة والتعاضد والتعاون بين أبناء البحرين الذين هم أسرة واحدة، في لقاء سادته الروح الأبوية والصراحة.

لن يكون فصلا ختاميا أن نعبر عن شكرنا وامتناننا لجلالة الملك، ولن يكون كذلك فصلا ختاميا أن يستمر الحراك الوطني الصادق في المطالبة بما هو لصالح الوطن وأهله، بالصورة التي تحقق التواصل الحقيقي والفاعل في التلاقي بين القيادة والرموز الدينية والوطنية، دونما حاجة إلى خطابات التأجيج والتفتيت والشتم والصراخ في الظلام، حتى إذا ما سئل سائل: «إلى متى سيحتاج جلالة الملك إلى أن يعلمهم؟»، فإن الجواب لن يكون معجزا أبدا: «سيبقى العاهل معلما، وسيبقى الشعب طلابه».

جلالة الملك، المعذرة إلى الله وإليكم وإلى هذا الشعب الكريم… فالطلاب، أي أصحاب المطالب، الذين هم نحن أبناء البلد، نعتز بأن تكون الذات الملكية مصانة رفيعة الشأن أبدا، وشرعية الحكم دستورية لا نراهن عليها أبدا… فقدر المعلم الجليل أن يخفض الجناح لطلابه لأنهم أبناؤه… وقدرنا كوننا طلابا أن نطمع في جلال المعلم، ونقف بين يديه بكل أمان وأن نقول: «نحن رعاياكم، وأبناء هذه البلاد، وهذه يا سيدي قائمة مطالبنا وتطلعاتنا وآمالنا، وقضايانا المؤرقة وحاجاتنا المعيشية والسياسية الكثيرة، وأنتم الأب والقائد وصاحب الكلمة التي يتشرف بها أفراد العائلة البحرينية الكريمة».

شكرا جلالة الملك، شكرا لكل العلماء والرموز وحملة الهم الوطني، وشكرا لكل أبناء الوطن، ولكل من عرف الوطن حق معرفته.